26 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    لك الله يا أبا شداد في اعتقالك الإداري

    آخر تحديث: الخميس، 26 إبريل 2012 ، 00:00 ص

    بقلم: المحامي إبراهيم شعبان
    (هذا المقال إهداء للدكتور يوسف عبد الحق في معتقله الإداري في عوفر)

    هو على مشارف السبعين من عمره المديد وعالم في الاقتصاد وهي سيدة وربة بيت فاضلة، وهو, رجل متزوج حديثا لم ينعم بزواجه بعد، وهو طفل لم يستمتع بطفولته بعد، جميعهم شكلوا خطرا على الأمن الصهيوني في نظر القائد الصهيوني، لذا صدرت بحقهم أوامر اعتقال إدارية لمدد متفاوتة، وهكذا زج بآلاف الفلسطينيين المناضلين في عقوبات جماعية دون محاكمة ودون محكمة، سموها زورا وبهتانا بالاعتقال الإداري.
     Ø£Ø³Ø§Ø³ الاعتقال الإداري في نظر السجان عبر قوانينه القراقوشية أن شخصا ما يشكل خطرا على الأمن الفردي أو على أمن المنطقة أو على أمن القوات المحتلة (مصطلح الأمن، مصطلح فضفاض يحتاج إلى تعريف دقيق)ØŒ لذا يقوم القائد العسكري لمنطقة ما باعتقاله لفترة لا تتجاوز ستة أشهر، ويمكن التجديد له بعد انتهاء تلك الفترة لفترات متلاحقة بدون أن يضع سقفاً زمنياً تنتهي عندها فترات التجديد جميعا.
    وهكذا نظريا يمكن أن يقضي الأسير طيلة عمره في الاعتقال الإداري. وبذا يصبح الخصم أو قل العدو حكما وقاضيا في ذات الوقت. وحرصا على عدالة الاحتلال الشكلية ومساحيق التجميل على وجهه القبيح، يوجب القانون مثول الشخص أمام محكمة عسكرية بعد ثمانية أيام ليؤكد القاضي العسكري رفض الأمر أو توكيده. وحديثا غدا للمتضرر أن يستأنف هذا القرار أمام محكمة الاستئناف العسكرية بعد أن كان حكم القاضي العسكري قطعيا. 
    وإن تساءلت عن السند القانوني للاعتقال الإداري فهناك أكثر من مصدر ومرجع، فإذا لم يعجب القاضي العسكري القانون القديم فهناك أيضا القانون الحديث، وإذا لم يعجبك القانون الداخلي فهناك القانون الخارجي، المهم أن لا تفلت من العقوبة التحكمية التي قررها الحاكم العسكري عليك دون محاكمة. فهناك، أنظمة الطوارئ البريطانية الاستعمارية لعام 1945 وهناك الأمر العسكري الاحتلالي رقم 1651 والذي سبقه الأمر العسكري رقم 1226. وبعد عام 2002 صدر أمر يخص اللبنانيين المقاومين، ثم استعمل للغزيين مناهضي الاحتلال. ولو تجرأت على القول أن الاعتقال الإداري هو وصمة عار في جبين الشرعية الدولية وخرق خطير لمواثيقها وقواعدها، لجاوبتك محكمة الاحتلال العسكرية التي تمثل الجيش الأول أخلاقيا في العالم بحسب وجهة نظرها الضيقة والمشوهة، أنه مشروع دوليا, وبادرت بإيراد الأدلة والسندات التي تؤيد ذلك.
    ليس ذلك فقط، بل لقامت ما تسمى بمحكمة العدل العليا الصهيونية بتأييد ذلك، وهي المحكمة التي ليس لها اختصاص بما يجري في الأراضي المحتلة كالضفة والقطاع بل ما يجري في داخل الكيان فقط. فمثلا تؤكد صراحة المادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة على حظر الاعتقال الإداري وعدم جواز اللجوء إليه إلا في الأحوال الاستثنائية. وها هو النص قد ورد على النحو التالي "إذا رأت دولة الاحتلال لأسباب قهرية أمنية أن تتخذ تدابير أمنية إزاء أشخاص محميين، فلها على الأكثر أن تفرض إقامة جبرية عليهم أو تعتقلهم". ولاحظوا معي أن النص حدد وجود "أسباب قهرية أمنية" وهي ألفاظ دقيقة ومقصودة من المشرع الدولي، ولم تأت عفوا أو بالمصادفة، ويصعب توافرها إلا في النذر اليسير من الأمور. ويفترض طبقا للتفسير الصحيح دون نوايا سيئة لها، أن لا يزيد عدد المعتقلين الإداريين الفلسطينيين عن قبضة اليد أو ما يشابهه من الأعداد، وليس أن يبلغ في المعدل العام الألف سنويا. وكأن الأصل هو عدم الاعتقال الإداري والاستثناء القيام به. من هنا نرى هذا الاستعمال السيئ واستغلال سلطة الاحتلال الضيقة، وتجاوز حدودها بشكل مقصود في موضوعة الاعتقال الإداري.
    وأرجو أن لا تزعم دولة الاحتلال في هذا السياق ما درجت التذرع به من أنها غير ملتزمة قانونيا باتفاقية جنيف الرابعة رغم مصادقتها عليها والتزامها بها عمليا وفق قواعد القانون الدولي. فهذه الاتفاقية رغم أنها معاهدة وحكومة الكيان وقعت وصادقت عليها، فهي قد أضحت جزءا من القانون الدولي العرفي الذي يسري على جميع دول العالم بشرقه وغربه، شماله وجنوبه. وبالتالي هي ملزمة للكيان في جميع الأحوال كما صرحت بذلك المادة الأولى منها.
    وتمضي دولة العدو في غيها، فهي تتبع الجهابذة القانونيين الصهاينة، وآراءهم المتصهينة ونوايا العسكريين في موضوع الاعتقال الإداري، ولا تتبع التفسير الذي كتبه الفقيه السويسري "بيكتيه" المحايد ومجموعته عام 1958 للصليب الأحمر لاتفاقية جنيف الرابعة، وغدا انجيلا له وللشرح القانونيين فيما بعد.
    ففي تفسير المادة 78 قال إن الاعتقال الإداري يجب أن يكون آخر إجراء يقوم به أي احتلال، ولا محيص عنه أو لا مهرب منه، أي أنه بعد استنفاذ الوسائل الأخرى الممكنة وعند انطباق ما يسمى بالضرورة العسكرية عليها، يجوز وقتها ووقتها فقط، للمحتل استعمال الاعتقال الإداري.
    وقد أشارت العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إلى عسف سلطات الاحتلال في استعمال الاعتقال الإداري، وبخاصة أنه غدا عقابا تقوم به السلطة الإدارية العسكرية وليس إجراءً احترازيا تقوم به السلطة القضائية. فحينما يفشل المحتل ووكلاؤه في الحصول على اعتراف من المعتقل، تقوم لتحويله إلى الاعتقال الإداري. وهذا يخالف أبسط مفاهيم العدالة التي قررها القانون الدولي لحقوق الإنسان. فالسلطة التنفيذية أو الإدارية أو العسكرية ليس لها أن تقرر عقوبة أو أن تصدر حكما، فهذا الإختصاص محصور ومحجوز لسلطة واحدة وحيدة هي السلطة القضائية. والأخيرة يفترض بها الحيدة والاستقلال والموضوعية والتأهيل القانوني. الاعتقال الإداري مليء بالثقوب السوداء، وإجراء إداري مناقض للعدالة، ويصعب الدفاع عنه. فهو يخالف مبدأ البراءة في المتهم وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وهو يخالف مبدأ المحاكمة العادلة وعلانيتها، وبدهيات سيادة القانون، وحقوق الإنسان، ومبادئ الإثبات، والحرية الشخصية للإنسان. فكيف لمحام أن يثبت براءة موكله إذا لم يطلع على الأدلة التي قدمت ضد موكله مهما كان بارعا إلا إذا كان الأمر متعلقا بالغيبية أو بالشعوذة أو السحر أو بخفة اليد. وكيف لمحكمة تحترم نفسها وتفهم وظيفتها على وجه صحيح، أن تقبل بدليل لا يطلع عليه الخصم، أو لا يمكن للخصم الاطلاع عليه أو يجهله الخصم، أن يناقشه تحت أية حجة أو ذريعة. وحقا قالوا أن الدفاع في موضوع الاعتقال الإداري هو كمن يبحث عن إبرة في كومة قش!!
    لا جدل في أن الاعتقال الإداري سنة مذمومة وقديمة وقبيحة من سنن الاحتلال ، ويذكر أن الرقم تجاوز الأربعين ألف معتقل إداريا على مدى سنين الاحتلال، وما زال الاحتلال سادرا في غيه في هذا الموضوع ولن يتوقف عن اللجوء إلى هذا الإجراء غير القانوني وغير الإنساني وبخاصة أن الجدل مع الاحتلال ليس جدلا قانونيا بل جدل سياسي يعتمد على عناصر القوة، ويا ليته كان جدلا قانونيا. لذا فبدلا من أن نلعن الظلام ألف مرة، لنضيء شمعة واحدة تتمثل في السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة: ماذا نحن صانعون؟ وما العمل؟ وكيف نحد من هذا الإجراء الظالم؟
     Ù…وضوع الاعتقال الإداري برمته سياسي من الدرجة الأولى، وغير ذلك تهويل وتبسيط. لذا فالكرة في الساحة السياسية أما القانونيون فيمكن أن يلعبوا دورا مساعدا ليس إلا في المحافل الدولية والإقليمية والمحلية. وعليهم أن ينقلوا الصراع القانوني إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وإلى لجنة ميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولجنة ميثاق منع التمييز العنصري والصليب الأحمر الدولي. كذلك يمكن الطلب من الدول الراعية والضامنة لاحترام اتفاقية جنيف الرابعة عقد اجتماع لمتابعة هذا الموضوع.
    لست منظرا ولا متدخلا ولكنني ناصح، بأن أبسط مقتضيات هذا الحل وضع استراتيجية عامة للأسرى ومنهم المعتقلون الإداري، فقد أثبتت الأيام أن الاستراتيجية السابقة إن وجدت كانت غير سليمة ولم تؤت أكلها بل كانت مبعثرة وفردية، لا يعقل أ، تبقى الأمور على أعنتها دونما توحيد للأسس الرئيسة فالبطولة لا ترتجل فهي ثمرة جهاد طويل لبلوغ القمة، وأخيراً لله دركم أيها الأسرى الأبطال والمعتقلون الإداريون، لك الله يا أبا شداد في اعتقالك الإداري.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 25/4/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر رائد نزال من قلقيلية في اشتباك مسلح خلال تصديه لقوات الاحتلال وكان قد أمضى 14 عاما في سجون الاحتلال

26 إبريل 2002

اغتيال الأسيران المحرران رمضان عزام وسمير زعرب والمناضلين سعدي الدباس وياسر الدباس نتيجة لتفجير جسم مشبوه في رفح

26 إبريل 2001

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجازر في خربة الدامون وعرة السريس قضاء حيفا، وخربة سعسع قضاء صفد

26 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية