الخميس 09 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الجوع سِلاحاً...‏

    آخر تحديث: السبت، 12 مايو 2012 ، 00:00 ص

    هل يمكن للجوع أن يكون سلاحاً؟ هذا السؤال يُثار حول إضْراب الأَسْرى الفلسطينيين عن الطعام في السجون الصهيونية، لكنه يَصْلح لأن يُطْرَح على التاريخ البشري كله من الكهف حتى ناطحات السحاب، ومن السهم والقوس إلى الأسلحة النووية، فالجوع كان دائماً ذا حدّيْن، وهناك ثورات كبرى في التاريخ أطلق عليها اسم ثورات الجياع، وهي الأعْنف والأشد خطورة لأنها تأتي على كل شيء.
    وما كتبته عميرة هاس في صحيفة "هآرتس" عن إضراب الأسْرى لا يكتفي بالسخرية من ذرائع وأطروحات السلطات الصهيونية، بل يذهب إلى ما هو أبعد وهو السؤال عن إنسانية هؤلاء الأسْرى الذين تختزلهم الصحافة في الكيان في قَتَلةٍ ومُخَرّبين، وكأنهم ليسوا من سياقات بشرية ولهم أهل وأبناء وذوو قربى إضافة إلى مَساقِط الرؤوس.
    هكذا يحرم الأسير إضافة إلى الحرية من السّيرة الإنسانية، وحين يذكر كَرَقم في قائمة سوداء فإن من يتلقون هذه المعلومات عنه لا يتذكرون على الإطلاق أنه إنسان أولاً، ولا يتساءلون عما إذا كان بريئاً أم غير ذلك. لكن ما تقوله عميرة هاس وهي من الأصوات غير المرغوب فيها صهيونياً سبق أن قالت ما يشبهه المحامية فيليسيا لانغر في كتابها الوثائقي الذي حمل عنوان: "رأيت بأم العين". وكانت هذه المحامية قد تولت الدفاع عن عدد من الأسرى والمطاردين الفلسطينيين في عُقْر وطنهم، وعندما أدركت أن دولة الاستيطان تعيش بلا قانون وما من حدود لها لأنها تُعرف الحدود بعبارة واحدة هي حيث يقف الجندي فقد غادرت فلسطين، رافضة أن تكون مواطنة في دولة هي في حقيقتها مجرد ثكنة عسكرية.
    إن أول ما سَعَتْ إليه وسائل الإعلام الصهيونية بالنسبة للأسرى هو اختزالهم كبشر، وتجريدهم من السّيرة الإنسانية كي لا يتعاطف معهم الرأي العام اليهودي عندما يضربون عن الطعام أو يموتون تحت التعذيب في الزنازين. وما يجب على الفلسطينيين سلطة ومُجْتمعاً وناشطين هو تقديم هؤلاء الأسرى في صورهم الإنسانية كآباء وأزواج وأبناء، وبالتالي إفساد الأطروحة الصهيونية السائدة التي تحرمهم من بشريتهم وتصورهم ألغاماً أو أجساداً مفخخة في المقاهي والشوارع والحافلات. إن الجوع في بعده السياسي والنضالي سلاح له نفوذه عندما يكون هناك رأي عام لا يزال على قيد ضميره وإنسانيته، ولو شئنا الحقيقة فإن استراتيجية التجويع التي مارسها الاحتلال لعقود بهدف التركيع والابتزاز انتهت إلى قصة فشل تصلح أمثولة، فمن جُوعوا رغماً عنهم ماتوا وقوفاً كالأشجار، ومن حولوا الجوع إلى أداة احتجاج أرسلوا برقية عاجلة إلى العالم خُلاَصَتُها، "الَموْتُ أو الحرّية"، ومن قضى منهم جوعاً أو تَعْذيباً فإن شعاره في قَبْره وإلى الأبد هو الحُرّية أو الحرّية لأن من جربوا أن يقايضوا حريتهم بالرغيف خسروا الاثنين معاً. إن للأسير سيرة إنسانية لها بعدها الاجتماعي فهو ليس مجرد رقم أصمّ في قائمة، كما تقدمه الدوائر الإعلامية الصهيونية كي تقول لمن تخاطبهم أن هؤلاء مجرمون وقتلة رغم أن أكثرهم لم يفعل أكثر من الدفاع عن أرضه التي يندفع نحوها المستوطنون أو الدفاع عن بيته الذي صَدَر له أمر عسكري بإخلائه كي يتحول إلى أطْلال. ومن حاولوا محو سيرة اللاجئ رغم غناها ودراميتها، يحاولون الآن تجريد الأسير من سيرته.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 10/5/2012)

     


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد ناهض أبو هداف من سرايا القدس أثناء مواجهات مع قوات الاحتلال بمنطقة القرارة شمال خانيونس

09 مايو 2004

الأسرى في سجن مجدو يعلنون الاضراب عن الطعام احتجاجا على أوضاعهم المعيشية

09 مايو 2002

قبول العرب بشروط الهدنة مع العصابات الصهيونية

09 مايو 1948

الأرشيف
القائمة البريدية