وصية الشهيد المجاهد: محمد سعيد محمود الترامسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ناصر المؤمنين، ومذل الكافرين، الحمد لله قاصم الجبارين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين الغر الميامين، سيدنا محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:

يقول الله تعالى في كتابه العظيم، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ صدق الله العظيم. [آل عمران: 169]

فالشهادة حياة مستمرة لا تنقطع بجوار رب الأكوان، العظيم المنان، فالشهيد يا إخواني يخط بدمه أعظم الخطب، يخط بدمه أعظم الدروس، إن قطرات الدم التي تسيل من الشهيد تقول للناس في كل مكان وزمان: إنما حياتكم ودنياكم هذه جيفة، دنياكم هذه أيها الناس لا تستحق الجري وراءها والتنافس عليها.

واعلموا يا أبناء شعبي ويا إخواني: أن هذه الطائفة من المجاهدين هم أمل هذه الأمة، فتراهم يرددون بملء حناجرهم قائلين:

فالنور كيف ظهوره إن لم يكن نحن الجنود

والقدس كيف نعيدها إن لم يكن دمنا الوقود

إن الجهاد سبيلنا وبغيره لا لن تعود

نعم إخواني الكرام، فإن لم أحترق أنا، ولم تحترق أنت، فمن ذا الذي سيضيء للأقصى السراج؟!، فسراج الأقصى الذي يسرج بالزيت قد ينطفئ، أما الذي يسرج بالدم فلن ينطفئ، نعم لن ينطفئ, ومن هنا أوصيكم إخواني الأحباب بالتجارة مع الله، فهي التجارة الرابحة لنا، فقدم نفسك ومالك في سبيل الله، ولك الجنة، فيا لها من سلعة غالية.

أمي الحبيبة الغالية: يا حبيبتي ومهجتي، كفكفي دموعك يا (أماه)، ولا تحزني فوالله لقد نلت أقصى ما كنت أتمناه، ولقد أكرمني الله تعالى بالجنان، نعم يا (أمي) فليست جنة واحدة وإنما جنان بجوار الرحمن، وبصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام.

أمي الحنونة: ما لي أراك حزينة، ولماذا هذا البكاء، أتبكي لأني حي بجوار الله يا أماه، إنه الله الحنان المنان، أتحزني يا أماه يوم زفافي ويوم فرحتي.

أبي الحبيب الغالي: أيا من صمد في وجه المحن والخطوب، ويا من تحطمت أمام عزيمتك وإرادتك القوية كل الكروب، عرفتك (أبي) الغالي صبورًا، ولقد عهدتك تلجأ إلى الله بعد كل بلاء بالدعاء، فاحتسبني يا أبتاه عند ربي شهيدًا، فها هي هديتكم أنت و(أمي) تصل إلى الله العظيم بعد تنشئة صالحة وخاتمة سعيدة.

إخوتي، وأخواتي، وجميع أقاربي، وأرحامي: لا تحزنوا ولا تأسوا على فراقي، فو الله إنها الطريق التي يتمناها كل مؤمن ويصبو إليها كل مخلص، كما أستوصيكم خيرًا بـ(أبي) و(أمي) وكونوا حولهم ولا تتركوهم وحدهم.

أصحابي، وإخواني، وأحبائي، في كل مكان، إلى من أحببته وأحبني في الله: إلى كل من كان يدعو لي بالشهادة جزاه الله عني كل الخير لا تبكي علي ولا تحزن على فراقي، بل شمر ساعد الجد والحق بي فهذه سبيلي وهذه طريقي طريق التضحية والفداء والبذل والعطاء والشهادة. وأتمنى يا إخواني أن يكون استشهادي دافعًا لكم للزيادة في التضحية والفداء، فحافظوا على الأمانة التي في أعناقكم، وإن صدقتم محبتي فاحملوا سلاحي وسيروا على دربي.

والله أكبر ولله الحمد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أخوكم الشهيد بإذن الله

محمد سعيد الترامسي