للمرة الأولى منذ عشرين عاما.. سجون العزل الانفرادي خاوية

استطاعت الحركة الأسيرة للمرة الأولى منذ عشرين عامًا إفراغ سجون العزل الانفرادي من الأسرى بفعل إضراباتهم المتكررة عن الطعام.
ومع إضراب الأسير ضرار أبو سيسي (44 عامًا( عن الطعام لمدة ثلاثة عشر يومًا وتوصله إلى اتفاق مع إدارة مصلحة السجون، يقضي بإنهاء إضرابه عن الطعام مقابل إنهاء عزله فإنه بذلك يكون قد أغلق خلفه أبواب زنازين العزل، في حين تبقى المخاوف بين الأسرى وقادتهم من إعادة الاحتلال فتحها مجددًا في وجه أي أسير تريد الانتقام منه.
وتحظر المادة "118" من اتفاقية جنيف الرابعة السجن في مبانٍ لا يتخللها ضوء النهار وبصورة عامة أي نوع من أنواع القسوة، كما نصّت على أنه يُمنع معاملة الأسرى المعاقبين معاملة تختلف عن بقية المعتقلين بعد تنفيذ العقوبة التي حوكموا عليها.

"مهاتفة" لأول مرة
وأبدت أم موسى سعادتها بإنهاء زوجها إضرابه عن الطعام وتوصله إلى اتفاق مع مصلحة السجون يقضي بإنهاء عزله الانفرادي، متمنية الإفراج عنه في أقرب وقت ممكن بناء على أنه لم تثبت أي تهمة ضده.
وأكدت أنها تنتظر بشغف "مهاتفة زوجها" لأول مرة منذ اعتقاله قبل عامين ونصف، مطالبةً قادة الحركة الأسيرة بالتوصل إلى اتفاق مع مصلحة السجون يهدف إلى زيارة زوجها كما يحدث مع عائلات جميع الأسرى.
أم موسى ترى أن اختطاف زوجها من العاصمة الأوكرانية "كييف" ونقله إلى فلسطين المحتلة يُخالف الحقوق كافة وينتهك سيادة أوكرانيا التي لم تُحرك ساكنًا.
وقالت جميع الأخبار التي وردتني عن زوجي قبل إنهاء إضرابه عن الطعام تؤكد أن حالته الصحية في ترد مستمر، فهو مصاب بغضروف الظهر وضعف النظر ومرض الربو والقلب وضغط الدم فضلا على الحالة النفسية الصعبة، آمل أن يتحسن وضعه الصحي والنفسي بعد أن أنهى إضرابه.
وأشارت إلى أنها تقدّمت بشكوى إلى المحكمة الأوكرانية ووزارة الخارجية الأوكرانية ضد اختطاف زوجها لأنها حاملة للجنسية الأوكرانية هي وأطفالها، وقد اختطف زوجها من أراضي أوكرانيا لكن السلطات هناك رفضت التعامل مطلقًا مع قضية زوجي "وفق قولها".
ولفتت أم موسى إلى أن وزن زوجها هبط كثيرًا فوصل إلى أقل من 60 كجم في حين أنه كان قبل اختطافه93 ، متهمةً المحكمة الصهيونية بفرض تعتيم إعلامي كلي على ملف اعتقاله ومجريات التحقيق معه ومنع نشر أي تفاصيل متعلقة بقضيته.
أما الطفلة ماريا ابنة الأسير أبو سيسي التي تحمل الجنسية الأوكرانية فتتساءل دومًا عن الوقت الذي سيعود فيه والدها إلى البيت.
وقالت ماريا: يمر العيد تلو الآخر وكل حلمي أن يكون والدي بيننا، لذلك أدعو جميع القادة الفلسطينيين والأوكرانيين إلى النظر في وضع والدي وإرجاعه إلينا.
يذكر أن أبو سيسي حاصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وهو متزوج وأب لستة أبناء.
ولم تجد المخابرات الصهيونية منذ اعتقاله قبل عامين ونصف تهمة تنسبها إلى أبو سيسي الذي لا يزال موقوفًا حتى اللحظة، لكنها صنّفته ضمن أخطر الأسرى الفلسطينيين.
وأقدم الموساد على اختطاف أبو سيسي من أوكرانيا في 19 شباط/ فبراير عام 2011 ونقله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر قرصنة صهيونية، ثم خضع خلال اعتقاله لتحقيق قاسٍ حتى عزله انفراديا، ورفض الشاباك إخراجه من العزل إلى أن خاض الأسير إضرابه.

زنازين خاوية
من جهته ذكر الباحث في شؤون الأسرى ومدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش، أن سجون العزل الانفرادي ابيضّت ولم يتبق فيها أي أسير، لأول مرة منذ عام1993 م بعد خروج أبو سيسي منها.
واعتبر الخفش خروج أبو سيسي من الانفراد باعتباره من أخطر ثمانية أسرى في سجون الاحتلال وفق تصنيف الاحتلال إنجازا تاريخيا استطاعت الحركة الأسيرة انتزاعه من بين أنياب السجان.
ووفق قوله فإن الاتفاق يقضي بالسماح لأبو سيسي بالاتصال بعائلته مرة كل شهر، وأن تدخل الأطعمة التي تشتريها الفصائل له وكذلك عودة الأسرى الثمانية الذين تضامنوا معه من العزل إلى أقسامهم مع دراسة طلب السماح له بأداء صلاة الجمعة مع المعتقلين.
أما عن تفاصيل الاتفاق فأوضح أن الاحتلال نقل أبو سيسي إلى قسم )الشمور( في سجن السبع بالإضافة إلى ثلاثة أسرى عنده على أن يجري تبديلهم كل ثلاثة شهور.
وكان الأسير أبو سيسي يقبع في زنزانة صغيرة لا تتجاوز مساحتها ثلاثة أمتار يمكث داخلها 23 ساعة ولا يخرج إلا ساعة واحدة إلى غرفة أكبر قليلا كي يمشي ثم يعود.

قسوة العزل
والعزل من أقسى أنواع العقوبات التي تلجأ إليها إدارة السجون الصهيونية ضد الأسرى، إذ يحتجز الأسير منفردا في زنزانة معتمة وضيقة لمدد طويلة من الزمن لا يسمح له خلالها التقاء الأسرى.
تجدر الإشارة إلى أن أخطر ما يواجه الأسير المعزول افتقاره سقفا زمنيا محددا لعزله، كما لا يقدّم الأسير المعزول إلى أي جهة قضائية تبت في مسألة عزله، إذ يتحكم بمصيره جهاز المخابرات والأمن أو وزير الأمن الداخلي شخصيًا.
ولا تتوقف معاناة الأسير المعزول عند هذا الحد، فهو محروم من زيارة الطبيب أو العيادة الطبية حتى لو وصلت حالته المرضية إلى درجة مستعصية من المعاناة والخطورة، في حين أن السجان يكتفي بتقديم حبة أكامول.
وتنقسم سجون العزل الانفرادي إلى قسمين أولهما العزل المنفرد ويكون بوضع الأسير في زنزانة وحده دون وجود أي أسير معه، وهذا النوع هو أصعب وأثقل أنواع العقوبات على الأسير، في حين أن القسم الآخر هو العزل )المزدوج) ويقصد به وضع الأسير المعزول مع أسير آخر في زنزانة واحدة.

(المصدر: صحيفة الرسالة، 9/9/2013)