الأسير ثابت مرداوي… قائد المعارك الفتاكة في مخيم جنين

هم الرجال الرجال حقاً أبناء فلسطين… يضحوا ليحيا الوطن، وتعمر الأرض، ويرحل الغزاة…لا يخشون الموت ولا الجراح ولا الملاحقة…. هم واضعي أهدافهم نصب أعينهم، ولسان حالهم يقول: (نموت من أجل عزتك وطهرك يا فلسطين).
مهما تحدثنا عن هؤلاء الأبطال فنحن مقصرون... بل عاجزون عن عدهم ووصفهم لأنهم كثر، لكننا ما إن نعرف أحداً منهم فسنظل ونظل نذكره، وسنعلم تضحياته للعالم أجمع ليعلم من هم رجال فلسطين حقاً.
مركز أحرار لدراسات الأسرى يسلط الضوء على أحد أبطال معركة مخيم جنين، التي سطر فيها هذا البطل ومن معه آيات العز والفخار، في مقاومة العدو الصهيوني، ورغم مئات الشهداء الذين سقطوا هناك، إلا أن المخيم كان شاهداً واضحاً على ما قامت به آلة الحرب الصهيونية العسكرية، من دمار وقتل وتخريب.
البطل، هو الأسير ثابت عزمي سليمان مرداوي، 37 عاماً من بلدة عرابة في مدينة جنين، والذي أطلق عليه الاحتلال في تلك الفترة وأثناء اجتياح المخيم (بالمطلوب رقم 1 للتصفية والاغتيال).
ثابت استمد من اسمه الثبات والقوة والإرادة والصبر، فثبت في وجه الغزاة الصهاينة عشرات المرات.
محمد مرداوي، شقيق الأسير ثابت يقول عن شقيقه: "هو الشقيق الأكبر ورفيق الدرب والمشوار، ولطالما ذهبنا سوياً إلى أرضنا لنزرعها ونفلحها، لكن ثابت اختار فيما بعد عمارة الأرض بأسلوب جهادي يؤجر عليه بإذن الله، وهو المقاومة والجهاد".
يكمل محمد: "انضم شقيقي ثابت للجناح العسكري لسرايا القدس في مدينة جنين، ليصبح فيما بعد قائداً للجناح العسكري فيها، وليخوض معارك حامية الوطيس وقتال ضد جيش الاحتلال الصهيوني، وكان ثابت يخطط وينفذ مع رفاقه عشرات من عمليات التصدي والاشتباك مع جنود الاحتلال في مدينة ومخيم جنين.

أكمل الدراسة الجامعية رغم خطورة وضعه
لم يقف الأسير ثابت مرداوي، والذي كان مطلوباً لجيش الاحتلال، عن مسيرة التعليم فالتحق بجامعة القدس المفتوحة في جنين ودرس تخصص المحاسبة وإدارة الأعمال، إلا أنه لم يتمكن من إنهائها بسبب الاعتقال.

عامين من المطاردة والملاحقة
محمد يقول: إن ثابت بقي مطارداً لقوات الاحتلال الصهيونية منذ عام 2000 وحتى عام 2002ØŒ ÙˆØ±ØºÙ… الملاحقة استطاع ثابت أن يكمل نصف دينه ويكلله بالزواج، فرغم وضعه الأمني الخطير إلا أنه استطاع الزواج وأنجب ابنه أسامة الذي يبلغ من العمر الآن 11 عاماً، ولم يهنأ ثابت بالعيش معه سوى قرابة العام( متقطعة بسبب المطاردة).

عدة محاولات اغتيال لثابت
يؤكد محمد أن شقيقه تعرض لأكثر من خمسة محاولات اغتيال أثناء فترة مطاردته، فكانت محاولة الاغتيال الأولى في أيار عام 2001، عندما تم تفخيخ سيارة بعبوات ناسفة، لكن ثابت لم يستقلها، ونجى من تلك المحاولة.
محاول أخرى كانت في آذار عام 2002، عبر محاولة استهدافه بطائرة، ومرات أخرى كانت هناك محاولات بقنصه وقتله، إلا أنه كان ينجو في كل مرة.

