السبت 18 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير مصطفى بين معاناته وحسرة أهله

    آخر تحديث: الأحد، 23 يونيه 2013 ، 00:00 ص

    في حجرة الضيافة التي يضمها منزل أخيه، يستشعر المرء وطأة الغياب عند رؤيته لصور أخيه الأسير المعلّقة على الجدار.عيناه تطلّ من بعيد لتزرع في قلوب الناظرين إليه معنى التحدّي وعنفوان الحياة، التي تبدأ و تنتهي دون أنْ تأبه لقرار سجان ظالم.. فينظر إليها أخيه كل صباح ومساء. ربما يخاطبها أيضا..لعلها تسترجع بعضا من الذكريات التي قضياها معا في بلدتهم بروقين قضاء سلفيت.
    بكلمات يغلفها الشوق والأنين يسرد "فرح" أخ الأسير مصطفى عثمان والذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة، أسر أخيه من قبل سلطات الإحتلال، قائلاً: "مصطفى من مواليد25/5/1968، تعرض للإعتقال من قبل الإحتلال مرتين، الأولى كانت في شهر حزيران عام '1985 '، وكان عمره عند إعتقاله 21 عاماً، بتهمة مشاركته بنشاطات ضد الإحتلال الصهيوني، ومدة محكوميته كانت 6 شهور وغرامة مالية"، ويتابع فرح حديثه بحسرة الأخ الذي حرم من إحتضانه لسنوات طويلة، قائلاً: "بعد خروجه من السجن بقي مصطفى يتابع مسيرته في الحياة بشكل طبيعي، الى أن أصيب بتاريخ 24/3/1989، من قبل جنود الإحتلال أثناء مواجهات حدثت بين شبان مع الجيش الصهيوني أثناء إقتحامهم للبلدة، وكانت إصابته خطيرة في الرقبة وأستقرت خمس شظايا في كتفه الأيمن وما زالت لغاية الآن مستقرة، وبقي شهرا وهو في العناية المكثفة وهو لم يستطيع التكلم نتيجة الإصابة".
    توقف لسانه عن مواصله حديثه وكأنه يستذكر شيئا ما، ودقائق الى أن عاد ليكمل حديثه قائلا": "في اليوم الذي أصيب فيه أخي لم أكن موجودا في البيت، كنت مع صديق لي في نابلس وأثناء عودتنا الى البيت وإذا بحاجز صهيوني يقف على مدخل بلدتنا، وعند وصولنا الحاجز أمرنا الجنود بالتوقف والعودة إلى المكان الذي كنا فيه، وعند إستفسارنا قال لنا أحد الجنود، ممنوع الدخول "لأننا قمنا بقتل شخص من بلدتكم"، ولم أعرف أن المقصود هو أخي مصطفى ولم يخطر ببالي أنه هو، وبعد أن منعونا من الدخول للبلدة حاولنا أكثر من طريق، ولم تفشل محاولتنا من الوصول، ولم يكن مصطفى موجودا في البيت، وعند إستفساري عن مكان وجود مصطفى قالوا لي أنه ذهب لزيارة صديقه".
    صمت لثواني وبتنهيدة حارقة شعرنا بلهيبا، يواصل سرد حكاية أخيه مع الإحتلال قائلاً: "شعور غريب كان يتسلل لي وخوفي كان يزداد كلما مرت دقيقة، وكأن شيئا يخبرني أن مكروهاً حدث لمصطفى، وبعد فترة من الزمن جاءني الخبر أن مصطفى هو الشخص الذي كان يقصده الجيش، وأنه قد توفي وتم نقله الى المستشفى في نابلس، وبدون شعور ذهبت لأعرف ماذا حدث له فوجدته مصابا وما زال على قيد الحياة حمدت الله وشكرته على كل شيء". قالها والدمعة بعينيه.

    الإعتقال الثاني
    وبصوت مخنوق يكمل فرح حديثه عن أخيه مصطفى قائلاً: "بقي مصطفى في المستشفى يتلقى العلاج لمدة شهرين، وبعدها خرج وأصبح يمارس حياته الطبيعية، وفي يوم وعند شروق الشمس بعد غياب لها في فصل الربيع، خرج مصطفى وصديقين وهما "فهيم رمضان وبلال ضمرة" إلى نزهة لتغير الجو في منطقة أثرية إسمها جلال الدين، وهي تقع ما بين سلفيت وبروقين من جهة المطوي.
    ويضيف أثناء وجودهم ودخولهم إلى مكان أثري وإذا بهم يتفاجئون بوجود مستوطن يحمل كاميرا ويقوم بتصوير المنطقه، ويكمل قائلاً: "هذا دم شباب ما إتحملوا واحد مغتصب وبوضح النهار وبيصور في مناطق بلدتهم فقاموا بقتله" وبعدها أصبح مصطفى وأصدقاءه مطاردين بعد أن اكتشف أمرهم، وأخبرني مصطفى بالحادثة، فهربوا للإختباء في نابلس، وبقي مطاردا إلى أن اعتقلوه من هناك، بعد أن قاموا بإغلاق منطقة وجودهم في وادي التفاح بتاريخ 20/6/ 1989، وقبل إعتقاله بيوم قام الجيش بإعتقالي بتاريخ 19/ 6/ 1989، وكنت طالبا في جامعة النجاح، وتم اعتقالي بحجة أنني أقوم بمساعدة أخي وأصدقاءه وأن لي علاقة بحادثة مقتل المستوطن، ومكثت في السجن عشرين يوما وكانت فترة تحقيق، وأثناء التحقيق في طولكرم تم مواجهتي بمصطفى مرتين، في المرة الأولى أبقيت مصرا أنني لا أعرف شيئا عن الحادثة لأن مصطفى لم يعترف بما فعلوه، وبعد 48 ساعة أخبروني في التحقيق أن مصطفى إعترف بكل شيء، وقاموا بمواجهتي و جاءوا بمصطفى وكشفوا عن وجهي، وكان مصطفى بحالة يرثى لها من التعذيب الذي مارسوه بحقه، وقال لي خلاص إعترفت بكل شيء.
    سكون وصمت خيم على المكان، وبنبرة صوته الحزينه ودمعته التي أبت أن تبقى سجينة عينه، لتجد لها مسارا على خده هامسا ' تلك الذكريات ما بحب أتذكرها ولا أذكرها لأي إنسان، كان يوما صعبا بالنسبة لي، وصورة مصطفى لا تزال في مخيلتي حتى هذه اللحظات، أحس بحسرة وألم ما أصاب أخي '.

    توفي والده ولم يراه
    ويواصل فرح حديثه قائلاً: "وبعد أن أفرجوا عني بدون محكمة، وعدت الى البيت فوجئت أن البيت والذي يتكون من طابقين وجدرانه من حجر وبناه والدي في السبعينات من عمله في الغربه ولكننا لم نفرح به كثيرا، فقد تم هدمه من قبل الاحتلال، وأهلي يقيمون في خيام تم نصبها من قبل الصليب الأحمر، مكان منزلنا، ويضيف كل هذه الأحداث ووالدنا كان في الأردن فعاد إلى الوطن ثاني يوم من هدم البيت، وتلك الأحداث جعلت منه انسانا عاجزا حزينا، على ما أصابنا من الإحتلال، ومع هذا ضل يظهر قوته أمام مصطفى أثناء زيارته له ليمده بالقوة والامل، فكان هو من يقوم بزيارته لوحده لأننا كنا ممنوعين من زيارته الى ان تمت محاكمته، وخلال انتفاضة الاقصى تم منعنا من زيارته لمدة سنتين ومن عام 2008 زرته ما يقارب الأربع مرات ولغاية الآن وأنا مرفوض أمنيا، حتى إخوتي الذين يسكنون في الخارج واذا تم السماح لاحد فيهم يكون حسب امزجتهم".
    ويكمل فرح حديثه بتنهيدة قائلاً: "ضل والدي مريض إثر تعرضه لحادثة جعلت من إنسانا عاجزا عن الحركة ولم يعد بمقدوره زيارة مصطفى، إلى أن توفي وكان عمره 97 عاما، ودائما كان يدعو الله أن يرى ويحضن مصطفى قبل أن تخرج الروح لباريها".

    تنقلاته ومذكراته داخل السجون
    يكمل فرح حديثه عن تنقلات أخيه داخل السجون قائلاً: "تنقل مصطفى خلال تواجده في السجن بين عدة سجون بداية بسجن نابلس المركزي وبقي فيه لمدة سنتين وبعدها انتقل لسجن جنيد وبقي فيه لعام 1996وبعدها تم نقله الى سجن عسقلان وبقي فيه لغاية 2001 وفي عام 2002 تم نقله إلى سجن هداريم وبقي فيه لمدة سنتين إلى أن تم نقله إلى سجن بئر السبع وفي عام 2007 تم نقله إلى سجن رامون وقبل ثلالثة شهور تم نقله الى سجن جلبوع ".

    ويبقى الأمل
    وبنبرة صوته وكلها حنين لمصطفى وطفولتهما يستذكر قائلاً: "عشنا طفولتنا معاً ونقضي كل أوقاتنا معاً ولنا ذكريات، وبضحكة صفراوية مصحوبة بدمعة أخذ يستذكرقائلاً: "كان لدينا غنمتين وكنا نرعاهم معاً، ونبقى طول الوقت متقاتلين، من يرعى الغنمتين؟ وفي يوم دفعته على الأرض وكان في كومة من الشوك وتختبيء تحتها ثعبان فضحكنا على هذا الموقف".
    صمت وكأنه يستذكر شيئا ما قسمات وجهه، تكشف أنه ينتفض انفعالاً، دقائق وعاد لمواصلة حديثه، وبصوته الحزين قال فرح قائلاً: "كنت متمنياً أن يكون إسم مصطفى بين أسماء الأسرى المفرج عنهم خلال صفقة شاليط، وكان شعوري في حالة صراع عند معرفتي أن إسم أخي ليس بين الأسماء المدرجة، علماً أن صديقه فهيم افرج عنه، وكنت متمسكاً بالأمل أن يكون هناك أسماء أخرى، ومع هذا يبقى الأمل لصفقات أخرى قادمة، أتمنى أن يخرج من سجنه وأعانقه، ونعيش معا ونفرح بزفافه".
    وينهي فرح موجهاً حديثه لمؤسسة الرئاسة الفلسطينية وأخيه قائلاً: "السجن ما بيسكر على أي إنسان مهما كانت محكوميته، ومهما طال الزمان، وطلبي الوحيد من مؤسسة الرئاسة أن يكون هناك إهتمام بالأسرى القدامى، وقبل أي محادثات سلام أن يخرجوا الأسرى بدون أي شروط".

    (المصدر: وكالة معاً الإخبارية، 22/6/2013)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زياد شبانة من سرايا القدس أثناء تصديه للقوات الصهيونية المتوغلة في تل السلطان بمدينة رفح

18 مايو 2004

جيش الاحتلال الصهيوني يشن عدوان قوس قزح في رفح، ويهدم عدد من المنازل، وسقوط 30 شهيداً

18 مايو 2004

دخول أول دفعة من شرطة سلطة الحكم الذاتي إلى قطاع غزة ومدينة أريحا

18 مايو 1994

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجزرة في قرية منصورة الخيط قضاء صفد

18 مايو 1948

الأرشيف
القائمة البريدية