والدة الأسير عدنان الأفندي: خابت توقعاتنا بالافراج عن ابني فصفقة التبادل كانت أملنا الوحيد لتحريره

"لماذا‎ ‎لم‎ ‎يتم‎ ‎الإفراج‎ ‎عن‎ ‎ابني‎ ‎ضمن‎ ‎الصفقة كباقي‎ ‎الأسرى؟"... ‎‎سؤال‎ ‎لم‎ ‎تتوقف‎ ‎الحاجة" ‎أم‎ ‎يوسف"‎ الأفندي‎ ‎عن‎ ‎ترديده‎ ‎منذ‎ ‎تنفيذ صفقة "‎الوفاء‎ ‎للأحرار"‎ والتي‎ ‎لم‎ ‎تشمل‎ ‎ابنها‎ ‎‎الأسير‎ ‎عدنان‎ ‎محمد‎ ‎يوسف‎ ‎الأفندي) ‎‏41‏‎ ‎عاما(‎‏ رغم‎ ‎انه‎ ‎يعتبر‎ ‎من‎ ‎قدامى‎ ‎الأسرى‎ ‎حيث‎ ‎أمضى‎ ‎في‎ ‎السجون‎ ‎‎عشرين‎ ‎عاما.‎‏ وأضافت‎ ‎الأفندي‎ ‎وهي‎ ‎تبكي‎ ‎متحسرة‎ ‎على‎ ‎وضع‎ ‎ابنها: "من‎ ‎حقنا‎ ‎أن‎ ‎نتساءل‎ ‎لماذا‎ ‎لم‎ ‎يتم الإفراج‎ ‎‎عن‎ ‎ابننا،‎ ‎وهذا‎ ‎السؤال‎ ‎لا‎ ‎يؤلمنا‎ ‎ويشغل‎ ‎بالنا‎ ‎نحن‎ ‎فقط‎ ‎كوننا‎ ‎عائلته،‎ ‎بل‎ ‎يتردد‎ ‎على لسان‎ ‎كل‎ ‎فرد‎ ‎في‎ ‎مخيمنا،‎ ‎‎فمنذ‎ ‎بداية‎ ‎اسر‎ ‎الجندي‎ ‎‎شاليط‎ ‎كان‎ ‎الحديث‎ ‎يدور عن‎ ‎الإفراج‎ ‎عن‎ ‎جميع‎ ‎المعتقلين‎ ‎قبل‎ ‎اتفاق‎ ‎أوسلو،‎ ‎‎وفجأة‎ ‎تغيرت‎ ‎النتائج‎ ‎فما‎ ‎هي‎ ‎الأسباب التي‎ ‎أدت‎ ‎لهذه‎ ‎الكارثة؟"‎‏ وفي‎ ‎منزلها‎ ‎وسط‎ ‎مخيم‎ ‎الدهيشة‎ ‎في‎ ‎بيت‎ ‎لحم،‎ ‎‎استعدت "‎أم‎ ‎يوسف"‎ التي‎ ‎تجاوزت‎ ‎عقدها السابع‎ ‎مع‎ ‎أسرتها‎ ‎وكل‎ ‎الأصدقاء‎ ‎والأهل‎ ‎لاستقبال‎ ‎عدنان‎ ‎بعدما‎ ‎أعلن‎ ‎‎توقيع‎ ‎الصفقة،‎ ‎ولكن سرعان‎ ‎ما‎ ‎تبدد‎ ‎الحلم‎ ‎وتحول‎ ‎فرحها‎ ‎لحزن،‎ ‎وقالت: "في‎ ‎كل‎ ‎المراحل‎ ‎لم‎ ‎تتوقف‎ ‎‎التصريحات حول‎ ‎أولوية‎ ‎أسرانا‎ ‎القدامى،‎ ‎زرعوا‎ ‎لدينا‎ ‎الأمل‎ ‎وكبروا‎ ‎الحلم،‎ ‎وعندما‎ ‎نشرت‎ ‎القائمة‎ ‎المعتمدة ‏لأسماء‎ ‎الأسرى‎ ‎ولم‎ ‎نجد‎ ‎اسم‎ ‎عدنان‎ ‎صدمنا‎ ‎وكان‎ ‎وقع‎ ‎الخبر‎ ‎علينا‎ ‎صاعقا‎ ‎خصوصا‎ ‎انه‎ ‎لم يخطر‎ ‎ببالنا‎ ‎ولو‎ ‎‎بنسبة‎ ‎‏Ù¡‏‎ ‎‏Ùª‏‎ ‎انه‎ ‎لن‎ ‎يكون‎ ‎ضمن‎ ‎الصفقة‎ ‎التي‎ ‎كانت‎ ‎أملنا‎ ‎الوحيد‎ ‎بعدما‎ ‎شطب اسم‎ ‎ابني‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎الصفقات‎ ‎السابقة".
أم‎ ‎يوسف‎ ‎التي‎ ‎صبرت‎ ‎طوال‎ ‎السنوات‎ ‎الماضية‎ ‎رغم‎ ‎معاناتها‎ ‎من‎ ‎الأمراض‎ ‎التي‎ ‎أصابتها عقب‎ ‎اعتقال‎ ‎باكورة‎ ‎‎ابنها‎ ‎عدنان،‎ ‎عانقت‎ ‎صورته‎ ‎محاولة‎ ‎تجاوز‎ ‎اثر‎ ‎الصدمة‎ ‎لتخفف‎ ‎معاناة رفيق‎ ‎دربها‎ ‎الحاج‎ ‎محمد‎ ‎الأفندي) ‎‏78‏‎ ‎‎عاما) "أبو‎ ‎يوسف"‎ الذي‎ ‎نال‎ ‎المرض‎ ‎منه‎ ‎بسبب‎ ‎حزنه الشديد‎ ‎منذ‎ ‎اعتقال‎ ‎نجله،‎ ‎وقالت: "الأيام‎ ‎القاسية‎ ‎التي‎ ‎‎عاشها‎ ‎ابني‎ ‎في‎ ‎سجنه،‎ ‎وتنقلنا‎ ‎خلالها بين‎ ‎السجون‎ ‎دفع‎ ‎والده‎ ‎من‎ ‎صحته‎ ‎ثمنها‎ ‎غاليا،‎ ‎فأصبح‎ ‎يعاني‎ ‎من‎ ‎مرض‎ ‎‎القلب‎ ‎وأجريت‎ ‎له عملية‎ ‎قلب‎ ‎مفتوح‎ ‎منذ‎ ‎ثمانية‎ ‎أعوام‎ ‎ووضعه‎ ‎الصحي‎ ‎سيء‎ ‎حيث‎ ‎لا‎ ‎يتمكن‎ ‎من‎ ‎الاعتماد‎ ‎على ‏نفسه‎ ‎لسوء‎ ‎وضعه‎ ‎وكان‎ ‎أمله‎ ‎الوحيد‎ ‎أن‎ ‎يتحرر‎ ‎عدنان‎ ‎ويجتمع‎ ‎شملنا".‏ وأضافت: "قضينا‎ ‎‏38‏‎ ‎عيدا‎ ‎‎وهو‎ ‎ليس‎ ‎بيننا‎ ‎وسيكون‎ ‎عيد‎ ‎الأضحى‎ ‎المقبل‎ ‎مثل‎ ‎كل الأعياد‎ ‎السابقة،‎ ‎ليس‎ ‎له‎ ‎طعم‎ ‎أو‎ ‎معنى‎ ‎بسبب‎ ‎غيابه‎ ‎عنا،‎ ‎‎علما‎ ‎أننا‎ ‎هيئنا‎ ‎أنفسنا‎ ‎ليكون العيد‎ ‎عيدين،‎ ‎لكن‎ ‎أملنا‎ ‎خاب‎ ‎وسيستقبله‎ ‎ابني‎ ‎في‎ ‎الأسر،‎ ‎فكيف‎ ‎لنا‎ ‎أن‎ ‎نفرح‎ ‎‎وأعيادنا محتجزة‎ ‎مثله‎‎ØŸ"‎
وروت"‎أم‎ ‎يوسف"‎ مراحل‎ ‎المعاناة‎ ‎التي‎ ‎عايشتها‎ ‎عائلتها،‎ ‎وفي‎ ‎مقدمتها‎ ‎‎الوالد الذي‎ ‎اعتقل‎ ‎في‎ ‎الانتفاضة‎ ‎الأولى،‎ ‎وقالت: "طريقنا‎ ‎للسجون،‎ ‎بدأت‎ ‎مع‎ ‎زوجي‎ ‎الذي‎ ‎اعتقل عام‎ ‎‏1988‏‎ ‎‎لمدة‎ ‎ثلاثة‎ ‎شهور،‎ ‎أما‎ ‎عدنان‎ ‎فمنذ‎ ‎صغره‎ ‎كان‎ ‎بطلا‎ ‎ومناضلا‎ ‎يحب‎ ‎وطنه‎ ‎وشعبه لذلك‎ ‎كرس‎ ‎حياته‎ ‎للقضية‎ ‎‎الوطنية،‎ ‎سكن‎ ‎الوطن‎ ‎قلبه‎ ‎فلم‎ ‎يتردد‎ ‎في‎ ‎النضال‎ ‎سعيا‎ ‎للحرية، واعتقلته‎ ‎القوات‎ ‎الصهيونية‎ ‎في‎ ‎‏13‏ - ‎‏5‏- ‎‏1991‏‎ ‎‎ØŒ‎ ‎وبعد‎ ‎رحلة‎ ‎عذاب‎ ‎طويلة‎ ‎حكم‎ ‎بالسجن‎ ‎الفعلي لمدة‎ ‎‏30‏‎ ‎عاما،‎ ‎وأمضى‎ ‎أول‎ ‎عامين‎ ‎من‎ ‎محكوميته‎ ‎في‎ ‎عزل‎ ‎‎الرملة‎ ‎ومنعنا‎ ‎من‎ ‎زيارته‎ ‎لمدة‎ ‎عام، ومنذ‎ ‎‏15‏‎ ‎عاما‎ ‎أنا‎ ‎وحدي‎ ‎من‎ ‎يسمح‎ ‎لي‎ ‎بزيارته."‎‏ وأضافت: "والده‎ ‎وجميع‎ ‎‎أشقائه‎ ‎يدفعون‎ ‎ثمن‎ ‎سياسة‎ ‎المنع‎ ‎الأمني،‎ ‎منذ‎ ‎‏15‏‎ ‎عاما‎ ‎ترفض السلطات‎ ‎الصهيونية‎ ‎منحهم‎ ‎تصاريحا‎ ‎لزيارته،‎ ‎‎واليوم‎ ‎يحرم‎ ‎من‎ ‎الحرية‎ ‎فأي‎ ‎ظلم‎ ‎اكبر‎ ‎من ذلك". ‎وقالت: "وكشقيقهم،‎ ‎أدى‎ ‎أبنائي‎ ‎الستة‎ ‎واجبهم‎ ‎تجاه‎ ‎وطنهم‎ ‎‎وشعبهم،‎ ‎فالستة‎ ‎تعرضوا للاعتقال‎ ‎لمرات‎ ‎عديدة‎ ‎وقضوا‎ ‎خلف‎ ‎القضبان‎ ‎فترات‎ ‎اعتقال‎ ‎تتراوح‎ ‎بين‎ ‎‏3‏‎ ‎Ùˆ‎ ‎‏5‏‎ ‎‎سنوات،‎ ‎لذلك عوقبنا‎ ‎بمنعنا‎ ‎من‎ ‎الزيارات."‎‏ في‎ ‎سجن "ريمون" ‎‎يقبع‎ ‎عدنان‎ ‎حاليا،‎ ‎ورغم‎ ‎معاناته‎ ‎فقد‎ ‎واصل‎ ‎تأدية‎ ‎‎واجبه‎ ‎الوطني‎ ‎خلف القضبان‎ ‎وتحدى‎ ‎سياسة‎ ‎السجن‎ ‎والسجان،‎ ‎وقالت‎ ‎والدته: "أصر‎ ‎عدنان‎ ‎على‎ ‎مواصلة‎ ‎تعليمه وحصل‎ ‎على‎ ‎الثانوية‎ ‎العامة‎ ‎ثم‎ ‎انتسب‎ ‎للجامعة‎ ‎المفتوحة‎ ‎وحصل‎ ‎على‎ ‎شهادة‎ ‎البكالوريوس في‎ ‎العلوم‎ ‎السياسية".
