الإثنين 06 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    المحرر عبد الرحمن شهاب: حين يسرق العمر .. يبقى التشبث بالعقل

    آخر تحديث: الأربعاء، 30 مايو 2012 ، 00:00 ص

    اعتقل وهو في ريعان شبابه لمشاركته في الأعمال المناهضة للاحتلال في الانتفاضة الأولى، وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة وثلاثين عاما، لم يحتمل أن يضيع شبابه هباءً، فحول النقمة إلى نعمة.
    انغمس في الدراسة، فحصل على الثانوية العامة والبكالوريوس والماجستير أيضاً، وخاض صراعا مريرا مع إدارة السجون للظهر بهذه الشهادات، فما بين منع للكتب، والمضايقات التي لا  تنتهي الحرمان من الدراسة لأتفه الأسباب والعزيمة والإصرار القويان حصل على ما أراد.

    تخفيف الحكم!
    الأسير المحرر عبد الرحمن شهاب الذي اعتقل في عام1988 م، بتهمة الانتماء للجهاد الإسلامي وحكم عليه بالسجن لمدة عامين بسبب المشاركة في أحداث الانتفاضة واللجان الشعبية، لكن في المعتقل حدث أن قام المعتقلون في الزنزانة بالتحقيق مع عميلين، مما أفضى إلى وفاتهما وحمل شهاب القضية على عاتقه.!
    ادَّعى أنه من قام بقتلهما، رغم أنه ليس له علاقة بالتحقيق معهما على الإطلاق، فحكم عليه بالسجن لمؤبدين، وبعد فترة اكتشفت قوات الاحتلال أن شهاب لم يكن له علاقة بالحادثة وأن المتورطين الحقيقيين قد أصبحوا خارج المعتقل، فخففوا عنه الحكم وقلصوه إلى 35 عاماً.
    كيف ينظر إذن شهاب إلى تعامل الثورة الفلسطينية مع العملاء؟ يقول: "إن عدم وجود نظرية فلسطينية أمنية قادرة على التعامل بشكل جيد مع هذه القضية، جعل هناك ظلماً للكثيرين من قبل الفصائل الفلسطينية جميعاً لافتقادها للخبرة في التعامل مع هذا الموضوع".

    صنعت أفضل منه!
    في المعتقل اهتم شهاب بالدراسة و العمل التنظيمي بالشكل الذي يخدم الأسرى ويحقق مطالبهم، فدرس الثانوية العامة ثم حصل على البكالوريوس ثم الماجستير من الجامعات الصهيونية.
    "قضيت فترة الاعتقال في الدراسة التي كنت قد انقطعتُ عنها خارجه، وفي العمل التنظيمي والمناكفة مع إدارة المعتقل هكذا كانت حياتنا"، يضيف شهاب.
    ويتابع :"فحياة الاعتقال روتينية يحدد روتينها كل أسير بنفسه حسب مجال اهتمامه، فمنهم من يقضي وقته في الدراسة وآخر في الرياضة، وآخرون يهتمون بتجهيز الطعام، فكلنا يبحث عن أن تكون له قيمة في الحياة عبر خدمة زملائه أو تأهيل نفسه".
    وأضاف: "أعتبر أن الزمن الذي كان يريد الاحتلال أخذه مني بالاعتقال صنعت أفضل منه، فعكفت على تحديد مسار حياة من جديد ينفعني بعد الاعتقال، فحولت الاعتقال من نقمة إلى نعمة".
    الدراسة داخل المعتقل لم تكن بالسهولة أبداً، فالحصول على البكالوريوس استغرق من شهاب عشر سنوات، واجه فيها مضايقات كبيرة، من الاحتلال، تتمثل في صعوبة كبيرة في إدخال الكتب كما أنه عند وقوع ما تعتبره الإدارة "مخالفة" من السجين فإنه يُمنع من التعليم لمدة عام.
    فكانت تلك الفترة مليئة بالمفاجآت غير المتوقعة، فقد يُلغى الاختبار قبل أيامٍ من موعده، أو لا يأتي المراقب للاختبار، وبما أن الدراسة بالمراسلة فقد تتعمد إدارة السجن عدم إيصال التعيينات للجامعة.
    "الدراسة في المعتقل صعبة جداً، فالإدارة تضع أمامها عقبات كثيرة، فقد حُرمتُ من الدراسة لمدة أربع سنوات، بسبب نشاطي التنظيمي، كما أنني أحياناً لا أكون ممنوعاً لكن الإدارة تتعمد تأخير تسليم أوراق تسجيلي للجامعة فينتهي وقت التسجيل، دون أن أستطيع التسجيل وتضيع رسومي أيضاً".
    العقبات التي كانت تضعها إدارة المعتقل أمام المعتقلين الملتحقين بالجامعة كان الهدف منها وفقاً لشهاب-  Ø¯ÙØ¹Ù‡Ù… للتوقف عن التعليم رغماً عنهم، "لكنني طوال العشر سنوات، لم أملُّ رغم كل مضايقاتهم وصممت على مواصلة الدراسة".

    العزل أفادني!
    أما الماجستير فكان الحصول عليه أسهل بكثير، فقد استغرق للحصول عليه عاماً ونصف العام، فما السبب يا تُرى؟! يجيب شهاب ضاحكاً: "لقد كنتُ في تلك الفترة معزولاً في سجن "هداريم" مع ثلاثة من زملائي، إذ لم يكن هناك عمل تنظيمي ولم أكن أحتك بالإدارة، ولم أكن أعاقب على عملي التنظيمي".
    كان عزل شهاب سبباً في إنهائه الماجستير دون عوائق، لأنه لم يكن ليتحمل تعرض زملائه للأذى، وكان بالتأكيد سيكون له مشاكل مع إدارة المعتقل، لهذا السبب لو بقي في الزنزانة العادية لما أنهى الماجستير بتلك الفترة القصيرة.
    هل كان الأمل بالإفراج حاضراً في ذهن شهاب؟، يضيف: "كل يوم كنت أتوقع أن يُفرج عني قريباً، كما أنني في الوقت ذاته لم أكن أستبعد أن أقضي الخمسة والثلاثين عاماً كاملة أيضاً".

    وأضاف:" فأنا اقتنعتُ بأن هذا قدري، وأن حكمي أصبح بيد الله، ولا أستطيع أن أفعل شيئاً وأن العمل بيد المجاهدين بالخارج، وأنه ليس بيدي سوى الانتظار والاستفادة من الوقت الذي أقضيه في المعتقل.

    لم أعرفهم!
    وأردف شهاب قائلاً: "ما آلمني داخل المعتقل، هو زواج خمسة من شقيقاتي واثنين من أشقائي، وكنتُ أتمنى أن أكون وقتها في الخارج ليس من أجلي ولكن من أجلهم، لأنهم كانوا لا يفرحون بسبب غيابي خاصة والديّ اللذين لم يكونا يفرحان أبداً، فكنت أتمنى أن أكون معهم".
    "وعندما أُسرَ شاليط، أصبح لدينا جمود لعدم زيارة الأهل لنا، فقد نسينا غرفة الزيارات، حتى أنني رأيتُ أهلي في رمضان الماضي وكانت مرئية الأقصى قد أجرت معهم لقاءً، فلم أعرفهم، فقد وجدتُ أن ملامحهم تغيرت  ÙØ§Ù„والد والوالدة لم يكونا يتأخران عن زيارتي كلما سنحت فرصة للزيارة، لا يقعدهما عن ذلك إلا المرض"ØŒ يضيف شهاب.
    كان شهاب يتمنى أن يشارك أهل القطاع في الانسحاب الصهيوني من القطاع، يضيف: "فرحة كبيرة كتلك كنا نتمنى المشاركة فيها، فكانت آمالنا تتحقق ونحن بعيدون عن الأهل والوطن".
    فكيف يصف شهاب حياة المعتقل؟، يجيب قائلاً: "إنها حياة أخرى تحت الأرض، وبعيداً عن الأعين، إنها بمثابة حياة داخل الأنفاق، فنحن حتى أثناء تنقلنا من سجنٍ لآخر، فإننا نكون داخل البوسطة" "وهو باص أسود بداخله حديد، ونكون مقيدي الأيدي والأرجل ولا نرى شيئاً".
    "في المعتقل هناك حياة، لكن ليس فيها طعم لشيء.. لا رائحة للروائح.. ولا جمال للجمال، فلا طعم لشيء بدون الحرية، وما يهوّن عليك هذه الحياة هو ما تحققه من إنجازات".
    حتى عندما حصلت على درجتي البكالوريوس والماجستير، كانت تلك محاولة للتغلب على فقدان الحرية والفرح الحقيقي، ولكنني لم أفرح بنجاحي، "حتى لو حصلت على الدكتوراة فلم يكن هناك طعم للفرح بدون حرية، لكنني لم أكن أريد أن أندم على أنني ضيعت وقتي ولم أستفد منه".

    فرحة منقوصة!
    علمت بأنني من ضمن المفرج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار" قبل ثلاثة أيام من الإفراج عني، قبلها كنت أوقن بأنني من الأسماء التي يتم التفاوض عليها، لأنني من قدامى الأسرى، لكنني خشيتُ أيضاً ألا يفرج عني وأن أكون من بين الثلاثمائة الذين لن يفرج عنهم من أصل سبعمائة من الأسرى القدامى".
    عندما تأكد لي خبر الإفراج عني لم أستطع أن أفرح لأن زملاء لي من قدامى الأسرى في الزنزانة نفسها لم يُفرج عنهم، لكن الحق يُقال إنهم فرحوا لي ورغم صعوبة وقع خبر عدم الإفراج عنهم على نفوسهم إلا أنهم هم من طلب منا أن نفرح وننظر للأمام.
    في لحظات الإفراج شعرت بأنني أنقسم بين الأسرى الذين تركتهم خلف القضبان وبين أهلي خارجها، فخرجتُ من المعتقل وأقدامي ثقيلة، ولأسابيع ظلَّ زملائي الأسرى في ذهني وكلما خطروا على بالي أو اتصلوا بي بكيت إلى أن نصحني من حولي بالخروج من حالة الحزن هذه والانخراط في الحياة.
    لم أتخيل في حياتي أن تكون فرحة الإفراج عني بهذا الشكل والاستقبال الرائع، وما زادها فرحة أن والديَّ ما زالا على قيد الحياة "لأنهما هما من يستحقان هذه الفرحة".

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 26/5/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

الاستشهاديان محروس البحطيطي وحازم الوادية من سرايا القدس يقتحمان موقع كيسوفيم ويوقعان عددا من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال

06 مايو 2002

الأسرى داخل السجون يعلنون الإضراب عن الطعام إحتجاجاً على أوضاعهم السيئة

06 مايو 2002

استشهاد المجاهد محمد عبد الله زقوت من الجهاد الإسلامي في مواجهات مع قوات الاحتلال وسط قطاع غزة

06 مايو 1989

الأرشيف
القائمة البريدية