في معركة الأمعاء الخاوية

موضوعات ذات صلةً

• هذهِ اسراءُ .. قصيدة عن الأسيرة إسراء جعابيص
• رسالة مؤثرة من الأسير وجيه أبو خليل لروح والدته

بقلم: د.جمال سلسع

أحمل نعشي في ذاكرة السجن
سنابل صبر
لا تخسر إلاّ القيد
فقد سكب القمح تفاصيل
الأرض
واعطى لأسى السجن
مذاق النصر
يلتهم الصبر مواجع ليل
يسقط قبضتها
فالقبضة تسرق حلمي من
دمعي
فتقوم شظايا نعشي
وتصّب تقاسيما عطشى
تحمل ريح السجن بكفّيها
عطشا
ينقش درب الجمر
والريح تدق الجدران
وتفتح كوة شمس
تنقش في الأحشاء
تضاريس الفجر
فالصبر جداول بشرى
تنسج في ايقاع القيد المتعّطش
أسطورة جرح
ما انهزمت في معركة الجوع
فبين يديّها يتفجّر موج البحر
احمل نعشي اغنية
لأقول الحب
واحمل راية عشقي
فالجوع تسامى في الأحشاء
يغني فداء لعيون الوطن
معركة الأمعاء طريقي
ما ارتعشت
من سوط الجلاد اشتعلت فيها
ازمنة
وزماني عصفور يقتحم الأسلاك
يغرّد...
يصطاد دموع الشجن
يورثني الجوع تضاريس الحلم
فأسكب نشوة صبري
تطفئ طعم المرّ بأحشاء الشجن
غيمة جوعي أشعلت
السجن قناديلا....
والليل يموت ويشتعل الوجدان
بروحي شهدا
يذوي وجع الكفن
وعيون العالم تغمض صحوتها
صفصافة ضائعة
لا تتقرّى جمر الأحشاء
ولا تدري
كم تتعّذب بين يديّ الزبد
العالم لا يلتحف الوجع
الساكن في الأمعاء
ولا يدري كيف تنوح الطير
بقلبي
فلماذا لا أسكب قمحي
في قبضة قيدي
عاصفة
لا شيء سواها
لا شيء سواها
يبحر قيدي
يبحر قيدي
حرا للأبد
لا يخفي السجان طبيعة ليله
يتقيأ قش العتمة لغة
لا يفهمها الصبح
تقوم وتأكلها نار الأمعاء
قضية كذب!
لا تتعلّق أمعائي بالقش
وجوعي يجوع
والجوع على حدّ الخنجر يمشي
يشعل في العتمة قنديل الصب
ويمشي بين سنابل قمح
يتحسس طعم الينبوع
آه يا وطني المصلوب
على جدران الزنزانة
إن ترفع عينيك إلى وجعي
سترى جوعي سافر نحو الشمس
ليعلن كيف انطفأت
بعيون الأرض دموع
ويعبئ في العتمة أفراحا
هطلت من دمعي
فوق مساحات الصبر
المنقوش بجرحي
والجرح يضاء إذا اغتسل الصبر
المسكون رحيقا
برحيق شموع
جوعي موال يشدو فوق نداء
الأيام
وما انكسر الحب
أمام السجان
فقد زاد الشوق على حدّ الخنجر
ما احترقت من وجع الجوع
ضلوع
مشروع شهيد أحيا
أتصفّح دقات الساعة
فالوقت سنابل قمح
تدرك أن الجوع بقلبي
غيم شهيد يهمي
لا يتصالح
والسجان قيوده تنعف روحي
ذل ركوع
فالقيد صهيل
ينعف قمح الأيام
على شفق الصبح
فهل يلبس ذل مكان
يبكي
والحلم سحاب مملوء
من جوع القيد ويهمي
يكسر قبضة ليل
فيفرّ من القيد خنوع

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 27/4/2012)

تعليقات الفيسبوك