الخميس 25 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    جنين: صرخة زوجة أسير وبناتها السبع أثقلتهن الديون

    آخر تحديث: الإثنين، 20 فبراير 2012 ، 00:00 ص

    لم يتمكن النقاب الذي يغطي وجهها، ولا النظارات التي تضعها على عينيها من إخفاء الدموع، التي انهمرت، وهي تحكي معاناتها، التي تمتد سنوات، بعد أن خطف الاحتلال زوجها، وزج به في السجن، وتركها وحيدة مع سبع بنات، تربيهن، وتعتني بهن، وتسعى لتوفير متطلبات الحياة لهن، مما أغرقها في ديون، لا تقوى على الالتزام بها.


    معاناة وتشرد قبل الاعتقال
    تقول أسماء كامل زيد زوجة الأسير محمود علي عمارنة، 39 سنة، والمحكوم بالسجن الفعلي أحد عشر عاماً، من قرية زبدة، وتعيش الآن في بيت أهلها في يعبد، إن معاناتها بدأت منذ تسع سنوات، حتى قبل اعتقال زوجها بوقت طويل، وتضيف زوجي عاش مطارداً لست سنوات، انتقلنا من بيت لآخر بعد أن غادر منزله في قرية زبدة، واستقر بنا المقام في مخيم جنين، ولم تكن حياتنا طبيعية، فزوجي، كما تقول، لم يكن له مصدر دخل ثابت، وكنا نحصل على مساعدات من بعض الخيرين من جنين والمخيم، وتضيف إنها لم تكن مسؤولة عن تأمين شأن بناتها، فزوجها كان المسؤول، وتقول: صحيح لم نكن نعيش حياة بذخ، لكن محمودا كان يسعى لتأمين احتياجاتي واحتياجات البيت والبنات. وتشير أم إسلام إلى أنها تحملت مع بناتها حياة قاسية.
    وتقول أم إسلام إن التحول الكبير في حياتها كان بعد اعتقال زوجها، فقد اعتقل من بيت كان يسكن فيه، في مخيم جنين، فقد تم اعتقال زوجها بعد عملية عسكرية لجيش الاحتلال، الذي دمر البيت، فاضطرت لبيع نصيبها من ورثتها عن والدها، وقامت بإصلاح البيت، قبل أن تخليه لصاحبه، وهذا راكم عليها الديون، فالأضرار في البيت كانت كبيرة جداً. وتشير إلى أنها أصلحت البيت على نفقتها، انطلاقاً من التزامها مع صاحب الملك، وهي لا ترى أنها أخطأت، بل تشعر بأنها ما زالت مدينة لصاحب البيت، وتتمنى لو تستطيع أن تفعل أفضل مما صنعت.


    بيت العائلة في زبدة تصدع بفعل جدار الضم والتوسع
    وتقول: بعد اعتقال محمود عدت وبناتي لبيتنا في زبدة، تلك القرية التي التهم جدار الضم والتوسع أجزاء من أراضيها، وأثر على مساحات أخرى، كما ألحق أضراراً بعدد من المباني القريبة من الجدار، ولسوء طالع أم إسلام فإن بيتها قد أصيب بأضرار كبيرة، جراء أعمال التجريف، حيث تسببت أعمال الجدار بتصدعات وتشققات في البيت، وكان في هذه الحالة السكن في البيت شبه مستحيل. من هنا تقول إنها لجأت لأحد المواطنين، حيث تعهد بصيانة البيت، وهذا أضاف على كاهلها ديونا إضافية، وإذ تشعر بمسؤوليتها تجاه كل أصحاب الديون، التي تراكمت عليها، فإنها تخجل من عجزها عن الوفاء بهذه الديون، وتقول إن هذه الديون قد وصلت إلى ثمانية وثلاثين ألف شيقل، موزعة على المقاولين الذين قاموا بصيانة البيت، وأثمان كهرباء ومياه، وديون أخرى لتأمين احتياجات أسرتها اليومية.


    الديون كابوس يؤرق نومها
    أم إسلام لم تعد تحتمل ما تعانيه من عجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الناس، واختلطت عليها الأمور، فكان لا بد من تصرف، وجدت أنه قد يخفف عنها المسؤولية، وبالتالي يقف مؤشر الديون عند هذا الحد، وإن زاد فيزيد بوتيرة بسيطة. وقد لجأت لأهلها في بلدة يعبد، وطلبت من أخيها أن يستقبلها في بيت العائلة، على أن تسكن وبناتها في غرفة في بيت الأهل، وبذلك توفر المواصلات من زبدة إلى يعبد، ويتحمل الأخ ثمن الكهرباء والمياه، إلى جانب إمكانية إيجاد عمل، ولو بأجر زهيد يعينها على تأمين احتياجات بناتها السبع.


    قسط جامعة ابنتها من الخيرين
    وبخصوص احتياجاتها قالت، ابنتي البكر الآن في جامعة النجاح، فقد التحقت بالجامعة هذا العام، والله أعلم كيف تم تأمين القسط للفصل الأول، وأقسمت بالله أن تأمين قسط الجامعة كان من أيدي الخيرين، وقالت إن أملها بالله أن تحصل ابنتها على معدل يؤهلها للحصول على منحة من الجامعة، وأشارت إلى أنها إن لم تحصل على منحة، فقد تضطر لترك الجامعة، وهذا ما يشعرها بالخوف والحزن، خاصة وأن واحدة من بناتها تركت الدراسة مبكراً، والتزمت البيت، لتساعد والدتها في شؤون البيت، لتتفرغ الأم لعمل بسيط في بقالة صغيرة، افتتحتها في بيت والدها، الذي لجأت إليه. وعن البقالة تقول ليبارك الله لذلك التاجر الخير من أبناء يعبد، حيث زودها بمواد بقالة بقيمة ثمانية آلاف شيقل، على أن يبقى المبلغدينا، بذمتها، ويبقى رأس مال في البقالة. وتقول أم إسلام إن هذا المشروع بسيط، وضعيف، ولكنه يساعدها في تأمين بعض الاحتياجات، لكن لا يمكن من خلال هذا العمل البسيط أن تتمكن من سداد ما تراكم عليها من ديون.


    ألف وأربعمائة شيقل لا تكاد تفي الاحتياجات اليومية
    وعن مخصصات زوجها، قالت: زوجي لم يكن موظفاً في الأصل، وفي وقت بدأت السلطة استيعاب المطاردين التحق بالمقاطعة، وصارت السلطة تصرف له مبلغا بسيطا من المال، حتى اعتقل، وبعد ذلك صرنا نحصل على راتب مقطوع قيمته ألف شيقل، وبعد فترة رفعت السلطة مخصصات الأسرى إلى 1200 شيقل، ومؤخراً نحصل على 1400 شيقل، وتقول إن هذا المبلغ لا يكاد يغطي الاحتياجات اليومية البسيطة لأسرة مكونة من سبع فتيات وأم.
    وعما حصلت عليه من مساعدات قالت لقد حصلنا على مخصص مئة دولار من الجبهة الديمقراطية في بداية اعتقال زوجي، واعتقد أن هذا المخصص وصلنا لأربعة أشهر، كما حصلنا على مبلغ ثمانيمئة شيقل من السلطة، وهذا المبلغ إلى جانب المبلغ الشهري، ولم يستمر صرف هذه المنحة، حيث توقفت. وأشارت إلى أن زوجها، في السجن، التزم مع حركة حماس، وهي تعتقد أن سبب وقف المخصصات من السلطة، ومن الجبهة جاء على هذه الخلفية، وفي ذات الوقت فإن أياً من حماس لم يطرق بابها ليقدم لها ولبناتها أية مساعدة. وتشعر بحزن شديد لأنها تعتقد أن أناسا خذلوا زوجها، فهي وبناتها بحاجة للمساعدة، وذلك بعد أن تحملت ديونا لا طائل لها بها. هذا الاستعراض، لا يعفي أحدا من مسؤوليته، وإذا كان الأسير قد انتقل من تنظيم لآخر، فإن أسرته باقية في بيتها، تنتظر من يمد يد المساعدة لها، وليس من العدل أن تبقى هذه الأسرة تعاني العوز والحرمان.
    الزوجة مع وقف التنفيذ، الأم المسؤولة عن رعاية بناتها تعاني كثيراً حتى لاستلام المخصص الذي يصرف لزوجها، فمنذ أشهر تعاني مع البنك، حيث إن الوكالة التي بحوزتها بحاجة لتوقيع من الزوج، ولأسباب لا تعرفها لم يتمكن موظف الصليب الأحمر من التقاء زوجها في الفترة الأخيرة، حيث في كل مرة تتوجه فيها للبنك، تحتاج كفلاء ومساعدات ليوافق البنك على تسليمها راتب زوجها، ولكن بعد أن توقع على تعهد خطي، بأنها ملتزمة تجاه البنك، في حال تنصل الزوج من الوكالة الممنوحة لها، خاصة، وأن تاريخ الوكالة قديم، والوكالة بحاجة لتوقيع جديد.


