السبت 04 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير رامي الديك.. دخل السجن سليما ففقد بصره وسمعه

    آخر تحديث: الخميس، 19 يوليو 2012 ، 00:00 ص

    بابتسامة صفراوية رحبت بنا... وبدمعة الأمل والحسرة استقبلتنا... صامدة أو تتظاهر بذلك، يهتز وجدانها، تفيض مشاعرها... وتطبع قبلة صامتة حارة بلهفة على وجه ابنها في صورته التي تلازمها أينما ذهبت... لا تستطيع الوصول إليه لتلقاه من خلال إحساسها في رسائل تسطرها في الهواء بقلبها ودموعها وأشواقها، تزود قلبها البائس بالأمل... فتقاوم والدة الأسير رامي راتب الديك مرضها لترى ابنها حرا بين أفراد أسرتها وفي بلدته كفر الديك.
    ألقت جسدها المتعب على المقعد، وفي لهجة تختلط مشاعرها ما بين الصمود والحسرة والخوف على ابنها الأسير رامي، بادرتني الحديث قائلة: "من أين ابدأ لا اعرف؟ وما يزيد من آلامي ما أصاب رامي وهو بعيد عني، ولا يوجد من يرعاه"، صمتت لثوان، وبتنهيدة واصلت حديثها: "لم يترك الاحتلال أحدا في أسرتي إلا واعتقلته حتى أنا، ففي الانتفاضة الأولى وفي عام 1987 تم اعتقال زوجي لمشاركته في فعاليات ضد الاحتلال الذي اغتصب الأرض واحتلها، وقاموا بتعذيبه اشد العذاب، وحكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات، وبعدها بأيام من اعتقال زوجي قاموا باعتقالي أنا وابني "ثائر" وكان عمره 25 يوما، بحجة مساعدة زوجي في الفعاليات ضدهم، قاموا بالتحقيق معي لمدة يومين واستخدموا أساليب التعذيب اللفظي والنفسي بحقي، لدرجة أنهم قاموا بإحضار زوجي وهو في حالة يرثى لها ووضعوه أمامي، ومع هذا كنت قوية لكي اثبت لزوجي أننا صامدون".
    تتوقف وكأنها تستذكر شيئا ما لتعود لمواصلة حديثها: "كنت أرفض ما يقدمونه لي من طعام لأنني رأيت إحدى المجندات وهي تضع حبة من الدواء داخل كوب من العصير، وأخذ الشك يعيش في داخلي أن هذه حبوب لكي تجعلني أتحدث أشياء بدون وعيي، ولهذا لم أتناول أي شيء يقدمونه لي وبقيت صائمة لمدة يومين وكنا في شهر رمضان، إلى أن قاموا بإخلاء سبيلي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل". وتكمل بلوعة وحسرة الأم قائلة: "أصبحت أنا الأم والأب لـ 11 ابنا، فقمت برعايتهم، عملت في الزراعة وفي جمع الحطب وبيعه من أجل توفير احتياجاتهم، إلى أن كبروا وأصبحوا شبابا، والحمد لله ربيتهم على حب الوطن والتحدي والصمود، وأخذوا السير على نهج والدهم في دفاعهم عن الأرض، ولم أخجل بيوم من الأيام مما فعله أبنائي، فهذا فخر لي ولأبيهم، ولم نندم على فعل شيء".
    وتواصل والدة رامي حديثها قائلة: "ولم يتوقف الاحتلال عند هذا الحرمان والمعاناة ليقوموا باعتقال زوجي مرة أخرى بتاريخ 17/6/98 ومكث في الاعتقال ثمانية أيام".

