السبت 20 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الطبيب أبو العيش ينشر

    آخر تحديث: السبت، 04 أغسطس 2012 ، 00:00 ص

    لا أظنه يغيب عن مخلية أحد حال الطبيب "أبو العيش" وهو يبكي بناته مريراً! أولئك اللواتي رُحن في ضربة صهيونية واحدة جعلت مهن جثثا هامدة في ثوان خلال الحرب الأخيرة على غزة، وإن الناظر ليجزم أن قلب من حلت به تلك الفاجعة لن يكون إلا طافحا بالغل والحقد على الفاعل، إلا أن شيئا متناقضا قد يدعو للتعجب حيث ترى "أبو العيش" صاحب تلك الفاجعة يصدر كتابا باسم "لن أكره" فما السر وراء كتابته بهذا الاسم المضمون؟
    "لن أكره"..  ÙƒØªØ§Ø¨ÙŒ صدر في العام الماضي ولقي تقديراً كبيراً في الغرب، فوصفه الروائي اللبناني الفرنسي أمين معلوف بأنه "يجعلنا نتأمل شراسة العالم، إلا أنه يرينا في الوقت نفسه لمحة لما هو أثمن شيء في الإنسانية وهو شعلة الأمل المرتعشة" .
    وقال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر: "يضرب أبو العيش في هذا الكتاب مثلاً رائعاً للعفو والمصالحة، يوضح أساس سلام دائم في الأراضي المقدسة"ØŒ حتى إن الرئيس الأمريكي أوباما استشهد بكتابه في خطابه بمايو عام 2011. "لن أكره" للدكتور عز الدين أبو العيش الذي رُشح لجائزة نوبل للسلام. هو رحلة طبيب فلسطيني نحو السلام والكرامة الإنسانية، كُتب "لن أكره" باللغة الإنجليزية في إبريل  2010 بكندا، ثم انتشر بذات اللغة وترجم لحوالي "18" لغة أخرى ومنها: الفرنسية والإيطالية والألمانية والأسبانية والتركية والهولندية والإندونيسية والعبرية، والآن طبع الكتاب بالعربية ويوزع في الأسواق العربية.
    يحكي أبو العيش في كتابه قصة الفلسطيني ومعاناته التي تمثل معاناة البشرية والإنسانية، فمعاناة الفلسطيني وما يحدث له هي من فعل بشرٍ لا يعرف للإنسانية معنى-  Ø­Ø³Ø¨ قوله -.
    بعد صدور الكتاب في كندا كان يصل يومياً عشرات الرسائل الإلكترونية من أناس قرؤوا كتابه أو سمعوا إحدى محاضراته، وقد أرسلت له سيدة كندية رسالة تخبره فيها أنها أطلقت على ابنتها البكر اسم "بيسان" وهو اسم ابنة "أبو العيش" التي راحت ضحية حرب غزَّة الأخيرة، لتزرع في أبنائها الحب والسلام.

    للطب وجه واحد
    كثيراً ما شاهد أبو العيش الضحايا والمرضى وقد أجرى لهم العمليات الجراحية فأنقذ حياتهم، لكنه لم يتخيل يوماً أنه سيرى جثث بناته أمامه لا يستطيع إزاءها سوى الوقوف صامتاً وعن ذلك يقول: "بصفتي طبيباً من مخيم جباليا عملت في المستشفيات الصهيونية لأن مهنة الطب لها وجه وثقافة وقيمة إنسانية واحدة، فبمجرد دخول المريض إلى المستشفى يكون الجميع أمامي متساوين وأفتخر لأنني استطعت أن أغيّر فيهم بأن يفتحوا عيونهم على الإنسان الفلسطيني ويروه في مهنة شريفة كهذه".
    ويمضي أبو العيش وقلبه ينفطر ألماً على فراق بناته الثلاث: "أنا لا أتمنى لأي إنسان أن يرى ما رأيت، لأننا بصفتنا كمسلمين جُبِلنا على "الرحمة والعفو".
    ويزيد: "الإنسان ليس مجرَّد رقم، فله اسم وأهل .. له أمال وطموحات، وأن ترى أطفالك قطع لحم متناثرة غارقين في دمائهم لشيء فظيع، والمصيبة أن العالم يسمع ويرى ويصمت".
    متابعاً: "ولكن هناك رسالة مني بصفتي إنساناً مؤمناً وهي "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم"، والذي أنقذ حياة بشر في مستشفيات دولة الكيان الصهيوني يفقد بناته الثلاث في ضربة واحدة على أيدي من عالجهم فمأساتي هذه جاءت لتظهر الجانب الإنساني للإنسان الفلسطيني مقابل شراستهم".
    ما خفف عن "أبو العيش" وجعه أنه في اليوم الثاني للقصف واستشهاد بيسان وميار وآية قرر إيهود أولمرت رئيس وزراء دولة الكيان بعد أن رأى ما حدث إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد بعد أن كان العالم يستجديه لوقف إطلاق النار، وهذا ما خفف عنه أن أرواح ودماء بناته لم تذهب سُدى، إنما ساعدت في إنقاذ حياة أطفال غيرهم.

