مؤسسة مهجة القدس ©
جنين: صرخة زوجة أسير وبناتها السبع أثقلتهن الديون
لم يتمكن النقاب الذي يغطي وجهها، ولا النظارات التي تضعها على عينيها من إخÙاء الدموع، التي انهمرت، وهي تØكي معاناتها، التي تمتد سنوات، بعد أن خط٠الاØتلال زوجها، وزج به ÙÙŠ السجن، وتركها ÙˆØيدة مع سبع بنات، تربيهن، وتعتني بهن، وتسعى لتوÙير متطلبات الØياة لهن، مما أغرقها ÙÙŠ ديون، لا تقوى على الالتزام بها.
معاناة وتشرد قبل الاعتقال
تقول أسماء كامل زيد زوجة الأسير Ù…Øمود علي عمارنة، 39 سنة، والمØكوم بالسجن الÙعلي Ø£Øد عشر عاماً، من قرية زبدة، وتعيش الآن ÙÙŠ بيت أهلها ÙÙŠ يعبد، إن معاناتها بدأت منذ تسع سنوات، Øتى قبل اعتقال زوجها بوقت طويل، وتضي٠زوجي عاش مطارداً لست سنوات، انتقلنا من بيت لآخر بعد أن غادر منزله ÙÙŠ قرية زبدة، واستقر بنا المقام ÙÙŠ مخيم جنين، ولم تكن Øياتنا طبيعية، Ùزوجي، كما تقول، لم يكن له مصدر دخل ثابت، وكنا Ù†Øصل على مساعدات من بعض الخيرين من جنين والمخيم، وتضي٠إنها لم تكن مسؤولة عن تأمين شأن بناتها، Ùزوجها كان المسؤول، وتقول: صØÙŠØ Ù„Ù… نكن نعيش Øياة بذخ، لكن Ù…Øمودا كان يسعى لتأمين اØتياجاتي واØتياجات البيت والبنات. وتشير أم إسلام إلى أنها تØملت مع بناتها Øياة قاسية.
وتقول أم إسلام إن التØول الكبير ÙÙŠ Øياتها كان بعد اعتقال زوجها، Ùقد اعتقل من بيت كان يسكن Ùيه، ÙÙŠ مخيم جنين، Ùقد تم اعتقال زوجها بعد عملية عسكرية لجيش الاØتلال، الذي دمر البيت، Ùاضطرت لبيع نصيبها من ورثتها عن والدها، وقامت Ø¨Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ø¨ÙŠØªØŒ قبل أن تخليه لصاØبه، وهذا راكم عليها الديون، Ùالأضرار ÙÙŠ البيت كانت كبيرة جداً. وتشير إلى أنها أصلØت البيت على Ù†Ùقتها، انطلاقاً من التزامها مع صاØب الملك، وهي لا ترى أنها أخطأت، بل تشعر بأنها ما زالت مدينة لصاØب البيت، وتتمنى لو تستطيع أن تÙعل Ø£Ùضل مما صنعت.
بيت العائلة ÙÙŠ زبدة تصدع بÙعل جدار الضم والتوسع
وتقول: بعد اعتقال Ù…Øمود عدت وبناتي لبيتنا ÙÙŠ زبدة، تلك القرية التي التهم جدار الضم والتوسع أجزاء من أراضيها، وأثر على مساØات أخرى، كما ألØÙ‚ أضراراً بعدد من المباني القريبة من الجدار، ولسوء طالع أم إسلام Ùإن بيتها قد أصيب بأضرار كبيرة، جراء أعمال التجريÙØŒ Øيث تسببت أعمال الجدار بتصدعات وتشققات ÙÙŠ البيت، وكان ÙÙŠ هذه الØالة السكن ÙÙŠ البيت شبه مستØيل. من هنا تقول إنها لجأت لأØد المواطنين، Øيث تعهد بصيانة البيت، وهذا أضا٠على كاهلها ديونا إضاÙية، وإذ تشعر بمسؤوليتها تجاه كل أصØاب الديون، التي تراكمت عليها، Ùإنها تخجل من عجزها عن الوÙاء بهذه الديون، وتقول إن هذه الديون قد وصلت إلى ثمانية وثلاثين أل٠شيقل، موزعة على المقاولين الذين قاموا بصيانة البيت، وأثمان كهرباء ومياه، وديون أخرى لتأمين اØتياجات أسرتها اليومية.
الديون كابوس يؤرق نومها
أم إسلام لم تعد تØتمل ما تعانيه من عجز عن الوÙاء بالتزاماتها تجاه الناس، واختلطت عليها الأمور، Ùكان لا بد من تصرÙØŒ وجدت أنه قد يخÙ٠عنها المسؤولية، وبالتالي يق٠مؤشر الديون عند هذا الØد، وإن زاد Ùيزيد بوتيرة بسيطة. وقد لجأت لأهلها ÙÙŠ بلدة يعبد، وطلبت من أخيها أن يستقبلها ÙÙŠ بيت العائلة، على أن تسكن وبناتها ÙÙŠ غرÙØ© ÙÙŠ بيت الأهل، وبذلك توÙر المواصلات من زبدة إلى يعبد، ويتØمل الأخ ثمن الكهرباء والمياه، إلى جانب إمكانية إيجاد عمل، ولو بأجر زهيد يعينها على تأمين اØتياجات بناتها السبع.
قسط جامعة ابنتها من الخيرين
وبخصوص اØتياجاتها قالت، ابنتي البكر الآن ÙÙŠ جامعة النجاØØŒ Ùقد التØقت بالجامعة هذا العام، والله أعلم كي٠تم تأمين القسط للÙصل الأول، وأقسمت بالله أن تأمين قسط الجامعة كان من أيدي الخيرين، وقالت إن أملها بالله أن تØصل ابنتها على معدل يؤهلها للØصول على منØØ© من الجامعة، وأشارت إلى أنها إن لم تØصل على منØØ©ØŒ Ùقد تضطر لترك الجامعة، وهذا ما يشعرها بالخو٠والØزن، خاصة وأن واØدة من بناتها تركت الدراسة مبكراً، والتزمت البيت، لتساعد والدتها ÙÙŠ شؤون البيت، لتتÙرغ الأم لعمل بسيط ÙÙŠ بقالة صغيرة، اÙتتØتها ÙÙŠ بيت والدها، الذي لجأت إليه. وعن البقالة تقول ليبارك الله لذلك التاجر الخير من أبناء يعبد، Øيث زودها بمواد بقالة بقيمة ثمانية آلا٠شيقل، على أن يبقى المبلغدينا، بذمتها، ويبقى رأس مال ÙÙŠ البقالة. وتقول أم إسلام إن هذا المشروع بسيط، وضعيÙØŒ ولكنه يساعدها ÙÙŠ تأمين بعض الاØتياجات، لكن لا يمكن من خلال هذا العمل البسيط أن تتمكن من سداد ما تراكم عليها من ديون.
أل٠وأربعمائة شيقل لا تكاد تÙÙŠ الاØتياجات اليومية
وعن مخصصات زوجها، قالت: زوجي لم يكن موظÙاً ÙÙŠ الأصل، ÙˆÙÙŠ وقت بدأت السلطة استيعاب المطاردين التØÙ‚ بالمقاطعة، وصارت السلطة تصر٠له مبلغا بسيطا من المال، Øتى اعتقل، وبعد ذلك صرنا Ù†Øصل على راتب مقطوع قيمته أل٠شيقل، وبعد Ùترة رÙعت السلطة مخصصات الأسرى إلى 1200 شيقل، ومؤخراً Ù†Øصل على 1400 شيقل، وتقول إن هذا المبلغ لا يكاد يغطي الاØتياجات اليومية البسيطة لأسرة مكونة من سبع Ùتيات وأم.
وعما Øصلت عليه من مساعدات قالت لقد Øصلنا على مخصص مئة دولار من الجبهة الديمقراطية ÙÙŠ بداية اعتقال زوجي، واعتقد أن هذا المخصص وصلنا لأربعة أشهر، كما Øصلنا على مبلغ ثمانيمئة شيقل من السلطة، وهذا المبلغ إلى جانب المبلغ الشهري، ولم يستمر صر٠هذه المنØØ©ØŒ Øيث توقÙت. وأشارت إلى أن زوجها، ÙÙŠ السجن، التزم مع Øركة Øماس، وهي تعتقد أن سبب وق٠المخصصات من السلطة، ومن الجبهة جاء على هذه الخلÙية، ÙˆÙÙŠ ذات الوقت Ùإن أياً من Øماس لم يطرق بابها ليقدم لها ولبناتها أية مساعدة. وتشعر بØزن شديد لأنها تعتقد أن أناسا خذلوا زوجها، Ùهي وبناتها بØاجة للمساعدة، وذلك بعد أن تØملت ديونا لا طائل لها بها. هذا الاستعراض، لا يعÙÙŠ Ø£Øدا من مسؤوليته، وإذا كان الأسير قد انتقل من تنظيم لآخر، Ùإن أسرته باقية ÙÙŠ بيتها، تنتظر من يمد يد المساعدة لها، وليس من العدل أن تبقى هذه الأسرة تعاني العوز والØرمان.
