الإثنين 20 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    ليس أدبا أو ثقافة سجون

    آخر تحديث: السبت، 23 يونيه 2012 ، 00:00 ص

     

    بقلم: د.حسن عبد الله

     Ø§Ù„كتابة في المعتقل عملية شائكة ومعقدة، وهي خلاصة تفاعل جدلي بين الذاتي والموضوعي، وهي توق للانطلاق والانعتاق ومعانقة الإنساني الرحب، بعيداً عن القضبان والأسلاك الشائكة، على قاعدة أن السجان عندما يعتقل مناضلاً فلسطينياً فإنه يسعى لعزله عن مجتمعه، لكي يمنع تواصله السياسي والفكري والاجتماعي والثقافي مع أبناء شعبه، بمعنى أن السجان لديه أجندة معنونة "بتقريب الإنسان المعتقل من الموت"ØŒ أي أن يصبح رقما لا حول له ولا قوة، يشبه الإنسان الحي بيولوجياً، لكنه لا يشبهه على مستوى الوعي الروحي بكل أشكال هذا الوعي من سياسي وثقافي وأخلاقي وحقوقي وإبداعي.
    لذلك فإن "إدارات المعتقلات" وفي كل المراحل قد فرضت حصاراً ثقافياً مشدداً على المعتقلين، وتحكمت في حركة الرسالة والكتاب، بل أن تثبيت القلم والورقة والكتاب كحق طبيعي للمعتقل، تطلب إضرابات مفتوحة عن الطعام، والأمر ذاته انسحب على المذياع والتلفاز وكل المكتسبات الأخرى.
    وفي مقابل سياسة التقريب من الموت، اجترح المعتقل الفلسطيني توجهاً نقيضا، من خلال إستراتيجية التقريب من الحياة، حيث ناضل بكل الأدوات الممكنة في الاعتقال، من أجل أن يظل قريباً من الحياة. ولأن الثقافة والكتابة تشكل أحد شرايين الحياة الروحية، فقد تبارى المعتقلون لاسيما في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في القراءة والكتابة والتثقيف الذاتي والجماعي، بل إن "إدارات المعتقلات" اعترفت في أكثر من مناسبة وأمام ممثلي المعتقلين، بأن المعتقلات تحولت فعلياً إلى مدارس وجامعات.
    إذن حينما يكتب الإنسان المعتقل قصيدة أو قصة أو عملاً بحثياً أو واجباً جامعياً، في إطار متطلبات أكاديمية، فإنه يمارس الحياة ويؤكد إنسانيته، ويشعر أنه يتنسم أنفاس الحرية، حتى وهو يرسف في الأغلال، انسجاما مع مقولة فلسفية مفادها أن "الحرية هي معرفة الضرورة". وقد مرت عملية الكتابة والإبداع في مراحل، ولها مواصفات وخصائص. وأنا شخصيا تناولت هذه التجربة في أكثر من ثماني دراسات متكاملة، إضافة إلى ما كتبه عدد من الكتاب والنقاد، لكن حصيلة ما كتب ما زالت محدودة ومبعثرة، مقارنة مع زخم التجربة وغزارة النتاجات الثقافية والإبداعية وتعدد الأقلام والمواهب. لكن الغريب في الأمر، كلما شاركت في ندوة أو ورشة عمل أو مؤتمر حول هذه التجربة اكتشفت من جديد تعدد التسميات والتصنيفات لما كتب وأنتج في الاعتقال. فهناك من يصرّ على تسمية "أدب السجون"، وهناك من يفضل تسمية "أدب الأسرى"، وفريق ثالث اختار "أدب المعتقلات". وفي رأيي، أن "أدب السجون" تسمية خاطئة مئة في المئة، فالمعتقل ليس سجيناً ارتكب مخالفة جنائية لا تتوافق مع القوانين الصهيونية، فسجن بسبب ذلك.
    ونحن ندرك أن السجان يصر على تسمية المعتقل الفلسطيني بالسجين ومخاطبته بذلك شفوياً وكتابياً، لتثبيت أنه خارق للقوانين مثل اللص أو المغتصب، متجنباً استعمال تسمية معتقل أو أسير لدلالاتها السياسية والحقوقية والنضالية والأخلاقية.
    أما بخصوص تسمية الأسير، فنحن نطلق هذه التسمية على اعتبار ما سيكون، أو من باب طموحنا، متمنين أن تجبر المؤسسات الحقوقية الدولية سلطات الاحتلال على معاملة المعتقل الفلسطيني، في إطار مكانة وحقوق واعتبارات أسير الحرب، استناداً إلى اتفاقية جنيف الرابعة.
    فهل واقع المعتقل الفلسطيني الآن واقع أسير؟ هناك فرق بين الطموح والواقع المرير. فلماذا إذن نسوِّق للعالم هذه التسمية وكأننا وصلنا بأوضاع المعتقل الفلسطيني إلى مكانة الأسير!! أليس في ذلك تجميل غير مقصود لوجه الاحتلال، وكأننا نزيف واقعاً، أو نخطئ في توصيفه.
    في بداية الثمانينيات شهد معتقل عسقلان نقاشا بين المعتقلين حول تصنيف واقعهم، وخلصت النقاشات إلى تسمية "المعتقلين"، حتى أنهم اخذوا يسحبون هذه التسمية على اللجان والمجلات، اللجنة الاعتقالية، والبيان الاعتقالي، وهنا المقصود توصيف واقع حال. لذلك فإنني وعلى هامش ندوة لمناسبة توقيع ثلاثة كتب أنتجت في الاعتقال وحوله، بادرت إليها وزارة الثقافة بالتعاون مع الكلية العصرية الجامعية، اقترحت الكف عن استعمال تسمية "أدب السجون"، واستبدال ذلك ب "أدب المعتقلات"، أو "أدب الاعتقال" أو "نتاجات المعتقلين الفلسطينيين" وهكذا. فالقصيدة أو الخاطرة تتكوّن جنيناً في ذهن الكاتب عندما يطرقون باب بيته بهدف اعتقاله، أو عندما يزجون به في سيارة عسكرية، أو خلال التحقيق، أو في مرحلة انتظار المحاكمة، أو بعد إصدار الحكم.
    وقد يكتب المعتقل قصيدة أو بحثاً خلال الاعتقال الإداري وهكذا.. إنها (إذن حالة اعتقال في اعتقال)، وبالتالي فإن التسمية من المفروض انه تكون دقيقة في التوصيف.
    وأخيراً أن تناول التسمية ليس رياضة فكرية أو تلاعباً في الكلمات أو انسياقاً وراء شكليات، لأن التسمية وأية تسمية من المفروض أن تكون دلالاتها ومؤشراتها معبرة عن واقع الحال بشكل دقيق. من هنا اقترح على وزارة الثقافة تسمية مشروعها الخاص بإصدار كتب بأقلام معتقلين أو محررين، ب "أدب الاعتقال أو أدب المعتقلين"، وربما يمكن تسمية ذلك ب "ثقافة أو إبداعات انتصرت على القيد"، لكي نخرج من دائرة تسمية "السجن" وبشكل نهائي.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 20/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد القائد محمد شعبان الدحدوح من سرايا القدس بقصف صهيوني وسط مدينة غزة

20 مايو 2006

اغتيال المجاهدين عبد العزيز الحلو ومحمد أبو نعمة ومحمود عوض وماجد البطش من سرايا القدس بقصف صهيوني لسيارتهم شمال مدينة غزة

20 مايو 2007

استشهاد المجاهد إبراهيم الشخريت إثر انفجار عبوة ناسفة داخل منزله شرق مدينة رفح

20 مايو 2007

استشهاد المجاهد حامد ياسين بهلول أثناء تصديه للاجتياح الصهيونى لحى البرازيل فى رفح

20 مايو 2004

الاستشهادي المجاهد محمد عوض حمدية من سرايا القدس ينفذ عملية استشهادية في مدينة العفولة المحتلة

20 مايو 2002

الموساد الصهيوني يغتال جهاد جبريل، نجل الأمين العام للجبهة الشعبية - القيادة العامة، بتفجير سيارته في بيروت

20 مايو 2002

استشهاد 7 عمال فلسطينيين من قطاع غزة، على يد مستوطن صهيوني مسلح في قرية عيون قارة قرب تل الربيع المحتلة

20 مايو 1990

إطلاق سراح 1150 أسير فلسطيني وعربي من السجون الصهيونية مقابل الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة كانوا محتجزين لدى الجبهة الشعبية "القيادة العامة" في أكبر عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال والثورة الفلسطينية

20 مايو 1985

افتتاح سجن نفحة في قلب صحراء النقب

20 مايو 1985

احتلال قرى الغزاوية قضاء بيسان، والسافرية قضاء يافا، وصرفند العمارقضاء الرملة

20 مايو 1948

مجلس الأمن يقرر وقف إطلاق النار في فلسطين وتعيين الكونت فولك برنادوت وسيطًا

20 مايو 1948

إنتهاء الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بعد فشله في احتلال مدينة عكا الفلسطينية

20 مايو 1799

الأرشيف
القائمة البريدية