مؤسسة مهجة القدس ©
ÙÙŠ ذكرى عملية الهروب الجماعي من سجن غزة المركزي
بقلم: عبد الناصر Ùروانة
للØرية ذات الØرو٠القليلة مذاق آخر، وأبعاد كثيرة ومعاني كبيرة، وللأسرى المØرومين من الØرية أكانوا قدامى أم Øديثي الاعتقال، Ù…Øكومين بالسجن لبضعة شهور أو لبضع سنوات، أو Øتى بالسجن المؤبد لمرة ومرات عديدة Øلم يراودهم Ùˆ يعيش معهم، يكبر بداخلهم Ùهو غذائهم الأساسي ومصدر قوتهم وسر بقائهم على قيد الØياة .
ويبقى من ØÙ‚ الأسرى الÙلسطينيين، أن ÙŠØلموا بالØرية التي تعني كسر القيد ÙƒØÙ‚ مكÙول ومشروع، وليس مهماً كي٠يمكن أن يتØقق هذا الØلم، بانتهاء Ùترة Ù…Øكومياتهم، أو ضمن صÙقات تبادل الأسرى، أو Øتى من خلال "المÙاوضات السياسية"ØŒ وإÙراجات "Øسن النية" والتي ازدادت بعد اتÙاق أوسلو، المهم أن يتØقق Øلمهم دون المساس بالمبادئ والقيم والأهدا٠التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها .
ولعل الأسرى الÙلسطينيين ÙÙŠ السجون الصهيونية ومن يق٠خلÙهم لم يدخر٠وسيلة إلا ولجأوا إليها لكسر قيدهم وضمان تØقيق Øلمهم بما Ùيها عمليات الهروب الÙردية أو الجماعية، واستخدموها منذ عقود طويلة بأشكال وطرق عدة، ÙˆÙÙŠ مرات عديدة نجØوا بها، ومن تلك العمليات كانت عملية الهروب الجماعي من سجن غزة المركزي ÙÙŠ السابع عشر من مايو / آيار عام 1987.
إن Ù…Øاولات الهروب من السجون شائعة الØدوث ÙÙŠ العالم قاطبة، وأن قصص الهروب الناجØØ© منها كثيرة ومتعددة ØŒ ولعل قصة الهروب التي نتØدث عنها اليوم من سجن صهيوني Ù…Øصن هي واØدة من القصص الشهيرة ÙÙŠ العالم، ولعلها هي الأشهر والأبرز ÙÙŠ السجون الصهيونية .
ÙÙÙŠ السابع عشر من مايو / آيار عام 1987 وببركات شهر رمضان الÙضيل، Ù†Ø¬Ø Ø³ØªØ© من الÙدائيين الÙلسطينيين المأسورين ÙÙŠ سجن صهيوني يقع وسط مدينة غزة ويÙطلق عليه "سجن غزة المركزي" (السرايا) من نشر قضبان غرÙØ© (7) ÙÙŠ قسم (ب) الواقع ÙÙŠ الطابق الثاني من السجن والهروب من عالم القيد رغم أن٠السجان والإÙلات من قبضة الاØتلال إلى عالم الØرية وساØØ© النضال الأرØب .
ستة أسرى ينتمون لـ "Øركة الجهاد الإسلامي" بدأوا بنشر قضبان ناÙذة زنزانتهم (الغرÙØ© الصغيرة) ÙÙŠ العاشر من مايو / آيار بشكل مدروس ولمدة سبعة أيام متواصلة دون أن يلاØظ أو يشعر Ø£Øد بما ÙŠÙعلون، Øيث بدأوا النشر من الجهة الخلÙية للقضبان الØديدية خلال صلاة Ø§Ù„ØªØ±Ø§ÙˆÙŠØ ÙˆØ£Ø«Ù†Ø§Ø¡ آذان الÙجر Ø£Øياناً، ÙˆÙÙŠ ساعات الÙجر الأولى من يوم الجمعة المواÙÙ‚ السابع عشر من مايو وبعد الانتهاء من النشر وكسر القيود، بدأ الشيخ/ Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±Ù‰ وتبعه الباقي بالخروج من الناÙذة الصغيرة والضيقة والتي تكاد تتسع لأجسامهم النØÙŠÙØ© .
ونزلوا إلى سق٠تØت الغرÙØ© بمساÙØ© ثلاثة أمتار ومن ثم إلى معرش Øديدي ثم الهبوط على الأرض على ماسورة من الØديد وتجولوا ÙÙŠ السجن ÙˆÙتشوا بعض السيارات التي كانت تق٠بجانبهم بØثا عن Ø³Ù„Ø§Ø .
وخشية من اكتشا٠أمرهم سارعوا بتسلق شجرة كبيرة وعالية كانت تقع بجانب أسوار السجن الشاهقة ومنها Ù‚Ùزوا إلى خارج السجن باتجاه شارع الثلاثيني بغزة .
ÙˆÙÙŠ تمام الساعة السادسة من ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… التالي إكتش٠ضابط (العدد) أمر هروبهم Øينما تبين له أن 19 أسيراً Ùقط ÙÙŠ الغرÙØ© من أصل 25 أسيراً، Ùأطلق صÙارة الإنذار وأعلنت Øالة الطوارئ ÙÙŠ السجن ومبنى الØاكمية العسكرية الصهيونية الملاصق للسجن وسط مدينة غزة وانتشرت قوات كبيرة من الجيش ÙˆØرس الØدود Øول السجن، وأجرت عمليات اقتØام وتÙتيش واسعة لغر٠وأقسام السجن، وبعد Ùشل Ù…Øاولاتهم بالعثور على الأبطال الستة أعلن مدير عام مصلØØ© السجون هزيمته وهزيمة جيشه ÙˆÙشل كاÙØ© اجراءاته الأمنية أمام إرادة وعزيمة وإصرار الأسير الÙلسطيني .
عملية رائعة استندت إلى خطة مدروسة ومتقنة اتسمت بالكتمان والسرية، وتنÙيذ دقيق لبنودها ومسارها وتعليمات معدها، واعتمدت على الله ودعوات ورضا الآباء والأمهات وإرادة صلبة وعزيمة قوية وإصرار لا يتزعزع من قبل المنÙذين .
لتشكل وعلى لسان بعض قادة الاØتلال ÙضيØØ© أمنية كبرى، وصÙعة قوية للمنظومة الأمنية الصهيونية ولادارة مصلØØ© السجون واجراءاتها الصارمة .
Ùالجهات الأمنية والعسكرية الصهيونية أصيبت بالذهول ويجب أن تصاب بذلك ÙˆØتى بالانبهار للطريقة التي إستخدمها الأسرى الÙلسطينيون للهروب من سجن يقع داخل مبنى الØاكمية الصهيونية بغزة ويØظى بØراسة كبيرة ومشددة على مدار ساعات اليوم , ومØاط بجدار شاهقة، وأسلاك شائكة، وأنوار ساطعة طوال ساعات الليل، وكي٠نجØوا ÙÙŠ كتم أصوات نشر قضبان الØديد وتمكنوا من الإختباء ÙÙŠ الساØØ© الداخلية للسجن بعيداً عن أعين الØراسة، ومن ثم الهروب والاختÙاء خارج السجن .
(Ù…ÙÙ†ÙŽ الْمÙؤْمÙÙ†Ùينَ رÙجَالٌ صَدَقÙوا مَا عَاهَدÙوا اللَّهَ عَلَيْه٠ÙÙŽÙ…ÙنْهÙÙ… مَّن قَضَى Ù†ÙŽØْبَه٠وَمÙنْهÙÙ… مَّن يَنتَظÙر٠وَمَا بَدَّلÙوا تَبْدÙيل) صدق الله العظيم
Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±ÙŠØŒ Ù…Øمد الجمل، سامي الشيخ خليل، ØµØ§Ù„Ø Ø£Ø¨Ùˆ شباب، عماد الصÙطاوي، وخالد صالØ.. هم أبطال المسلسل البطولي Ø§Ù„Ù†Ø§Ø¬Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠ Øمل عنوان "الهروب الكبير" من سجن غزة المركزي، ليواصلوا عطائهم ومقاومتهم للاØتلال ÙÙŠ ساØØ© النضال الأرØب، Ùمنهم من أعيد اعتقاله، ومنهم من استشهد ومنهم من ينتظر .
(Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±ÙŠ) العقل المدبر والمخطط لعملية الهروب، وهو أسير سابق أمضى 15 عاماً ÙÙŠ سجون الاØتلال قبل أن ÙŠÙطلق سراØÙ‡ ÙÙŠ إطار صÙقة تبادل الأسرى عام 1985ØŒ ولديه خبرة سابقة بأساليب الØراسة، وهو أول من Ù‚Ùز من الناÙذة الصغيرة، ليقود إخوانه Ù†ØÙˆ الØرية والشهادة .
وبعد أكثر من أربعة شهور من المطاردة والاختÙاء والمقاومة نال الشهادة ÙÙŠ الأول من أكتوبر من عام 1987 خلال اشتباك مع ÙˆØدات كوماندوز صهيونية بالقرب من مخيم البريج وسط قطاع غزة.
ليلØÙ‚ به (Ù…Øمد الجمل) Ùˆ(سامي الشيخ خليل) اللذان استشهدا أيضاً ÙÙŠ اشتباك Ù…Ø³Ù„Ø Ù…Ø¹ دورية صهيونية ÙÙŠ ØÙŠ الشجاعية شرق مدينة غزة ÙÙŠ السادس من تشرين أول/ أكتوبر عام 1987 .
