السبت 04 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    (البوسطة).. حافلة الموت التي تسوق الأسرى إلى الألم!

    آخر تحديث: الإثنين، 16 يوليو 2012 ، 00:00 ص

    يعرف الأسرى (البوسطة) بأنها عبارة عن سيارات مصفحة ومحكمة الإغلاق يتم فيها نقل الأسرى الفلسطينيين من وإلى المحاكم الصهيونية، أو للنقل والترحيل بين السجون المختلفة، أو في حالات الاستدعاء إلى مراكز التحقيق الصهيونية، وكما يعرف الأسرى (المعبار) بأنها محطة يتم فيها تجميع الأسرى من السجون المختلفة أثناء تنقلهم وترحيلهم بين هذه السجون، أو ذهابهم للمحاكم الصهيونية. 

    رحلة عذاب 
    ويصف الأسير نوح قفيشة (44) عاماً والذي أمضى (15) عاماً في السجن (البوسطة) في حياة الأسير بأنها تمثل رحلة عذاب لوحدها، فالإجراءات قاسية والظروف صعبة فلا يمكن أن تنسى ساعات الانتظار الطويلة في (الأمتنا)غرفة صغيرة مكتظة بعدد كبير من الأسرى وكذلك التفتيش المذل والمهين للأسير قبل وأثناء وعند كل محطة إنزال للأسرى في السجون المختلفة وبعد الانتهاء. 
    ويستذكر تفاصيل حافلة البوسطة التي تبدو من الخارج بأنها رائعة المنظر (موديل 2012) ومع ذلك فهي سيئة للغاية من الداخل لأنها عبارة عن زنازين صغيرة توصد بالأقفال، مغلقة من كل الجهات لا ترى من خلالها شيئاً في الخارج، ومقاعدها مصنوعة من الحديد الذي يزودك بالحرارة صيفاً وبالبرودة شتاءً، ويسبب الآلام والأمراض مثل البواسير ومفاصل العظام وأوجاع الحوض. 
    ويشدد أن الأسير يبقى لفترة (20) ساعة متتالية دون النزول من الحافلة أو تناول شربة ماء وطعام أو حتى الاستراحة والقدرة على الوضوء والصلاة. 
    ويضيف: "يمنع الأسير من استعمال الحمام أثناء البوسطة، وهذا يسبب له الكثير من الأمراض وخاصة في الكلى" ويتابع: "أن كل هذا يحدث وقد كبلت يدا الأسير ورجلاه بالأصفاد الحديدية".

    مآسي العيد أكبر 
    الأسير المحرر عمرو عبيد (30) عاماً أمضى في السجن (5) سنوات كان معتقلاً إدارياً، Ùˆ يُفرض عليه الانتقال من سجن النقب جنوب فلسطين المحتلة إلى محكمة (عوفر) في وسط الضفة بالقرب من رام الله مرتين على الأقل مع كل مرة يمدد فيها. 
    ويروي لنا بعض حكاياته مع البوسطات "ففي إحدى المرات التقى بطفل لم يتجاوز (15) ربيعاً في معبار الرملة وقد خرج لتوه من زنازين التحقيق في عسقلان متجهاً إلى المحكمة، وكان حافي القدمين وليس معه أي غطاء يضعه على جسده في تلك الليلة، ومعلوم أن مدينة الرملة تقع في منطقة ساحلية وبردها قارس،وأنه كان معه غطاء واحد". 
    ويتابع: "كان الطفل يرتجف من شدة البرد وعندها سالت دمعتي لما شاهدت.. فرحلة ذلك الطفل لما رأى بعض الحاجيات معي وببراءة الصغار قال: "لم آكل شوكلاته منذ (50) يوما". 
    ويصف عبيد البوسطة في أيام العيد بأنها الأشد ألماً وصعوبة من كل أيام السجن، ففيها التعب والإرهاق ويضغط عليك أنه لا اتصال مع الأهل وحتى أنك تحرم من فرحة العيد مع الأصدقاء في السجن. 
    وعند سؤاله عن البوسطة الأكثر ألماً أجاب عبيد: نزلت بوسطة أثناء تنفيذ صفقة "وفاء الأحرار" واستمرت لمدة ثمانية أيام متتالية بسبب أعياد المحتل، وكنت برفقة النائب في المجلس التشريعي عن محافظة الخليل حاتم قفيشة، وكان يومها حفل زفاف ابنته، ولما عدنا إلى سجن النقب وقبل دخولنا للأقسام جاء اسم النائب قفيشة مرة أخرى إلى البوسطة من جديد، وحرم حتى من التواصل مع أهل بيته في تلك المناسبة الغالية على قلبه، وعندها شعرت بحجم الذل الكبير. 
    ويشدد عبيد أن الانتظار يكون بالساعات الطويلة وأنه لا مجال للتعامل بالدقائق والثواني، وأنه أحيانا تشعر من شدة الألم أن روحك ستفارق جسدك جزعاً وضيقاً من الحال، وتزداد سرعة خفقان قلبك ويرتفع ضغطك دون أن تكون قادراً على فعل أي شيء، وقد يصل الأمر إلى المكوث مدة ساعة أو ساعتين على باب كل سجن تصله. 
    ومعلوم لدى الأسرى أن مصلحة السجون توزع سجونها من الناحية الجغرافية؛ بحيث يبتعد كل سجن عن الآخر مسافة تستطيع السيارة غير المسرعة قطعها بمدة (45) دقيقة، وفي الواقع فإن الانتقال من سجن معين للذي يليه يستغرق أربع إلى خمس ساعات بسبب الإجراءات والتفتيش والانتظار الممل، وفي بعض الأحيان يتطلب نقل الأسير إلى الانتقال عبر أربع أو خمس محطات. 

    محاولة القتل 
    ويؤكد الأسير عبيد أنه في البوسطة يرافقك كل شرائح الأسرى فالحشاش والحرامي والسارق والفلسطيني والصهيوني والروسي والرجل والمرأة، كل هؤلاء يكونون معك في البوسطة، ويزيد حدة العذاب الجلوس مع المعتقلين الجنائيين اليهود وما يرافق ذلك من روائح للمخدرات والدخان وسماع الألفاظ النابية والشجارات بين بعضهم البعض. 

    بوسطة النساء 
    الأسيرة المحررة فاطمة الزهراء سدر والتي خرجت من السجن قبل أقل من شهرين تؤكد أن البوسطة للفتاة محنة كبيرة موضحة أنها كانت دوماً تحاول أن لا تتحدث أثناء البوسطة حتى لا يعرف المعتقلون أنها فتاة حتى لا يسبب إحراجا لي أولاً، وتقييدا لحرية المعتقلين الشباب ثانياً بعدم قدرتهم من المزاح أو النشيد فوق قيودهم وأصفادهم. 
    وتشدد أن الشباب عندما كانوا يشعرون بوجودي تنهال عليّ دعواتهم وأسئلتهم التي تهدف للاطمئنان على وضعي وعبارات التحفيز ورفع المعنويات، وتشدد أن بعض الشباب كان يعرّض نفسه لمشكلة مع "النحشون" حراس البوسطة من السجانين مقابل تقديم شربة ماء أو سجادة صلاة أو جاكيت أو ما شابه لي. 
    وتروي مشهداً مؤلماً رأته بعينها، حيث كان أحد الأسرى يحاول الصعود إلى حافلة البوسطة إلا أنه لم يتمكن من ذلك بسبب القيد الموجود على قدميه، فقفز قفزة ليصل الدرجة الأولى للحافلة فوقع على وجهه، فضحك كل Ù…ÙŽÙ† حوله من حراس البوسطة والسجانين لدرجة أنه بكى من حجم الذل الذي لحق به في ذلك الموقف، وبكيت عليه وعلى الذل الذي أصاب خيرة أبناء شعبنا. 

