كلمة الشيخ القيادي خضر عدنان في حفل استقباله يوم أمس ببلدة عرابة

بعد انتصاره في معركة الإضراب عن الطعام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي منَّ علينا بفضل من عنده، ونصر من عنده، وتأييد من عنده، اللهم لا فضل إلا فضلك، ولا تأييد إلا تأييدك، ولا معية إلا معيتك، اللهم أنت كنت معي هناك في أضيق زنازين الأرض، سموها تورا بورا كشما، يتفاخرون بذلك، كلما جاء مسئول عبري يقولون له هذا يوجد تورا بورا كشما، أي أنه في آخر الدنيا، وفعلًا إنها زنزانة قميئة حقيرة، لا يوجد فيه مساحة للصلاة فقد صليت 26 يومًا جالسًا؛ لأنني إذا رفعت رأسي هناك من فوقي بناء، وإنني إذا ما تحركت أمامي مرحاض، وعن يساري وعن خلفي باب، ولا يوجد مساحة إلا بوترٍ هو متر أو أقل. هذه هي الزنزانة التي أرادوا تثريبها، ولكن علمت أن في هذه الزنزانة مرَّ هناك صديق لا أعرفه ولكن قرأت اسمه، اسمه (شادي) من أهلنا في القدس، وأيضًا محمد عرمان، دخلوا هذه الزنزانة، كتب أحدهم 23 يومًا _ قلت معقول أقعد 23 يومًا_ فكنت فيها 26 يومًا، ولكن وأنا أقرأ القرآن مرت عليّ مقولته سيدنا موسى عليه السلام: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي Ø³ÙŽÙŠÙŽÙ‡Ù’دِينِ﴾، فكانت هدايته تعالى، وكانت معيته وفرجه.

الحمد لك يا الله، الحمد لك على فرجك، الحمد لك يا الله.

يا شعبنا الأبي: اسمعوا يا شباب، رجاءً إن قوتي وصوتي ليست بالكثير، وأريد أن أوصل لكم وجعًا في الأسر، رأيت هناك شابًا يخرج من التحقيق، يتثاقل على العكاز، لا يستطيع المشي، يجروه ويسحبوه سحبًا، مشهده وقته يبعث على انتفاضة في شعب بأكمله، رأيت هناك من سامني سوء العذاب، هناك سحلوني في محكمة عوفر، سحبوني سحبًا، شحطوني شحطًا، عند قضائهم. اسمعوا يا مجاهدين، اسمعوا يا شباب، هناك آذوني، آذوا شيخكم، آذوا من أحبكم، آذوا مقاومتكم، هناك أهانوكم في عوفر.

يا شباب: اتهموني بالتحريض في كل فرصة تنال منهم، أو أستطيع أن أحرض ضد الاحتلال، ثم اتهموني بعلاقة مع الجهاد الإسلامي في جنين وأبعد، تلك التهمتين، وقالوا هناك اعترافان، أحدهما لزيارتي ذوي الشهداء والأسرى، وآخر لوقفة ربما كانت يومًا في إضراب الشيخ طارق قعدان في قباطية.

إخوتي: أهدي هذا الانتصار معتبرًا إياه امتدادًا لانتصار سيف القدس لشعبنا الذي أشرعه في الأقصى والشيخ جراح كما في اللد والرملة، وفي غزة وفي لبنان. أهديه لأرواح الشهداء في غزة، لأرواح الشهداء في القدس، في الضفة هناك منتصر زيدان في أم دار جارتنا، هناك في فحمة البطلة ويوسف نواصرة، هناك في شهيد بيتا مدافعًا عن جدارها، هناك في جنين وشهداء الاستخبارات وسرايا القدس، هناك في الداخل الفلسطيني المحتل، هناك على حدود لبنان ومحمد الطحان شهيدًا. أهديه لحبيب القلب مدافعًا عن حقوق الإنسان نزار بنات. أهديه لإخوتي المضربين عن الطعام غضنفر أبو عطوان، قريب منيف وابن أخته البطل الأسير، ولعمه الشهيد وخاله الشهيد، أهديه لخاله الأسير المبعد المحرر، أهديه للشيخ المضرب عن الطعام جمال الطويل، والشيخ محمد أبو فنونة (أبو أحمد) والد الشهيد محمود أبو فنونة، اللذين يضربون ثلاثتهم عن الطعام.

