وصية الشهيد المجاهد: زكريا نبيل أحمد الكفافي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، ورائد المجاهدين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

يقول الله تعالى بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ*إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ صدق الله العظيم. [التوبة: 38-39]

ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض). [صحيح البخاري]

إخواني في الله وأصدقائي: إن بركة دماء الشهداء الأطهار التي أراها أمامي هي التي دفعتني لأن أفهم حديث رسول الله: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ). [صحيح البخاري]، وأوصيكم أن تسيروا على هذا الدرب، وأن لا تجعلوا العدو يهنأ في العيشة ساعة.

وأنت يا (علي) أوصيك بالأخص أن لا تجعل العدو يهنأ، وأن تكمل بهذا المشوار، وأن تكون صادقًا على وعدنا على أنه إذا رحل واحد منا أن يكمل الثاني في سبيل الله، وأسال الله أن يجمعنا في مستقر رحمته، ويجمعني معك في الفردوس.

وكما قال الإمام على كرم الله وجهه: "من لم يمت يقتل وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراش".

وقد روي أنه: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ، قَالَ: لَا أَجِدُهُ، قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ، وَلَا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ، وَلَا تُفْطِرَ، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ). [صحيح البخاري]

يا جماهير شعبنا المجاهد: في ظل المؤامرات كل المؤامرات، والتي تُحاك وتدار في حالك الظلمات، وفي ظل الوعود الكاذبة، وفي الوقت الذي يعربد فيه الطُغاة ويتكالب العالم كل العالم على هذا الشعب المستضعف، يتقدم الشهداء ليرووا بدمائهم الزكية أرض الوطن الغالي، ويقدموا أسمى آيات التضحية في سبيل الله تعالى، وأقول أحبتي إن المرحلة القادمة ستثبت للجميع أن وحدة الدماء ستهزم كل سيوف العالم من الكفرة والظلمة والعملاء.

وحدهم (محمود طوالبة) Ùˆ(جمال إسماعيل) Ùˆ(محمد الشيخ خليل) Ùˆ(عماد عقل) Ùˆ(محمود الخواجا) وكل الشهداء قادرون على زلزلة هذا الكيان وبث الرعب فيه، وصُنع الانتصار لهذه الأمة، ألم يأتيهم الفارس المجاهد  (حازم الوادية) من حيث لم يحتسبوا، ألم يأتهم الفارس البطل (جمال إسماعيل) من حيث لم يحتسبوا، ألم يسحقهم (راغب جرادات) من حيث لم يحتسبوا، ألم يأتهم الشهيد البطل (شادي النباهين) من حيث لا يحتسبون. فالفتح والنصر قادمان لا محالة ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا*وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ صدق الله العظيم. [المعارج: 6-7]ØŒ وما هو إلا صبر ساعة ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ صدق الله العظيم. [الشعراء: 227]

إلى إخواني وأمي والأهل الأعزاء: أعلم أحبتي أن الفراق صعب، وأن البُعد عنكم صعب، ولكنكم كنتم تعلمون أن مُكثي في هذه الحياة ما هو إلا للحظات، حتى يأتي وعد الله تعالى ومشيئته فارتقي شهيدًا بإذن الله.

فيا أمي الغالية: كوني كما علمتني الأم الصابرة المؤمنة بقضاء الله تعالى، التي تعرف أن الشهداء لا يموتون بل يصعدون إلى الجنات، فلا تهني يا (أمي) ولا تحزني، واعلمي أنك في رضى من الله لأنه اصطفى لك شهيد حتى يأخذ بيدك إلى الفردوس الأعلى إن شاء الله.

فسامحيني يا (أمي) الغالية في كل خطأ ارتكبته بحقك، وادعي لي الله أن يرحمني وليقبلني شهيدًا عنده إن شاء الله.

إلى أبي الصابر: عليك يا والدي بتقوى الله والاحتساب عند الله إنه من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وأريد منك أن تكون الرجل الشجاع في المواقف الصعبة، وتقبل خبر استشهادي بكل صبر واحتمال، وأريد منك أن تسامحني إن أخطأت في حقك وسامحني يا والدي العزيز.

إلى أخواتي وإخواني: عليكم بالالتزام بالإسلام، والحفاظ على الصلوات الخمس، واحترام والديكم وإطاعتهما، وعليكم بتقوى الله تعالى والسير على نهج الشهداء، وعليكم بمودة من يودني وصحبة من يصاحبني، عليكم بالصبر والسلوان واسترجاع الأمور إلى الله تعالى.

إلى إخواني وأحبائي في المسجد: من كان يحبني ويحب الله ورسوله، فليلتزم في المسجد، وليحافظ على إخوانه، فإن المساجد هي التي منها يسطع نور الانتصار.

واللهم إني أسألك أن تُقرَّ عيني اليوم بفتحٍ يكون فيه عزُ الإسلام، واقبضني شهيدًا، واجعل اللهم عملي خالصًا لوجهك الكريم يا أرحم الراحمين.

فسلام على الشهداء، وسلام على (سرايا القدس)، و(كتائب القسام)، و(شهداء الأقصى)، وكل الشرفاء. فسامحوني يا إخوتي، وتراحموا بينكم. عسى الله أن يجمعني بكم في الفردوس الأعلى إنه كريم جواد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أخوكم الشهيد بإذن الله

زكريا نبيل الكفافي