السبت 20 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أسرى القدس: فلسطينيون في الحقوق وجنائيون في العقاب

    آخر تحديث: الثلاثاء، 20 مارس 2012 ، 00:00 ص

    لا تزال مهارته في كرة القدم هي الشيء الوحيد الذي يحتفظ فيه بعدَ مُضي 24 عاما على اعتقاله حتى بعد إصابته في كاحله وعجزه عن اللعب، واكتفائه بمراقبة زملائه الأسرى بحسرة. الأسير المقدسي بلال أبو حسين، ذو الثلاثة والأربعين عامًا أعتقل قبلَ تجاوزه التاسعة عشر في الانتفاضة الأولى أي قبل ثلاثة وعشرين عاما وحُكم ثلاثين شهراً جددت إلى ثمانية وثلاثين سنة بعدَ مشاركته في قتل "عصفور" كان يتجسس عليهم. والعصافير في لغة الأسرى، هم الجواسيس المندسون بينَ الأسرى، والذين يحاكمهم الأسرى المتضررون منهم داخل الزنازين، وأحيانا يصل الحكم إلى القتل. ويتعرض الأسرى المقدسيون بالذات إلى عدد من الإجراءات الأمنية والمضايقات التي تضاعف ألمهم وحزنهم، فدولة الكيان تعتبرهم جنائيين لأنهم يحملون الهوية الزرقاء وتشدد عقابهم، وتحرمهم من أي حقوق يتمتع بها غيرهم من الجنائيين لأنهم فلسطينيون.

    في الذاكرة
    نعمة أبو حسين، والدة الأسير قالت بلكنة مقدسية: "اعتقل بلال بتهمة إلقاء الحجارة على الجيش الصهيوني، وحرق إطارات السيارات وبعدَ ذلك ارتفعت مدة حكمه لأنه شارك في قتل جاسوس في السجن وهو الآن ينتظر الإفراج بعد أربعة عشر عاماً".
    والدة الأسير والتي تتمنى أن ترى أحفادها من ابنها البكر قريبا بدا صوتها قويا رغم إحباطها الشديد من سوء حال ابنها وزملاؤه داخل الأسر، إذ تابعت: "لم تتغير المعاملة السيئة التي يتعرض لها ابني وزملائه داخل الأسر رغم قضائهم كُل تلك المدة في الأسر، ويزيد من ألمهم الانتهاكات الخاصة بحقهم لأنهم يحملون الهوية المقدسية فقط". بلال كانَ الحائط الذي ترتكز عليه عائلته، وفقَ ما أوضحت والدته فهو ابنها الأول الذي تحمل المسئولية منذ صغره وساهم بشكل كبير في الإنفاق على المنزل، وقالت: "قبلَ أن يُسجن ابتاع له والده عربة صغيرة لبيع الأطعمة الخفيفة، وأصر على تعليمه الحدادة وأهداه أدواتها التي لم يستفد منها أبدا". وأضافت: "بعدَ اعتقاله أُجبرَ والده الذي يعمل ناطورا لمؤسسات حكومية صهيونية في الداخل المحتل إلى مضاعفة عمله، رغمَ تعرضه للظلم وحرمانه من راتب التقاعد بعد تجاوزه الستين، ناهيكَ عن إنكار المؤسسات التي يعمل بها لسنوات خدمته".
