17 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أبو العبد السكافي.. الرجل الدليل على بشائر الحرية

    آخر تحديث: السبت، 01 سبتمبر 2012 ، 00:00 ص

    سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على رجل من الخليل يرأس لجنة أهالي الأسرى في المحافظة، يظهر في كل مكان، يتحرك بين كل المسافات، ويزور كل البيوت، ذو صوت مليء بالثقة، ونظرة ثاقبة ترى فجر الحرية قريبا، كأنه الدليل على انتصار البرهان والحق ورحيل دياجير الظلام.
    عبد الرحمن عبد المحسن محمد سكافي (أبو العبد) مواليد عام 1945، سكان محافظة الخليل، صديق الفدائيين منذ بداية الاحتلال وانطلاق المقاومة والثورة، تنقل معهم في البراري والجبال، حمل لهم الأمان والطعام، ونام في مخابئهم في الكروم ووديان جبل الخليل. الآن ينساب في الذكريات، ويروي ذلك التاريخ الذي لم يدون، يحفظ الأسماء كما تحفظها زوجته أم العبد رفيقة حياته ورحلته الطويلة، الساهرة معه من ليل إلى ليل، ومن نشيد إلى نشيد آخر، تقول: "عرفت رجالا ولدوا شجعانا بلا سيوف، لم ينكسروا أمام الهزيمة، ولم يفقدوا إيمانهم بالله وبالانتصار".
    أبو العبد السكافي حاصره الجيش الصهيوني مع الفدائيين في كرم العنب بتاريخ 9/ 9/ 1969، أطلقوا عليه وابل الرصاص حتى أصيب إصابات بالغة في بطنه،ونقل بطائرة الهليوكوبتر الصهيونية من المكان إلى مقر الحكم العسكري الصهيوني في الخليل الذي يسمى المقاطعة، واعتقد الجيش أنه سوف يموت، فتم وضعه في غرفة مغلقة داخل مستشفى عالية تحت حراسة مشددة مقيد الأيدي والأرجل منتظرين أن يموت.
    شاء القدر أن يعيش أبو العبد، حاملا الرصاص والشظايا في جسده، تغلب على الموت والجروح العميقة بإرادة الحياة، ليحمل الزمن كله في عقله وجسده وصبره الطويل، وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية بعد خروجه من المستشفى، إلى أن تم إبعاده إلى الأردن وهناك بدأت رحلة مختلفة لهذا الرجل الذي نجا من الموت بأعجوبة.
    عاد أبو العبد إلى الوطن، ليمتزج المنفى بالحضور، ويرى أولاده جميعا قد دخلوا السجن خلال الانتفاضتين الأولى والثانية: خضر ومحمد ويوسف ومهند ونمر وعلاء، ويصبح بيته وعائلته هدفا للمحتلين الذين رأوا في هذا الرجل ملهما للناس وأبا لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى والمعذبين.
    لازال اثنين من أبنائه في سجون الاحتلال، يوسف المحكوم أربع مؤبدات وعلاء المحكوم بالمؤبد منذ عام 2004، وقد حمل صوت الأسرى في كل المسيرات والاعتصامات واللقاءات، وحد الموقف والرؤيا، واشغل محافظة الخليل وحركها قوى وعشائر وأفراد ومؤسسات من أجل أن تبقى قضية الأسرى القضية الحية والأساس.
    كافأه أهالي الأسرى والقوى الوطنية بانتخابه رئيسا للجنة أهالي الأسرى في محافظة الخليل، رأوا فيه الجدارة والصدق والثقة والجرأة، المعبر عن آلامهم وأحلامهم، لا يتعب ولا يهدأ ولا ينام، يدخل كل البيوت، يضيء الظلام بكلماته الحميمة، ويزرع الاطمئنان في القلوب المكلومة، أحبه الجميع قائدا وأبا، وابن جبل لا يهتز أمام النكبات والرياح.
    من يدخل بيت أبو العبد السكافي، يشم رائحة السجن والشهداء، فقد استشهد حفيده أحمد على يد قوات الاحتلال، كان طفلا عمره 15 عاما عندما طرزت جسده رصاصات المحتلين، ومزقته إحدى القذائف. فقد أبو العبد حفيدته الصغيرة عبير ابنة ولده يوسف القابع في السجن، توفيت الطفلة التي فقدت أباها، وعندما رأته على شبك الزيارة أصيبت بمرض عصبي خطير، وعانت طويلا حتى سقطت شهيدة المرض والأسئلة المؤجلة والحزينة وهي تقول: أين أبي.
    على جدران بيته ترى صور الشهيد أحمد والشهيدة عبير إلى جانب صور أبنائه الأسرى، هدايا من السجن وكلمات مشرقة ووجوه تبرق تستعد للعودة والتحرر من غياهب السجون وظلمات الموت، يسرد لك الحكايات السابقة والحكايات القادمة ويعطيك الموقف والقرار بشموخ وعزة وكبرياء. عندما تدخل إلى مدينة الخليل لا بد أن يلقاك ليرافقك أينما ذهبت، خريطة المدينة أسماء وتاريخا ودلالات تجدها في نبرات صوته وإشارات يديه، وهو يدلك على الحقائق التي لم تصدأ أو تذوب، كأنه ذلك البحار الخليلي المشرف على حياته الصاخبة، يحمي أسرار المدينة التي تلمع ولا تدرك، يدلك على المكان، وعلى بصمات شعب على جسد وبلد وبحر.
    أبو العبد السكافي رسالة من وطن تحبه أكثر عندما تلقاه، فيه حسرات البيوت المكلومة، ونداءات المعذبين والفقراء، وفيه عناوين روح وفكرة وجمرة تتناثر، كلماته المتوهجة وهو يخاطب العالم داخل خيمة الاعتصام لأهالي الأسرى، وعندها تسمع جري الخيول الأصيلة تطل عليك من بعيد صار قريبا.
    أبو العبد السكافي الرجل الستيني المحمول بالوجع، كلما ازداد عمره ازداد امتلاء بالأمل، كأنه الغيم المشبع بالمطر، يهطل ثم يهطل، لا يشعر أن شيئا قد جف أو ضاع، لا ينظر إلى الوراء، عيناه تحدقان إلى الأمام، يرى الشمس مبهرة، وهو يصلي الركعات الخمس في الحرم الإبراهيمي، يرمم المكان المقدس بصوت الجماعة وآيات الرحمن.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 27/8/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهدين عثمان صدقة ومصطفى عبد الغني من سرايا القدس بعد اشتباك مسلح مع القوات الصهيونية التي حاصرتهم في مدينة نابلس

17 مايو 2006

استشهاد المجاهد خالد إبراهيم الزق أثناء تصديه لقوات الاحتلال المتوغلة في منطقة بيت حانون

17 مايو 2003

استشهاد الأسير المحرر ماجد عبد الحميد الداعور نتيجة سنوات السجن الطويلة حيث أمضى ما يقارب 10 سنوات في السجون الصهيونية وهو من مخيم جباليا

17 مايو 1999

ستة أسرى من حركة الجهاد الإسلامي ينجحون بتنفيذ عملية هروب ناجحة من سجن غزة وهم مصباح الصوري، سامي الشيخ خليل، صالح شتيوي، محمد الجمل، عماد الصفطاوي، وياسر صالح

17 مايو 1987

الأرشيف
القائمة البريدية