سلامي عليك سيدي إياد حريبات مريضًا بين الشهادة والشهادة، فلتسمع المقاومة وكل فلسطين: إياد حريبات الأسير المريض هو أقرب للشهادة منه لهذه الحياة الدنيا، لحياة فيها خلود خلود. سلامٌ عليك سيدي إياد وأنت تلفظ الأنفاس، تلفظ الأنفاس. سلامٌ عليك سيدي معتصم رداد وأنت تنزف دمًا، سلامٌ عليك سيدي موفق العروق مسنًا وشهيدًا مع وقف التنفيذ داخل سجون الاحتلال. سلاٌم على المعتقلين الإداريين وهم يضربون عن الطعام في تصعيد ضد الشباب الفلسطيني في الاعتقالات الإدارية، سلامٌ للثلة المؤمنة التي وقفت مع أختكم الحرة التي لا أزكيها على الله، أم التسعة أطفال التي حملتهم وهنًا على وهن، وحملتهم وجابت بهم الضفة دون الرجال الرجال، دون الرجال الرجال من قعد أو تقاعس، أو تردد واستجاب لطلب المخابرات.

اسمعوا يا شباب: إما أن تكون إرادة هذا الاحتلال أو إرادة الواحد الدَّيان في أرض فلسطين، لا تستجيبوا لاتصالاتهم ولا لتهديدهم ولا لوعيدهم، لا نعرف كم سنعيش، لا أقول بادروا في الجهاد، ولكن إذا قضى الشهداء فليس أقل أن يكون فوق رأسهم من يمسح الدم والدمع عنهم يومًا وعن أهليهم، فلا تبتدؤوا ولكن كونوا مع الأهالي، كونوا مع الأخوات الحرائر، ولا تتركوهن، ولا تتركوهن، وهذه الكلمة لعرابة، قلت اليوم لزوجتي إن لم يكن هناك رجل يخرج ينادي لحرية زوجك بمآذن عرابة، فاخرجي أنت، واصدحي هناك في مآذن عرابة؛ لأننا لم نمت بعد، لم نمت وفينا دم شهيد وآهات أسير، لم نمت وفينا عذابات مقهور.

سلاماتي وشكري لأخي الحبيب أبو عدنان، وأبو أنس وأم نور، وهم يدمعون دمًا على حبيبهم بعد أن فقدوا الأم والأب سندًا لنا، تذكرون أمي وهي تقول: خضر عيون عيني، والحاج عدنان وهو يقول: ولدي خضر حتى أن البعض هزأ منه يومًا وكررها: ولدي خضر! مات ورحل واستشهد من قال ولدي خضر ولكن أسأل الله أن يكون قد بارك في ذريته.

سلامي للأعمام والخالات والسادة في عرابة والأخوال، سلامي لك يا بطلنا، يا مجاهدنا، محمد المرداوي (أبو عزمي) وأنت تحمل أم عبد الرحمن من مكان إلى مكان وتقطع الأعمال، اليوم عرفتك بأخوك أكثر بك، عرفتك بثابت المرداوي (أبو أسامة) المجاهد القائد في مخيم جنين بك.

سلامي عليك يا مهجة القدس، وعلى رياديك الدكتور/ جميل عليان، القائد الحقيقي المجاهد، ولا عزاء لمن صمت، ولن أسامح وأسمح لمن صمت أو قصّر وتأخر، إن التقصير معيب، وإن التقصير بنا أكثر عيبًا وأنتم الذين تعرفون على من تراهنون، وخلف من تسيرون. لقد بعثت لأهلي في أول الإضراب أن أستشهد خيرٌ لي من أن نكسر ويكسر شعبًا بأكمله.

اسمعوا يا شباب: تحييا لأخت فلسطينية حرة، إنها يا ليت لها مثل في كل مؤسسة، أماني سراحنة، إعلامية وحقوقية نادي الأسير، ويا بؤس الإعلاميين الغائبين اليوم وفي كل يوم. إن نزار بنات لم يقتله إلا غياب الإعلام عنه يومًا الرسمي والخاص، إن غيابكم قتله سحلًا سحلا.

سلامي للمحامي الإنسان الذي أفتخر به ورافقني في 2011، 2012، 2015، 2018، 2021، جواد بولس، الفذ الذي أفخر بصحبته وأهله وزوجه وعياله. ابنته كتبت لي بداية الإضراب: الحرية لخضر عدنان. وأسأل الله أن لا أكون قد خذلتها، ولا الأهل في كفر ياسيف، ولا في الجولان، ولا في المثلث، ولا في غزة، ولا في الشيخ جراح، ولا في القدس، ولا في جنين، ولا في أي موقع.

سلامي للمحامي الإنسان، المحامي محمود المدني، والمحامية الإنسانة أحلام حداد، وإلى محاميي هيئة الأسرى الخطيب ومحاميد.

أريد أن أحدثكم عن ذاك اليوم الذي أخذوني فيه هناك إلى حيفا، ليعملوا لي الفحوصات ورفضتها، لقد رأيت مسجدًا أشم، رأيت مسجدًا هناك ذو قبة خضراء، شامخ بين عماراتهم التي برزت لي كرؤوس الشياطين، إنه مسجدنا، إنهم أهلنا الموحدون هناك في حيفا. رأيت شابًا فلسطينيًا يحمل أمه التي كبرت برًا وودًا وحبًا، فاطمأننت أن لي أهلًا هناك ومسجدًا وقبة خضراء.

سلامي على سيدتي _اسمحي لي أم عبد الرحمن هناك سيدات أخريات_، إنها فلة فلسطين، أتدرون من هي الفلة؟، إنها ذات الرائحة الفواحة في كل بيت التي يفوح عطرها الفلسطيني في كل بيت، في الداخل، في الخارج، بالشتات، تلحقنا فلة التي نزرعها في الأقنية، لكنني رأيتهم يعتقلونها هناك في تحقيق الجلمة، فلة معتقلة تزرع يحاولوا أن يجمِّلوا فيها قبحهم، بؤسهم، اعتقالاتهم، شرهم، خبثهم. في ذلك المعتقل الذي يقتلوننا ويسحلوننا به. فضولي أثارني أن أقترب من فلة، مسكت فلة، فركت أصبعي بفلة، لا رائحة لفلة، فاطمأننت أن الفل في بلدي لا يعترف، فاطمأننت أن الفل في بلدي عند المحتل لا رائحة له ولم يبح بما في صدره، فخرجت للمجاهدين والثوار والمناضلين أقول لهم احبطوا ما في صدوركم وإلا فاقطعوا ألسنتكم، اقطعوا أصابعكم، لا تعترفوا، لا توقعوا، لا تخونوا، وإلا مثلي وغيري سيقضي السنين السنين في داخل السجون. سلامي على فلة، سلامي عليك يا فلة.