    وتدفع عائلة أبو حسين لابنها ما يقارب 1300 شيقل شهريا، رغم وضعها المالي الصعب والذي يزداد صعوبة نتيجة الضرائب التي تدفعها العائلة على المنزل والماء والكهرباء والراديو والتلفزيون والطرق وغيرها، إذ إن دولة الكيان تفرض ما يقارب من 17 ضريبة على أهالي القدس، لا يُعفى منها أحد تحتَ أي مبرر.
    تابعت الوالدة أبو حسين: "ابني كريم جدا خاصة على الأسرى الجدد الذين يخشى عليهم من الوقوع في شرك الكيان لذا يطلب مزيدا من المال ووالده لا يستطيع رفض طلبه، فيكفي أنه حُرم من حريته وحياته كإنسان عادي". بلال الذي وصلَ وزنه إلى 130 كيلو جرام بعدَ إصابة كاحله أثناء ممارسته لرياضته المفضلة "كرة القدم"، تذكر والدته أن عددا من أصدقائه قبلَ اعتقاله كانوا يخشون اللعب معه لأنه أطول منهم، وممتلئ الجسد، متمنية أن يطلق سراحه ويمارس حياته كأقرانه وأصدقائه بشكل طبيعي.
    وزوجة الأسير المقدسي إبراهيم دباس والتي اضطرت بعدَ اعتقاله إلى تربية أبنائها لوحدها ومشاركتهم في تحمل المسئولية التي خلفها والدهم، قالت: "قضى زوجي أربعة عشرة عاماً من أسره في السجن، منذ عام 1998 وهي المرة الثانية إذ كانت الأولى عام 1992 والتي أفرج عنها بعدها بعد أربع سنوات". وأضافت نادية، أو كما فضلت مناداتها بـ "أم علي": "وضعنا المالي جيد إلى حد ما، خاصة وأن أبنائي الاثنين يعملان ويساهمان في مصروفات المنزل، ناهيك عن ما نحصل عليه من نادي الأسير كراتب لزوجي".
    الأسير إبراهيم والذي يتميز بصلابته رغم معاناته المستمرة من ألم ظهره، فهو يمتنع عن الشكوى لزوجته وأبنائه عن آلامه حتى لو اشتدت وطأتها، وفق زوجته التي تابعت: "يكتفي بإقناعنا بأنه بأحسن حال، رغم إحساسي بأنه حزين ومريض". "أبنائي على ما يبدو ورثوا العناد في التصريح عن مشاعرهم من والدهم، فلم يسبق لهم أن صرحوا بحاجته حتى في أشد الأوقات إلحاحا"، وفق ما أضافت به "أم علي"، وتمنت أن يفك أسر زوجها في أقرب فرصة ممكنة.

