الشهيد القائد العبيدي: حياة مليئة بالجهاد والتضحيات

وتبقى أرضنا عطشى, تأبى إلا أن تروى بسيول دماء أكبادها, تحتاجهم دوماً, تناديهم, تناجي الثورة داخلهم, فتحركهم غريزة الفداء التي غرستها أرضهم فيهم, فيتزينون كي يزفوا إلى الحور العين, يتسابقون لخلودهم, ويخلد التاريخ نور أسمائهم.

تقف الكلمات حائرة عند الحديث عمن قدموا زهرات شبابهم ما بين اعتقال ومطاردة وختموا سجل حياتهم بشهادة مشرفة فكان للإعلام الحربي الدور والشرف لتسليط الضوء للحديث عن حياة القائد العام لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية القائد وليد العبيدي "أبا القسام " في ذكرى استشهاده العاشرة.

بطاقة الشهيد:

الاسم: وليد أنيس يوسف العبيدي

تاريخ الميلاد: 10/19/ 1962م

الوضع الاجتماعي: متزوج ولديه خمسة أبناء

الجنس: ذكر

المحافظة: جنين

مكان السكن: بورقين

تاريخ الاستشهاد: 16/1/2008م

كيفية الاستشهاد: اشتباك مسلح

مكان الاستشهاد: قباطية – جنين

ميلاد من نور

ولد الشهيد المجاهد وليد العبيدي بتاريخ 19/10/ 1962م في بلدة برقين جنوب غرب مدينة جنين, نشأ وترعرع فيها ودرس في مدارسها, وحصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة البلدة، وبعد انتهاء الثانوية اختار لنفسه طريق الجهاد والمقاومة.

صفات وأخلاق مجاهد

اتسم الشهيد وليد العبيدي بالصفات الحميدة والأخلاق النبيلة حيث كان يتسم بالحب والعرفان والاحترام من كل إنسان عرفه وبار بوالديه ومتفقد للأرحام وكان صلب وشجاع في المواقف الصعبة وملتزم بالصلوات ومن رواد المساجد لأن المساجد هي من تخرج المجاهدين.

مشواره الجهادي

بدأ مشواره الجهادي في ريعان الشباب حيث تعرف على أخوة له في حركة الجهاد الإسلامي في مطلع الثمانينيات, وجمعه لقاء بالشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, ومنذ ذلك الحين عشق فكرة الجهاد وأخذ ينهل منها حيث كان ملازماً لمسجد عمر بن الخطاب ببلدته برقين, وأخذ ينشر فكرة الجهاد.

عانى الشهيد في سبيل فكرته الكثير وتعرض للاعتقال بسب انتماؤه لحركة الجهاد الإسلامي, ومشاركته في العديد من العمليات العسكرية, فقد اعتقله الاحتلال الصهيوني في العام 1983, وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف بتهمة تقديم المساعدة لمنفذي عملية البراق البطولية.

شارك الشهيد أبا القسام في انتفاضة الحجارة بشكل ملحوظ، كان في مقدمة الشباب يرمي الحجارة، والمولتوف نحو الجنود والمركبات الصهيونية، وكاد أكثر من مرة أن يصاب بالأعيرة النارية ولكن قدر الله –عز وجل- أن يسلمه من كل مكروه، واكب الانتفاضة الأولى بكل مشاهدها ومراحلها، فكان مثالاً للمجاهد والمرابط على تخوم المدن والقرى الفلسطينية يتصدى لغطرسة قوات الاحتلال الصهيوني.

وفيما بعد وسيراً على طريق الجهاد والمقاومة, بعد انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000م، بدأ دور الشهيد المجاهد وليدي العبيدي المميز في هذه الانتفاضة، فعمل في صفوف سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي, بعد أن كان يعمل في جهاز العمل الجماهيري والتنظيمي للحركة, وبدأ المشاركة في عمليات مقاومة الاحتلال, ولإشرافه على العديد من العمليات الجهادية, أصبح مطلوباً لقوات الاحتلال الصهيوني, ونجا من عدة محاولات اغتيال قبل استشهاده.

تعرض الشهيد لعدة اعتقالات لدى أجهزة سلطة الحكم الذاتي في مدينة نابلس, وأثناء الاعتقال التقى بالشهيد المجاهد الجنرال محمود طوالبة, والشهيد محمد العانيني وغيرهم, و بعناية الرحمن تمكنوا من الهروب من السجن, بعد أن قصفته طائرات الغدر الصهيوني, فذهب مع الشهيد محمود طوالبة ووصل إلى جنين, حيث بدأت رحلة المطاردة, التي توجت بالشهادة.

أبرز العمليات التي شارك فيها وأشرف عليها:

قام مع عدد من قادة سرايا القدس بينهم الشهيد القائد إياد الحردان والشهيد القائد حسام جرادات، بتأسيس سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

أشرف الشهيد علي أربع عمليات استشهادية ما بين أواخر عام 2003 ومنتصف عام 2004م، وأشرف علي العديد من عمليات إطلاق النار باتجاه الحواجز الصهيونية.

