الشهيد الطفل علي معتز الشواف

سمعت خبر استشهاد ابنها فحمدت الله وشكرته.. ولم يكن بوسعها إلا أن تلقي عليه نظرة الوداع في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة، حيث يرقد هناك في ثلاجة الموتى، غير مصدقة ما حل بها، فقد حادثته عبر الهاتف النقال قبل استشهاده بدقائق قليلة.
تمضي الدقائق على "فاطمة" أم الشهيد علي معتز الشواف، وكل دقيقة تمر كأنها عام، فالمصيبة عليها جلل، تقف حيث يرقد ابنها البكر "علي" البالغ من العمر4  Ø³Ù†ÙˆØ§Øª ونصف في ثلاجة الموتى، فيما يخضع زوجها "معتز" للجراحة في مستشفى "غزة" الأوروبي.
وكان الطفل الشواف قد استشهد، خلال وجوده ووالده في ملعب "الرواد" الكائن في بلدة عبسان الكبيرة، إثر استهدافهما من قبل مدفعية الاحتلال الصهيوني. وبعد وداع ابنها علي الذي عرفت مصيره وخرجت روحه إلى بارئها، توجهت إلى مستشفى غزة الأوروبي تنتظر أي كلمات من الطبيب ليطمئنها على زوجها المصاب والذي لم يدرك لحظتها وفاة طفله.
وفي مشهد تعجز الكلمات عن وصفه وقفت أم علي تتبادل الحديث بكلمات خافتة مع أحد الناجين من عملية القصف الجبانة، سألته عن حال زوجها وقت عملية القصف فرد عليها بالقول: "لقد نطق الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وكان يرددها باستمرار". ثم قالت له والدمعات تسيل على خديها: "كيف مات ابني.. وهل شعر بالألم قبل وفاته"، فأجابها بلسان متلعثم بأن شظايا القذيفة مزقت جسده وارتقت روحه إلى بارئها على الفور، وأن والده لم يراه وهو جثة هامدة لأن جثته تم نقلها على الفور في عربة "توك توك" إلى المستشفى.

استشهاد بعد الوداع
تقول "أم علي": "سادت أجواء اللعب والمرح صباح يوم استشهاده، وكنت أداعب ابني علي، فدخل علينا زوجي وقال لي أريد الذهاب إلى الملعب، فقلت له خذ معك علي ودير بالك عليه بسبب استمرار التصعيد الصهيوني".
وأوضحت أنها أنجبت علي وعبد الحي وإبراهيم وتقى وأن طفلها البكر الذي حضر إلى الدنيا بتاريخ5/12/2007 م قد أنهى مرحلة البستان وكان من المقرر أن يلتحق بالروضة ليكمل مرحلة التمهيدي.
وأضافت: "أم علي" بعد أن صمتت قليلا: "اتصل بي زوجي وهو في الملعب قبل عملية الاستهداف بدقائق وقال لي إن علياً يريد محادثتك، فتحدثت معه وكانت آخر كلماته، ماما أنا هيني مع بابا في الملعب وإحنا مكيفين ومتخافيش".
وتابعت: "عندما وصلني خبر استشهاد طفلي، قلت الحمد لله واللي من الله يا محلاه"، مشيرةً إلى أن طفلها لطالما سألها عن هيئة الشهيد وأحواله في الجنة، وسؤاله دوما لأمه (مش اللي بيقصفوه اليهود يا ماما بكون شهيد).
ومن قسم الجراحة في مستشفى غزة الأوربي يروي عمر طبش الذي أصيب بشظايا القذيفة التي أطلقتها دبابات الاحتلال الصهيوني على الملعب، ما حدث بالقول: "كنا جالسين في النادي وهو مكان للترفيه، وكان معي ابني الصغير أيوب وبصحبتي معتز الشواف وابنه علي وعدد من شباب المنطقة، فيما كان بعض الشبان يحضرون لوجبة غداء مشهورة باسم "قرصة" أو "فته عجر".

وأضاف وهو يحمد الله على ما أصابه: "طلب علي من والده أن يتصل بأمه، فكان له ما أراد، وبعد إغلاق الجوال همَّ معتز وطفله علي بالذهاب إلى البيت، إلا أن قذيفة المدفعية فاجأتنا جميعا، فمعتز كان يحمل طفله بين أحضانه لحظة القصف، أما طفلي فقد كان يلاعبه أحد الشباب على بعد 20 متراً منا ولم يصب بأذى".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 24/6/2012)