الأسير القائد معتصم رداد.. جسدٌ أنهكه المرض و عزيمة تناطح الجبال

بالرغم من يقين الحاجة أم عاهد، والدة الأسير المريض معتصم رداد، أن الرهان على رؤية نجلها في رحلة زيارته في سجنه ضئيلة جداً، إلا أنها لم تضيع موعد الزيارة، وتقوم بتهيئة حاجات نجلها، وتخرج من منزلها في بلدتها صيدا شمال طولكرم، مع ساعات الفجر، متكبدةً المشاق والعذاب للوصول إليه في سجنه، أملاً في الاطمئنان على صحته، وهو الذي يعاني من سرطان الأمعاء.
أما الاحتلال فيتصيد مواعيد زيارة معتصم، ليخيّره: بين الزيارة، أو تلقي إبرة الكيماوي، التي تخفف عنه عذابات جسده الذي نخرته أمراض السجن؟!!.

حرمان من الزيارة
وتؤكد أم عاهد والدة الأسير معتصم "إن معتصم يرى في الإبرة التي يتلقاها كل 20 يومٍ، الأمل الوحيد لتخفف عنه آلام سرطان المعدة، والكثير من الأمراض الأخرى".
وتشير الوالدة: "أن خيار معتصم زيارتنا تعني حرمانه من الإبرة وانتظاره عشرين يومٍ أخرى، تحت نهش عذابات مضاعفة من آلام الأمراض، في انتظار موعد الإبرة التالية".
وتؤكد أم عاهد: "أن معتصم عندما اعتقله الاحتلال، كان في صحة جيدة، إلا أن الاحتلال أتاح لكل الأمراض على مدار 12 عاماً من اعتقاله، أن تسكن جسد نجلها وتحطمه، بعدم تقديم العلاج له، سعياً لقتله قتلاً بطيئاً".

من الميلاد إلى الاعتقال
ولد الاسير القائد معتصم طالب رداد في بلدة  صيدا شمال طولكرم في (11-11-1982)ØŒ ويعد أحد قادة سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وبعد سنوات من عمله العسكري كان اعتقاله في (12-1-2006)ØŒ عقب اشتباك مسلح خاضه في ضاحية صباح الخير شرق  مدينة جنين، حيث استشهد خلاله رفيقيه: معتز أبو خليل، وعلي أبو خزنة، وأصيب يومها معتصم بشظايا عديدة في كافة أنحاء جسمه، وحكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً، بتهمة الانتماء لسرايا القدس وحيازة سلاح، والقيام بعمليات مقاومة للاحتلال الصهيوني.ومنذ اليوم الأول لاعتقاله بدأ الأسير معتصم رحلة طويلة صعبة وشاقة من المرض والمعاناة، وهو الأسير المصاب بشظايا كثيرة في مختلف أنحاء جسمه.

تفاقم المرض
ويؤكد عاهد الشقيق الأكبر لمعتصم "أن معتصم عاني منذ بداية اعتقاله من أوجاع كبيرة ومتواصلة في بطنه وأمعائه، وكان يُعتقد أنها نتيجة الشظايا المنتشرة في أنحاء جسده، وكان رد أطباء السجن بأنها عوارض بسيطة، فكان العلاج المقدم بضع حبات من المسكنات، ومع مرور الوقت بدأت التهابات أمعائه تتفاقم، ما سبب له نزيف في المعدة، إلا أن أطباء السجن لم يحركوا ساكناً، وبدأ جسد معتصم يتهاوى من المرض وإهمال العلاج".
ويضيف: "وعلى مدار عامين، كان وضع معتصم الصحي قد تدهور كثيراً، وخسر أكثر من خمسة عشر كيلو غراماً من وزنه، ووصلت نسبة الدم إلى حوالي 5 فقط، ووقتها اعترفت مصلحة السجون بخطورة مرضه ونقلته إلى مستشفى (سوروكا) في بئر السبع.

حرمانه من العملية
ويشير عمرو شقيق معتصم الأصغر "بعد خمس سنوات من مرض معتصم، اعترفت مصلحة السجون بإصابته بسرطان متقدم في الأمعاء، حيث تقرر إعطاؤه العلاج الكيماوي، وبعد فترة ولعدم تجاوب جسمه للعلاج الكيماوي، قررت إدارة عيادة سجن الرملة تحديد عملية جراحية له لاستئصال جزء من أمعائه، وكان ذلك قبل نهاية عام 2011".
ويؤكد عمرو: "أنه وعلى الرغم من خطورة العملية ونسبة نجاحها الضئيلة، وافق الأسير معتصم علي إجرائها، آملاً أن تضع حداً لسنوات طويلة من معاناته، إلا أن إدارة عيادة السجن أبلغته بتأجيلها لأجل غير مسمى، وذلك قبل أقل من ساعة فقط على موعد إجرائها، وبعد أن خضع لإجراءات تحضيره الكامل للعملية، ومازال ينتظر إجراءها حتى اليوم".

عذابات البوسطة
باتت إبرة الكيماوي التي يتلقاها معتصم كل 20 يومٍ في مستشفى الرملة، العلاج الوحيد الذي يسكت أوجاعه عدة أيام، لكن الاحتلال استغل رحلة معتصم لتلقيها من سجنه إلى مستشفى سجن الرملة، ليذيقه معها عذاب البوسطة الحديدية، التي يرهق الأصحاء منها، علاوة عن المرضى.
ويشير عاهد: "أن رحلة الذهاب من سجنه في هداريم إلى مستشفى الرملة، بالكاد تحتاج لـ45 دقيقة، إلا أن الاحتلال يتعمد إذاقته عذابات البوسطة، فيخرجه من سجنه مكبل اليدين، منتظراً من الساعة الرابعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً، حتى موعد الإبرة، وبعد تلقيه الإبرة ينتظر في القفص الحديدي (البوسطة)، إلى أن يصل في ساعات متأخرة إلى سجنه محطم الجسد شديد الإرهاق والإعياء".
ويشير عاهد: "أن بإمكان مصلحة السجون إعطاؤه الإبرة في مستشفى مئير الذي لا يبعد عن سجن هداريم سوى دقائق معدودة، إلا أن سادية الاحتلال تجعله يتلذذ بعذابات الأسرى في سجونه".

معنويات تناطح الجبال
وتقول أم عاهد والدة معتصم: "إن ابنها يتمتع دائما بالمعنويات العالية، والابتسامة المشرقة، متحدياً سجانه"، وتضيف: "ورغم تقصير المؤسسات الرسمية والإنسانية بالتدخل الحقيقي للإفراج عن نجلها، إلا أنها ترى أن الله لن يضيع نجلها"، مشيرة: "أن معتصم يرى في نفسه شهيداً يمشي على الأرض، وعندما أزوره يطلب مني أن أدعو أن يكتب الله له الخير حيث كان".