أول من أشرف على تصنيع صواريخ محلية الصنع بالضفة المحتلة برفقة الشهيد القائد حسام جرادات، حيث تمكنت سرايا القدس من تصنيع صاروخ في عام 2005م، وأطلقته باتجاه مستوطنة زابد بالاشتراك مع كتائب الأقصى وكان للشهيد شرف أول من قام بفكرة تصنيع الصاروخ.

تمكن الشهيد برفقة الشهيد القائد حسام جرادات وأشرف السعدي من إلقاء القبض على أحد العملاء وإعدامه في جنين بعد ثبوت مسؤوليته عن محاولة الاغتيال التي طالت الشهداء "حسام العيسه وأمجد عتيق".

وأشرف الشهيد علي العديد من تصنيع العبوات الناسفة، حيث كان له شرف تصنيع المئات من العبوات التي فجرتها سرايا القدس في مخيم جنين خلال اجتياح المخيم وما بعدها، والتي ألحقت في العدو العديد من القتلى والإصابات.

تولي الشهيد القائد "أبو القسام"، منذ أعوام مسؤولية التحدث في وسائل الإعلام باسم سرايا القدس في الضفة المحتلة، وكانت له العديد من التصريحات النارية، والتي كان آخرها رفض تسليم السلاح مقابل العفو عنه وكافة المجاهدين.

الإشراف وتجهيز الاستشهادي سامر حماد منفذ عملية تل أبيب، والتي أسفرت عن مقتل 11 صهيونياً وإصابة العشرات .

مطاردة حتى الشهادة ولا للاستسلام

وفي السادس عشر من كانون الثاني عام 2008م, كان موعد القائد أبو القسام للقاء الله عز وجل, فكانت المحطة الأخيرة والجميلة ليطبع أجمل شهادة, وليزيد يوماً جديداً في عرس الشهادة والكفاح, حاصرت قوات الاحتلال المكان الذي اختبأ فيه الشهيد المجاهد أبا القسام, وذلك في منطقة جبل الدامون بقباطية, حيث حضرت ثلاث طائرات مروحية, وتم حشد العشرات بل المئات من الجنود الصهاينة ووحدة المستعربين الدفدوفان المدججين بشتى أنواع الأسلحة الرشاشة منها والصاروخية, وأكثر من 60 آلية عسكرية وجرافة ضخمة, أخرجوا السكان جميعاً من بيوتهم وأخذوا ينادون عبر مكبرات الصوت "أن اخرج يا وليد, سلم نفسك" ولكن سرعان ما أطلق رصاصات عشقه للوطن وقبل كل شيء للإسلام العظيم, وقد أصيب العديد من الصهاينة بجراح متوسطة وخفيفة بسبب عنصر المفاجأة الذي أربكهم, وكذلك إيمانه المطلق بعدالة توجهه وجهاده, لقد استحضرته صرخة القسام" أن موتوا شهداء" فكيف لا يلبي, وليكون شهيداً على مرحلة الاستكبار والزيف الصهيوني حيث يتهمه الكيان بالوقوف وراء العشرات من العمليات البطولية وأخرها عملية الاستشهادي سامر حماد من جنين والتي أدت لمقتل 11 صهيونياً واصابة العشرات.

لقد أطلق جنود الاحتلال الصهيوني الصواريخ المضادة للدروع, وكانت حينها الساعة تقترب من الخامسة من صباح الأربعاء.

ارتقى شهيدنا القائد بعد معركة طويلة استمرت ساعتين ونصف شهدتها حواري جنين, حتى زهرات المدينة وعصافيرها وبلابلها شهدوا انطلاقة الفارس ليزف شهيدنا إلى جنان الخلد مقبلاً غير مدبر مع النبيين والصديقين والشهداء.

دماء وليد العبيدي شعلة لانتفاضة القدس

فدماء الشهيد القائد وليد العبيدي ومن بعده كل الشهداء محمود طوالبة حسام جرادات ولؤي السعدي وأشرف السعدي وإياد صوالحة كانت وما زالت هي الشعلة التي أشعلت انتفاضة القدس الحالية ØŒ تلك الدماء التي زرعت في قلوب الشهداء مهند الحلبي وضياء التلاحمة وأحمد طه, كل معاني البطولة والفداء بعد أن سطروا أروع العمليات البطولية التي كانت شرارة الانتفاضة الحالية، والتي أرعبت وأربكت كل حسابات أجهزة الأمن الصهيونية وأكدت أن دماء الشهداء القادة وعلى رأسهم الشهيد القائد وليد العبيدي زرعت المقاومة والجهاد في جذور الضفة وباتت شجرة الجهاد والمقاومة راسخة رسوخ الجبال في الأرض وفي قلوب الثائرين، فحركة الجهاد الإسلامي وسريا القدس تكون دائماً هي بداية كل عمل مقاوم، فلم يتوقف هذا الزحف الجهادي المقاوم ضد الكيان الصهيوني الجاثم على أرضنا وسيستمر بإذن الله – تعالى- ما دام فينا عرق ينبض، وها هي الانتفاضة بعملياتها البطولية مستمرة رغم كل المؤامرات وستبقى القدس وفلسطين هي البوصلة التي تشير إلى التحرير، والعزة والتمكين، وعلو راية الإسلام العظيم.

المصدر/ سرايا القدس