محاولة تفجير سيارة مفخخة في مقر الحكومة الصهيونية بالقدس المحتلة عام 1987م

✍️ بقلم: أ. ياسر صالح

📖 وحدة الأرشفة والتوثيق في مؤسسة مهجة القدس

لم يترك أبناء الجهاد الإسلامي فرصة للانقضاض على عدوهم إلا وكانوا لها سباقين، فحاولوا بشتى السبل أن يلقنوا المحتل المجرم الدرس تلو الآخر لردعه وكبح جماح ظلمه وبطشه تجاه أبناء شعبنا، لذا دوماً كان شعارهم الخالد "الواجب رغم الإمكان" حاضرًا في حلهم وترحالهم وجهدهم وجهادهم.

ومن هذا المنطلق وعلى درب أول شهيدة في الإسلام الصحابية الجليلة سمية بنت خياط، انطلقت المجاهدة عطاف عليان كأول استشهادية لتنفيذ عملية بطولية عبر سيارة مفخخة في مقر حكومة الاحتلال الصهيوني في القدس المحتلة عام 1987م، لكن الله تعالى قدّر أن يتم اكتشاف أمرها قبل وقوعها.

وأوردت جريدة حدشوت العبرية بتاريخي 30/09/1987م و 20/10/1987م تفاصيل اعتقال المجموعة التي من المفترض أن تنفذ عملية التفجير تحت عنوان مفاده: "عطاف عليان التي كانت ستقود سيارة مفخخة لتفجيرها بمقر حكومة الاحتلال في القدس".

وأضافت أن "الخلية التي خططت لهذه العملية تم اعتقالها قبل وقت قليل من موعد العملية ووجد لديهم كميات كبيرة من المتفجرات والمواد القتالية، ومن المعتقلين عطاف عليان المتهمة بانتمائها للجهاد الإسلامي حيث كانت تنوي قيادة السيارة المفخخة لتفجيرها بمقر الحكومة، والمهندس سليمان الزهيري الذي كان سيقوم بتفخيخ السيارة".

ونشرت حدشوت بعض ما ورد في لائحة الاتهام الموجهة ضد عطاف جاء فيها: "كانت عضوا في فتح، ومنذ عام 1986م أصبحت عضوًا في الجهاد الإسلامي، وتلقت تدريبات عسكرية خارج البلاد وتواصلت مع مخططي العملية في مقر الحكومة بالقدس"، مضيفةً "عليان من سكان بيت لحم ومهنتها الخياطة، وحين اعتقالها والمجموعة تبين أن أعضاء الخلية متهمين بالتنظيم والتدريب خارج البلاد، وحين عودة عطاف من خارج البلاد بدأت بالتدريب على قيادة السيارة لتقود السيارة المفخخة وفق التهمة" وكانت ستتم تحت مسمى "سرايا الجهاد الإسلامي".

وأردفت الصحيفة: "في جلسة تمديد الاعتقال قالت أحلام حداد محامية عطاف عليان أن موكلتها تراجعت عن الاعتراف الذي اعترفت به في التحقيق، وحسب المحامية فإن الاعتراف جاء لأسباب شخصية كون شقيق وشقيقة عطاف في التحقيق ولذلك قررت تحمل المسؤولية والاعتراف، وأضافت المحامية أنه قد كسر أنف عطاف في التحقيق، وطلبت من القاضي الفحص لدى طبيب لأن موكلتها تحتاج إلى عملية ولكن القاضي العسكري رفض الطلب".

تعرّضت المجاهدة عطاف عليان لتحقيق قاسٍ لدى ضباط مخابرات الاحتلال، ثم تم نقلها لسجن الأسيرات، وهناك بدأت مشوارًا جهاديًا جديدًا، ونتيجة مضايقة السجانين لها أقدمت على ضرب سجانين اثنين في وجههما بواسطة آلة حادة في مرتين منفصلتين، ولذا أضيف لحكمها مدة جديدة، وتم الإفراج عنها برفقة الأسيرات الفلسطينيات في أوائل فبراير 1997م وفق اتفاق سياسي مع الاحتلال آنذاك.

استمرت عطاف في عملها ولم يتركها الاحتلال حيث تم اعتقالها عام 1998 اعتقالًا إداريًا واجهته بخوضها الإضراب المفتوح عن الطعام لمدة 44 يومًا انتصرت فيه على السجان وكسرت اعتقالها الإداري، وكان هذا هو الإضراب المفتوح عن الطعام الأول والطويل في مواجهة الاعتقال الإداري في تاريخ السجون، كما تعرضت عطاف لأكثر من اعتقال بعد ذلك على يد الاحتلال الذي لم يستطع كسر إرادتها؛ فواصلت العطاء وما زالت.

ونذكر بأن الشهيد المؤسس د. فتحي الشقاقي قد أوضح أن "سرايا الجهاد الإسلامي ليست تنظيمًا، ولكن اسمًا تم الاتفاق عليه بين حركة الجهاد الإسلامي وأخوة أعزاء في حركة فتح؛ لتكون عنوانًا لعملنا العسكري في محاولة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المجاهدين".

حديثنا في المرة القادمة عن عملية إطلاق نار قرب جباليا عام 1987م

04/05/2022