    إذلال ممنهج 
    وتؤكد سدر أن هدف البوسطة الرئيس هو إرهاق الأسير وعذابه، حيث يأتي (النحشون) بالتأكد من الأسماء التي ينوي إخراجها، ثم تقيد الأيدي بالأصفاد ثم يلي ذلك تفتيش المعتقل وحاجياته "إذا وجدت" من إدارة السجن قبل الخروج، ثم يقوم (النحشون) بتقييد أرجل الأسير ويعود النحشون بتفتيش المعتقل على باب الحافلة مرة أخرى كل هذه الإجراءات تعتبر المرحلة الأولى قبل انطلاق الحافلة، وتشدد أن هذا الأمر يحدث مع الأسرى في كل مرة ينزلون أو يصعدون فيها إلى الحافلة. 
    وتضيف: "إنه يتم تفتيش الحافلة على باب المحطة الثانية قبل الدخول، وأيضاً عند الخروج، وإمعاناً في الإذلال عند دخول أي سجن يوضع الأسرى في زنازين صغيرة للتفتيش والذي قد يكون عارياً في بعض الأحيان". 
    وتشدد المحررة سدر أنها دائما كانت تنزل البوسطة وحدها إلا أنها في آخر بوسطة وضعوا معها في نفس الغرفة أسيرة جنائية صهيونية أمنية فكان همها كبيراً وأنها عانت كثيراً من جراء ذلك. 

    الدويك يحطم الرقم القياسي 
    وجدير بالذكر أن رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك في اعتقاله السابق كان قد نزل ما يقارب المائة مرة في البوسطة، وكان يمضي (13) ساعة في حافلة البوسطة لمدة خمسة أيام متتالية وبحبة بسيطة تجد أنه أمضى في البوسطة (500) يوم أو (1.35) سنة من حكمه الذي استمر لثلاث سنوات، وأنه في ذات المرات تعمد سائق الحافلة توقيف السيارة بشكل مفاجئ مما أدى إلى كسر عظمة في صدره .
    ولفت الدويك النظر إلى أنه في رمضان تزداد عذابات البوسطة، حيث التعب الشديد والإرهاق والمرض، وعادة ما يرجع الأسير إلى سجن مجدو الذي كان يقبع فيه مريضاً طريح الفراش لأيام وليستعد للبوسطة القادمة. 
    النائب في التشريعي محمد ماهر بدر والحافظ لكتاب الله كان من عادته عندما يكون خارجاً إلى البوسطة من شدة نكده وهمه أن يصلي بالسجناء ويقنت في الركعة الأخيرة ويدعو الله قائلاً: "اللهم إنا نعوذ بك من هم البوسطة ومن تحكم النحشون بنا، اللهم هون علينا بوسطتنا هذه واطوعنا بعدها".
    وتجدر الإشارة وبحسب معلومات محامي السجون إلى أن الأسيرة القاصر آلاء الجعبة (17)عاماً من الخليل المعتقلة في سجن (هشارون) قدمت شكوى ضد قوات (النحشون) وإدارة السجن، مطالبة فيها بعدم نقل مساجين صهاينة مرضى نفسياً، ودمجهم مع الأسرى الفلسطينيين؛ لما في ذلك من خطورة على حياتهم بعد تعرضها لاعتداء على يد سجينة صهيونية مريضة عقليا ونفسيا خلال نقلها في سيارة البوسطة إلى المحكمة في سجن "عوفر" يوم 13/6/2012. 

    وأكدت الجعبة، أنها شعرت بالخوف الشديد، واستغربت نقل سجينة مريضة في مثل هذه الحالة مع سائر الأسيرات، حيث كانت تضرب نفسها بالسلاسل التي بيديها طوال فترة البوسطة. 
    وتضيف: "إنه عند وصولنا إلى المحكمة العسكرية في عوفر قرب رام الله وضعت مع السجينة المريضة، والتي قامت بالهجوم علي ومحاولة خنقي بالمنديل الذي كان على رأسها، ولم تتركني إلا بعد حضور قوات (النحشون) الذين أبعدوها عني.

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 13/7/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

قوات الاحتلال الصهيوني تحتل قرية خربة الشونة قضاء صفد، والطابغة والسمكية وتلحوم قضاء طبريا، وعاقر قضاء الرملة

04 مايو 1948

بريطانيا تصدر مرسوم دستور فلسطين المعدل 1923

04 مايو 1923

استشهاد المجاهد مهدي الدحدوح من سرايا القدس متأثرا بجراحه التي أصيب بها في قصف صهيوني على سيارته وسط مدينة غزة

04 مايو 2007

الأرشيف
القائمة البريدية