قال لي محققهم في الجلمة والتموا من حولي كما التموا يومًا يهزؤون بالخالة مريم الغاوي، سلامي لك سيدتي وخالتي وجدتي وعمتي يا ابنة حي الشيخ جراح، مريم الغاوي، وكل الأهل هناك في حي الشيخ جراح والعم نبيل الكرد الذي ركز على جدار بيته ويقول بيتي بيتي، قدسي قدسي. هناك هزؤوا بها ولم يعلموا أن هذه الصورة ستدفع لحرب من أجل القدس، وسيف القدس. هناك هزؤوا بي في الجلمة وأحاطوني وراحوا يضحكون، وجاؤوا ليحكوا معي، ولم أحكِ معهم، وقالوا رجع إلى 2011 و2012. يومها عندها قال لي واحد منهم ولم أرد عليه، مش جاي معك الدنيا يا خضر، وهي رجعت. الآن أرد عليه، الآن أقول له: وكفي بالإسلام من نعمة، الحمد لله الذي جعلني مسلمًا، وجعلك للنار وقودًا قادمًا كافرًا.

يا أهلنا، يا شعبنا: إنهم لا يخلفون أحد بالزنازين ولا بالسجون؛ لأن معي ربي سيهدين، عندما أدرك وكاد يدرك سيدنا موسى عليه السلام وقال له بني إسرائيل: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، قال: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾، فاستشعرت معيته تعالى في الأسر وعلمت أن لي ربي واحد أحد لن يخذلني، ولن يكسر تلك القلوب المؤمنة التي لهجت في مساجد عرابة، خلف شيوخها، وأئمتها يدعون لنا ولأسرانا ولشعبنا.

سلامٌ على كل من تحرك، سلامٌ عليك يا عرابة الخير، يا عرابة الشهداء، يا عرابة الأسرى، يا عرابة المجاهدين والمناضلين والثوار، عرابة التي فيها الجهاد، والحماس، واليسار، وفتح والتي أفخر يومًا أنني كنت ولا زلت لأهل الثوار من آل العريدي، من أهلنا وإخوتنا في اليسار، علَّموا على هذا الاحتلال، وصبروا غير مرة في التحقيق، ولم يعترفوا يومًا. سلامٌ على الشهداء الشهداء، سلامٌ على الأسرى الأسرى.

يا شبابنا: اليوم أفتقد على هذه المنصة والدي فترحموا عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ثبته، ووالدتي والمسلمين. أفتقد العم أبو عصام، والد الشهيدين وأهلنا في صيدا البطلة، سلامي على أنور وشفيق، أفتقد المفكر الإنسان الذي وقف في حريتي سابقًا، إنه المفكر عبد الستار قاسم الذي أحييه. سلامي لك عم أبو ياسين، ولأخي أبو أحمد أبو فنونة، وللأهل في صيدا، ومعتصم رداد. سلامٌ على الشهداء، وعلى رسول الله السلام، وسلامٌ على أختي الحرة، اللبؤة الفلسطينية التي بعثت لي إن شاء الله تنتصر كما انتصرت قبلها، منى قعدان، أخت الأحرار والأحرار والأحرار.

سلامي عليكم وعلى رسول الله السلام، وفي صدري الكثير الكثير لأقوله لكم.

سلامًا على القادة والمجاهدين، وعلى الأخ القائد المجاهد زياد النخالة، وكل قادة المقاومة الفلسطينية الذي نفخر بهم دومًا ونحسن الظن بهم أننا لسنا وحدنا، اسمعوها يا شباب: لم يكن يومًا من الأيام أيأس من روح الله، وأعلم جيدًا أن دمنا غالي عنده تعالى، وأنه سبحانه وتعالى سيسَّخر لهذا الاحتلال من يؤلمه إذا لا قدر الله وحصل لنا مكروه، وهذا الاحتلال يفهمه جيدًا، لربما هو ظن باعتقاله خضر عدنان أن يخفف شيء ما، ولكنه نسي أو غفل ثم تدارك فكان الشهر إداري، ثم تدارك هو خيرًا أن فعل، وإلا كنت سأخوض إضرابًا حرية أو شهادة، حرية أو شهادة في سبيله تعالى، وبعدها ليحصل لهذا الاحتلال ما يحصل. فليحرض دمي إن لم يحرض جوعي إخوتي ورفاقي ومجاهدي.

والسلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.

28/06/2021Ù…