مجزرة جنين.. جريمة صهيونية في وضح النهار

بداية، هل لنا أن نلتمس عذراً للأمم المتحدة؟!، كيف لا وحالها يستحق الرثاء، فالموقف يصعب تصديقه رغم مرور عامين على الجريمة، كل شيء واضح جلي، القاتل اقتحم مخيم اللاجئين في جنين- وكان قد شردهم في العام 1948- وبالتحديد في حارة الحواشين، قتّل ودمّر وعاث فساداً، والشهود يخرجون مبللين بدماء الأقرباء، والمخيم كأن صاعقة ضربته فقلبت أعاليه سافله، وخرجت علينا الأمم المتحدة باعتذار!
تقرير الأمم المتحدة تم حشوه بمزيد من الأكاذيب والتضليل وفاتهم نقطة واحدة أن من بين "المطلوبين" لقوات الاحتلال (الإسرائيلي) أو ما أطلقوا عليها "القوات الإسرائيلية" هكذا فقط، عدد من قيادات الجهاد الإسلامي وفتح وكذلك ثلاثة أشخاص مصابين وطفل عمره 13 سنة!!!
وهنا، هل لنا أن نقبل اعتذاراً من الأمم المتحدة التي عجزت عن تكليف لجنة بالنظر في جرائم الحرب المقترفة في المخيم الذي سوّي بالأرض.

المجزرة.. الجاني والضحية..
اعتادت دولة الاحتلال وبكافة أنواع أسلحتها الفتاكة استهداف الشعب الفلسطيني، بوجود مقاومة أو دونها، فالحجة "الأمنية" دائماً عنوان واضح للدم المسفوك، فحتى المظاهر السلمية لرفض الاحتلال، كان يرد عليها بالرشاشات والقصف والاجتياح بالدبابات والمدرعات.
ففي ليلة الثاني من نيسان 2002، كان موعد مخيم جنين مع الاحتلال، فحسب شهود عيان، دخلت الدبابات والمدرعات وقامت بضرب حصار شامل على مدينة ومخيم جنين، وتحدثت الأنباء شبه المؤكدة عن أكثر من (400) مدرعة ودبابة من نوع "مركفاه"، بهدف محاصرة وضرب مدينة جنين الصغيرة ومخيمها، وهي لا تزيد مساحتها ورقعتها عن (22000) دونم، والمخيم (331 دونماً).
هذا، فضلاً عن مئات السيارات العسكرية وناقلات الجنود ومدافع الهاون وصواريخ "أرض أرض"، تم نصب بطارياتها في منطقة المطار القديم في سهل مرج بني عامر شمال غرب المحافظة، بالإضافة إلى الدبابات الأمريكية الصنع، ودبابات "المركفاه" التي تعتبر الأكثر تطوراً في مجال الالكترونيات المستخدمة في أجهزة الرؤية والاتصال، وكذلك منظومة التهديف والإطلاق.
وفي بداية الجريمة، أدخلت قوات الاحتلال إلى المدينة ومخيمها دبابات قديمة تم تحويل برجها لتحمل مدافع رشاشة متعددة الفوهات "فولكان"، الذي يطلق قذائف متفجرة بكثافة، وقذائف الدبابات المتفجرة والحارقة.
وزجت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) بطائرات الهليكوبتر الهجومية الأمريكية الصنع "الأباتشي" و"الكوبرا" ذات الرؤية الليلية المتطورة جداً، بأعداد كبيرة، وشرعت بدورها بقصف المخيم والمدينة بصواريخ نوع "هيلفاير" المدمرة و"التاو"، إضافة إلى القصف بالرشاشات الثقيلة.
وأعلنت دولة الاحتلال استدعاء الاحتياط والقوات الخاصة والوحدات المختارة "جولاني" ووحدات المظليين والوحدات النظامية وقدرت أعداد هذه القوات بأكثر من خمسة آلاف جندي، وجهزت عشرات الجرافات التي تم استقدامها بعد فشل قوات الاحتلال في دخول المخيم من نوع (D9) و(D10) العسكرية الثقيلة.
أما في الجانب الفلسطيني، فقدر عدد المقاتلين المقاومين في المخيم ما بين 80- 100 مقاتل، ومنهم من رماة العبوات و"الأكواع المتفجرة" المصنعة محلياً، وأطلق عليها اسم أم الصيد تم زرعها في الشوارع في طريق الدبابات عدا عن السواتر الترابية.
أما السلاح فكان عبارة عن بنادق خفيفة وعبوات ناسفة محلية الصنع وكان بحوزة المقاومين ثلاثة صواريخ "لاو"، التي تطلق من على الكتف، وكانت قديمة، وقاذف "آر.بي.جي" واحد مع قذيفة واحدة كان يحمله الشهيد القائد أبو جندل (يوسف أحمد ريحان قبها) وكان صاعق القذيفة أيضاً معطلاً، ولكن الشهيد محمود طوالبة نجح بإصلاحها، واستخدمت في ضرب برج إحدى الجرافات التي كانت تهدم المنازل في حارة الحواشين.
وأورد تقرير الأمم المتحدة أن: "ليس هناك شك في أن جيش الدفاع (الإسرائيلي) واجه مقاومة فلسطينية عنيفة! وليس هناك شك أيضاً في أن المقاتلين الفلسطينيين في المخيم وفي أماكن أخرى انتهجوا أساليب تشكل انتهاكات للقانون الدولي!، أدانتها وما برحت تدينها الأمم المتحدة.
وأضاف التقرير: بيد أن الأمور ما زالت تفتقر إلى الوضوح والتيقن فيما يتعلق بسياسات وحقائق رد القوات (الإسرائيلية) على هذه المقاومة! وتؤكد الحكومة (الإسرائيلية) أن قوات "جيش الدفاع" (الإسرائيلي) "اتخذت بصورة واضحة جميع التدابير الممكنة لعدم تعريض حياة المدنيين للخطر" ولكنها ووجهت ب"إرهابيين مسلحين تخفّوا عن عمد بين السكان المدنيين"!.
ومع ذلك فإن بعض جماعات حقوق الإنسان وشهود العيان الفلسطينيين يؤكدون أن الجنود (الإسرائيليين) لم يتخذوا جميع التدابير الممكنة لتجنب إصابة المدنيين! بل واستخدموا بعضهم كدروع بشرية!.

بداية المعركة..
بدأت المعركة في فجر الثالث من نيسان 2002 فقد جاءت على مرحلتين الأولى 3 نيسان و9 منه، ومنعت قوات الاحتلال خلالها أية وسيلة إعلامية من الدخول إلى المخيم، والثانية يومي 10 و11 نيسان، ارتكبت فيها جريمة التغطية على جرائم القتل ووقعت معظم الأضرار المادية في هذه المرحلة.
وحول ذلك، اعتمد تقرير الأمم المتحدة في تسجيله لأحداث الجريمة، على أقوال الحكومة الإسرائيلية التي ادعت أنها أدخلت مشاتها للمخيم بغرض تجنيب المدنيين للخطر.
وجاء في التقرير أن "القوات الإسرائيلية قامت أولاً بتطويق مدينة جنين وفرضت سيطرتها على مداخل المدينة ومخارجها وسمحت للسكان بمغادرتها طواعية، وهناك نحو 11 ألف شخص فعلوا ذلك ووفقاً للمصادر (الإسرائيلية)، يضيف تقرير الأمم المتحدة فإن القوات الإسرائيلية اعتمدت في توغلها في المخيم على المشاة بالدرجة الأولى وليس على القوة الجوية والمدفعية، في محاولة منها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن.
ولكن روايات أخرى عن المعركة، تشير إلى أن عدداً يصل إلى 60 دبابة ربما يكون قد استخدم حتى في الأيام الأولى، وتشير المقابلات التي أجرتها منظمات حقوق الإنسان مع شهود عيان إلى أن الدبابات والمروحيات وقوات برية تستخدم أسلحة صغيرة كانت سائدة في اليومين الأولين، وبعدها استخدمت الجرافات المدرعة لتدمير المنازل والمنشآت الأخرى لكي توسع الممرات داخل المخيم".
وأضاف التقرير في شهادته للتاريخ بأقوال الجاني، قائلاً إن "القوات (الإسرائيلية) مستخدمة مكبرات الصوت حثت المدنيين باللغة العربية على إخلاء المخيم، وتشير بعض التقارير بما في ذلك المقابلات التي أجريت مع جنود جيش (الدفاع الإسرائيلي) إلى أن هذه التحذيرات لم تكن كافية وتجاهلها كثير من السكان! وقد فرّ عدد كبير من سكان مخيم جنين من المخيم قبل بدء الاجتياح (الإسرائيلي) أو مع بدايته، وغادر آخرون بعد 9 نيسان، وتختلف التقديرات بشأن عدد المدنيين الذين بقوا في المخيم طوال الفترة ولكنه قد يصل إلى 4 آلاف شخص".
وتابع: "وكما جاء في وصف الحكومة (الإسرائيلية) "وقعت معركة شديدة في جنين اضطر خلالها جنود جيش الدفاع (الإسرائيلي) إلى القتال بين المنازل المفخخة وحقول القنابل في جميع أنحاء المخيم الذي أعدّ مقدماً كميدان قتال مفخخ"! وتعترف السلطة الفلسطينية بأن "عدداً من المقاتلين الفلسطينيين قاوموا الهجوم العسكري (الإسرائيلي)، وكانوا مسلحين ببنادق فقط و... متفجرات بدائية".
وأورد التقرير أن "متحدثاً باسم جيش الدفاع (الإسرائيلي) قدم صورة للمقاومة تختلف عن ذلك اختلافاً طفيفاً، حيث ذكر أن الجنود واجهوا "أكثر من ألف عبوة متفجرة، وعبوات متفجرة حية، وبعض العبوات المتفجرة الأكثر تطوراً... مئات من القنابل اليدوية... [و] مئات من الرجال المسلحين".
ويذكر تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات سجل شهادات حول مجزرة جنين أن قوات الاحتلال اتبعت سياسة الأرض المحروقة ولم يكن هدفها قتل واعتقال المناضلين فقط، بل تدمير المنازل وموارد الرزق وتخريب المخيم والمدينة، وأفاد تقرير الأمم المتحدة الذي أعده الأمين العام بناء على قرار الجمعية العامة المتخذ في 7 مايو 2002ØŒ أن "أعنف القتال وقع في الفترة ما بين 5 Ùˆ 9 نيسان مما أسفر عن أكبر خسائر في الأرواح على كلا الجانبين، وهناك تقارير تفيد بأنه خلال هذه الفترة زاد الجيش (الإسرائيلي) من قصفه بالقذائف من الطائرات المروحية، ومن استخدام الجرافات بغرض هدم المنازل لدفن Ù…ÙŽÙ† رفضوا الاستسلام تحت أنقاضها حسبما ادعى– كما قام بإطلاق النار "بصورة عشوائية".
وأضاف التقرير في الفقرة (55)، أن التقارير الصحافية من الأيام المشار إليها والمقابلات اللاحقة التي أجراها ممثلو المنظمات غير الحكومية مع سكان المخيم تشير إلى أن خمسة فلسطينيين في المتوسط ماتوا كل يوم خلال الأيام الثلاثة الأولى من الغارة وأن يوم 6 نيسان شهد زيادة حادة في عدد القتلى.
وفي الواقع، كبدت المقاومة الفلسطينية الباسلة التي كان قوامها من 80-100 مقاوم، المحتل (الإسرائيلي) القاتل 14 جندياً في يوم واحد، 13 منهم في اشتباك واحد وقع يوم 9 نيسان ليبلغ عدد القتلى (الإسرائيليين) داخل المخيم 23 جندياً.

الثأر..
قوات الاحتلال التي تكبدت مقتل 14 جندياً بعد ستة أيام متواصلة من محاصرة المواطنين في المخيم والإمعان في الجريمة وبالتحديد بعد 9 نيسان عمدت إلى تبني أسلوب آخر في القتل والجريمة، وحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة فقد غيّرت القوات الإسرائيلية تكتيكاتها من تفتيش المنازل وتدمير بيوت المقاتلين المعروفين إلى توسيع نطاق القصف بالدبابات والقذائف، كما استخدمت القوات (الإسرائيلية) الجرافات المدرعة تدعمها الدبابات لهدم أجزاء من المخيم، وتؤكد الحكومة (الإسرائيلية) أن "القوات (الإسرائيلية) لم تدمِّر المباني إلا بعد أن وجهت نداء عدة مرات للسكان بمغادرة المباني التي لم يتوقف منها إطلاق النار"، وتدعي إفادات الشهود وتحقيقات منظمات حقوق الإنسان أن التدمير كان عشوائياً وغير متناسب، حيث كانت بعض المنازل تتعرض للهجوم من الجرافات قبل أن تتاح الفرصة لسكانها لإخلائها".
هذا التقرير استخدم الفعل "تؤكد" لادعاءات الحكومة (الإسرائيلية) التي تغطي على جريمتها في حين تستخدم الفعل "تدعي" لشهادات شهود عيان لتبدي أنها تشكك بها، إذن لماذا تستعمل ذات الفعل المشكك لتحقيقات منظمات حقوق الإنسان التي تدافع عنها كل آن وحين...؟
وتشير مصادر أخرى، كما يستكمل التقرير شهادته "إلى الاستخدام الواسع النطاق للجرافات المدرعة والمروحيات الحربية يومي 9 و10 نيسان، وعلى الأرجح حتى بعد أن بدأ القتال يهدأ، وخلال هذه المرحلة حدث معظم الضرر المادي، ولا سيما في حارة الحواشين في وسط المخيم التي سوِّيت بالأرض عملياً، ودمّر تماما الكثير من المساكن المدنية وأصيب عدد أكبر بأضرار بالغة، كما أصيب بأضرار شديدة عدد من المرافق التابعة للأونروا في المخيم بما في ذلك مركزها الصحي ومكتب الصرف الصحي".

نهاية المعركة...
يقول تقرير الأمين العام أنه "بينما اقترب توغل جيش الدفاع (الإسرائيلي) في جنين من نهايته برزت طائفة من المشاكل الإنسانية، أو ازدادت سوءاً، بالنسبة لأربعة آلاف من المدنيين الفلسطينيين ممن بقوا في المخيم. وتمثلت أولى هذه المشاكل في التأخير المطوّل في الحصول على الرعاية الطبية للجرحى والمرضى داخل المخيم".
وأضاف: "وعندما بدأت حدة القتال تنحسر، منع جيش الدفاع (الإسرائيلي) سيارات الإسعاف وأفراد الأطقم الطبية من الوصول إلى الجرحى داخل المخيم على الرغم من المناشدات المتكررة الموجهة إليه بتسهيل مرور سيارات الإسعاف ومندوبي المنظمات الإنسانية بمن فيهم مندوبي الأمم المتحدة، وعلى مدى الفترة من 11 إلى 15 نيسان قدمت الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى التماسات إلى جيش الدفاع (الإسرائيلي) وتفاوضت معه من أجل تمكينها من دخول المخيم وبذلت محاولات كثيرة لإرسال قوافلها، دونما طائل".
وتابع التقرير: "وأُبلغ مسؤولوا الأمم المتحدة الذين زاروا قيادة جيش (الدفاع الإسرائيلي) في 12 نيسان، بأنه سيسمح لموظفي المساعدة الإنسانية التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى السكان المتضررين، غير أن هذه الإمكانية لم تتحقق على أرض الواقع ولم تسفر عدة أيام من التفاوض مع كبار المسؤولين في جيش الدفاع (الإسرائيلي) وموظفي وزارة (الدفاع الإسرائيلية) عن تأمين إمكانية الوصول الضروري رغم ما قدموه من تأكيدات مخالفة لذلك".
وذكر أنه "وفي 18 نيسان انتقد كبار موظفي الأمم المتحدة بشدة (إسرائيل) للطريقة التي تعالج بها وصول المساعدة لإنسانية في أعقاب المعركة، وخاصة رفضها تسهيل إمكانية الوصول الكامل والآمن إلى السكان المتضررين، منتهكة التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".

الإحصاءات الحقيقية..
قتلت قوات الاحتلال 52 فلسطينياً بينهم 4 أطفال، و4 نساء، واثنان من كبار السن، وذكرت منظمة الأطباء المناصرين لحقوق الإنسان أن "الأطفال دون سن 15 سنة والنساء والرجال فوق سن 50 سنة كانوا يشكلون نحو 38% من جميع حالات الوفاة المبلّغ عنها وبلغ عدد الجرحى في المدينة والمخيم والمسلحين في المستشفيات 302 جريحاً، منهم 52 امرأة، أما الأطفال من الجنسين فقد بلغ عددهم 125 طفلاً جريحاً.
واعتقلت قوات الاحتلال خلال عملية الاجتياح للمخيم جميع الذكور من سن الخامسة عشرة حتى 50 عاماً ومثل ذلك في مدينة جنين وتم فرزهم واعتقال المطلوبين البالغ عددهم 250 معتقلاً وتشريد الباقين في قرية رمانة غرب محافظة جنين، أما المفقودون الذين لم يعرف عنهم شيء فقد بلغ عددهم حتى 27/4/2002 عشرون مفقوداً .
في يوم 16و17/4/2002م قامت قوات الاحتلال وعبر مكبرات الصوت بمطالبة سكان مخيم جنين بالخروج من المخيم، وانتشرت أقاويل بأن قوات الاحتلال ستقصف المخيم بطائرات أف 16، فخرج الأهالي من المخيم، وقامت قوات الاحتلال بفرز الرجال عن النساء والأطفال وشرد الآلاف إلى المدينة والقرى المجاورة وباتجاه بلدة رمانة.
كما دمرت 487 منزلاً بالكامل في المخيم، حيث تم تسويتها بالأرض بواسطة الجرافات، وهدم 22 منزلاً بالكامل في مدينة جنين واحترقت 6 مبانٍ و36 مبنى هدمت جزئياً وأصيب في المدينة حوالي 1600 مبنى بأضرار متفرقة، أما في المخيم فقد أحرق 32 مبنى وبيت ومحل تجاري، وألحقت أضرارا جزئية ب800 بيت وبناية ومحل ومسجد وتضرر نحو 1600 منزلاً، ونتيجة لذلك فقد شرد أكثر من 4800 مواطن وأصبحوا دون مأوى فيما بلغت الخسائر المادية لإعادة إعمار المخيم 30 مليون دولار، أما المدينة فبلغت خسائرها (1083500) دولار والخسائر في المباني الحكومية والعامة (391400) دولار.
أما بالنسبة لخسائر الطرق والمرافق والخدمات العامة، فبلغت الخسائر في المدينة 3328125 دولار، وفي المخيم 117100 دولار.

دمار على مرأى البصر..
رئيس بلدية جنين وليد أبو مويس في شهادته على الجريمة يقول في 15/4/2002: "تمكنت أنا ومدير الصليب الأحمر وعدد من أفراد الصليب الأحمر والهلال الأحمر من الدخول إلى مخيم جنين، وإدخال معدات الإنقاذ، ولم يوافق الجيش (الإسرائيلي) على إدخال معدات إنقاذ غير (تراكتور) وعربة (ترولي)، شاهدت الدمار، شاهدت الإعدام لكل شيء حي، شاهدت إعدام المنازل، وشاهدت جثث الشهداء تحت الأنقاض، شاهدت امرأة تمت تصفيتها، وهي في الستين من عمرها، بطلقة في الجبين، كما شاهدت جثثاً لأربعة رجال كبار أطلق على كل منهم في الجبين"، وأبلغنا القائد (الإسرائيلي) بأن هذا إعدام، أخرجنا سبع جثث فقط من مكان تنبعث منه الروائح الكريهة، ولما رفض (الإسرائيليون) إدخال المعدات اتفقنا مع الصليب والهلال أن ننسحب لأننا عاجزون على التعامل مع هذا الوضع، ونحن نطالب بلجنة دولية للإنقاذ.
وأضاف: "لم يتم الاستجابة لهذا المطلب الإنساني فقط لأن الولايات المتحدة الأميركية عارضت قيام لجنة دولية بالتقصي والتحقيق ومرة أخرى أمام المجزرة يقف المجتمع الدولي عاجزاً أو حتى مشلولاً عن التفكير والمبادرة بالمساعدة".
ويتابع أبو مويس قائلاً:" انسحبنا لأننا عاجزون عن العمل بالفعل، إذ لم يسمحوا إلا لبضعة أفراد (حوالي العشرة)، لانتشال مئات الجثث، دون أن تكون معهم آليات كافية، إذ رفضوا إدخال الآليات ولم نستطع الوصول إلى للجثث القريبة من المنازل والمعلقة على الأدراج، وأما الجثث التي تحت الركام فكان من المستحيل الوصول إليها".

الصليب الأحمر.. هل من مجيب؟
ممثل الصليب الأحمر في القدس، معين قسيس، في شهادة سجلت له بعيد الانتهاء من المرحلة الثانية والتي امتدت من 9-11 نيسان قال في 15/4/2002: "مهمتنا كانت بموافقة الجيش (الإسرائيلي) ومرافقته وانحصرت في العمل لتقديم المساعدة الفورية للمرضى والجرحى، ومساعدة عائلات الضحايا للتعرف على الجثث ودفنها، وفقاً للعادات والتقاليد والدين والقانون الدولي، وتقديم الاحتياجات الإنسانية".
في الفقرة 63 من تقرير الأمم المتحدة، قال الأمين العام أن وكالة الغوث "الأونروا" جهزت عملية كبيرة لإيصال الأغذية والإمدادات الطبية للاجئين المعوزين الذين كانوا قد فروا من المخيم، وإلى مستشفى جنين، غير أنه لم يسمح لها بدخول المخيم، وزاد حدة الأزمة الإنسانية تفاقماً قيام جيش الدفاع (الإسرائيلي) منذ أول يوم من أيام الهجوم بقطع التيار الكهربائي عن المدينة والمخيم، ولم يُستعد التيار الكهربائي إلا في 21 نيسان".

إعاقة الطواقم الطبية..
الجريمة (الإسرائيلية) لم تقف عند حد القتل وإطلاق النار بهدف القتل، بل تعدت ذلك، حيث منعت قوات الاحتلال الطواقم الطبية من الدخول إلى المخيم وصوبت النيران باتجاه المسعفين فقتلت في 4 آذار رئيس خدمات الطوارئ الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جنين، د.خليل سلمان، بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية على سيارة الإسعاف التي كان يستقلها والتي كانت تحمل العلامة الواضحة لسيارات الإسعاف.
وفي 7 آذار قتل موظف في "الأونروا" عندما أطلق جنود (إسرائيليون) عدة عيارات نارية على سيارات إسعاف تابعة للأونروا كان يستقلها بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية.
وفي 3 نيسان أطلقت النيران باتجاه ممرضة داخل المخيم رغم أنها كانت ترتدي زي الممرضات، وفي الثامن من نيسان أطلقت النيران على سيارة إسعاف تابعة للأونروا أثناء محاولتها الوصول إلى رجل جريح في جنين.
ويقول تقرير الأمم المتحدة إن "العديد من تقارير جماعات حقوق الإنسان تضمنت روايات عن انتظار مدنيين جرحى عدة أيام من أجل الحصول على المساعدة الطبية، وعن رفض الجنود (الإسرائيليين) إتاحة حصولهم على العلاج الطبي، وفي بعض الحالات توفي أناس نتيجة لهذه التأخيرات، بالإضافة إلى الأشخاص الذين أصيبوا بجراح في أثناء القتال".
وأضاف: "وتأثر مستشفى المخيم الوحيد بنقص إمدادات الكهرباء والمياه والأوكسجين والدم بسبب القتال وما تلاه من انقطاع في الخدمات، وفي 4 نيسان أمر جيش الدفاع (الإسرائيلي) جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن توقف عملياتها وأغلقت أبواب المستشفى، وأفاد العاملون بالمستشفى بأن القذائف والأعيرة النارية أصابت المعدات بأضرار جسيمة في الطابق العلوي بالمستشفى".
الجريمة (الإسرائيلية) منذ بدايتها كانت واضحة للعيان حتى أن الصحافية البريطانية جانين دوجيوفاني، قالت في شهادتها في14/4/2002 أن "شمعون بيريس، وزير الخارجية في (إسرائيل)، قال إن هناك فضيحة ستلف (إسرائيل)، وتظهر للعيان عندما يخرج الجيش (الإسرائيلي) من جنين، وتظهر ملامح الدمار والموت".
وتابعت: "البيوت في مخيم جنين تحولت إلى أنقاض وعاش الناس مع الموتى لأسبوع كامل تقاسموا فيها الحياة، في الغرف، مع الشهداء، وأم احتضنت ولدها الميت طوال الليل".

(المصدر: المركز الصحافي الدولي، 03/04/2004)