Ùيما ØµØ§Ù„Ø Ø£Ø¨Ùˆ شباب (إشتيوي) اعتقلته سلطات الاØتلال بعد سبعة أيام من عملية الهروب وذلك ÙÙŠ الخامس والعشرين من مايو، وأن Ø¥Øدى المØاكم العسكرية الصهيونية أصدرت بØقه Øكماً بالسجن الÙعلي لمدة خمس سنوات بالإضاÙØ© إلى سنتين بتهمة الهروب من السجن .
بينما Ø£ÙÙ„Ø (عماد الدين الصÙطاوي) وزميله (خالد صالØ) بمغادرة قطاع غزة باتجاه مصر العروبة بعد بضعة شهور من إختÙائهما بغزة بعيداً عن أعين الاØتلال، وبعد شهرين تقريباً أبعدا إلى العراق ليستقبلا هناك Ø£Ùضل استقبال من قبل المسؤولين العراقيين وبØضور مندوبين عن الأخ الشهيد أبو جهاد .
(عماد الصÙطاوي) عاد إلى غزة مع القوات الÙلسطينية عقب التوقيع على اتÙاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الÙلسطينية عام 1994ØŒ وبعد مكوثه Ùيها لبضع سنوات أراد مغادرتها والسÙر عبر معبر رÙØ Ø¬Ù†ÙˆØ¨ القطاع والذي كانت تسيطر عليه سلطات الاØتلال وذلك بتاريخ 13-12-2000 لتعتقله من جديد وتعيده للسجن وتصدر بØقه Øكماً بالسجن الÙعلي لمدة 18 سنة على تهم سبقت عملية الهروب، وهو لا يزال يقبع ÙÙŠ السجون الصهيونية وكنا نأمل أن تشمله صÙقة شاليط "ÙˆÙاء الأØرار" التي Ù†Ùذت ÙÙŠ أكتوبر من عام 2011.
أما (خالد صالØ) Ùبعدما وصل للعراق لم يهدأ أو يستكين Ùعمل بشكل مباشر مع الشهيد القائد "أبو جهاد" الذي كان يقضي معظم وقته آنذاك ÙÙŠ العراق، وبعد استشهاده ÙÙŠ ابريل عام 1988 انتقل "خالد" إلى تونس للعمل هناك مع مجموعات الشهيد الخاصة، ومن ثم تنقل للعمل ÙÙŠ دول عربية عديدة منها لبنان، سوريا، ليبيا، وأخيراً استقر به الØال ÙÙŠ بلد المليون ونص٠المليون شهيد "الجزائر الشقيقة" ويقيم مع أسرته على أرضها ÙˆÙوق ترابها Ùˆ(لا) أذيع سراً إن قلت بأن (خالد صالØ) هو ذاته (عز الدين خالد) مسؤول مل٠الأسرى ÙÙŠ السÙارة الÙلسطينية هناك وأØد أبرز الإعلاميين المداÙعين عن قضية الأسرى ÙÙŠ الوطن العربي، Ùهو من تبنى قضيتهم وناضل ويناضل باستماتة ÙÙŠ الدÙاع عنهم، ويقضي ساعات طويلة من يومه من أجلهم على Øساب أسرته وأطÙاله وقضاياه الشخصية، وهو من جعل قضية الأسرى دائمة الØضور وبقوة وعلى نطاق واسع ÙÙŠ الجزائر الشقيقة ليقدم لنا نموذجاً رائعاً ÙÙŠ الإعلام الخارجي المساند والداعم لقضية الأسرى بمساهمة بعض إخوانه من الÙلسطينيين ومساعدة بعض أشقائه من الجزائريين، Ùهو المسؤول الأول عن عدة ملاØÙ‚ وعشرات الصÙØات التي تختص بالأسرى وتصدر ÙÙŠ العديد من الصØ٠الجزائرية .
السابع عشر من مايو/ آيار عام 1987 سيبقى يوماً مميزاً وعلامة بارزة ÙÙŠ تاريخ الØركة الوطنية الأسيرة، وانتصار يضا٠لانتصاراتها العديدة، ومÙخرة ÙŠÙسجل ÙÙŠ سجلاتها الساطعة وستبقى عملية الهروب هذه Ù…ØÙورة ÙÙŠ الذاكرة الÙلسطينية .
Ùيا دامي العينين Ùˆ الكÙين ! إن الليل زائل
لا غرÙØ© التØقيق باقية ! Ùˆ لا زرد السلاسل !
نيرون مات، ولم تمت روما .. بعينها تقاتل !
ÙˆØبوب سنبلة تج٠ستملأ الوادي سنابل !
عبد الناصر Ùروانة
أسير سابق، وباØØ« مختص ÙÙŠ شؤون الأسرى
مدير دائرة الإØصاء بوزارة الأسرى والمØررين ÙÙŠ دولة Ùلسطين
عضو اللجنة المكلÙØ© بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة
(المصدر: صوت ÙØªØ Ø§Ù„Ø¥Ø®Ø¨Ø§Ø±ÙŠØŒ 17/5/2013)