أبو الرب يدفع ثمن الإهمال ويعاني من مضاعفات خطيرة

 

"لست مريضا وليس لك دواء عندي"، بهذه الكلمات خاطب طبيب عيادة سجن شطة الأسير محمد بشير نصري محمد أبو الرب (36 عاماً) الذي نقل للعيادة إثر اصابته بنوبة مرض جديدة، فرفض علاجه رغم أن تقريره الطبي الذي يتابعه طبيب صهيوني آخر أوصى قبل أيام فقط بضرورة إجراء فحوصات طبية ومنظار لأمعاء محمد الذي ما زال ينتظر الموعد وسط نوبات وجع لا تتوقف.
وبخوف وقلق يعبر عنه في كل كلمة، قال والد الاسير: "إنه خلال زيارة محمد قبل أيام في سجن شطة، اشتكى من الممارسات الخطيرة التي يتعرض لها من عيادة وأطباء السجن الذي أعيد افتتاحه مؤخرا بعد إحداث اصلاحات واسعة هدفها تضييق الخناق على الأسرى وتشديد عزلتهم وظروف اعتقالهم وخاصة المرضى منهم الذين لا يتلقون أي رعاية صحية. لست مريضا.. عبارة يرددها اطباء مصلحة السجون كما يقول ابو الرب بشكل دائم لحرمان المرضى الأسرى من العلاج وادنى حقوقهم، والغريب ان السياسة تختلف من سجن لآخر ورغم أن ملف الأسير يرافقه في كل محطة اعتقال ولكن في كل سجن يختلف حديث وتشخيص الطبيب فتارة يهمل وأخرى عندما يهتم فانه يهدف لإثارة الخوف والرعب لدى الأسير وليس علاجه، فأثناء وجودي في سجن جلبوع قالت لي الطبيبة في إحدى المرات إن مرضي مزمن ولا يوجد لي علاج، ضمن سياسات الاحتلال لتدميرنا معنويا ونفسيا وما عجزوا عن تنفيذه من تصفية للأسير المناضل قبل اعتقاله، يحاولون تنفيذه في مرحلة التحقيق وحياة الأسر، فالعقاب والانتقام لا يتوقف كل لحظة. لكن في كل الأحوال ورغم تدهور وضع أبو الرب الصحي، فان والده يؤكد إنه خلال مطاردته وبعد اعتقاله كان محمد يتمتع بصحة جيدة ولم يتعرض لأية أمراض، ويقول: "محمد هو باكورة أبنائي والأول في عائلتنا المكونة من 13 نفرا، منذ صغره تمتع بقوة الشخصية والعزيمة والإرادة، وخلال دراسته بدأت مسيرته النضالية وكان يمقت الاحتلال ويحث دوما على مقاومته، ورغم ذلك فهو حنون محب لوطنه وابناء شعبه، طيب متسامح يحب العطاء للغير، فكاهي مبتسم دائما، وعقب اندلاع انتفاضة الاقصى، شارك في مواجهة الاحتلال والتصدي له، وفي ساعات الليل كان يتخفى بقناعه الاسود ويشارك مقاتلي سرايا القدس معاركهم، وبشكل سري أصبح من قادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ولم نعلم بدوره الكبير في التصدي ومقاومة الاحتلال حتى دوهم منزلنا ومع استمرار استهداف قادة السرايا، واستشهاد بعضهم واعتقال الاخر، اصبح محمد قائدا لها في محافظة جنين فهدد الاحتلال بتصفيته، وأدرج اسمه على راس المطلوبين للتصفية، وتتالت المداهمات وكان ضباط المخابرات يهددون بتصفيته وهدم المنزل، لكن محمد واصل التحدي لمدة عام ونصف وعانى شتى انواع العذاب بسبب تنقله من منطقة لأخرى من الجبال للكهوف حتى اعتقل في 7/ 3/ 2003 في عملية خاصة، وبعدها قامت قوات الاحتلال بتاريخ 9/ 3/ 2007 بتنفيذ تهديدها بهدم منزلنا المكون من طابقين ومساحة كل طابق 130 مترا.
الوالد الذي يتحدث بفخر واعتزاز عن محطات النضال والصمود لنجله وعائلته، يتذكر صور العذاب التي فرضت على نجله عقب اعتقاله، ويقول: "تعرض لكل صنوف التعذيب في تحقيق سجن الجلمة لمدة 3 شهور، وبعدها جرى نقله الى عزل سجن الرملة لمدة 3 شهور وحرمنا من زيارته لمدة عام ونصف بداية اعتقاله، ثم حكم بالسجن 24 عاما.
محمد الذي كان اعتقل في عام 1994 لمدة 7 شهور، قرر ان يبذل كل جهد مستطاع لتخفيف ألم وقلق أسرته عليه، ولرفع معنوياتها أرسل رسائل عدة لهم عبرت عن اعتزازه بتضحياتها، لكن وبينما كان يواصل تأدية دوره في قيادة أسرى حركة الجهاد، واصلت إدارة السجون عقابه بالنقل من سجن لآخر ليواجه كارثة المرض المفاجئ، فبدأ يعاني من آلام شديدة في البطن وأصبح يظهر دمل في اسفل الفخذ رافق ذلك انخفاض دمه، وبعد تدهور حالته جرى نقله الى المستشفى لإجراء عملية لإزالة الدمل ولكن لمنعه من استكمال العلاج وظروف الاعتقال البائسة إثر اعادته لنفس السجن تكررت الحالة ولم تتخذ ادارة السجون اجراء لمعرفة حقيقة المرض وظهر الدمل مرة واخرى حتى خضع لثالث عمليات ولكنه لم ينته لإعادته للسجن، لكن الادارة لم تبلغه حتى اليوم بنتائج الفحوصات وأسباب المرض، واضاف والده: "ما زال ابني ينتظر ولكنه أصيب مؤخرا بالتهابات في الأمعاء ولم يقدم له أي دواء، وبعدها نقل الى جلبوع وقالت له الدكتورة إن مرضه مزمن ولا يوجد له علاج، غير المسكنات على الرغم من الحاجة الماسة للدواء المناسب وقبل اسبوعين جرى تحويله الى مستشفى الرملة، وقرر الطبيب إجراء منظار جديد للأمعاء ولم يحدد الموعد.

على أبواب كل المؤسسات
تنقل الوالد أبو الرب لإثارة قضية نجله، ويقول: "كل العناوين كتبت فيها اسم محمد وتفاصيل معاناته وألمه ولكن دون جدوى، ما زال الجميع عاجزا عن انقاذ حياة ابني. مسلسل العقوبات لم ينته، فقد تعرض لإجراءات متعددة من حرمان لأبسط حقوقه وخاصة العزل ومنع زيارات عدد من الاهل، ومنذ اعتقاله فان اشقاءه رامي وحذيفة وصهيب واسلام يرفضون أمنيا أما والدته "أم محمد" فيقول زوجها إنها حساسة وتبكي بشكل دائم وفي أي مناسبة لشوقها وخوفها على محمد الذي وهب حياته كلها للوطن وللشعب. وناشد أبو الرب موقعي صفقة شاليط الضغط لتشمل المرحلة الثانية اسم نجله محمد الذي يشكل استمرار اعتقاله خطرا بالغا على حياته، وقال: "كل دقيقة يقضيها ابني في سجنه يفقد فيها الكثير من صحته ونفسيته، ونأمل أن يتحرر من جحيم السجون في الصفقة لنتمكن من علاجه وانقاذ حياته قبل فوات الأوان".

 (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 27/11/2011)