ورغم‎ ‎مساحات‎ ‎الحزن‎ ‎التي‎ ‎تمتد‎ ‎في‎ ‎أيام‎ ‎حياتها،‎ ‎مازالت"‎أم‎ ‎يوسف"‎ تعيش‎ ‎أمل‎ ‎الإفراج عن‎ ‎ابنها،‎ ‎وقالت: "بعد‎ ‎‎ ‎انجاز‎ ‎المرحلة‎ ‎الأولى‎ ‎من‎ ‎الصفقة‎ ‎دون‎ ‎ابني‎ ‎لا‎ ‎نملك‎ ‎إلا‎ ‎أن‎ ‎نقول‎ ‎حسبي الله‎ ‎ونعم‎ ‎الوكيل،‎ ‎وأملنا‎ ‎بالله‎ ‎كبير‎ ‎أن‎ ‎‎يكون‎ ‎ضمن‎ ‎الدفعة‎ ‎الثانية،‎ ‎ولدينا‎ ‎أمل‎ ‎بعدما‎ ‎نشر‎ ‎من تصريحات‎ ‎على‎ ‎لسان‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ ‎مسؤول‎ ‎من‎ ‎حركة‎ ‎حماس‎ ‎‎بان‎ ‎هناك‎ ‎معايير‎ ‎للدفعة‎ ‎الثانية وأهمها‎ ‎أن‎ ‎يكونوا‎ ‎ممن‎ ‎امضوا‎ ‎فترات‎ ‎طويلة،‎ ‎وابني‎ ‎تنطبق‎ ‎عليه‎ ‎هذه‎ ‎المعايير."‎‏ ‏وأضافت: "كان‎ ‎أملنا‎ ‎أن‎ ‎يقضي‎ ‎معنا‎ ‎عيد‎ ‎الأضحى‎ ‎هذا‎ ‎العام،‎ ‎لذلك‎ ‎نقول‎ ‎له‎ ‎اصبر‎ ‎وما صبرك‎ ‎إلا‎ ‎بالله‎ ‎وندعو‎ ‎الله‎ ‎‎أن‎ ‎يفك‎ ‎أسرك‎ ‎قريبا‎ ‎حتى‎ ‎تكتمل‎ ‎الفرحة."‎
"‎أم‎ ‎يوسف"‎ ورغم‎ ‎حزنها‎ ‎لم‎ ‎تنس‎ ‎أن‎ ‎تهنئ‎ ‎المحررين‎ ‎والمحررات‎ ‎‎وعائلاتهم،‎ ‎وقالت: "فرحنا للإفراج‎ ‎عن‎ ‎هذه‎ ‎الكوكبة‎ ‎من‎ ‎الأبطال،‎ ‎نشاطر‎ ‎عائلاتهم‎ ‎الفرحة‎ ‎ونتمنى‎ ‎لهم‎ ‎حياة‎ ‎‎سعيدة،‎ ‎وفي الوقت‎ ‎نفسه‎ ‎نوجه‎ ‎رسالة‎ ‎الى‎ ‎المسؤولين‎ ‎وعلى‎ ‎رأسهم‎ ‎السلطة‎ ‎الفلسطينية‎ ‎أن‎ ‎يهتموا‎ ‎بقضية الأسرى‎ ‎‎بشكل‎ ‎أفضل‎ ‎وان‎ ‎تكون‎ ‎قضيتهم‎ ‎علي‎ ‎سلم‎ ‎الأولويات،‎ ‎فالإنسان‎ ‎أغلى‎ ‎من‎ ‎أي‎ ‎شيء‎ ‎آخر، وكيف‎ ‎سيكون‎ ‎هناك‎ ‎‎سلام‎ ‎ومازال‎ ‎عدد‎ ‎كبير‎ ‎من‎ ‎الأسرى‎ ‎يقبعون‎ ‎في‎ ‎السجون؟".

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 25/10/2011)