الاعتقال
بينما المعركة لا تزال مشتعلة في مخيم جنين، والشهداء بالعشرات، والبيوت مهدمة على رؤوس ساكنيها، والجميع شردوا من مساكنهم، كان يخوض ثابت مع مجموعة من رفاقه في سرايا القدس، اشتباكاً مع جنود الاحتلال الذي كان يحاصرهم ويطلق النار بكثافة باتجاههم، ولم يتوقف أو يتحرك من مكانه، فكان يريد تصفية أو اعتقال من في الداخل وعلى رأسهم ثابت، وكانوا يرددون دائماً عبارتهم المشهورة: (لن نخرج من هنا إلا وثابت مرداوي في قبضتنا).
أصيب ثابت برصاصتين أثناء الاشتباك، إحداها في خاصرته، والأخرى في كتفه اليسار، وظل ينزف لساعات، ثم اقتحم جنود الاحتلال المكان واعتقلوه، وكان من رفاقه من استشهد ومن اعتقل ومن نجا، وكان ذلك بتاريخ: 17/4/2002، وهو تاريخ ما يعرف ب (يوم الأسير الفلسطيني).

مرارة التحقيق والتعذيب والعزل
يقول شقيق ثابت، إن شقيقه والذي اعتقل جريحاً، وضع في مركز تحقيق الجلمة لمدة 6 أشهر Ùˆ5 أيام، والتعذيب والويلات لا يتوقفان، ثم أخرج من مركز التحقيق ووضع وتنقل في أكثر من سجن، وتعرض للعزل في (أيالون)- الرملة Ù…Ù† الفترة 2003-2006ØŒ رغم أنه كان يعاني من مضاعفات الإصابة التي تعرض لها، وكان يعاني أيضاً من ديسك وبحاجة لعملية منظار، والاحتلال يماطل بإجرائها إلى الآن.

الحكم الصاعق
صدر الحكم على ثابت مرداوي بعد 3 أعوام من اعتقاله، وكان الحكم بالسجن 21 مؤبداً و 40 عاماً، والتهمة قيادة الجناح العسكري لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، لكن الحكم لم يهز ثابت، بل تحلى وما زال بالصبر والهدوء والسكينة.

الأسرة والبعد والفراق
عائلة الأسير ثابت مرداوي، والتي لا تتمكن من زيارته ورؤيته دائماً، بل في مرات متقطعة تحصل على تصاريح للزيارة، إلا أنها لا تكفي لابن وأخ وأب غاب سنوات كثيرة، لا يعلمون متى ستنتهي ومتى سيحين موعد اللقاء.
فأم الأسير ثابت تقول: ثابت ابني الأول والبكر، حرمني الاحتلال منه، ومن رؤيته، أنا مشتاقة له كثيراً وأدعو له بالحفظ والتيسير عليه وفرج الكرب عن جميع الأسرى والأسيرات، كان الله في عونهم، وفي الوقت ذاته أنا فخورة بابني وما فعل بالعدو الصهيوني، فقد لقنه الدرس مرات ومرات.
أما أسامة ابن الأسير ثابت مرداوي… فلا يكاد يذكر أباه، وهو يراه فقط في السجن ومن وراء القضبان، ليصنع لنفسه وفي مخيلته تفاصيل ذلك اليوم الذي سيخرج فيه أباه من الأسر، ليتمكن من ضمه وتقبيل جبينه ويده ولو لمرة واحدة، وليحس بشعور الأبوة عن قرب، وليس عن بعد….
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن الأسير المرداوي أحد الأسرى المرضى وقد نقل قبل فترة بسيطة إلى مستشفى سجن الرملة بعد أن تفاقم وضعه الصحي نتيجة سياسة الإهمال الطبي.

(المصدر: مركز أحرار، 2/4/2013)