شقيق الأسير سعيد البنا: هل علينا أن ننتظر حتى يعود إلينا شهيدا كما حصل مع عدد من الأسرى المرضى؟

"لا يوجد ضمير لدى المجتمع الدولي ومؤسساته، فكيف يسمحون لدولة الاحتلال باعتقال ابني الذي يعاني من أخطر الأمراض؟ إن الصمت على هذه المأساة يعني أنهم شركاء مع الاحتلال في جريمته بحق ابني".. بهذه الكلمات، استهلت المواطنة حياة البنا، وسط مشاعر الخوف والقلق على مصير ابنها الأسير سعيد عبد الله سعيد البنا (37 عاماً)، من مخيم طولكرم، الذي يعاني من قائمة طويلة من الأمراض وترفض سلطات الاحتلال علاجه"، وتضيف "في كل لحظة نعيش كوابيس رعب وقلق بعد اكتشاف معاناته من المرض الخبيث ومما يزيد الأمر سوءاً، اهمال ادارة الاحتلال لوضعه والتنصل من توفير العلاج المناسب له لمحاصرة المرض ومنع مضاعفاته".
وبشكل دائم، تتنقل عائلة الأسير بين المؤسسات، تناشد وتستصرخ الجميع التحرك قبل فوات الأوان، وتقول الوالدة الستينية "رغم معاناتي من أمراض القلب والضغط والسكري، فإن الخوف والقلق على حياة سعيد أكثر من ألم أمراضي، ربيته بدموع عيني ليكبر وأفرح به، فإذا السجن يخطفه مني وأمراض الاعتقال تهدد حياته، فأين العدالة وحقوق الانسان؟".
ويروي شقيق الأسير المحرر أحمد البنا، إن سعيد تمتع طوال عمره بالصحة والعافية، وبعد مرور فترة على اعتقاله، اشتكى من أوجاع مستمرة في البطن، ويقول "حتى أثناء مطاردة الاحتلال له، لم يشكو من أمراض، وفجأة أصيب بألم عالجته عيادة السجون بالمسكنات رغم أن حالة أخي الصحية كانت تتدهور بشكل مستمر"، ويضيف "صبر سعيد وتحمل بعدما فشلت كل مطالباته بعرضه على طبيب متخصص، وبعدما أصيب بنزيف حاد وانهار بشكل كامل، نقل لأحد المشافي الصهيونية، وبعد الفحوصات، عاش الصدمة المريرة بعدما اكتشفوا اصابته بسرطان في المثانة".
إزاء هذا الواقع، سارعت العائلة لتقديم طلب لمصلحة السجون للسماح بطبيب مختص بفحصه وعلاجه، ويقول شقيقه "الحكم القاسي الذي صدر بحق أخي لم يرعبنا، ولكن عندما سمعنا بمرضه، تحولت حياتنا لمآسي لمعرفتنا بسياسة الاحتلال الذي يستثمر المرض لعقاب الأسير والانتقام منه"، ويضيف "دفع أخي وما زال الثمن، فحتى اللحظة لم يتلق العلاج المطلوب رغم خطورة المرض، وبعد ضغوط، أجريت له فحوصات طبية جديدة للتأكد من وضعه وتطور المرض، ورغم تواصلنا من خلال الصليب الأحمر الذي ينسق مع إدارة السجون، لكنها ترفض الكشف عن ماهية وضعه الرهن"، وتابع "حياة أخي بخطر، وعجز مؤسسات حقوق الإنسان وتقاعسها عن واجباتها تستغله إدارة السجون التي نحملها المسؤولية الكاملة عن أي مضاعفات تطرأ على صحته، فهل علينا أن ننتظر حتى يعود إلينا شهيدا كما حصل مع عدد من كما حصل مع عدد من الأسرى المرضى.

محطات من حياته
ينحدر الأسير سعيد من عائلة مناضلة، ولد وتربى ودرس في مخيم طولكرم، وتابع مشوار حياته بالتخلي عن دراسته لمساعدة والده على تحمل أعباء الحياة، ورغم مسؤولياته، لم ينس واجباته الوطنية، فانتمى لحركة "الجهاد الاسلامي"، ويقول شقيقه المحرر أحمد "كان ملتزما دينيا ووطنيا، حافظا للقران الكريم غيبا، إضافة لدورة الاجتماعي وخدمة الناس وعمل الخير، ولم يتأخر عن مقاومة الاحتلال"، ويضيف "جراء نشاطه ودوره المقاوم، طارده الاحتلال، ورغم التهديدات، تمسك بقراره بحقه المشروع بمقاومته والدفاع عن حرية وكرامة وطنه وشعبه، وخلال حملة السور الواقي، حوصر داخل مخيم طولكرم في الاجتياح الكبير واعتقل خلال مقاومته عام 2002م".

التحقيق والحكم
وروى أحمد، أن سعيد، تعرض للتحقيق لفترة طويلة، وحكم بالسجن المؤبد المفتوح، ويقول "الحكم شكل صدمة وألما كبيرين لوالدي بشكل خاص، لكن أخي صمد وتحدى كل الظروف، فأكمل دراسته الثانوية بالفرعين الأدبي والعلمي بنجاح، وطموحه الانتساب للجامعة والحصول على الشهادة العليا"، ويضيف "لم تتوقف إدارة السجون عن استهدافه، فتعرض للعزل عدة مرات، وجرى التنكيل به بشكل كبير، وتم نقله من سجن إلى العزل من شهر إلى آخر".

استهداف العائلة
خلال نفس الفترة، استمر الاحتلال باستهداف عائلة البنا، واعتقل ابنها أحمد الذي كان منتسبا لجهاز أمن الرئاسة القوة 17 في 2/ 3 / 2002، ويقول أحمد "عاشت عائلتنا مآسي كبيرة باعتقالي أنا وسعيد، والكارثة المروعة كانت وفاة والدي إثر جلطة دون أن نتمكن من وداعه والمشاركة في تشييع جثمانه"، ويضيف "أمضيت حكمي البالغ 3 سنوات، وأفرج عني، لكن لم ولن أشعر بالفرحة، فما زالنا ننتظر الافراج عن أخي على أحر من الجمر".

روحي أسيرة معه
يقبع الأسير سعيد حاليا في منفى سجن بئر السبع، وبسبب بعده ومشاق السفر والأمراض، أصبحت والدته أم مراد عاجزة عن زيارته، وتقول "لا تجف دموعي لعجزي وقلة حيلتي ومرضي حتى أصبحت غير قادرة على رؤية سعيد، روحي أسيرة معه، ومرضه زاد أوجاعي وألمي"، وتضيف "في ظل سياسة الموت البطيء التي تمارس بحق ابني، استصرخ كافة الضمائر الحية انقاذ ابني قبل فوات الأوان، امنعوا اعدامه، وامنحوني أمنيتي الأخيرة بعناقه وعلاجه والفرح بزفافه قبل أن يحل القضاء والقدر وارحل عن الدنيا كزوجي وابني أسير".