الزوجة مع وق٠التنÙيذ، الأم المسؤولة عن رعاية بناتها تعاني كثيراً Øتى لاستلام المخصص الذي يصر٠لزوجها، Ùمنذ أشهر تعاني مع البنك، Øيث إن الوكالة التي بØوزتها بØاجة لتوقيع من الزوج، ولأسباب لا تعرÙها لم يتمكن موظ٠الصليب الأØمر من التقاء زوجها ÙÙŠ الÙترة الأخيرة، Øيث ÙÙŠ كل مرة تتوجه Ùيها للبنك، تØتاج ÙƒÙلاء ومساعدات ليواÙÙ‚ البنك على تسليمها راتب زوجها، ولكن بعد أن توقع على تعهد خطي، بأنها ملتزمة تجاه البنك، ÙÙŠ Øال تنصل الزوج من الوكالة الممنوØØ© لها، خاصة، وأن تاريخ الوكالة قديم، والوكالة بØاجة لتوقيع جديد.
المنع الأمني ÙŠØول بينها وبين زيارة زوجها
وتقول أم إسلام إن معاناتها لا تتوق٠عند ضيق ذات اليد، Ùتواصلها مع زوجها متعثر، وهي من النساء الممنوعات أمنياً، Øيث إن الاØتلال ÙŠØ³Ù…Ø Ù„Ù‡Ø§ بزيارة زوجها مرة واØدة ÙÙŠ العام، وتعتبر أن هذا الوضع يزيد من توترها، Ùهي غير قادرة على التواصل مع زوجها، وتقول لو أنها تزور زوجها، مثل البقية، Ùيمكنهما التوصل لرأي يساعدها ÙÙŠ تأمين اØتياجاتها. وتشير إلى أنها وبناتها الكبيرات ÙÙŠ السن ممنوعات أمنياً، وهذا يعني تقييد زيارتهن لزوجها.
والناس يستعدون لاستقبال الأسرى المØررين، Ùإن أم إسلام لا تجد وقتاً تسأل Ùيه إن كان زوجها من بين هؤلاء الأسرى أم لا، وتقول إن Ø£Øداً لم يتصل بها ليقول لها إن زوجها من بين الأسماء المقترØØ© للتبادل، وهي إذ تØتسب عند الله معاناتها، Ùإنها تعبر عن Øزنها، أنه ليس من بين المÙرج عنهم، وليس هذا ÙØسب، Ùإنها ترى أن زوجها خارج Øسابات القائمين على الوضع، Ùطوال Ùترة اعتقاله لم تجد من يشعرها بأنه Ù…ØÙ„ اهتمامه، وكذلك لم تجد من يمد يد العون لها ولبناتها ÙÙŠ غياب والدهن ÙÙŠ السجن.
أم إسلام طرقت أبواباً كثيرة، مطالبها Ù…Øدودة جداً، باختصار تصلي لله أن تتخلص من الديون، وتشعر أن الديون كابوس يلاØقها ليل نهار، كي٠لا وهي امرأة لا Øول لها ولا قوة. تشعر بخذلان شديد، Øيث إنها تركت ÙˆØيدة لمواجهة قدرها، وهي إذا تعبر عن Øزنها- ولا تقوى على وق٠شلال من الدموع، كثيراً ما أوقÙها عن الكلام- لعجزها، وقلة Øيلتها Ùإنها ترÙع صوتها عالياً Ù„ÙÙƒ أزمتها، وترى أن ما تعيشه وبناتها من Øرمان هو مسؤولية المجتمع الÙلسطيني، Ùهي مسؤولة من سلطة Ùلسطينية، وهي مسؤولة من Øزب وتنظيم سياسي لديه من القدرات ما يمكن من خلاله مؤازرتها لتواصل رعايتها لبناتها، وهي مسؤولة من مؤسسات وجمعيات، ترعى الØالات المماثلة Ù„Øالتها. وأعربت أم إسلام عن استيائها من تخلي الكثيرين عنها وعن بناتها. ÙˆÙÙŠ ذات الوقت Ùإنها تخجل من عائلتها ومن عائلة زوجها، Øيث إن ظرو٠العائلتين لا تختل٠كثيراً عن ظروÙها، وترى أنها تثقل على شقيقها، الذي يتØمل تكالي٠المياه والكهرباء لها ولبناتها، وتتمنى لو أن بإمكانها أن تعÙيه من هذه المسؤولية، كما أنها تتÙهم ظرو٠أهل زوجها، Ùوالده رجل مسن لا يقوى على العمل، وظرو٠إخوانها مشابهة لظروÙها.
هل من مجيب؟!
صرخة مخنوقة تطلقها من Øنجرتها، تشاركها سبع بنات، Øرمهن الاØتلال من Øنان ومسؤولية الأب، وتقول إن ثقتها بالله كبيرة أن تصل هذه الصرخة لأصØاب القرار، Ùعسى أن تكمل ابنتها دراستها الجامعية، وعسى أن تنام ليلة واØدة تÙكر بمستقبل بناتها، بعيداً عن كابوس الديون. والسؤال: هل من مجيب؟ أم أن صرختها لم تلامس آذان الأØياء؟
(المصدر: صØÙŠÙØ© الØياة الجديدة، 21/10/2011)