الشهيد القائد "زهدي حامد قريقع": الأسد الهصور الحافظ لكتاب الله

بطاقة الشهيد:

الاسم: (زهدي) فايز حامد قاسم قريقع.

تاريخ الميلاد: 1-12-1953.

الوضع الاجتماعي: متزوج وله ثمانية من البنين والبنات.

الجنس: ذكر.

المحافظة: غزة.

مكان السكن: الشجاعية – التركمان.

تاريخ الاستشهاد: 6-10-1987م.

كيفية الاستشهاد: اغتيال.

مكان الاستشهاد: نهاية شارع بغداد.

صفاته:

كان شهيدنا رحمه الله رجل خير، وكان مثال للإنسان الصالح كان شجاعاً جداً والكل يشهد له بذلك، هادئ في طبعه صلب في المواقف لا يعرف الحقد ولا الكراهية، يحب الجميع يحسن لجميع الناس، رحب الصدر طيب القول حسن اللفظ، يقدم المصلحة العامة على مصلحته الخاصة، ومثال الحنان والحب والعطاء والكل يشهد له.

أما زوجته فقد بدت امرأة بسيطة هادئة رزينة أخذت تسترجع من ذاكرتها لأجمل أيام عمرها قضتها مع زوجها الشهيد فايز قريقع والمعروف بزهدي وقالت:" "بأنه طيب القلب حيث أن طيبته لا توصف سواء مع أهل بيته أو مع أصدقائه ومعارفه، حنون جداً، كتوم جداً في عمله، لا يحب الشكوى أو التذمر، دائماً يرضى والديه، متسامح لدرجة كبيرة جداً" بهذه الكلمات البسيطة وصفت زوجة الشهيد زوجها.

وأضافت: "كان يعمل تاجراً في تل الربيع ويقوم بعمله ونشاطه السياسي بشكل سري دون أن يعلمنا أو حتى يشعرنا والحمد لله ختم القرآن وحج بيت الله الحرام ولم يقطع يوماً فرضاً أو صلاة".

ليلة استشهاده:

أما عن ليلة استشهاده فبدت وهي تحدثنا وكأنها كانت بالأمس عالقةً في أذهانها على الرغم من السنوات العديدة التي مرت، وأوضحت بأنه استشهد ليلة الأربعاء حيث أنه كان متوجهاً الى عمله بمدينة تل الربيع المحتلة وعند عودته من العمل كانت لها ستة أيام منجبه ابنها مؤمن، وكان أسامة ابنه الكبير موجود فسألته قائلةً: "وين أبوك بتحكي انه أجي وين هو فأخبرني بأنه غير ملابسه وعاد مجدداً الى الخارج حيث توجه مسرعاً إلى خارج المنزل.

وأخذت تسترجع الذكريات الأليمة وتوصف لنا الحدث قائلةً: "في الليل كان من المفروض أن يأتي الى البيت لكنه لم يعد وبعد لحظات وفجأة سمعت إطلاق نار كثيف وأصوات مقاومة حيث كان بيتنا من الزينكو وكان أولادي صغار وسكرت الباب خوفاً عليهم وأخذت انتظر زهدي ليعود الى المنزل حيث كنت ارتعش من شدة الخوف حيث سمعت أصوات دب ودقات على الباب مما جعلني أشعر بالخوف والرعب أكثر وزادت الأصوات فقويت قلبي لأرى من بالباب وعندما مسكت الباب قلت مين على الباب؟؟؟.

وأشارت زوجته أم أسامة أنه وجدت هناك قوات عسكرية حاشدة في الشارع تعمل على التفتيش حيث قد أخذت إخوة زهدي، موضحة بأنهم كانوا أكثر من 30 منهم مدنيون وآخرون عسكريون يتسلقون الحائط، وقالت: "صرخت بصوت مرتفع يا كلاب شو بدكم؟؟ وايش فيه وتحول الخوف والضعف الى قوة وشجاعة ... فسألوني وين الصور؟ قلت لهم زوجي لم يعد الى المنزل وهو عند شريكه".

وأضافت مستدركة الموقف: "فأخذ يخرب بالبيت والأثاث بشكل كبير فصحت به بصوت عالي: ليش بتخربوا بالخزانات وبالبيت؟ لم اسمع جواب بل قاموا بتخريب البيت بشكل أكبر ومتزايد بحثاً عن صور.

وأوضحت أم أسامة أن الجيش الصهيوني قد قام بتمزيق الكتب الخاصة بمكتبة الشهيد حيث كان لديه مكتبه مليئة بالكتب بينما هم الحقراء امسكوا بالمصحف وأخذوا يمزقون به قائلين بسخرية واستهزاء: جهاد إسلامي.. فقالت بكل عزيمة واردة قوية تعبر بها المرأة الفلسطينية التي خاضت كل الميادين: "نعم لم أستطع أن اسكت له واستمع لإهاناته المتكررة فقمت بشتمه وسبه".

وعبرت أم أسامة عن مدى الخوف الذي كان يشعر به أبنائها الأطفال حيث تم بعد ذلك اعتقال أخوته لزهدي لمدة أسبوع وهم لا علم لديهم بمكان زوجها الشهيد زهدي ولا تعرف ما هي أخباره.

واستطردت متابعة حديثها المشوق والمثير لتقول:" بعد ما راح الجيش رحت أسأل عنه وشو صاير فيه لغاية ثاني يوم العصر وإحنا مش عارفين أنه أستشهد".

ادعي لي أن استشهد وأتزوج من الحور العين:

وأضافت بفخر واعتزاز:" نعم زهدي كان يحب العمل الجهادي في سبيل الله والوطن فأخبرني بأنه سيتوجه لمنطقة الكوربا قال لي أم أسامة ادعي لهؤلاء الشباب الذين هربوا من السجن فكم تمنى الشهادة حيث دوماً كان يقول لي ادعي لي بأن استشهد وأتزوج من حور العين وأنا كنت أزعل من كلامه كثيراً".

وأردفت زوجة الشهيد زهدي حديثها بأنه بعد ذلك كان الجيش الصهيوني قد فرض طوقاً أمنياً بالمنطقة فتوجهت للبحث عن زوجها بالمستشفيات معتقدةً بأنه قد أصيب على حسب ما سمعت صوت الطلقات النارية والرصاصات المتتالية أو أنه محبوس لعدم حصوله على رخصة الدراجة النارية.

وصايا شهيد:

وأشارت أم أسامة بأن الجيران قد عرفوا بأنه استشهد ولكن لم يخبرها أحد بذلك مجرد قولهم " ربنا يهدي بالكم" وأنه بعد العصر جاء للبيت صحفيات من مجلة البيادر السياسي لإجراء المقابلات الصحفية والتصوير وزوجته تعتقد انه قابع في أحد السجون وقد سألت الصحفيات إذا كان لديهن علم بأي سجن موجود فكانت اجابتهن أنه في شباب كانوا مقاومين وتصادموا أمام قوات الاحتلال وصار مواجهات بينهم وعلى يبدوا أنه مصاب.

وعبرت أم أسامة بأنها بعد هذا الموقف لم تشعر بالأمان وقلت لها: يتصاوبوا خلص ما تصاوب راح ... استشهد حيث كان دوماً يقول لي رحمه الله "الواحد مش ضامن حياته وعمره والأولاد أمانة برقبتك فأوصاني قائلاً: أوعي تصرخي وتلطمي لما أموت، وأنا الحمد لله تقبلت الخبر وربنا يتقبله شهيد في سبيل الله والوطن.

كيف تلقيت نبأ استشهاد زوجك؟:

وعن لحظة تلقيها نبأ استشهاده قالت:" لم أكن أعلم بأنه خارج للاستشهاد وكان يمارس الجهاد ويخفي علي أنه مجاهد. لم يكن لدي أي شعور أو إحساس بأنه خارج في عملية جهادية ذلك اليوم، أخبرني أنه ذاهب لتل الربيع لأنه كان تاجراً كبيراً، كان دائماً يردد ذكر الله وكان عنده مصحف كبير دائماً يقرأ فيه ويختمه ويقول لي ادعي للمجاهدين ادعي لهم فكنت أقول له ما الذي تقوله؟ ولم أكن أعرف ما الذي يخفيه، في ذلك اليوم كان الناس يفدون علينا ونحن لا نعلم ما الخبر حتى جاءت صحافية لتجري معي لقاء وقالت لي نريد أن نعرف ما شعورك بعد ما حصل من اشتباكات مساءً وكيف تلقيت خبر زوجك، فقلت لها ماذا حصل؟ ارتبكت الصحافية وأرادت أن تغادر المكان فقلت لها فايز استشهد.. فايز استشهد.. الحمد لله.

موعد مع الشهادة:

في 6/ 10/ 1987 كان الشهيد زهدي ورفاقه الشهداء : أحمد حلس، ومحمد الجمل، وسامي الشيخ خليل، وغيرهم ممن لم يكتب لهم الشهادة يتنقلون في سيارتين من أجل تنفيذ مهمة جهادية، وكان العدو الصهيوني قد نصب لهم كميناً قبالة مسجد التوفيق بالشجاعية حيث تركوا السيارة الأولى تمر دون اعتراض وعندما وصلت السيارة الثانية اعترضوها حيث قام ضابط مخابرات صهيوني( فيكتور أرغوان) وطلب من الشهيد سامي تسليم نفسه، لكن الشهيد سامي أطلق عليه النار وارداه قتيلاً، فدارت معركة عنيفة استمرت بين المجاهدين بإمكاناتهم المتواضعة وقوات الاحتلال الصهيوني التي استعانت بطائرات عسكرية وبعربات مدرعة.

كرامة للشهداء:

وقد سمح الاحتلال بعد يوم من استشهاد الأقمار الأربعة لعدد محدود من عائلتهم بدفنهم تحت حراسة مشددة، لكن الله كرم الشهداء بان جعل سرب من الحمام يطوف فوق قبورهم في مشهد أثار الجنود الصهاينة الذين تسألوا عن سبب تحليق هذه الطيور، ليكن الجواب من أحد المشاركين في دفن الشهداء إنها كرامة من الله لهم.

(المصدر: سرايا القدس، 31/08/2010)