مؤسسة مهجة القدس ©
Ø£Øمد سعدات ومرضى الأسرى ÙÙŠ خطر
ما كدت أجلس لأكتب مقالاً بعنوان آخر، Øتى دقت الباب صمود، ابنة القائد الوطني Ø£Øمد سعدات، تعتريها Øالة من القلق والخو٠على Øياة والدها. جاءت ملهوÙØ© تÙعبÙّر عن خشيتها من اØتمال أن تقود مشاركته ÙÙŠ معركة الأسرى الأخيرة إلى استشهاده، ÙÙŠ ظل ما تشير إليه التقارير الواردة من السجن عن ترد٠Øقيقي Ù„Øالته الصØية. هدَّأت من روعها، لكن قلقي عليه، وعلى قدامى الأسرى، ومرضاهم بخاصة، زاد، ÙˆÙرض العنوان أعلاه.
تجربة الأسرى الÙلسطينيين، الصÙØØ© المشرقة الثانية،) بعد الشهداء(ØŒ للنضال الوطني الÙلسطيني، تجربة جماعية مديدة، خاض غمار بطولاتها، واكتوى بمعاناتها، Ù„Ùترات متÙاوتة، ما يقرب Ù…ÙÙ† 800000 أسير وأسيرة. استشهد منهم، )ÙˆÙقاً لإØصاء نشرته وزارة شؤون الأسرى والمØررين العام 2007 (ØŒ187 أسيراً منذ العام 1967ØŒ سواء ÙÙŠ معارك الإضراب المÙتوØØ© والجزئية عن الطعام، أو بسبب الإهمال ÙÙŠ العناية الطبية، أو بسبب التعذيب ÙÙŠ أقبية التØقيق، أو بالإعدام الميداني الÙوري بعد الاعتقال، علماً أن هذا الرقم لا يشمل 50 شهيداً جرى إعدامهم ميدانياً خلال سنوات انتÙاضة الأقصى، (2000 - 2004).
إن هذه التجربة الجماعية المديدة لمناضلي الØرية من شباب وشابات Ùلسطين، وبما انطوت عليه من أبعاد ملØمية أسطورية، قلَّ نظيرها، بطولة ومعاناة، هي، وإن كان من التعس٠اختزالها ÙÙŠ رموزها القيادية، Ùإن من غير الإنصا٠تجاهل الدور الطليعي لأÙراد ساهموا ÙÙŠ التأسيس لها، وقيادتها على مدار عقود. وهؤلاء ÙƒÙثرÙØŒ ويتوزعون على كاÙØ© ألوان الطي٠الÙكري والسياسي للثورة الÙلسطينية ÙÙŠ طورها المعاصر، منهم من رØÙ„ØŒ ومنهم من لا يزال Øياً على ذات الدرب يسير، إذ Ùضلاً عن Ù…ÙŽÙ† باتوا يعرÙون بقدامى الأسرى، وهم 367 أسيراً ما زالوا يقبعون ÙÙŠ السجون منذ عقود، Ùإن هنالك عدداً من القادة الوطنيين، الذين واكبوا هذه التجربة منذ بداياتها، ولم يثنهم تكرّر الاعتقال وقضاء السنوات الطويلة ÙÙŠ السجن، عن مواصلة المشوار، ÙˆÙÙŠ عداد هؤلاء يلمع اسم المناضل Ø£Øمد سعدات، القائد الوطني والØزبي الجاد، الذي تÙØªØ ÙˆØ¹ÙŠÙ‡ على الكÙاØØŒ كواØد من مواليد ما بعد النكبة، ودخل السجن الذي سيراÙقه كاسمه منذ السادسة عشرة من عمره العام 1969ØŒ وأÙنى عمره عن طيب خاطر، وعن قناعة وطنية وعقائدية تØررية راسخة، ÙÙŠ ظرو٠متصلة بين الملاØقة والسجن.