    اعتقال... ضرب... دمار... سرقة
    وبفيض من مشاعر الحزن العميق، تلتقط والدة رامي أنفاسها لتواصل حديثها معنا قائلة: "ما أصعبها من ليلة، تلك الليلة التي حرمني منها الاحتلال من أبنائي رامي ومحمد ومجدي، قامت القوات الصهيونية باعتقالهم في ليلة واحدة، لم أنس ذلك التاريخ 12/7/2001، وبعدها بعام تم اعتقال فادي بتاريخ 2/4/2002 ليخرج من اعتقاله في 22/12/2002، ورامي خرج من السجن في 12/9/2003، ومحمد في 2005/2/21، ومجدي في 29/1/2004".
    صمتت لتنهال الدموع على وجنتيها، وبكلمات متقطعة تقول: "لم يعطنا الاحتلال مجالا لأفرح بأبنائي، فعادوا لاعتقال رامي مرة أخرى بتاريخ 13/1/2006، وقضى في السجن مدة عام، وفي هذه الليلة السوداء لم يترك الاحتلال أسلوبا إلا واستخدمه بحقنا، ففي تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل اقتحم البلدة أكثر من 40 جيبا عسكريا ترافقها جرافة، وحاصرت بيتنا من كل الجهات وهددونا بهدم البيت، واستخدموا الكلاب التي نهشت يد والدة زوجي، كل هذا من أجل اعتقال رامي، فاعتقلوه.. تاركين ورائهم دمارا، قاموا بإخراج كل من في البيت، الصغير قبل الكبير، ووضعونا في الشارع تحت المطر، وقاموا برمي زوجي في قناة مياه وأخذوا بركله بأرجلهم، ولم تقف وحشيتهم عند هذا الحد بل قاموا بسكب مونة البيت من طحين وزيت وسكر وملح وخلطهم معا، لعدم الاستفادة منهم، وكذلك تخريب معظم الأدوات الكهربائية من ثلاجة وغسالة، وتم حرق غرف النوم وتكسير النوافذ، والأكثر من هذا قاموا بسرقة المصاغ الذهبي لزوجة ابني فادي بقيمة ثلاثة آلاف دينار، وبقيت عمليتهم هذه لغاية الساعة الواحدة ظهرا، فهذا هو الاحتلال ولا يسعني أن أقول شيئا غير حسبي الله ونعم الوكيل".
    وتستأنف والدة رامي حديثها بعد أخذ نفس طويل، فتقول: "بعد شهر من اعتقال رامي قاموا باعتقال مجدي مرة أخرى بتاريخ 4/2/2006 وقضى في السجن لمدة عام، اكتملت فرحتنا لوجود أبنائي من حولي ليعود الاحتلال لحرماننا من هذه الفرحة، باعتقال محمد بتاريخ 8/6/2007 وبعدها باعتقال رامي للمرة الثالثة بتاريخ 2008/5/18 وتم الحكم عليه بالسجن 8 سنوات وغرامة مالية قدرها 10 آلاف شيكل، ولغاية الآن ما زال موجودا في الأسر، ومن ثم اعتقال مجدي للمرة الثالثة بتاريخ 11/12/2010 ليمكث في الأسر لتاريخ2011/6/30.

