السبت 04 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير المحرر الكيلاني لم تكتمل فرحة التئام الشمل

    آخر تحديث: الخميس، 28 يونيه 2012 ، 00:00 ص

    لأكثر من عشر سنوات صبرت وانتظرت الزوجة سهاد لحظة تحرر زوجها زيد عرسان حافظ أمين الكيلاني الذي اعتقل بعد 18 يوما من زفافهما،وبينما كانت لا زالت تستقبل المهنئين بزفافهما في منزل الزوجية في قرية سيريس قضاء جنين، تقول سهاد: "تحولت لحظات حياتي لحزن وقلق لان الزوج زيد وخلال اعتقاله في 1- 3- 2001 أصيب إصابات بالغة أدت إلى فقد عينه اليسرى وبتر يديه اليسرى وثلاثة أصابع من يده اليمنى"، وتضيف "وفور اعتقاله أعلنت قوات الاحتلال أن الإصابة نجمت عن محاولته تنفيذ عملية فدائية في وادي عارة داخل الخط الأخضر".
    عمت أجواء الحزن وبدأت رحلة المعاناة الأقسى في حياة الزوجة وعائلة زيد التي كانت ما زالت تعيش ألم ومرارة استشهاد ابنها الطالب الجامعي زكريا الشهيد الأول في انتفاضة الأقصى، وتقول الزوجة الوفية: "عشنا أياما عصيبة لانقطاع أخبار زيد فرغم خطورة وضعه وحاجته الماسة للعلاج وعمليات جراحية رفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه وأخضعته خلال فترة علاجه للتحقيق الذي انتهى بالحكم عليه بالسجن المؤبد إضافة لـ 40 عاما"، وتضيف "والأشد قساوة أن إدارة السجون عاقبته بالحرمان من العلاج والعزل والنقل من سجن لآخر ولكن في أول زيارة لي أبلغته أنني سأنتظره ولن أتخلى عنه فقد آمنت أن السجن لن يدوم وتمسكت بأمل الحرية".
    صمدت سهاد وتحدت كل الظروف الصعبة والعصيبة في غياب الزوج وتفاقم معاناته خاصة بعدما صدر قرار بمنعها ووالديه من زيارته، وتواصل سهاد سرد حكايتهما المأساوية "استمر تدهور الوضع الصحي لزيد لأن إدارة السجون استمرت بنقله بين السجون دون مراعاة لوضعه الصحي ورغم توصيات أطباء السجون بضرورة إقامته بالمستشفى بشكل دائم ومتابعة إجراء العمليات الجراحية له استمر إهماله"، وتضيف "صمد زيد الذي كان يتمتع بمعنويات عالية كانت تخفف عنا الكثير ولكن سرعان ما أصبحنا ممنوعين أمنيا وأصبح يعيش رهين الاعتقال وعذابات السجن والمرض والحرمان من الزيارات وفشلت كل الجهود في إلغاء قرار المنع الذي كان عقابا أشد وأقسى من السجن".
    وتقول سهاد: "لم نعش يوما حياة سعيدة جراء القلق والخوف على زوجي حتى كنت أشعر أنني ووالديه معتقلين معه فلا فرق في معاناتنا وجميعنا في نفس السجن لا نملك سوى الصبر والدعاء لله ليفرج كربه ويمن عليه بالفرج فالاحتلال رفض تلبية كافة نداءات المؤسسات الإنسانية لعلاجه وتأثرت والدته كثيرا بسبب ذلك وأصبحت تعاني الأمراض من شدة قلقها عليها وحرمانها منه".
    بعد سنوات الألم والمعاناة، عاشت الزوجة وعائلة زيد لحظات الفرح التي انتظرتها طويلا عندما أعلن إدراج اسمه ضمن الدفعة الأولى من الأسرى الذين تقرر الإفراج عنهم في صفقة شاليط، وتقول: "فرحنا وبكينا عندما سمعنا اسمه وصلينا شكرا لله الذي استجاب لدعواتنا رغم الألم الكبير الذي شعرنا به عندما علمنا أنه لن يعود لمنزلنا لأن سلطات الاحتلال قررت إبعاده لغزة وقلت لحظتها أنه سيذهب لجزء آخر من الوطن فالأهم حريته وخلاصه من جحيم السجن".
    سارع والدي زيد وزوجته للسفر عبر الأردن ومصر لغزة والفرحة تملا القلوب، وتقول سهاد: "لم نتردد لحظة ورغم كل الصعوبات وصلنا إلى المعبر وانتظرنا وكانت أجمل لحظة في عمري لم أعشها حتى يوم زفافي عندما شاهدنا زيد يتقدم نحونا حرا دون قيود، لحظتها شعرنا أننا تحررنا من السجون رغم ما حل بنا من ألم عندما شاهدنا تأثير الإصابة عليه".
    اجتمع شمل العائلة في غزة لتشارك زيد وإخوانه المحررين الفرح ورسم أحلام المستقبل، ويقول المحرر زيد: "طوال محطات المعاناة خلف القضبان لم ينتابني أي نوع من اليأس ولم افقد الأمل كنت على قناعة تامة أن الله سيكرمنا وأن تضحياتنا وما قدمناه في سبيل شعبنا وكرامته وحريته سنقطف ثماره الحرية وإن تأخرت لبعض الوقت"، وأضاف "عشر سنوات في السجن وسط الألم والمرض والعذاب في كل ثانية تساوي مليون سنه ولكن عندما شاهدت والدي وزوجتي وأهلي الذين صبروا وتحملوا كل شيء في سبيل الوصول لأجمل لحظة في العمر نسيت كل شيء فحلم وطعم الحرية يساوي الحياة ولا معنى للحياة حتى في قصر بلا حرية".
    رغم الاستقرار وانتظام الحياة والأفراح التي عاشتها عائلة زيد منذ تنسم ابنها نسيم الحرية لم تتوقف عن التفكير بالخطوة الأهم وهي علاجه، ويقول زيد: "أجريت فحوصات متعددة في غزة وأقر الأطباء حاجتي لعمليات جراحية من الصعب تنفيذها بغزة وحصلت على تحويلة للعلاج في مصر ولكني اكتشفت أن وضع المستشفى غير مناسب فقررت السفر للعلاج على نفقة أسرتي في عمان رغم ظروفها المادية الصعبة"، ويضيف "فحتى آخر لحظة قبل مغادرتنا غزة ومصر لم نتمكن من تغيير التحويلة وأصبحت حالتي تستوجب علاجا لأن كل لحظة تأخير لها مضاعفات سلبية على حالتي الصحية وما أعانيه من أعراض".
    سافر زيد وزوجته سهاد ووالداه لعمان خلال شهر أيار الماضي وبدأ البحث عن علاج، ولكنه سرعان ما واجه أكبر صدمه قلبت حياته رأسا على عقب، ويقول: "فرحت مرة أخرى لاجتماع شمل أحبتي معي في شقة استأجرتها في عمان لان رحلة علاجي طويلة ولكن فرحتنا لم تدم طويلا فصبيحة يوم الثلاثاء 29 - 5 تعرضت وزوجتي لحادث صدم من سيارة محلية بشكل مفاجئ". يتوقف المحرر المبعد زيد عن الحديث من شدة التأثر وهول الصدمة، ويقول: "ففي أسوأ كوابيس حياتي لم أكن أتوقع هذا المصير رغم إيماني الكبير بالقضاء وقدر الله، ولكن عندما سقطنا أرضا شعرت أنها آخر لحظاتي في هذه الدنيا وتكررت أمامي كل الصورة المؤلمة فهل بعد هذا الصبر والانتظار لن يكتمل فرحنا ولن أحقق أحلام زوجتي ولن أعوضها عن صبرها وتضحياتها وبطولتها وهل سنموت هنا بعيدين عن أهلنا ووطننا وأحبتنا ؟".
    صور يتذكرها اليوم زيد وهو يتماثل للشفاء ويكرس حياته لرعاية زوجته التي كانت الأكثر تأثرا من الحادث، ويضيف "فقدت الوعي وكانت آخر صورة شاهدتها زوجتي على الأرض لا تتحرك ولا تتكلم وعندما استعدت وعيي في المستشفى لم أتوقف عن السؤال عن سهاد رفيقة دربي وأنا ادعوا الله أن لا تكون أصيبت بشر".
    رغم تأثره بالإصابة، أصر على رؤية زوجته بعد خضوعه للعلاج فوقع أرضا من وقع الصدمة وهول المنظر، ويقول: "بكيت بكل مرارة وألم عندما شاهدت زوجتي في غرفة الإنعاش بعدما فقدت الوعي وتوسلت لأسرتي إنقاذها وعلاجها فانا مستعد لأن افديها بروحي وهي التي وهبتني عمرها فكيف سأحتمل رؤيتها تعاني وتتألم". بدأ زيد يتماثل للشفاء من أثر الإصابة بينما لم يطرأ أي تحسن على وضع زوجته التي ابلغه الأطباء أنها تعاني من نزيف في الدم وارتجاج في الدماغ أدى لفقدانها الذاكرة وتحتاج لفترة علاج طويلة، نتائج شكلت صدمة مروعة لزيد وعائلته التي لزمت المستشفى لجانبه باذلة كل جهد مستطاع بعد أن خرج زيد من مرحلة الخطر لتوفير العلاج المناسب لزوجته، ويقول: "قلبي يتمزق كل لحظة من وقع الألم فلم أتخيل لحظة في حياتي أنني سأعيش هذه التجربة المريرة شاهدت الموت في سجني مليون مرة ولكن لم أشعر بالألم الذي ينتابني مع كل دقيقة تمضي وزوجتي ما زالت طريحة الفراش فاقدة للذاكرة".
    بين المستشفيات والمراكز الطبية تنقل زيد يبحث عن أفضل الأطباء للإشراف على علاج زوجته، ويقول: "سبحان الله انتظرتني عشر سنوات بأمل لنجتمع ونعيش معا تجرعت المرارة وصمدت في وجه كل أشكال الظلم والمعاناة على بوابات السجون وفي غيابي وعندما بدأ الحلم يتحقق تنقلب الصورة"، ويضيف "أصرت على السفر لعلاجي ومرافقتي في كل خطوة كانت تمدني بالإرادة والعزيمة وترفع معنوياتي لأن كل همها في حياتها أن تراني في وضع صحي ممتاز ولكنها لم تعلم أن سفرنا سيكون ثمنه حياتها وأن معاناة أخرى تنتظرنا لأجل غير مسمى".
    لزم زيد المستشفى قرب سرير زوجته في عمان، يتابع علاجها ويصلي ويتضرع لله أن يجعل لمرضها دواء ينقذها ويعيدها إليه بعدما عاد إليه من قلب الموت، ويقول: "رغم الحزن الكبير أملنا بالله اكبر وأعظم، فقد مرت علي خلال اعتقالي لحظات شعرت أن موتي قريب وأنني لن أعود لزوجتي وأسرتي ولكن إرادة الله كانت الأقوى لأنه استجاب لدموع وصرخات زوجتي ووالدتي وكرمتني بالحرية، وفي كل لحظة أتضرع لله أن يسرع شفاء زوجتي فنحن نتابع علاجها وأملنا بالله كبير"، ويضيف في آخر تقرير للأطباء أبلغونا أنها في هذه المرحلة بحاجة لمزيد من العلاج الذي سيكون طويلا وعلينا الصبر وتمكنا من إخراجها من المستشفى لفترة راحة في منزلنا نأمل خلالها أن تتحسن حالتها قبل العودة للمستشفى".
    والدة زيد التي تعتبر سهاد ابنة لها فهي التي شاطرتها كل لحظات الحياة المريرة عقب اعتقال ابنها ورفضت التخلي كما تقول "عن زوجها وصبرت واحتملت وضحت بحياتها لتكون سندا وعونا لزوجها، إنها مثال للمرأة الفلسطينية الصابرة المناضلة التي تفانت في سبيل أسرتها وزوجها لذلك كلنا ثقة أن الله سيكرمنا بشفائها"، وتضيف وهي تبكي وتحدق في كنتها التي أصبحت طريحة الفراش ولا تقوى على الحركة "كلما نظرت إليها أبكي وأتألم فقد أصرت على إحضار زيد لعمان للعلاج ولكنها أصبحت اليوم بحاجة لعلاج لا يقل صعوبة وخطورة عن زوجها الذي لا تتذكره فهي فقدت الذاكرة ".
    من شدة القلق والحزن نسي المحرر المبعد زيد وضعه الصحي وحاجته للعلاج ولم يعد يفكر إلا بزوجته، ويقول: "صبرت سنوات طويلة أتحمل الألم وبإمكاني أن انتظر فترة أخرى فالأهم من علاجي اليوم زوجتي التي أتضرع لله ليلا نهارا أن يشفيها لأرد لها شيئا مما قدمته من أجلي، توكلت على الله ولن يخيب أمل عباده المؤمنين".

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 25/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

قوات الاحتلال الصهيوني تحتل قرية خربة الشونة قضاء صفد، والطابغة والسمكية وتلحوم قضاء طبريا، وعاقر قضاء الرملة

04 مايو 1948

بريطانيا تصدر مرسوم دستور فلسطين المعدل 1923

04 مايو 1923

استشهاد المجاهد مهدي الدحدوح من سرايا القدس متأثرا بجراحه التي أصيب بها في قصف صهيوني على سيارته وسط مدينة غزة

04 مايو 2007

الأرشيف
القائمة البريدية