واليوم، تشير التقارير الواردة من السجن إلى أن Øياته باتت معلقة بخيط رÙيع بين الØياة والموت، Ùيما يكابد من داخل Øبسه الانÙرادي، مع بقية الأسرى المنخرطين ÙÙŠ معمعان معركة الإضراب المÙØªÙˆØ Ø¹Ù† الطعام، كمعركة Ù…Ùروضة، بعد أن لم يعد هنالك من مجال لتÙاديها، ÙÙŠ ظلÙÙ‘ تÙاقم معاناتهم، منذ تعرضهم، بعد Øملة إعلامية صهيونية تØريضية ظالمة، لهجمة غير مسبوقة، من إجراءات القمع والتنكيل، التي كانت قد باشرت تنÙيذها "مديرية مصلØØ© السجون الصهيونية"ØŒ تنÙيذاً لقرار سياسي صريØØŒ كانت قد اتخذته الØكومة الصهيونية، وأعلنه رئيسها، نتنياهو، لوسائل الإعلام بتاريخ 25/6/2011ØŒ بمناسبة مرور خمس سنوات على اختطا٠الجندي الصهيوني جلعاد شاليت. أجل، من المناضلين مَنْ تÙضعÙÙ‡ Ù…Øنة سنوات السجن الطويلة، ومنهم Ù…ÙŽÙ† يتØملها مهما طالت، لكن Ùتنة الØياة بعد التØرر تÙضعÙه، أما المØترÙون الثوريون، ÙˆØراس٠القيم التØررية، وذوو الضمائر الØية التي لا تصدأ، Ùهم ÙˆØدهم Ù…ÙŽÙ† لا يهزهم أو ÙŠØرÙهم اجتماع المØنة والÙتنة. من هذا الطراز هو القائد الوطني الجاد سعدات بامتياز. لم تثنه سنوات السجن الطويلة، كما لم تضعÙÙ‡ الØياة بعدها، عن مواصلة مشواره النضالي. وبين المناضلين من تجد تØÙزه واضØا ÙÙŠ قسمات وجهه، أو ÙÙŠ Øركات يديه، Ùإذ ا أزÙت ساعة الامتØان، تلعثمت ØروÙÙ‡ وأÙعاله. وبينهم آخرون يسكن التØÙز دخائلهم، تØسبهم بركة راكدة، Ùإذا دقت ساعة العمل، تجد سيلا غزيرا من الØماس أو قلْ كأن نارا٠دبت بين ضلوعهم هادئة، لكنها تجري إلى Øيث هشيمها. وبين القادة من يعبّر عن انÙعالاته بسرعة، غضبا أو ÙرØا، Øزنا أو سرورا، وبينهم من ÙŠØزن أو يغضب لكنه لا يستعجل البوØØŒ Ùإذ ا باØØŒ كان رزينا Ø´ÙاÙا، لكنه Øارق كشمس آب، ÙˆÙˆØ§Ø¶Ø ÙƒØ²Ø±Ù‚Ø© سماء Øزيران، وقاطع كسي٠يماني، وصلدٌ كقطعة صوان. ومن هذا الطراز هو القائد Ø£Øمد سعدات، متواضع، منكÙرٌ لذاته، مره٠الØس، رقيق المشاعر، متÙانÙØŒ دمث الخلق، هادئ كما يظهر للرائي، ساكن، لا يكثر من الكلام، Ùإذ ا تكلم كان قراره موجز ا وباتجاه الهدÙ. يقلّب الأمور ÙÙŠ رأسه، لكنه لا يستطيب لوك الأÙكار، Ùلديه بداهة تغنيه عن الإطناب ÙÙŠ الكلام.
Ø£Øمد سعدات قائد لم يتخرج من الكليات الأكاديمية، بل صنعت منه الممارسة قائداً، لا يستعرض إبداعه، يعمل ÙÙŠ المنمنم الصغير بصبر النمل ودأبه، ويتصدى للمهام الكبيرة بعقل مهندس ورسام معا. وكل ذلك لأنه تعامل مع الثقاÙØ© والÙكر، كأمور يجب أن ØªØµØ¨Ø Ø¬Ø²Ø¡Ø§ من كيانه، لا أداة للاستعمال. إنه قارئ نَهم، لكنه لم يقرأ كي يتقدم لامتØان، بل إن نهمه للقراءة Øالة غريزية يسد بها جوعا ناتجا عن استعصاء مشكلة، أو عن سؤال كبير تخلقه الØياة الاعتقالية وظرو٠العمل الوطني عموماً. صØÙŠØ Ø§Ù†Ù‡ قضى كثير من سنوات عمره بين جدران وقضبان، لكنه ÙŠØرص دائماً على أن يكون الÙكر متجها Ù†ØÙˆ القضية الكبرى التي منها تتÙرع الØياة الاعتقالية. Ùهو Ù…Ùكرٌ ومنظمٌ ومرب٠ÙÙŠ آن. إنه من أولئك المناضلين الذين تشدهم البوصلة Ù†ØÙˆ الجوهري، مخلÙا كل الشكليات والصغائر خلÙÙ‡. ÙŠÙرض قياديته بسجاياه المØسوسة دون دعاية، يقدم القدوة، ويبتعد عن تكرار الموعظة، يبدأ بنÙسه أولا، ثم يعطي المثال للآخرين، وبذلك اكتسب اØترام الØركة الوطنية، ÙˆÙرض Ù†Ùسه بسجاياه وخصاله قائدا ÙÙŠ الأسر٠وخارجه.
سعدات المناضل والقائد صار الكÙاØÙ Øياته، ودخل إلى معتركÙÙ‡ÙØŒ صلب العود، غير هياب، تعود أن يختصر كلَّ الطرق إلى الهدÙ. واليوم، وكما دوماً، لم يتخل٠عن المشاركة ÙÙŠ خوض معركة Ù…Ùروضة Øين جدَّ الجد، ليكون نابض الØركة، رغم قسوة ظرو٠الØبس الانÙرادي، وشدة آلام المعدة والعمود الÙقري وضغط الدم .
قصارى القول، Ø£Øمد سعدات، إضاÙØ© إلى العديد من قدامى الأسرى ومرضاهم المنخرطين ÙÙŠ معركة جوع ÙÙŠ مواجهة الركوع، ÙÙŠ خطر Øقيقي، Ùمعركتهم تØتدم، "ومديرية مصلØØ© السجون الصهيونية"ØŒ ومن خلÙها Øكومة نتنياهو - ليبرمان، تزداد صلÙا تجاه مطالبهم، وتضاع٠من إجراءات التنكيل بØقهم، ما ÙŠÙرض على كل Øر٠مضاعÙØ© Ùعاليات إسنادهم والتضامن معهم، لا بهد٠الضغط لتلبية مطالبهم Ùقط، بل، أيضاً بهد٠الØيلولة دون استشهاد بعضهم ÙÙŠ هذه المعركة القاسية والشاقة.
(المصدر: جريدة الأيام الÙلسطينية، 12/10/2011)