26 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أبناء الأسرى: انتكاسة نفسية ومعاناة تربوية يزيدها الفراق

    آخر تحديث: الأحد، 25 مارس 2012 ، 00:00 ص

    ما إن يقرر المحتل الغاشم اعتقال الفلسطيني، فإنه لا يعاقب المعتقل وحده، وإنما يطال ذلك العقاب كل أفراد العائلة، خاصة وأن ما يرافق عمليات الاعتقال حزن وألم فراق يكون أكبر في محيط عائلة المعتقل عما يعانيه المعتقل نفسه، ولعل أخطر هذه الآثار ما يصيب الأطفال من انعكاسات نفسية وسلوكية وتربوية قد تعصف بكينونتهم واتزانهم، ونرصد لكم تجليات هذه المعاناة وانعكاساتها الخطيرة على الأطفال الفلسطينيين في السياق التالي:

     Ø£Ø±ÙŠØ¯ والدي!!
    إيناس عيدة زوجة الأسير المحرر زين المحتسب، تتحدث عن قصتها مع اعتقال زوجها، وتقول: "لم يكن مصابي في ذات الاعتقال, وإنما كان الهم الكبير في كيفية استقبال أطفالي هذا الخبر، وما زاد الأمر سوءًا أن الاعتقال صادف اليوم الدراسي الأول لأطفالي في الروضة". وأضافت وأثر المعاناة واضحة في حديثها: "ابنتي الكبرى بيسان (خمس سنوات) كانت وبشكل يومي تعود من الروضة باكيةً، وتسألني: لماذا كل بنات صفي في الروضة لهم آباء يأتون لزيارتهن أما أنا فلا يوجد عندي أب؟" وتذكر أنها كانت وبشكل يومي تحاول صياغة مفهوم الاعتقال وإجراءات المحتل ليتناسب مع تفكير ابنتها الذي أصبح مشتتاً.
    وتضيف عيدة: "أما ابني حسن (أربع سنوات) فكانت طريقة معاناته بشكل مختلف, فهو بحالة صمت دائم، ويرفض البوح لأي شخص حول ما يدور في نفسه من ألم لابتعاد والده عن البيت". واستدركت حديثها بالقول: "وبعد شهرين من هذا الحال وفي يوم الجمعة دخل الغرفة عندي وبدأ بالصراخ والبكاء وقال بلهجته: أنا مين بدو ياخذني على الصلاة اليوم؟ أنا بس بابا يأتي سأضربه، لماذا ذهب وتركنا لوحدنا؟ لماذا تركك تشتري الأغراض؟ ولماذا جعلك تبيعين سيارتنا؟"، لافتة بعيون دامعة أنه إلى انهال عليها بأسئلته كالطوفان في ظل بكاء متواصل، وعندها احتضنته وبدأت تفسر له الأمور بهدوء حتى غط في نوم عميق. وتؤكد عيدة أن يوم الزيارة كان الأصعب على أطفالها، مضيفة: "في طريقة لقاء والدهم يكونون بأسعد حال، وفي الإياب يظل أطفالي يبكون من لحظة إخراجنا من الزيارة حتى نصل إلى المنزل، وكانوا يعاتبوني على عودتي للبيت وتركي لوالدهم في الاعتقال"، مشيرة إلى أن حالة الحزن كانت تستمر على أطفالها على مدار يومين كاملين عقب الزيارة.

    متى الفرج؟
    بدورها، تستذكر كلزار طهبوب اعتقال زوجها من قبل الاحتلال الصهيوني بكل ألم وحرقة، موضحة أن اعتقال زوجها وقع عليها وأطفالها بشكل صعب جدا. وقالت في حديثها ل" فلسطين": "كان مطلوباً مني القيام بدور الأب والأم في البيت، وكنت دوماً أسأل نفسي هل يمكنني سد الدور المنوط بالوالد عند الأطفال؟"، مشيرة إلى أنها كتمت أحزاني ومسحت دموعها ودموع أطفالها الصغار وقررت أن تكون أقوى من كل هذه الصعاب وتتحمل كل هذه المسؤوليات من أجل أطفالها ونفسياتهم.
    وتسرد كلزار تفاصيل معاناة أطفالها خلال فترة اعتقال الوالد بقولها: "ابنتي رؤى والتي كانت تبلغُ من العمر حين الاعتقال ست سنواتٍ, تأثرت كثيراً بغياب والدها، فهي كتلة من المشاعر والأحاسيس, وعند انتهاء أي فصل دراسي كانت تحزن عند كل مناسبة في المدرسة وتقول: كل البنات لهن آباء يأتون إلى المدرسة إلا أنا؟"، مضيفة: "ذات مرة سألت والدها على شباك الزيارة قائلة: أنا أريد تخرج من هذا السجن حتى أمشي معك في الشارع وأذهب معك إلى المدرسة والدكان؟ أنا أريد أن يعرف كل الناس أن لي والداً".
    ووصفت حال ابنها شعبان والذي لم يكن قد تجاوز الأربع سنوات عند اعتقال والده بأنه كان يعاند في كل شيء، ولا يريد الحديث مع أحد إلا والده، مشيرة إلى أنه كان دائم القول: "أنا رجل ولا أريد أن أسمع غير كلام والدي، ويتساءل مع من سأذهب لأصلي؟ ومع مع من سأتحدث؟" وتابعت حديثها شارحة حال الصغيرة ربى التي حرمت من حنان أبيها هي الأخرى ولم تكن قد تجاوز عمرها العامين, ولم تكن تجيد الكلام، لافتة إلى أنها كانت تعبر بطريقتها الطفولية عن غياب أبيها، وذلك من خلال إمساك صورته وتقبيلها، والقيام بالتحدث مع الصورة. وأشارت الزوجة إلى أن طفلتها "ربى" كانت تمعن النظر في أقارب والدها وهم يجلسون مع آبائهم يلهون معهم، وتقول بلهفة وحرقة: "عندما يعود والدي من السجن سأجلس على حجره وأحضنه كما تجلس البنات مع آبائهن".

    معالجة تربوية خاصة
    المشرف التربوي في التربية والتعليم خضر مبارك، أكد على أن تأثيرات نفسية وتربوية خطيرة تحدث بسبب غياب الوالد المعتقل خلف قضبان الاحتلال. وقال: "إن هذه التأثيرات قد تأخذ أشكالاً منها الغضب تجاه الوالد والتمرد على الأم، والاستهداف الأمني للأولاد والبنات، وتدني التحصيل الدراسي".
    وشرح مبارك سبب التدني الدراسي بالقول: "قد يشكل الاعتقال عند الأبناء حالة من التحدي، وهو ما يؤثر إيجاباً على الطالب، ولكن على الأغلب فإن تأثيراً سلبياً يحدث، وهو ما يؤدي إلى ضعف التحصيل وخاصة في ظل قيام الأم بدور الأم والأب معا". وعند سؤاله عن طريقة التخلص من هذه السلبيات، أكد المشرف التربوي على ضرورة القيام برفع مستوى الوعي السياسي والحضاري للصراع الموجود والاحتمالات الممكنة له على مستوى الأفراد والأسر والمجتمع.
    وحث أبناء الشعب الفلسطيني على ضرورة التهيئة عند الأطفال لاحتمالية الاعتقال، معللاً ذلك بالقول: "إن رفع مستوى الوعي والتهيئة هما صماما الأمان للصحة النفسية، ورفع مستوى المتابعة السلوكية والتربوية". وينصح مبارك الوالد بعد الإفراج عنه بضرورة العمل على تعويض أبنائه عاطفياً من خلال مجموعة من الأنشطة المخططة والمدروسة، مشددا على ضرورة الحوار المتواصل بينه وبين أطفاله للخروج من الحالة النفسية الصعبة التي كانوا يعيشونها خلال فترة اعتقاله.

     

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 25/3/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر رائد نزال من قلقيلية في اشتباك مسلح خلال تصديه لقوات الاحتلال وكان قد أمضى 14 عاما في سجون الاحتلال

26 إبريل 2002

اغتيال الأسيران المحرران رمضان عزام وسمير زعرب والمناضلين سعدي الدباس وياسر الدباس نتيجة لتفجير جسم مشبوه في رفح

26 إبريل 2001

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجازر في خربة الدامون وعرة السريس قضاء حيفا، وخربة سعسع قضاء صفد

26 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية