والدة الأسير سعيد البنا: يعاني من سرطان بالمثانة فأعيدوه لحضني قبل وفاتي

الاعتقال والحكم والمعاناة المريرة التي تجرعها منذ زجه خلف القضبان، لم تنل من إرادة ومعنويات الأسير سعيد عبد الله سعيد البنا (36 عاما)، وكذلك عائلته الصابرة في مخيم طولكرم لكنها اليوم، تعيش كوابيس رعب وقلق مستمرة بعدما تبين اصابة اسيرها بالمرض الخبيث رغم عدم معاناته من أية أمراض قبل اعتقاله، ومما يزيد الأمر سوءا، اهمال إدارة السجون لمتابعة وضعه وتنصلها الدائم من توفير العلاج المناسب له لمحاصرة المرض ومنع مضاعفاته.

مرض السرطان
ويؤكد شقيق الأسير، المحرر أحمد البنا، إن سعيد تمتع طوال عمره بالصحة والعافية، وبعد مرور فترة على اعتقاله، اشتكى من أوجاع مستمرة في البطن، ويقول "حتى أثناء مطاردة الاحتلال له، لم يشكو من أمراض، وفجأة أصيب بألم عالجته عيادة السجون بالمسكنات رغم أن حالة أخي الصحية كانت تتدهور بشكل مستمر"، ويضيف "صبر سعيد وتحمل بعدما فشلت كل مطالباته بعرضه على طبيب متخصص، وبعدما أصيب بنزيف حاد وإنهار بشكل كامل، نقل لأحد المشافي الصهيونية، وبعد الفحوصات، عاش الصدمة المريرة بعدما اكتشفوا اصابته بسرطان في المثانة".

اهمال وتدهور
وسط أجواء الخوف والقلق، قدمت العائلة طلباً لمصلحة السجون للسماح بطبيب مختص بفحصه وعلاجه، ويقول "الحكم القاسي الذي صدر بحق أخي لم يرعبنا، ولكن عندما سمعنا بمرضه، تحولت حياتنا لمآسي وكوارث لمعرفتنا بسياسة الاحتلال الذي يستثمر المرض لعقاب الأسير والانتقام منه"، ويضيف "وما زال أخي يدفع الثمن، فحتى اللحظة لم يتلق العلاج المطلوب رغم خطورة المرض، وبعد ضغوط، أجريت له فحوصات طبية جديدة للتأكد من وضعه وتطور المرض، ورغم تواصلنا من خلال الصليب الأحمر الذي ينسق مع إدارة السجون، لكنها ترفض الكشف عن ماهية وضعه الراهن"، مكملا "حياة أخي بخطر حقيقي، وعجز مؤسسات حقوق الانسان وتقاعسها عن واجباتها تستغله إدارة السجون التي نحملها المسؤولية الكاملة عن أي مضاعفات تطرأ على صحته، فإلى متى الصمت؟، هل علينا ان ننتظر حتى يعود إلينا كجثة وشهيدا كما حصل مع عدد من الأسرى المرضى؟".

أين العدالة؟
من مؤسسة لأخرى، تتنقل عائلة البنا، تناشد وتستصرخ الجميع التحرك قبل فوات الأوان، وتقول والدته الستينية حياة البنا وسط الدموع "لا يوجد ضمير لدى المجتمع الدولي ومؤسساته، فكيف يسمحون لدولة الاحتلال باعتقال ابني الذي يعاني من أخطر الأمراض؟، إن الصمت على هذه المأساة يعني أنهم شركاء مع الاحتلال في جريمته بحق ابني"، وتضيف " رغم معاناتي من أمراض القلب والضغط والسكري، فإن الخوف والقلق على حياة سعيدا أكثر من ألم أمراضي، ربيته بدموع عيني ليكبر وأفرح به، فإذا السجن يخطفه مني وأمراض الاعتقال تهدد حياته، فأين العدالة وحقوق الإنسان".

الأسير في سطور
يعتبر الاسير سعيد الثاني، في عائلته المكونة من ستة أنفار، ولد وتربى ودرس في مخيم طولكرم، وتابع مشوار حياته بالتخيل عن دراسته لمساعدة والده على تحمل أعباء الحياة، لكنه أمام مسؤولياته، لم ينس واجباته الوطنية، فانتمى لحركة "الجهاد الاسلامي"، وعندما اندلعت انتفاضة الاقصى، أصبح مطلوبا للاحتلال.
ويقول شقيقه المحرر احمد "اختلف عن الشباب بحياته وسيرته، كان ملتزما دينيا ووطنيا، حافظ للقران الكريم غيبا، واضافة لدوره الاجتماعي وخدمة الناس وعمل الخير، لم يتأخر عن مسيرة وفعالية لمقاومة الاحتلال"، ويضيف "بسبب نشاطه ودوره الجهادي المقاوم، أدرجه الاحتلال على قائمة المطلوبين، ورغم التهديدات، تمسك بقراره بحقه المشروع بمقاومة الاحتلال والدفاع عن حرية وكرامة وطنه وشعبه، وخلال حملة السور الواقي، حوصر داخل مخيم طولكرم في الاجتياح الكبير واعتقل خلال مقاومته عام 2002".
وروى احمد، ان سعيد، تعرض للتحقيق لفترة طويلة، وحكم عليه بالسجن المؤبد المفتوح، ويقول "الحكم شكل صدمة وألما كبيرا لوالدي بشكل خاص، فوكلنا محامي من الداخل لقناعتنا إنه حكم رادع وتعسفي، ودفعنا مبالغ كبيرة للمحامي الذي أكد لنا أنها قضية مضمونة لتخفيض الحكم أو تحديد فترة المؤبد"، ويضيف "لكن المأساة الكبرى، إنه بعد دفع المبالغ للمحامي مقدما، اكتشفنا انه خدعنا، واختفى دون تقديم ادنى مساعدة لأخي، وحتى اليوم فشلت كافة محاولاتنا للوصول إليه، بينما ما زال أخي يقضي حكمه الذي صدر بحقه بالسجن المؤبد المفتوح".

خلف القضبان
رغم صدمة خدعة المحامي، واستمرار الحكم، صمد الاسير سعيد خلف القضبان، ويقول شقيقه "تحدى كل الظروف، فأكمل دراسته الثانوية بالفرعين الأدبي والعلمي بنجاح، وطموحه الانتساب للجامعة والحصول على الشهادة العليا "، ويضيف "في نفس الوقت، لم تتوقف ادارة السجون عن استهدافه، فتعرض للعزل عدة مرات، وجرى التنكيل به بشكل كبير، ويتم نقله من سجن إلى العزل من شهر إلى آخر".
خلال نفس الفترة، اعتقلت قوات الاحتلال ابن العائلة، أحمد الذي كان منتسبا لجهاز أمن الرئاسة القوة 17، وذلك في 2/ 3 / 2002، ويقول "عاشت عائلتنا مآس كبيرة باعتقالي أنا وسعيد، وكانت الكارثة المروعة وفاة والدي إثر جلطة دون أن نتمكن من وداعه والمشاركة في تشييع جثمانه"، ويضيف "أمضيت حكمي البالغ 3 سنوات، وأفرج عني، لكن لم ولن أشعر بالفرحة، فما زال أخي سعيد ينتظر الإفراج بفارغ الصبر".

مناشدة
يقبع الأسير سعيد حاليا في سجن بئر السبع، وبسبب بعده ومشاق السفر، تعجز والدته أم مراد عن زيارته في كثري من الأحيان وخاصة خلال العام المنصرم بعدما نالت منها الأمراض، وتقول "ليل نهار أبكي لعجزي وقلة حيلتي ومرضي الذي هدني حتى أصبحت غير قادرة على رؤية حبيب قلبي وعمري سعيد، روحي أسيرة معه، ومرضه زاد أوجاعي ومعاناتي"، وتضيف "أناشد كل ضمير حي التحرك لإنقاذ ابني وعدم تركهم يقتلونه خلف القضبان، أمنيتي عناقه وعلاجه والفرح بزفافه قبل أن يحل القضاء والقدر وأفارق الدنيا كزوجي وابني أسير، أرجوكم، ارحموا شيخوختي وعجزي، وأعيدوا لي ابني قبل فوات الأوان".