في ذكرى مجزرة جنين

سيظل شهر أبريل شاهدًا على حجم المأساة التي عاشها أبناء فلسطين من سكان مخيم جنين، كما سيظل شاهدًا على مدى إرهاب وعنف العصابات الصهيونية التي لم تتورع عن هدم البيوت على رؤوس ساكنيها حين عجزت هذه العصابات عن المواجهة في ساحات القتال فتكبدت عشرات القتلى والجرحى بالرغم من قلة عدد المقاومين وعتادهم مقارنة بما تمتلكه هذه العصابات المهاجمة من طائرات ودبابات وصواريخ وغيرها.

بداية القصة:
في الوقت الذي شن فيه شارون حربًا لا هوادة فيها على الفلسطينيين قام هؤلاء بالرد على الإرهاب الصهيوني بالعمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر، وحين عجز الاحتلال عن وقف هذه العمليات أمر شارون بالبدء في عملية "السور الواقي"، وكانت البداية في جنين، فاجتاحت الدبابات وناقلات الجنود مدعومة بالطائرات وبمشاركة عدد كبير من الجنود الصهاينة اجتاحوا المخيم ظانين أن الأمر سيحسم خلال ساعات، لكنهم فوجئوا بمقاومة شرسة كبدتهم العشرات من القتلى والجرحى وطال الوقت على جيش الاحتلال الذي صدق فيه وصف الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96].
وحين اشتد الكرب على هؤلاء المحتلين صدرت الأوامر للطائرات بتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها من النساء والشيوخ والأطفال، فقامت الطائرات بتنفيذ الأوامر فدمرت وتضررت آلاف المنازل في هذا المخيم الصامد وقتل العشرات وشردت مئات الأسر.

محاولة التعتيم على المجزرة:
حين نفدت ذخائر المقاومة الباسلة قام أبناؤها البررة بإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال الذي لم يتورع عن قتل هؤلاء العزل، وكانت المأساة كبيرة تشهد بارتكاب جرائم إبادة وتطهير يعاقب عليها القانون الدولي، لكن الاحتلال لم يفسح المجال لوسائل الإعلام ولا للمنظمات الدولية والإنسانية إلا بعد أيام من انتهاء المجزرة ليقوم بطمس معالم الجريمة وإخفاء أدلة الإدانة.

وبدأت الملامح تتضح:
أمضى الصحافي الفرنسي بيار باربانسكي بعض الوقت في مخيم جنين انه بحسب العديد من شهادات الفلسطينيين، فإن الجيش الصهيوني قام بدفن جثث في حفرة في الساحة المركزية للمخيم وردمها بالأسمنت.
وأضاف:إن وسط المخيم بات يشبه " برلين عام 1945" نظرا لحجم التدمير الفظيع. وقال: إنه " شم رائحة جثث ، وشاهد أكواما من النفايات وحشرات وظروفا صحية مريعة وأطفالا وسخين ونساء يصرخن وهن يحملن أطفالهن لأنهن لم يعدن قادرات على تنظيفهم بسبب النقص في المياه. وقد انقطعت تقريبا الأغذية وحليب الأطفال ". وقال: " بحسب العديد من الشهادات، فإن الجثث كانت ترمى في حفرة في وسط ساحة الحواشين ثم تطمر بعد ذلك . ومنذ ذلك الحين يقوم الجيش الصهيوني بوضع ركام البيوت المهدمة فوق هذه الحفرة ".

لجنة تحقيق بشروط:
لم تقبل دولة الاحتلال بدخول لجنة تقصي الحقائق إلى المخيم إلا بعد موافقة اللجنة على الشروط الصهيونية والتي كان أهمها ألا تنشر شيئًا عما حدث إلا بعد اطلاع الاحتلال عليه وموافقته على النشر!!.

ومع هذا:
فقد شبه المتحدث باسم الصليب الأحمر ما حدث في مخيم جنين بالزلزال. وقال فنسنت لوسر : إن المساعدات الإنسانية في مخيم جنين تتطلب " تجهيزات وخبرة متخصصة " كتلك التي تتطلبها مواجهة الزلازل.
وأضاف أن "مندوبي الصليب الأحمر الذين دخلوا إلى جزء من المخيم شاهدوا فيه ما تخلفه الزلازل كالبيوت المهدمة والمتداعية والحطام في كل مكان والطرق المسدودة بالركام".
وأشار إلى أن الأوضاع المأساوية في المخيم تشبه مخلفات الزلازل موضحا أن الوسائل التقليدية للإجلاء بسيارات الإسعاف غير كافية وغير مناسبة.
وأخيرا نقول: إن المآسي التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني لن تنمحي من الذاكرة وسيأتي يوم القصاص العادل ، وإن غداً لناظره قريب.

(المصدر: إسلام ويب، 13/04/2006)