الأمراض تغزو جسد الأسير جعفر عز الدين والإدارة ترفض علاجه

أصبحت حياة الوالدة جميلة مليئة بالأحزان منذ اعتقال نجلها القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" الأسير جعفر إبراهيم محمد عز الدين (40 عاماً) من منزله في بلدة عرابة قضاء جنين في 21 - 3 والذي أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجا على اعتقاله الإداري، على نهج رفيق دربه وصديقه وابن بلدته المحرر الشيخ خضر عدنان.
وبين الخيمة ومنزلها والصليب الأحمر تقضي الوالدة السبعينة يومها، تارة تعتصم للمطالبة بحريته، وأخرى تجلس في خيمة التضامن المنصوبة أمام منزلها تحث الجميع على مشاركتها الدعاء لسلامته من ظروف اعتقاله المؤلمة، وباقي الوقت تقضيه في منزلها جالسة أمام التلفاز ولا يفارقها المذياع دون أن تتوقف عن الدعاء والصلاة لخلاصه من جحيم المعاناة.
وقالت أم محمد: "قضيت حياتي على بوابات السجون، ولكن لم أعش هذه المعاناة والخوف والقلق على مصير ابني الذي يواصل إضرابه بعدما انتزع من بين أطفاله دون تهمة أو سبب". تحدق الوالدة في صورة جعفر الذي تتوزع في أرجاء الخيمة، وتضم أحفادها لصدرها وهي تستحضر ذكريات لأيام العذاب المريرة التي اكتوت بها ولم تنته حتى اليوم، وأضافت: "منذ عام 1989 والسجن يفرق بين الأم والابن والأخ والأخت حتى أصبح يتعرف كل يوم على أسير جديد من أبنائي وحكم تعسفي لأحدهم قد يكون مدى الحياة أو إداريا أو حتى تنتهي محكوميته ولا يفرج عنه لأسباب واهية".
وتغص ذاكرة أم محمد بصور الألم والمعاناة التي رافقتها على مدار الانتفاضتين، وقالت: "بسبب استهداف جعفر بالاعتقال الإداري بعد عجزهم عن إدانته بتهمة الانتماء للجهاد لم يتمكن من مواصلة تعليمه في جامعة النجاح الوطنية فعاش متنقلا بين السجون أكثر مما عاش بني أبنائه الثمانية".
وبينما كان يتعرض جعفر للمطاردة والاعتقال عقب اندلاع انتفاضة الأقصى، أدرجت السلطات الصهيونية اسم شقيقه طارق ضمن قائمة المطلوبين، وتابعت: "تعرض ابني الثاني لعدة محاولات اغتيال واعتقلونا جميعا بما فينا زوجته وطفلاه محمد وجميله للضغط عليه لتسليم نفسه وأصبحنا محرومين من النوم جراء الخوف على حياته حتى اعتقل عام 2002 وحكم بالسجن المؤبد".
في رحلة اعتقال طارق التي استمرت عشر سنوات، مارست إدارة السجون بحقه كل أشكال العقاب حتى تحقق حلم أم محمد التي قالت: "افرج عنه في صفقة شاليط ولكنهم نغصوا علينا الفرحة بإبعاده لغزة، فقد كنت أتمنى أن يعود لمنزلنا ولزوجته ولأبنائه". وفي الوقت الذي تواصل فيه أم محمد انتظار اكتمال الحلم باجتماع الشمل مع طارق في عرابة، كانت على موعد مع رحلة العذاب الجديدة نحو السجون فهي ترى أن اعتقاله لا يستند لأي أساس قانوني وهدفه عقابه والانتقام منه لتضامنه مع صديقه خضر عدنان خلال إضرابه عن الطعام. وقالت: "فوجئنا باقتحام الجيش لمنزلنا واعتقال جعفر الذي قال له الجنود "أنت متضامن مع خضر عدنان سنرسلك للسجن لتكون بقربه وتتضامن معه أكثر".
في اليوم الثاني من اعتقاله، سلمت سلطات الاحتلال جعفر قرار تحويله للاعتقال الإداري فأعلن الإضراب عن الطعام فعوقب بالعزل في زنزانة انفرادية في سجن"الجلمة". وقال المحامي جواد بولس مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير: "إن جعفر احتجز في ظروف غير إنسانية وعزلة كاملة ومارست الإدارة بحقه كل أشكال العقاب مما اضطره للتوقف عن تناول المحاليل وشرب الماء".
رفضت إدارة السجون طلبات نادي الأسير بنقل جعفر إلى المستشفى ووقف عزله مما أدى لتدهور حالته الصحية، وتابع بولس: "أصيب الأسير بانتكاسة صحية وفقد 11 كيلوغراما من وزنه وعانى من هبوط حاد في السكر والضغط وآلام في المفاصل وأوجاع في الكلى ورغم ذلك تبثت محكمة الاحتلال اعتقاله الإداري".
أصر جعفر على قراره، فعاقبته الإدارة بفرض غرامة مالية مقدارها 1500 شيكل وحرمان من الكانتينه وزيارة الأهل، فرد على ذلك بإرسال رسالة عبر محامي النادي قال فيها: "لن انكسر ولن اهزم فإما الحرية والنصر وإما الشهادة".
استمرت الجهود والضغوط على إدارة السجون التي اضطرت لنقل جعفر يوم 2012/04/11 إلى مستشفى سجن الرملة نتيجة انهيار وضعه الصحي. وكباقي المضربين الثمانية في معركة الحرية ضد الاعتقال الإداري، لا يتلقى جعفر أية رعاية صحية في المستشفى، وروى لبولس: "أنه يعاني من عدم القدرة على الحركة وانخفاض في ضغط الدم ونسبة السكر وحالات من الإغماء المتكررة وفقد من وزنه( 20كيلو غراما) إضافةً لتعرضه للحمى ووصلت حرارته إلى 39 درجة". وتابع: "قبل أربعة أيام واثر إصابتي بحالة إغماء سقطت على الأرض وأصبت بجروح في الرأس واليدين لكن الإدارة رفضت نقلي لمستشفى متخصص". وبدخول جعفر يومه ال 39، لم يجد وسيلة لينقل فيها أخباره سوى إرسال رسالة جديدة مع المحامي بولس أكد فيها انه رغم تدهور وضعه الصحي إلا أنه مصمم على الإضراب عن الطعام حتى الاستجابة لمطالبه المشروعة.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 1/5/2012)