أسير يكسر جدران الاعتقال للتواصل مع أبنائه

بشغف ولهفة يتلقى حمزة وصفاء وبلال أبناء الأسير مؤيد حامد من بلدة سلواد قرب رام الله بالضفة الغربية المحتلة رسائل والدهم ورسوماته من داخل الاعتقال ليتعرفوا بشكل مستمر على شخصيته، وليزرع من خلالها آداب ومفاهيم تربوية.
ويحتفظ كل منهم برسائل والده الخاصة به ورسوماته ودروعه في مكان خاص، يُدققون فيها ويغوصون في أعماقها، بعد أن حرمهم الاحتلال من حضن والدهم الذي تركهم أطفالًا صغار.
تقول زوجة الأسير "إن الاحتلال منعها من زيارة زوجها بحجة المنع الأمني، حيث بات الأولاد غير قادرين التعرف على والدهم سوى من بعض الزيارات القصيرة لوالد ووالدة مؤيد إلى المعتقل". وتضيف أن زوجها يمتلك مواهب الرسم والكتابة التي استغلها لمشاركة أسرته بكل المناسبات، فكانت رسوماته ورسائله حلقة وصل كسرت كل العوائق والأسلاك الشائكة.
وتوضح أم حمزة أن زوجها يرسل الرسائل قبل موعد المناسبة بشهرين، كونها تحتاج لرحلة طويلة حتى تصل إلى أبنائه، فكانت تُشاركهم رمضان والعيد والمدارس، وتسلم الشهادات المدرسية، ويكتب لهم المواعظ، ويحثهم على القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والصيام والصلاة والأخلاق والاحترام.
وتتابع "كان لرسائله أثر كبير فقد شاركني في تربية الأبناء، وهو يجاهد من خلف القضبان يعيش معنا لحظة بلحظة، وجعل أبناءه يتعرفون على شخصيته بشكل دقيق، كما أنه تحدى الاحتلال الذي تعمد هدم أسرتنا بتغيبه، وجعلها أسرة متماسكة بشكل لا يتوقع".
وتُبين أنه يرسل لهم دروعًا من مواد بسيطة متوفرة لديه تُعلق على جدران المنزل، كما يبعث بدروع لمدارس الأبناء بتوقيعهم.
وتشير إلى أنها كانت تقرأ لأبنائها وهم في الصغر رسائل والدهم، ولكنهم اليوم يتلهفون لقراءتها، ويُحدثون أصدقاءهم عن والدهم ومدى إعجابهم به، وكيف استطاع أن يغرس فيهم قيم كبيرة كالصبر والإيمان رغم تغيبه. والأسير مؤيد حامد معتقل منذ ما يقارب الـ9 سنوات، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد 11 مرة بتهمة قتل عدد من جنود الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، وأشهر عملية نفذها هي عين عريك قرب رام الله، والتي قتل فيها 7 جنود.
ويعد حامد من أكثر الأسرى حبًا وتعايشًا مع زملائه، ويحظى بعلاقات اجتماعية مع كافة الفصائل الفلسطينية.

يوميات أسير
وأصدر مركز أحرار لدراسات الأسرى حقوق الإنسان نسخة الكترونية من كتاب يوميات أسير محكوم مدى الحياة لتوثيق حياة الأسرى ودعم صمودهم.
ويقول مدير المركز فؤاد الخفش "إن الأسير مؤيد حامد استخدم أسلوبًا جديدًا مبدعًا وخاصًا يُدلل على مدى حبه وتعلقه بأبنائه، فقد كسر من خلاله أبواب الزنازين لتكون حلقة تواصل مستمرة". ويشير إلى أنه استطاع أن يشارك أبناءه بكل لحظة من لحظات حياتهم، من خلال استخدم أدوات بسيطة تتوفر لديه في الاعتقال قد حولها إلى وسائل تُعمق دور الأب في الأسرة، وتُعوضهم عن غيابه.
ويلفت الخفش إلى أنه أطلق النسخة الالكترونية للكتاب الذي يشمل 120 صورة ورسائل وعبارات أرسلها الأسير حامد لأبنائه، وقد جمعها في 70 صفحة، داعيًا إلى تبنيه وطباعته. ويؤكد أن الأسرى استطاعوا أن يكسروا كافة الحواجز للتواصل مع عائلاتهم خارج الأسر، وشكلوا إبداعات لم يحققها غيرهم بالعالم، كما تمكنوا من الحصول على شهادات جامعية عليا من داخل الاعتقال، وأنجبوا الأبناء بإرسال نطفة منوية لزوجاتهم، ويزرعون مكارم الأخلاق بأبنائهم.

(المصدر: وكالة صفا الإخبارية، 7/11/2012)