    المنع الأمني يحول بينها وبين زيارة زوجها
    وتقول أم إسلام إن معاناتها لا تتوقف عند ضيق ذات اليد، فتواصلها مع زوجها متعثر، وهي من النساء الممنوعات أمنياً، حيث إن الاحتلال يسمح لها بزيارة زوجها مرة واحدة في العام، وتعتبر أن هذا الوضع يزيد من توترها، فهي غير قادرة على التواصل مع زوجها، وتقول لو أنها تزور زوجها، مثل البقية، فيمكنهما التوصل لرأي يساعدها في تأمين احتياجاتها. وتشير إلى أنها وبناتها الكبيرات في السن ممنوعات أمنياً، وهذا يعني تقييد زيارتهن لزوجها.
    والناس يستعدون لاستقبال الأسرى المحررين، فإن أم إسلام لا تجد وقتاً تسأل فيه إن كان زوجها من بين هؤلاء الأسرى أم لا، وتقول إن أحداً لم يتصل بها ليقول لها إن زوجها من بين الأسماء المقترحة للتبادل، وهي إذ تحتسب عند الله معاناتها، فإنها تعبر عن حزنها، أنه ليس من بين المفرج عنهم، وليس هذا فحسب، فإنها ترى أن زوجها خارج حسابات القائمين على الوضع، فطوال فترة اعتقاله لم تجد من يشعرها بأنه محل اهتمامه، وكذلك لم تجد من يمد يد العون لها ولبناتها في غياب والدهن في السجن.
    أم إسلام طرقت أبواباً كثيرة، مطالبها محدودة جداً، باختصار تصلي لله أن تتخلص من الديون، وتشعر أن الديون كابوس يلاحقها ليل نهار، كيف لا وهي امرأة لا حول لها ولا قوة. تشعر بخذلان شديد، حيث إنها تركت وحيدة لمواجهة قدرها، وهي إذا تعبر عن حزنها- ولا تقوى على وقف شلال من الدموع، كثيراً ما أوقفها عن الكلام- لعجزها، وقلة حيلتها فإنها ترفع صوتها عالياً لفك أزمتها، وترى أن ما تعيشه وبناتها من حرمان هو مسؤولية المجتمع الفلسطيني، فهي مسؤولة من سلطة فلسطينية، وهي مسؤولة من حزب وتنظيم سياسي لديه من القدرات ما يمكن من خلاله مؤازرتها لتواصل رعايتها لبناتها، وهي مسؤولة من مؤسسات وجمعيات، ترعى الحالات المماثلة لحالتها. وأعربت أم إسلام عن استيائها من تخلي الكثيرين عنها وعن بناتها. وفي ذات الوقت فإنها تخجل من عائلتها ومن عائلة زوجها، حيث إن ظروف العائلتين لا تختلف كثيراً عن ظروفها، وترى أنها تثقل على شقيقها، الذي يتحمل تكاليف المياه والكهرباء لها ولبناتها، وتتمنى لو أن بإمكانها أن تعفيه من هذه المسؤولية، كما أنها تتفهم ظروف أهل زوجها، فوالده رجل مسن لا يقوى على العمل، وظروف إخوانها مشابهة لظروفها.


    هل من مجيب؟!
    صرخة مخنوقة تطلقها من حنجرتها، تشاركها سبع بنات، حرمهن الاحتلال من حنان ومسؤولية الأب، وتقول إن ثقتها بالله كبيرة أن تصل هذه الصرخة لأصحاب القرار، فعسى أن تكمل ابنتها دراستها الجامعية، وعسى أن تنام ليلة واحدة تفكر بمستقبل بناتها، بعيداً عن كابوس الديون. والسؤال: هل من مجيب؟ أم أن صرختها لم تلامس آذان الأحياء؟

    (المصدر: صحيفة الحياة الجديدة، 21/10/2011)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير معزوز دلال في مستشفى آساف هروفيه الصهيوني نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد

25 إبريل 1995

استشهاد الأسير عبد الصمد سلمان حريزات بعد اعتقاله بثلاثة أيام نتيجة التعذيب والشهيد من سكان بلدة يطا قضاء الخليل

25 إبريل 1995

قوات الاحتلال ترتكب عدة مجازر في الغبية التحتا، الغبية الفوقا، قنير، ياجور قضاء حيفا، وساقية يافا

25 إبريل 1948

العصابات الصهيونية ترتكب المجزرة الثانية في قرية بلد الشيخ قضاء مدينة حيفا

25 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية