السبت 04 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    المحرر أدهم سلامة يوثق تجربة اعتقاله المريرة

    آخر تحديث: الثلاثاء، 26 يونيه 2012 ، 00:00 ص

    قال نشأت الوحيدي منسق عام الحركة الشعبية لنصرة الأسرى والحقوق الفلسطينية، إن الحركة بدأت بتوثيق شهادات لأسرى عاشوا تجربة الاعتقال المريرة للكشف عن مدى خطورة تعامل الاحتلال الصهيوني مع الأسرى الفلسطينيين، وبخاصة من تعتبرهم "مقاتلين غير شرعيين" حيث يتم احتجاز واعتقال الأسير بعد انتهاء مدة محكوميته في انتهاك واضح لكافة الأعراف والمواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية والإنسانية وفاضح للوجه الحقيقي للاحتلال.
    وقد وثقت الحركة تجربة الأسير أدهم علي حسن الحاج أحمد "سلامة" من مدينة رفح الذي اعتقل في 18 / 5 / 2004 وأفرج عنه في 12 / 3 / 2009 م بعد أن طبق عليه الاحتلال قانونه العنصري "قانون مقاتل غير شرعي"، وهي تجربة كما يقول الوحيدي "تكشف عن انتهاكات خطيرة يمارسها الجيش الصهيوني عاشها الأسير وهو من مواليد 29 / 9 / 1979، ومتزوج وله طفلان لانا 8 سنوات، وعلي 6 سنوات، ولم يكن مقاتلا أو مطلوبا أو يشكل خطرا على الأمن الصهيوني وعندما داهمت قوات الاحتلال منزله لاعتقاله كان يواصل دراسته في السنة الثالثة تخصص اقتصاد وعلوم سياسية بجامعة الأزهر.

    التجربة
    يقول ادهم: "في ساعات الفجر الأولى من تاريخ 18 / 5 / 2004 شن الاحتلال هجوما واسعا على رفح واجتاح حي تل السلطان واقتحمت مجموعة من جنود الاحتلال بيتنا وجمعونا في الطابق الأرضي الذي يتكون من ثلاثة طوابق وأبقوا على بعض أشقائي في الطابق الثالث وهي شقتي الخاصة وقاموا بهدم جدران في الشقة وعمل فجوات لتمكنهم من إطلاق النار على المواطنين الآمنين واستطاعوا من خلالها قنص المواطنين وإصابتهم إصابات مباشرة. هدمت جرافة الاحتلال سور البيت واقتحمت حوشه وأمضينا ثلاثة أيام في الطابق الأرضي تحت تهديد السلاح والوعيد ودون مأكل أو مشرب أو إمكانية قضاء الحاجة وكان أبي حينها في مدينة غزة ولم يتمكن من الحضور للبيت وكنت أنا وأشقائي وزوجتي وأطفالي وبعض أقاربي أسرى لدى الاحتلال في بيتنا. وفي صباح 21 / 5 / 2004، اليوم الأخير لي في البيت ناداني ضابط باسمي وكأنه يعرفني تمام المعرفة وقال لي تعال يا أدهم وبدأ الجنود بالحديث فيما بينهم ولم أفهم من لغتهم سوى كلمة "مطلوب" ثم بدأوا بتكبيل يدي وتعصيب عيني وفي هذه اللحظات جرت نحوي ابنتي الصغيرة لانا مخترقة صفوفهم ولم يتجاوز عمرها حينذاك العامين وحاولت احتضاني في محاولة بريئة من طفلتي لتحريك مشاعر الجنود ولكن حتى تلك اللحظة لم يمنحوها لطفلتي الصغيرة".
    ويضيف "في تلك اللحظات كانت جنازير الجرافة الصهيونية وأنيابها قد التهمت الكثير من البيت واقتادوني للجرافة وأجبروني على الجلوس على ركبتي فيها وكان من بينهم من يتحدث بالعربية وضربوني بأعقاب البنادق والعصي وبكل وحشية وعنف ومازلت حتى اليوم أعاني منه ثم تحركت الجرافة حتى استقرت بين كثبان رملية على شاطئ البحر حيث أنزلوني في حفرة وخاطبني أحدهم: إذا ابتعرف تتشاهد على روحك اتشاهد فإننا قررنا إعدامك فبكيت ولم أكن أريد أن أموت هكذا دون مقاومة ثم سمعت صوت إطلاق نار وظننت النيران أطلقت علي ولكنها كانت حولي، فاخذ الجنود يضحكون بشكل هستيري وأعادوني لمكاني داخل الجرافة وضربوني ثانية والجرافة تمشي وتمشي ثم حاولوا إنزالي منها ولكن لم أكن أستطيع المشي. فأنزلوني بالقوة وحملني اثنان من الجنود إلى سيارة نقل بدون مقاعد وفي التاسعة صباحا كنت في سجن عسقلان وأدخلوني للكشف الطبي مجبرا على التعري من ملابسي وسلمت الأمانات بعد أن سألوني عن وضعي الصحي ثم أدخلوني لزنزانة معتمة لا يوجد لها شبابيك وجدرانها خشنة ولا تستطيع الاتكاء عليها فإما أن تجلس فيها القرفصاء أو تنام وظهرك للأرض وبها صنبور مياه تضغط على الزر فتأتيك المياه لمدة 10 ثوان ثم تختفي وهناك في الزنزانة دلو لقضاء الحاجة".
    ويكمل حديثه "تركوني هناك 5 أيام ولم أكن أعلم النهار من الليل وبالنسبة للأكل فهو سيء ولا يكفي الحاجة وأما الغطاء فهو عبارة عن فرشة وبطانية من عمر قديم وزي السجن فأنت ونصيبك فيما يتعلق بالمقاس وكانت لحظة التحقيق معي قد بدأت في اليوم السادس لاعتقالي والضابط الصهيوني وخلال الحرب النفسية والباردة التي شنها يجعلك تشعر بأنك لست مطلوبا لهم وأنك سوف تعود إلى منزلك بعد انتهاء التحقيق والهدف واضح وهو محاولة انتزاع اعتراف".
    وتبدأ مرحلة الخداع والتضليل لإيقاع الأسير في الشباك في قسم العصافير، ويكمل أيضاً "فبعد 15 يوما من المعاناة والعذاب في الزنزانة وضعوني مع العصافير وسط الضغوط التي استمرت وسط إنكاري لتهمهم ثم تعرضت لمحاولة خداع أخرى هدفها إلصاق تهم بي ولكني تجاوزت كل المحن والظروف العصيبة. وبين المحكمة وسجن عسقلان مكثت لمدة 3 شهور ثم نقلوني لسجن بئر السبع حيث خاض الأسرى الإضراب في كل السجون من 17 / 8 وحتى 2 – -9 2004. وأرادت إدارة مصلحة السجون أن تسجل لنفسها نصرا زائفا فقاموا بعملية قمع ضد الأسرى بوحدتي نحشون وميتسادا مع مكافحة الشغب والشرطة الصهيونية المدنية وكان من نصيب قسم ج 9 حصة الأسد وهناك 9 أقسام أخرى وفي كل قسم 120 أسير ومقابل كل أسير أمني 10 جنود بكامل عتادهم ومعداتهم وكان الجنود يكبلون الأسير ويقتادونه إلى جهة مياه الصرف الصحي ويضربونه فوق المياه ونقلوا قسم ج 9 لسجن هداريم وأمضيت هناك شهرا ونصف ثم أعادوني لسجن النقب الصحراوي في 22 / 5 / 2006ØŒ وبعد أسر المقاومة الفلسطينية للجندي شاليط والحديث عن صفقة تبادل الأسرى قاموا بنقل أسرى قطاع غزة لسجن نفحة في نيسان 2007 ثم أعادوني لسجن النقب بتاريخ 21 / 2 / 2008".
    قبل يوم الثلاثاء 3 / 3 / 2009 يوم الإفراج عني بدأت منذ يوم السبت استعد وصبيحته خرجت من غرفة السجن وتوجهت لغرف الحلاقة وبعدها بقليل جاء شاويش السجن وأبلغني أن هناك مندوبا من الجيش يريد مقابلتي فانتابني القلق ولكن قلقت أكثر عندما ألغى مندوب الجيش المقابلة وشاطرني القلق رفاقي وإخواني الأسرى ومساء الاثنين أبلغني شاويش السجن بأنه سوف يطلق سراحي حيث احتفلت في ذلك المساء مع إخواني الأسرى ومرة أخرى أبلغتني إدارة مصلحة السجون بنبأ الإفراج عني، وبعد وداعي للأسرى متمنيا لهم الحرية خرجت متلهفا لنيل حريتي ولكن قابلني ضابط عند الحافلة التي تنتظرني وسألني عن اسمي ثم قال: هناك مشكلة بخصوص اسمك وستعود للسجن، فكاد يغمى علي وعدت ثانية للقسم وبعد فترة جاءت مجندة صهيونية برفقة ضابط وحاخام وأبلغوني أنه تم توقيفي من قائد المنطقة الجنوبية وبأنني مسؤول كبير في تنظيم فلسطيني وشاطرني رفاقي أحزاني وبكى كل من هو من عائلتي كما علمت بعدها وبكى جدي - 74 عاما - وهو يتحرق شوقا وحنينا لرؤية حفيده قبل أن يفارق الحياة، وفي عصر الثلاثاء أبلغتني إدارة مصلحة السجن عبر ضابط من الاستخبارات بأنني سأنقل إلى قسم مخصص للمقاتلين غير الشرعيين وهذا القانون لم يطبق إلا على أسرى قطاع غزة.
    دخلت غرفة القسم ولم يكن فيها سوى 7 أسرى ممن طبقت عليهم دولة الاحتلال هذا القانون الظالم والعنصري ومنهم 5 أسروا أثناء العدوان على غزة في 27 / 12 / 2008 وآخر جرى توقيفه لحظة الإفراج عنه وهو محمد أبو عون وهناك من بين الخمسة أسرى 3 من عائلة حمادة، وكنت في وضع صعب وحالي يرثى له ولم أكن اعرف ما هو مصيري..
    بدأت مرحلة جديدة من المعاناة والتعذيب النفسي فعندما كنت أتمشى في الفورة إذ بالشاويش يناديني: جهز نفسك خلال دقيقة.. أخرجوني وقيدوني من جديد وأركبوني في باص بمقاعد حديدية ومضى الباص حتى سجن بئر السبع ومكثت هناك حتى آذان المغرب ثم نقلوني لسجن نفحة الصحراوي وبقيت هناك بدون أكل أو شرب ولا غطاء في البرد الشديد ثم أعادوني لسجن بئر السبع ومن ثم لسجن عسقلان ومن ثم لسجن بئر السبع وبعدها إلى سجن الرملة في غرفة رقم 6. وظهر يوم الأربعاء قال لي الضابط: ستذهب غدا إلى تل أبيب فسألت الضابط لماذا؟، فأجاب: أنها تعليمات، وفي تمام السادسة من صباح الخميس دخلت وحدة نحشون للغرفة وتم تقييدي من جديد ونقلوني لمنطقة لم أعرفها وأدخلوني لمكان غريب وأحاطني قرابة 10 جنود وكان في المكان معتقلون صهاينة جنائيون كثر، واقتادوني لمكان تحت الأرض عن طريق سرداب وكان ما يشبه السجن أو مركز توقيف وأجلسوني في غرفة صغيرة وأبواب تفتح وتغلق بواسطة الكمبيوتر، غرفة لا تقف فيها ولا تستطيع أن تجلس، كرسي صغير جدا بلا ظهر والحائط هو الظهر، وأصابتني حالة من العصبية والرعب شعرت أنهم يريدون أن يسلبوني كرامتي وإنسانيتي ولكن لم أحزن لأن الله عز وجل دائما معنا ولم أكن أتمالك دموعي فكانت تسترسل لوحدها وكنت قد اتخذت دموع الرجال والإرادة صديقا في هذا الضيق، وبقيت هناك 6 ساعات وفي الظهر عاد الضابط من جديد وقال ستعود إلى سجن النقب وقيدوني من جديد ثم أركبوني في باص داخله غرف صغيرة ومطلي من الداخل بالأسود.
    بقيت في علاقتي مع ربي وتذكرت الرجال الثالثة الصالحين الذين فرج الله كربتهم وحررهم من عتمة الكهف ومن الموت وفجأة فتح الباب وكان سائق الباص الذي خاطبني قائلا: لقد جاء الآن أمر من المخابرات بالإفراج عنك ولم أصدق وشعرت وكأنني عدت من الموت لأحيا، فأكد لي ثانية فدخلت في قلبي نسمة هدوء وراحة وإذ بضابط صهيوني يدخل ويقول بأن هناك محاكمة تنتظر وسنقودك للمحكمة ونزلت معه مقيد اليدين والقدمين ومشيت 10 أمتار وإذ بسائق الباص يلحق بي ويضع يده على كتفي ويقول: أدهم، جاء فعلا أمر بالإفراج عنك ونزلت معهم تحت الأرض في غرفة أوسع قليلا، سألت إلى أين؟؟ أجابوا: سنسلمك للشرطة لأنك ستعود إلى غزة وأدخلوني في السيارة وأجلسوني مقيدا وقاموا بربطي بحبل من وسطي وشدوا الحبل، تألمت وسألت لماذا ؟ قالوا كي لا تهرب. كان الله عز وجل معي في كل لحظة، نجوت بحمد ربي من الموت، ونجوت من القوانين العنصرية ومن قانون المقاتل غير الشرعي وعدت من الموت لأحيا وأعيد الحياة لأسرتي.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 24/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

قوات الاحتلال الصهيوني تحتل قرية خربة الشونة قضاء صفد، والطابغة والسمكية وتلحوم قضاء طبريا، وعاقر قضاء الرملة

04 مايو 1948

بريطانيا تصدر مرسوم دستور فلسطين المعدل 1923

04 مايو 1923

استشهاد المجاهد مهدي الدحدوح من سرايا القدس متأثرا بجراحه التي أصيب بها في قصف صهيوني على سيارته وسط مدينة غزة

04 مايو 2007

الأرشيف
القائمة البريدية