الأسرى المرضى: الشهادة أرحم من السجن

قام وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بزيارة إلى منزل الأسير المحرر علاء الدين حسونة 32 عاما، سكان الخليل الذي قضى 8 سنوات في سجون الاحتلال، وقد قضاها في مستشفى سجن الرملة الصهيوني حيث كان يعاني من مرض القلب.
وقد رافق قراقع خلال زيارته أبو العبد سكافي رئيس لجنة أهالي الأسرى في الخليل، وفريد الأطرش مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في منطقة الجنوب، وكمال هماش عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي.
وقال قراقع في احتفال استقبال الأسير علاء في ديوان آل حسونة أن وضع الأسرى المرضى في السجون أصبح لا يطاق بسبب تفاقم الأمراض في أجسادهم و سياسة الإهمال الطبي المتعمدة التي تمارسها إدارة السجون، واعتبر قراقع أن الأسرى المرضى تمارس بحقهم سياسة الموت البطيء، مطالبا بتدخل عاجل للإفراج الفوري عنهم وإرسال لجان تحقيق دولية حول تردي الأوضاع الصحية في السجون.
وقد سلم الأسير علاء حسونة الذي أجرى عملية قلب مفتوح داخل السجن رسالة موجهة من الأسرى المرضى إلى الرئيس أبو مازن والى كافة قوى وفصائل الشعب الفلسطيني، وهذا نص الرسالة التي جاءت تحت عنوان:

بسم الله الرحمن الرحيم

صرخة ألم و أمل

جماهير شعبنا الصامد في الوطن فلسطين وفي الشتات...
من إخوانكم وأبناكم المرضى القابعين في مقبرة الشهداء الأحياء فيما يسمى مشفى سجن الرملة، بهامات لا زالت وستبقى مرفوعة، وبأجساد أنهكها الإعياء و المرض، وبأرواح تتنسم الحرية والحياة في زمن يضيق فيه القيد وتتعرى على صفحاته كل قيم الإنسانية والعدالة أمام جبروت وصلف القوة و ظلماتها، من آهات آلامنا وقساوة معاناتنا، وبمشاعر تجيش بحرقة الأمل وبأنات الاحتضان ثرى الوطن الحبيب، ولقاء الأحبة والأبناء والأحفاد والزوجات والأهل، وبعيون ترنو لشقائق النعمان تشق صخر الأرض انتظارا لخطى مناضليها، ولأزقة عايشتنا براءة الطفولة، وبراري احتضنت شقاوة المراهقة وهضاب سهرت تحمي ليالي النضال والرجولة.
لجماهير عشقنا النضال ومارسناه بدفق أوجاعها ونبضات تطلعاتها ودفئ أحضانها نخاطبكم بصرخة ألم و أمل وقد تكون لبعضنا صرخته الأخيرة .... ونقول أننا لا نخشى الموت وإلا لما كنا واجهناها مرارا وتكرارا حين اخترنا طريق الكفاح لتحرير أرضنا وشعبنا، بل أن ما نخشاه هو أن لا نلفظ آخر ما تبقى من نفس بين أحضان أحبتنا وأهلنا و أبناء شعبنا.
نخاطبكم من موقع العضو من الجسد، ومن موقف الإدراك الواعي والمثمن لكل ما بذل من جهود ونضالات لوضع قضية الأسرى والمرضى والقدامى منهم على وجه الخصوص في مقدمة جداول أعمالكم، وإبراز الأخ الرئيس للقضية من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإصرار قيادات شعبنا و مؤسساته الوطنية والأهلية المختلفة والجهود المعطاة من الأخ وزير شؤون الأسرى في دفع قضيتنا دوما للواجهة و تحديدا الإصرار على شرط تحريرنا قبل استئناف أي شكل من الأحاديث مع عدو الإنسانية، مغتصب الحقوق ومدنس المقدسات، الذي يمعن وبصلف محموم في ممارسة أبشع سياسات التضييق والحرمان والإهمال الطبي المقصود ضدنا كمرضى.
فنحن متروكين لأقدارنا وآلامنا و أمراضنا، دون أية رعاية طبية حقيقية، اللهم عزلنا عن بقية أخواننا الأسرى كي لا يشكل وجودنا بينهم مصدرا إضافيا لتفجر الأوضاع داخل السجون، إن ما نتلقاه من علاج ينحصر بمسكنات تخدر أوجاع أمراض مستعصية تفتك كل لحظة بأجسادنا، وتفاقم من خطورة وضعنا وتقربنا اكثر للحظة الانضمام لقافلة من سبقونا وتخرجوا شهداء من ما يسمى مستشفى الرملة، وها هي أرواحهم تحوم متسائلة عن سر بقائنا متشبثين بحياة الشهادة منها أرحم، فلكم العزة يا من سبقتمونا و تحررتم شهداء، ويبدوا ان انتظاركم لانضمام بعضنا القريب لقافلتكم لن يطول، فالسلام والرحمة على أرواحكم يا محمد أبو هدوان وجمعة الكيالي و زهير لبادة و مراد أبو سكوت...
ستكون الشهادة اللطف وأرحم من وضع يعيش فيه خمسة عشر مناضلا في ظروف يطحنهم فيها القهر والألم والمرض، منها سبع حالات إعاقة مستديمة وأمراض مستعصية، بعضها كل ليلة يكرر وصيته الأخيرة وأمانيه الأخيرة أن يلفظ آخر ما تبقى من أنفاس بين أحضان أهله و محبيه وجماهير شعبه.
لتصل رسالتنا لكل ضمير ما يزال ينبض حبا للأرض ومناضليها، لجماهير شعبنا وهي تطرق جدران خزان أوجاعنا و أوجاعها، لمناضلينا البواسل، أخوتنا و مجاهدينا ورفاقنا : لا تتركونا ننزف في ميدان المعركة !! ولفصائلنا وقوانا الوطنية والإسلامية نقول: قوتنا في وحدتنا إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية شرط واجب لتحررنا و سيحاكم التاريخ كل من لا يسهم في إعادة اللحمة ورص الصفوف.
المجد والخلود لشهدائنا البررة والعزة لجرحانا.. الحرية للوطن وللأسرى.. الخزي والعار للاحتلال.

أخوانكم ورفاقكم ومجاهديكم
الأسرى المرضى في مشفى سجن الرملة

(المصدر: سرايا القدس، 21/10/2012)