وصية الشهيد المجاهد: حسام محمود إبراهيم عيسه

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ صدق الله العظيم. [العنكبوت: 69]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد سرايا المجاهدين وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربه القويم إلى يوم الدين.

قد يجزع بعض الناس لانقطاع أواصرهم في الدنيا، وقد يفجع البعض لفقد شيء من هذه الدنيا الزائلة، ولكن الكَيِّس الفطن ألا يأخذ هذه الدنيا وقارا، وليس لها في قلبه اعتبار. الداعون لهذه الدنيا واللاهثون وراءها يفنون أعمارهم كدًا وتعبًا وهمًا، وأما من جعل الدنيا وراءه والآخرة أمامه، وكان من أبناء الآخرة ولم يكن من أبناء الدنيا، فأوقاته فرح وسعادة، وحتى مصائبه وابتلاءاته سعادة، كيف لا وهي من عند حبيبه، ومنتهى أمله الله الرحمن الرحيم؟

أحبتي في الله: أخط لكم وصيتي هذه لعلها تكون شرارة تلامس وقود غيرتكم على الإسلام والمسلمين، ودفعة لجهودكم للوصول إلى أحب الأعمال إلى الله عز وجل.

بداية أقوم وأقدم على هذا العمل الشريف الجهاد في سبيل الله، وأنا راضٍ ما عند الله من أجر، وراجٍ رحمة الله سبحانه وتعالى، وشاكر لله على ما أنعم عليَّ به من صحة، ووفاءً لنعمة الإسلام وسنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ونصرة للمستضعفين والمظلومين من المسلمين، وأملاً مني بأن أشفي صدور قوم مؤمنين.

أحبتي في الله: إلى كل شباب المسلمين وأخص الملتزمين منهم، إلى من يبحث عن الأجر والثواب فليس هناك عمل يوازي الجهاد في سبيل الله، يقول صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى). [صحيح مسلم]، ولا يوازي أجر المجاهد إلا من يقوم ولا يفتر ويصوم ولا يفطر ولا أحد يستطيع ذلك، فتارك الجهاد يضيع أجور عظيمة وكرامات كثيرة ومغفرة واسعة وجنة عرضها السموات والأرض، فكل من يدعي أنه حريص على الثغور ويبتعد عن الجهاد فهو غير صادق والله أعلم.

وأما الذين يقولون إن الزمان ليس بزمان الجهاد، فأقول لهم حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يَزَالُ الْجِهَادُ حُلْوًا خَضِرًا مَا قَطَرَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُولُ فِيهِ قُرَّاءٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِ جِهَادٍ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَنِعْمَ زَمَانُ الْجِهَادِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَحَدٌ يَقُولُ ذَلِكَ؟. قَالَ: نَعَمْ مَنْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). [قدوة الغازي]، فهذه دعوة لكل مسلم أن يذوق طعم الجهاد، وينال أجر المجاهد العظيم.

وإلى أولئك الذين يدعون أنهم حريصون على أعراض المسلمين، ويظهرون غيرتهم على الأعراض المنتهكة، ويظهرون غضبهم للجثث المترامية ثم لا ينتصرون لهم بالجهاد والسيف، فإن مشاعرهم كاذبة مصطنعة وليس كما الظاهر، ونقول لهم اقرؤوا سورة الأنفال واقرؤوا سورة التوبة، وانظروا كيف أنها لم تترك لكم مما تأتون به. اسأل الله عز وجل أن يفتح أبواب الجهاد.

أهلي الأحبة: لم أقدم على هذا العمل إلا بعد أن سألت الله عز وجل أن يوفقني إلى أحب الأعمال إليه، فوفقني إلى هذا العمل، فأرجو منكم ومنك يا (أمي) ألا تبكوا عليَّ، فكلنا ميتون بل يجب علينا أن نختار كيف نموت؟ وأنا اخترت أن أكون شهيدًا إن شاء الله عز وجل، فلا تحزنوا سنجتمع إن شاء الله في الجنة دون فراق، ولا ألم، ولا شدة.

أخيرًا: إلى كل من أخطأت في حقه في يوم من الأيام، أو قصرت في حقه، أرجو منكم جميعًا أن تسامحوني، وأن تدعوا لي جميعًا. وأخيرًا أرجو أن تتبعوا السنة في الجنازة والقبر وبيت الأجر، وأنا بريء من كل بدعة وضلالة ومن كل ما لا يرضي الله عز وجل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أخوكم الشهيد بإذن الله

حسام محمود عيسه