    "مُستهدفون"
    الحواران السابقان كانا لنموذجين من عائلات الأسرى المقدسيين الذين يعانون تمييزاً واضطهادا مضاعفاً لأنهم يحملون الهوية الزرقاء، وفقَ المسئول عن لجنة أهالي الأسرى المقدسيين في القدس أمجد أبو عصب. وقال أبو عصب: "يعامل السجان الصهيوني المقدسيين على أنهم جنائيون، لأنهم يحملون الهوية الزرقاء، ويعزلونهم في سجون منفردة"، مضيفا: " 85 % من أسرى القدس والداخل المحتل يقبعون في سجن جلبوع الذي يتميز بقسوة التعامل فيه وشراسة السجانين". وأشار إلى أن عددا من الأسرى المقدسيين نقلوا إلى سجن نفحة، في الجزء المتهالك منه بالقوة والضرب والتنكيل. وقال أبو عصب: "نُقلَ الأسرى بالقوة إلى سجن نفحة، وزج كل عشرة منهم في غرفة مساحتها 24 متراً فقط، تتميز برطوبتها وحشراتها، ورغم أن مصلحة السجون نُصحت بإغلاقه لافتقاره إلى أي مقومات للحياة الآدمية، أُجبر الأسرى المقدسيون إلى الانتقال إليه".
    وأكدَ أن 60 أسيرا مقدسياً، و 16 أسيرا من الداخل المحتل يقبعون في سجن نفحة، ويقبع الآخرين في سجن جلبوع ويتعرضون بالمقابل لحملة تهديد كبيرة لنقلهم إلى نفحة، ومنهم النائبان محمد طوطح ومحمد أبو طير، والوزير السابق خالد أبو عرفة، مشددا على أن ما يتعرض له الأسرى المقدسيون بالذات دليل واضح على حقد دولة العدو المصوب تجاه أهل القدس بالذات. وأضاف: "لا يمكن إنكار أن وضع الأسرى المقدسيين داخل السجون مزري جدا، فمصلحة السجون تتعامل معهم بمكيالين وتحرمهم من حقوقهم في استعمال الهاتف والزيارات المفتوحة وتحرمهم من العلاج وتعزلهم وترهبهم لأنهم فلسطينيون وتحرمهم الإفراج عنهم في صفقات التبادل، ومن مساعدات وخدمات السلطة الفلسطينية لأنهم يحملون الهوية الزرقاء".
    73 أسيراً مقدسياً محكوماً بالسجن مدى الحياة حُرم من الخروج في صفقة "وفاء الأحرار" على الرغم من أن تلكَ الصفقة كسرت المعايير الصهيونية القاضية بالتضييق على الأسير المقدسي وأسرى الثمانية وأربعين بالذات. وتسوق حكومة الاحتلال الحجج الواهية لاعتقال أبناء الأسرى وزوجاتهم وحتى أمهاتهم أثناء الزيارة، لتشديد عقابهم والانتقام منهم من خلال ذويهم، وفق أبو عصب الذي شرح: "يُدعى أن الزائرين يحملون شرائح جوال أو هواتف نقالة أو رسائل للأسرى، ويعتقلون وفقَ تلكَ التهم، ويمنعون من الزيارة".
    وأضاف: "عائلة الأسير منير عطون، ووالدة الأسير علاء الكركي، وزوجة الأسير فهمي مشاهرة منُعوا من الزيارة، واعتقلوا لمدة أسبوع بناء على تلك الحجج". وأشار إلى أن "الممارسات السابقة تدفع الأسرى إلى الإحباط، وأغلبهم تسوء حالته النفسية، ويشدد من تلك الحالة شعورهم بالظلم السياسي الذي فُرض عليهم نتيجة رضوخ وزير الأسرى السابق لشروط الاحتلال التي اعتبرتهم سجناء جنائيين صهاينة، ومنعهم من الكنتينة التي تدفعها السلطة".
    المؤسسات المقدسية والسلطة الفلسطينية تقدم بعض المساعدات المالية لأهالي الأسرى، إلا أنها لا تكفي حاجات عائلاتهم التي تعاني من سبع عشرة ضريبة صهيونية، وتعيش في بيئة تتميز بارتفاع تكاليف الحياة فيها. عن ذلك يقول أبو عصب: "الأسير المقدسي يحصل على مخصصات شهرية أسوة بباقي الأسرى الفلسطينيين، لكنها تزيد عن 300 شيقل، إلا أن تكاليف الحياة الباهظة في القدس تجعل الراتب والمخصص الشهري لا يكفيان، لأن أهالي الأسرى بحاجة إلى 60 ألف شيقل تقريبا ليعيشوا في وضع مالي ميسور". عدد كبير من أبناء الأسرى المقدسيين تركوا المدارس وعملوا في حقول البيع المتجول، والكثير من نسائهم تقدموا بعدد من الطلبات للحصول على وظائف، إلا أن التضييقات الصهيونية حالت دونَ ذلك، وفق عصب الذي فَصل: "الاحتلال يستهدف كل المؤسسات التي لها أدنى علاقة بشئون الأسرى والسلطة الفلسطينية، حتى بات يخشى أهل القدس على هويتهم المقدسية من المصادرة إن هم تعاملوا مع السلطة أو تلكَ المؤسسات المحظورة".

     

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 20/3/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زكريا الشوربجي من الجهاد الإسلامي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، يذكر أن الشهيد أمضى ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال

20 إبريل 1993

الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية تنتخب الإرهابي ديفيد بن غوريون رئيساً لها ومديراً للدفاع، وتعتبر نفسها وريثة لحكومة الانتداب الصهيوني

20 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية