الأربعاء 24 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    صاروخ زنانة.. يخطف خاطر.. من بين أطفاله

    آخر تحديث: السبت، 01 ديسمبر 2012 ، 00:00 ص

    "تعال يا عمو هي دماء بابا وأخوي أنس على الحائط لسا ما نشفت بعد ما ضربتهم الطيارة بصاروخ شوفها وصورها".. كلمات قالها الطفل معاذ خاطر نجل الشهيد المدرس محمود سعيد خاطر، بكل عفوية وبدون أن يطلب منه أحد الحديث.
    وصلنا إلى المنزل، وطرقنا الباب فخرج لنا الطفل معاذسنوات، قائلاً لنا: "لا يوجد أي رجل في البيت، بابا استشهد، ولا يوجد إلا ماما وجدتي"، طلبنا منه إخبار أحد من أقاربه بوجودنا، ذهب معاذ مسرعًا إلى بيت عمه القريب من بيته، واصطحبه بيده لنا.
    عرفنا شقيق الشهيد بأنفسنا، رحب بنا، وبدأ الحديث عن الشهيد، ليذهب الطفل "معاذ" إلى داخل البيت، ويخرج مرتديًا بدلة عسكرية كاملة، ويضع على رأسه قبعة عليها شعار كتائب الشهيد عز الدين القسام.
    اصطحبنا "معاذ" من مكان جلوسنا في حديقة منزلهم إلى البوابة حيث كان يجلس والده لحظة استشهاده، وأشار بيده إلى الحائط، قائلا: "هذه يا عمو آثار دماء بابا وأخوي أنس الذي لم تنشف بعدما ضربتهم الطيارة بصاروخ وهم قاعدين".
    الحائط مليئة بالشظايا وآثار بقعة من الدماء اختلطت في الرمال بالمكان، وعلمنا من عم معاذ أن "معاذ" كلما خرج من المنزل ينظر إلى الدماء ويذكر والده ويسأل عنه، بقوله: "هل يمكن له أن يعود للحياة ويعالج في المستشفى بجوار شقيقي أنس؟"،وهو لا يعلم أنه لن يرى والده، فبراءة طفولته تسيطر عليه.
    "معاذ" يهدد الاحتلال الصهيوني بلغة الأطفال: "سأنتقم لبابا لما أكبر، وسأحمل السلاح، وراح أطخ على اليهود اللي قتلوه وقصفوه بصاروخ وجرحوا أنس وحرموني من اللعب معاه".
    ومع تهديد "معاذ" لأخذ ثأر والده وشقيقه، تغيرت ملامحه، وبدأ الغضب يخرج من عينيه، وظهرت فيه روح الرجال، واختفت معالم الطفولة من وجهه، وتوقف عن حديثه، ثم ذهب مسرعًا إلى بيته دون أن يبكي.

    بالدموع والزغاريد
    عاد "معاذ" برفقة جدته، التي طالبته بأن يبقى رجلا كوالده. وبدأت والدة الشهيد "خاطر" الصابرة على فقدان ابنها، حديثها بالقول: "كان ابني مربي الأجيال جالسا عندي قبل استشهاده بدقائق برفقة ابنه أنس، وسيطر المزاح والضحك على الجلسة العائلية، ووزع علينا "الكلمتينا"، لي ولشقيقته".
    وقبل دقائق من استشهاده طلبت شقيقة محمود منه شراء علبة جلي لها من البقالة القريبة من بيتهم، ورد عليها كما تقول والدتها: "تؤمريني يا أختي دقائق وسأعود، وخرج، وما هي إلا دقائق حتى دوى انفجار هز جميع أرجاء بيت محمود".
    بهذه اللحظات شعرت الوالدة أن مكروها قد أصاب ولدها، ومقولة "قلب الأم دليلها" صدقت هذه المرة وكانت في محلها، حيث مع سقوط الصاروخ صرخت الأم ونادت بأعلى صوتها على محمود، وخرجت مهرولة إلى الشارع لتجده مرميًا على الأرض وابنه أنس بحضنه وأحد أقاربه، غارقين في دمائهم.
    الأم وصلت إلى ابنها الذي غرق بدمائه برفقة ابنه الطفل، فسقطت صوب "محمود"، وبدأت بتقليبه وكذلك قريبه وهو عبد الله حرب أبو خاطر، وابنه أنس الذي يبلغ من العمر سنتين، ونادت بأعلى صوتها عليه، لكن لم يُجب "محمود" أو ابنه أو قريبه، بسبب كثرة شظايا الصاروخ الذي قتلتهم فورًا وأصيب ابنه بجروح خطيرة، نقل على إثرها إلى مستشفى الأوروبي يصارع الموت والحياة حتى الآن.
    ودعت أم محمود ابنها، ولكن كما تقول بـ "الزغاريد التي اختلطت مع الدموع"؛ لأن المقاومة الفلسطينية وصواريخها التي أرعبت اليهود في مدنهم المحتلة، شفت صدورهم، وأزالت الغم والحزن عن قلوبهم لأنهم يألمون كما تألمت والدة"محمود"، ويموت منهم كما يستشهد أبناؤنا، ويصابون بالأذى وتهدم بيوتهم، ويحرمون من النوم.

    مصارعة الموت
    وفي مستشفى غزة الأوروبي شرق خان يونس، حيث المكان الذي يرقد فيه "أنس" على أحد أسرة العناية المركزة في المستشفى ويصارع الموت من أجل الحياة، ولكن كثافة الشظايا التي ملأت جسمه الصغير تحول دون أن يحدث تحسن على حالته.
    وداخل قسم العناية لم يسمح لنا الأطباء بالدخول برفقة أمه وجدته، بسبب خطورة حالته الصحية، واكتفينا بالنظر إليه من الخارج وكان الفاصل بيننا وبينه لوح زجاجي.
    "أنس" ممد على السرير وملامح وجهه غير ظاهرة، بسبب كثرة الأجهزة الطبية التي تحيط به، والتي تقاوم بكل ما أوتيت من تطور علمي بالإضافة إلى جهود الأطباء، من أجل إبقائه على قيد الحياة. الطبيب المتابع لحالة "أنس"، خرج من الغرفة بعد معاينة حالته الصحية، فاتجهنا نحوه، وسألناه عن حالة الطفل، فأجاب: "ربنا يلطف فيه، أدعوا له بالسلامة".

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 26/11/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

العصابات الصهيونية ترتكب مجزرة في قرية الجلمة قضاء مدينة حيفا

24 إبريل 1948

صدور قرار مجلس الحلفاء بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني

24 إبريل 1920

الأرشيف
القائمة البريدية