    رامي في خطر أنقذوه
    "يا ريت أقدر أشوفه وأحضنه"، بهذه الكلمات عادت والدة رامي لمواصلة حديثها بعد صمت طويل قائلة: "كان رامي في سجن "جلبوع" لمدة سنة وأربع شهور، وبعدها تم نقله على سجن "مجدو" ولغاية الآن هو موجود فيه، وكان يعاني من وجود حبة بالقرب من عينه، وهي ما نعرفها ب "الشحاد"، وأخذت تؤلمه وطلب من إدارة السجن أن تقدم له العلاج، وأثناء تواجده عند الطبيب جاء أحد السجانين، وأخذ بالحديث مع الطبيب، وقال له "نريد أن نتخلص من رامي" قالها باللغة العبرية، لم يعرفوا أن رامي يفهم هذه اللغة، ولم يفهم رامي ما الذي يعنيه هذا السجان، وبعدها قام الطبيب بوضع قطرة في عين رامي والذي أخذ بالنوم لفترة طويلة ليصحو من نومه لا يرى شيئا والدموع تذرف من عينه، ليصرخ بأعلى صوته: لا أرى شيئا.
    عندها أدرك رامي ما كان يعنيه ذلك السجان، ولم يتوقف الحال عند حرمانه من بصره، بل قامت السلطات الصهيونية بإفقاده لحاسة السمع، من خلال وضع قطرة في أذنه، عندما شعر رامي بألم في رأسه، ووجود حبه وراء أذنه، إضافة إلى الألم الحاد في معدته، وأصبح لا يستطيع تناول الطعام، ويعاني من الاستفراغ المستمر". وتضيف: "عرفنا بالخبر وذهبنا إلى وزارة شؤون الأسرى ونادي الأسير، لتكون نتائج التقرير أن نسبة العجز في بصره 90% وأنه فقد السمع بنسبة 80%، يا ليتني أضمه، يا ليتني أنا من أرعاه".
    صمتت وأجهشت بالبكاء.. ليواصل الحديث أخوه "مجدي" الذي تم اعتقاله بتاريخ 1/4/2010، قائلا: "لا شيء في الحياة قصم ظهري مثل أخي رامي، قضيت سنة حكمي معه، وكنت أرى معاناته وأنا من كان يرعاه"، وبنبرة حزينة يكمل مجدي: "رامي لم يعد هو، أصبح عاجزا لا يرى إلا من قريب، ولا يسمع إلا الصوت العالي، والآن من يرعى رامي؟؟" أخذ صوته يضعف وسقطت دموعه بعد أن خانته.
    لملمت والدة رامي قوتها وشدت أعصابها لتعود مرة أخرى لمواصلة حديثها وهي تشير بيدها إلى طفلة صغيرة يتجاوز عمرها الـ 4 سنوات، قائلة: "هذه ابنة رامي التي جاءت إلى الدنيا وأبوها بعيد عنها، عرفها من خلال زيارتها له مع أمها وأخيها، هم من يزوروه وباقي أسرته مرفوضون أمنيا، ولكن لم أترك بابا إلا وطرقته، فذهبت للصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان من أجل التدخل لزيارة ابني، وبعد عناء طويل تم السماح لي لزيارته قبل ثلاث سنوات ويا ليتني لم أر رامي بتلك الظروف، جاءني وهو يضع بشكيرا على وجهه، وعند سؤاله عن السبب، قال لي: يا أمي لم اعد أرى جيدا، وأضع البشكير من أجل حجب أشعة الشمس والإضاءة لأنها تزيد آلامي"، حضنته بقوة والدموع لم تفارقنا ويا ليتني احتضنه مرة أخرى، ومن ذلك اليوم وصورة رامي لم تغادر تفكيري لدرجة أنني أراه في منامي وهو مريض وتعبان".
    وتكمل بصوت مخنوق والدموع تنهال من عينيها" "لم تشفع إدارة السجن ما فعلوه برامي بل قاموا بعقابه بمنع زيارة زوجته وأولاده لمدة ثلاثة شهور لأنه يضع البشكير على وجهه". وعن آخر زيارة لها، والتي كانت بتاريخ 10/6/ 2012 تحدثت زوجة رامي عن معاناة الزيارة قائلة: "معاناة وعذاب وقهر نفسي، وأثناء ذهابي لزيارة رامي قاموا باصطحابي إلى غرفة مخصصة لتفتيش النساء وأمروني بخلع "البنطلون" من أجل تفتيشي بالرغم من رفضي، ولكن بالقوة جعلوني أخلعه ولكن ماذا سنخفي تحت ملابسنا، ولماذا هذا الاستفزاز".
    وعن حالة رامي الصحية تقول: "رامي مرهق وتعبان وبحاجة إلى تحرك من قبل المؤسسات، من أجل إنقاذ حياته، وأوجه ندائي ومناشدتي إلى الرئيس محمود عباس ووزير شؤون الأسرى عيسى قراقع والصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان الاهتمام بقضية رامي لأن صحته تتدهور كل يوم".

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 15/7/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

قوات الاحتلال الصهيوني تحتل قرية خربة الشونة قضاء صفد، والطابغة والسمكية وتلحوم قضاء طبريا، وعاقر قضاء الرملة

04 مايو 1948

بريطانيا تصدر مرسوم دستور فلسطين المعدل 1923

04 مايو 1923

استشهاد المجاهد مهدي الدحدوح من سرايا القدس متأثرا بجراحه التي أصيب بها في قصف صهيوني على سيارته وسط مدينة غزة

04 مايو 2007

الأرشيف
القائمة البريدية