    ليس دين انتقام
    يقول أبو العيش: "كانوا يسألونني: هل أنت فلسطيني من الداخل المحتل"؟ فكنت أصر على أني فلسطيني من غزة وابن مخيم جباليا واستطعت أن أغير فيه حتى لو في عدد قليل منهم بأن يروا حق الإنسان الفلسطيني للعيش بكرامة كما الآخرين".
    سؤال كان لا بد من توجيهه لأبو العيش عن سبب تسميته الكتاب "لن أكره"، وهل معنى هذا أنه لا يحمل المسئولية لأحد، يجيب مستنكراً: "أعوذ بالله! كيف لا أحمل المسئولية لأحد؟!، لكني أسميته "لن أكره" لأننا بعد أن نواجه بعض المصائب التي نمر بها، وخاصة تلك التي تحدث بفعل بشر نشعر بالغضب والكره ونفكر بالانتقام، ولكن كيف يمكن أن أنتقم بصفتي إنساناً مسلماً؟! فالإسلام دين رحمة ومودة وإنسانية وليس دين انتقام، ولنا في رسول الله قدوة حسنة، متبعاً: "ماذا فعل رسول الله مع الذين أساءوا له يوم أن فتح مكة؟ ماذا فعل مع هند التي لاكت كبد حمزة؟ لقد كان خير رحمة للبشرية".

    تعليم المرأة
    هو فخور بصفته إنساناً فلسطينياً بالأم والبنت الفلسطينيين، هما الأمل: "في بقاء القضية الفلسطينية حية لهذا اليوم ولولاهم لماتت، والتعليم هو أقوى سلاح لمواجهة عدوك.
    لذا فقد أنشأ أبو العيش مؤسسةً لتعليم البنات في الشرق الأوسط، وعن هذا يقول: "كانت بناتي قادرات على تحقيق طموحاتهن، أريد أن تتحقق أمال وطموحات بناتي في بنات أخريات وبذلك أحيي بيسان وميار وآية، هذه المأساة جاءت لخير وستبقى لخير، سأعمل لأجل دعم وتعليم البنات في الشرق الأوسط".
    طيب.. لماذا تركت غزة وتعيش الآن بكندا؟: يرد "أنا لم ولن أترك غزة، فهي دمي وروحي من يقول أنني أترك غزة؟! فأنا أسافر لأجل فلسطين وأبناء غزة".
    ويمضي بالقول: "بعد وفاة زوجتي كنت أعمل في مستشفى داخل الكيان وكان أطفالي بحاجة لأب يساندهم فأردت البحث عن عمل آخر لأرى أبنائي كل يوم فعرض علي أكثر من مكان قبل المأساة والعدوان الصهيوني، وبعد أن رأيت مأساة بناتي حصلت على عقد عمل لأكون مع باقي أبنائي لأرعاهم، المكان لا يحدد من أنت بل ماذا تحمل في قلبك وعقلك فهنا أستطيع أن أخدم أبناء شعبي أكثر من أن أكون أشك في قطاع غزة".
    تم ترشيح "أبو العيش" لجائزة نوبل للسلام، التي أهداها إلى كل أبناء الشعب الفلسطيني إلى الأبرياء والمقهورين لإعطاء أمل لهم، "ولينظر العالم لهذا الشعب على أنه يسعى للحصول على حريته كباقي الشعوب"، وفق قوله.

    حب الوطن
    ورغم بُعدي عن غزة الوطن موجود بقلبي فأنا أعيش لأجل فلسطين وغزة، أربي أبنائي على التعليم وأن الكلمة الصادقة أقوى من الرصاصة، فالمكان لا يغير الإنسان بل الإنسان هو من يغيره".
    "يضيف أبو العيش": بعد الصدمة الأليمة التي عاشها أبو العيش كان لابد من موقف رسمي يحصل عليه، حتى إن كان بالاعتذار يقول أبو العيش: "طالبت حكومة الاحتلال بالاعتذار عن ما حصل وتحمل المسئولية وما يعقب عنها، وانتظرت لمدة عامين كي أحصل على هذا الاعتذار فلم أحصل فرفعت قضية إلى المحاكم الصهيونية، وهذه القضية ما زالت مرفوعة؛ حتى إنه منذ  5أشهر وصلت إليّ رسالة من المحامي أنه يجب أن ندفع عربون لتداول هذه القضية، ولن يستطيعوا كسر الإرادة من خلال هذه العقبات دفعت هذا المبلغ وكلي أمل أنني سأحصل على هذا الحق العادل وإن تعويضي لا يقدر بثمن، وأي تعويض سيذهب من أجل مؤسسة "بنات من أجل الحياة" لبث الروح والأمل في بنات أخريات، ولأقول لبناتي وشهدائنا الأبرياء: "ما زلتم أحياء بيننا".

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 14/5/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زكريا الشوربجي من الجهاد الإسلامي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، يذكر أن الشهيد أمضى ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال

20 إبريل 1993

الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية تنتخب الإرهابي ديفيد بن غوريون رئيساً لها ومديراً للدفاع، وتعتبر نفسها وريثة لحكومة الانتداب الصهيوني

20 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية