أكثر من 300 شهيدا في «مقابر الأرقام » بانتظار الإفراج عنهم

قررت حكومة الكيان تسليم رفات 100 شهيد تحتجزهم في ما يسمى "مقابر الأرقام"ØŒ وذلك حسب ما تم الاتفاق عليه في اتفاق تعليق إضراب الأسرى الذي أعلن عنه. ÙˆÙˆÙÙ‚ا للمصادر الصهيونية فإنه تم بحث قضية تسليم جثامين الشهداء، خلال لقاء الرئيس محمود عباس مع إسحاق مولخو مبعوث رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إضافة إلى قضية إطلاق سراح عدد من الأسرى لكن قرارا بخصوص الإفراج عن الأسرى لم يتخذ بعد. وكشف المتحدث باسم رئيس الوزراء الصهيوني للإعلام العربي أوفير جندلمان في حديث لوسائل الإعلام، أن اتفاق الأسرى الذي يقضي بوقف الإضراب عن الطعام، يشمل أيضا تسليم 100 جثمان لشهداء محتجزين في مقبرة الأرقام في الكيان، مؤكدا عدم وجود موعد رسمي لذلك.
وأشار جندلمان إلى أن ذلك يأتي كبادرة حسن نية تجاه الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية التي كان لها دور بارز في تحقيق الاتفاق، لافتا إلى أن الاتفاق مشروط بتعهد الأسرى بعدم التخطيط أو القيام بأي عمليات تضر بـ "أمن الكيان"، أو تجنيد أشخاص من الخارج للعمل ضد دولة الاحتلال.
وكان منسق الحملة الوطنية لإعادة جثث ورفات الشهداء، سالم خلة، أكد في وقت سابق أن سلطات الاحتلال تحتجز أكثر من 317 شهيدا فلسطينيا في مقابر سرية تحمل أرقاما. وبين خلة أن دولة الاحتلال تحتجز جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب في أربع مقابر، منها مقبرة الأرقام المجاورة لجسر "بنات يعقوب" التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الصهيونية – السورية – اللبنانية، وتفيد بعض المصادر عن وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982ØŒ وما بعد ذلك.
وأشار إلى وجود مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر الملك حسين في غور الأردن، وهي محاطة بجدار، فيها بوابة حديدية معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية "مقبرة لضحايا العدو" ويوجد فيها أكثر من مائة قبر. وأوضح أن هذه القبور تحمل أرقاما من 5003 – 5107 ولا يعرف إن كانت هذه الأرقام تسلسلية لقبور في مقابر أخرى أم كما تدعي دولة العدو بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى، ومقبرة "ريفيديم" وتقع في غور الأردن.
وقال خلة إن المقبرة الرابعة المسماة ب"شحيطة" تقع في قرية وادي الحمام شمال مدينة طبريا الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا، غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الأغوار بين عامي 1965 – 1975. وأشار خلة إلى أنه وفي الجهة الشمالية من هذه المقبرة ينتشر نحو 30 من الأضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشر في وسطها نحو 20 ضريحا، ومما يثير المشاعر كون هذه المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها لانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارية.
ووفق بيانات موقع "لجنة المتابعة للحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين"، فإن سلوك حكومة إسرائيل تجاه الشهداء الفلسطينيين والعرب، ليس غريبا عن مجمل ما سلكته منذ إقامتها في العام 1948، فلم يصدر عن مؤسساتها ما ينظم تعاطيها مع جثامين الشهداء وضحايا حروبها على الدول العربية والفلسطينيين حتى العام 1976، سوى الأمر العسكري الذي أصدرته قيادة الأركان العامة في 1/ 9/ 1976، والذي حمل الرقم 380109 وتعلّق بتعريف الجثث، نزع الوثائق والأغراض من على الجثث، وترقيم الجثث والقبور.
وتفيد اللجنة أن السلوك العملي لحكومات الكيان وسلطاتها الاحتلالية، لم يلتزم بهذا الأمر الذي حاول واضعوه ملامسة ما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949، فطالما تذرعت السلطات الصهيونية برفضها تسليم جثث الضحايا لذويهم، باعتبارات ردع الآخرين عن مقاومة احتلالها، كما وللحيلولة دون أن يتحول تشييع جنازاتهم إلى مهرجانات سياسية للقوى والحركات المناهضة للاحتلال.
وأضافت اللجنة: إن السلطات الصهيونية، لا تكتفي بالتنكر للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف للعام 1949، باحتجازها لجثامين شهداء فلسطينيين وعرب، وإصدار أحكام بالسجن على بعضها، بل أنها تمعن في مخالفتها، من خلال دفن الجثث في مقابر تعرف بمقابر الأرقام ولا يزيد عمق الواحدة منها عن 50 سنتمترا، ما عرضها للانكشاف بفعل العوامل الطبيعية، فتصبح عرضه لنهش الوحوش والكلاب الضالة، فيما تتعرض الجثث المحتجزة في الثلاجات للتلف وانبعاث الروائح، بسبب عدم تطبيق المعايير الصحية على هذه الثلاجات.
وأكدت اللجنة أن سلوك وممارسات حكومة الكيان، وسلطاتها الاحتلالية، بحق جثامين ضحايا حروبها، هو عمل غير مسبوق، فليس في عالمنا من لا يزال يعاقب الإنسان وينتقم منه، حتى بعد موته، ومن يتعمد مضاعفة معاناة ذوي الضحايا بحرمانهم من حقهم في تشييع أحبائهم، ودفنهم، وفقا لتقاليدهم الدينية، وبما يليق بالكرامة الوطنية والإنسانية، سوى حكومة الاحتلال، وسلطاتها الاحتلالية.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 16/5/2012)