الشهيدان الشيخ خليل وبرهوم: رفاق في الجهاد والشهادة

كثيرةٌ هي الصفات التي اتصف بها الشهيدين القائدين محمد الشيخ خليل ونصر محمد  برهوم، ولعل من أبرزها الخبرة والحنكة العسكرية، إضافة للصمت والسرّية وحدة الذكاء، والبذل والعطاء دون توقف، وهو ما أهلهم ليكونا أبرز قادة سرايا القدس في قطاع غزة في وقت كانت الكلمة لرصاصة والحديث لأصحاب البندقية.

اليوم الخامس والعشرون من العام ألفين وسبعة عشر, تهل علينا الذكرى السنوية الثانية عشر لاستشهادهم، لهذا قررنا في "الاعلام الحربي" الحديث عن حياة الشهيد القائد نصر برهوم رفيق الشهيد محمد الشيخ لتسليط الضوء على سيرته التي ظلت حتى بعد استشهاده بعيدة عن اضواء الاعلام.

رجلان اجتمعا

الشهيد القائد نصر برهوم "أبو جميل" هذا الاسم الذي لطالما ارتبط برفيق دربه الشهيد القائد "أبوخليل ", فقد نشأت بينهم علاقة خاصة على مدار سنوات طويلة، بدأت مع بداية انتفاضة الحجارة والمطاردة من الاحتلال، فكانا خير رفاق في كل المحطات الجهادية، حيث كان لبعضهم جزء يصعب فصله عن الآخر، فكانت عملياتهم الجهادية خير دليل على صدق نهجهم وعشقهم للوطن، ولم يتوقف دور الرجلين عند هذا الحد بل تعدا تلك المرحلة من العطاء لتشكيل جيش لسرايا القدس يكون قادراً على صنع الانتصار في أي وقت وأي مكان، فعملا القائدين ومعهم كوكبة من قادة سرايا القدس على تطوير بنية الجهاز العسكري لـ " سرايا القدس" في انتفاضة الأقصى المباركة حتى بعد جلاء الاحتلال عن قطاع غزة وكان استشهادهم.

رغم مرور سنوات عديدة على ارتقائهم شهداء في قصف صهيوني استهدفهم على الطريق الساحلي جنوب قطاع غزة، لا زال الحديث عن الشهيدين القائدين يثلج صدور عشاق الشهادة، فهما كانا اخوة ورفاق درب وكانت شهادتهم دليل وبرهان على ذلك، فصدق بحقهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،" سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل الا ظله منهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه".

مسيرة حافلة

الحديث عن أي من القائدين لا يكاد ينفصل عن الاخر، فالشهيدان كانا كما الروح الواحدة في جسدين، فدورهم في مقاومة الاحتلال ومقارعته وتكبيدهِ  خسائر فادحة في جنوده ومستوطنيه، حتى كان هروب الاحتلال والجلاء عن قطاع غزة في اول انتصار حقيقي يسجل لشعبنا وامتنا، حين قرر الاحتلال الانسحاب من قطاع غزة عام 2005Ù….

وتعرض الشهيدين القائدين خلال رحلة جهادهم المحفوفة بالمخاطر لإصابات عديدةً في جسدهم أثناء جهادهم، أخطرها عام 2001Ù… حين تعرضا لقصف صهيوني أثناء تنفيذهم لمهمة جهادية، فتعرض الشهيد القائد " أبو خليل " لبتر في قدميه، فيما فقد الشهيد " أبو جميل "جزء من ساقه وكذلك باقي أفراد المجموعة المصاحبة لهم، والذين كان منهم الشهيد القائد  ياسر أبو العيش الذي بترت قدميه في ذلك القصف أيضاً, وكما تعرض الشهيدين القائدين لعدة محاولات اغتيال أخرى، ولكن ارادة الله كانت اقوى من كل محاولات الاحتلال ليشهدا تحرير قطاع غزة قبل أن ترتقي روحهما الى بارئهم وهم يعدّون العدة لتحرير كامل البلاد والعباد من دنس اليهود المغتصبين.

فقد الأحبة

وتحدث صديق الشهيدين , القائد في السرايا " أبو أنس" , لـ "الإعلام الحربي" عن دور الشهيد "أبو جميل" الاجتماعي والوطني وقد عرف عن القائد الشهيد علاقته الوطيدة بكافة أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله، وتبادل الخبرات العسكرية مع ورفيقه الشهيد محمد الشيخ خليل.

وأكد أبو أنس أن الشهيد برهوم كان حاضراً في كافة عمليات سرايا القدس التي أشرف على تنفيذها محمد الشيخ خليل, فكانت عملية "الفتح المبين" Ùˆ"كوسوفيم" Ùˆ"رفيح يام" Ùˆ«ÙØªØ­ خيبر» Ùˆ«Ø¬Ø³Ø± الموت» وعملية دبابة المركافاة برفح  بالإضافة إلى العديد من الضربات التي أدت لقتل واصابة العشرات من جنود الاحتلال الصهيوني وأوجعت قادة الاحتلال ودكت حصونهم المنيعة.

ووصف "أبو أنس" الشهيد نصر برهوم, قائلاً:" الشهيد أبو جميل كان كالشعلة المليئة بالنشاط والحيوية, فكان شجاعاً مقداماً لا يخاف الموت ولا يهاب الاعداء".

وتابع قائلاً: "بعد 12 عاماً على رحيلهما إلا أننا لازلنا نفتقدهما، كما نفتقد البدر في الليلة الظلماء".

رحلة الخلود

يذكر أن الشهيدين القائدين محمد الشيخ خليل ونصر برهوم ارتقا شهداء بتاريخ 25- 9 -2005, حين قصفت الطائرات الحربية الصهيونية سيارتهم على الطريق الساحلي جنوب مدينة غزة , وفي ذلك الوقتعبر قادة الكيان الصهيوني عن فرحتهم الشديدة لمقتل الشهيدين القائدين محمد الشيخ خليل ونصر برهوم،  وصفق المئات من أعضاء الليكود الصهيوني عندما أعلن رئيس مركز الليكود الوزير "تساحي هنغبي" عن قتلهم، مما يدلل على عظم الألم والرعب الذي كانا الشهيدين القائدين يزرعونه في قلب كيان هذا العدو الجبان، فيما عم الحزن والسواد كافة مدن قطاع غزة وبل كل فلسطين والوطن العربي على فقدان الشهيدين القائدين، فيما خرج عشرات الالوف في مسيرة تشييع جثمانهم الطاهر ليؤكدوا التفافهم حول خيار الجهاد والمقاومة الذي أمن به الشهيد محمد الشيخ خليل ورفيقه نصر برهوم وأبو الوليد الدحدوح وماجد الحرازين ومقلد حميد، ومحمود جودة، ومحمود طوالبة، وأبو مرشد وأبو هنادي وكل الشهداء.