الأربعاء 01 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير علي سلهب يروي فصول معاناة الاسرى في رحلة العذاب القاسية عبر البوسطة

    آخر تحديث: الثلاثاء، 28 فبراير 2012 ، 00:00 ص

    بين‎ ‎ذكرى انتفاضة‎ ‎الأقصى‎ ‎وخطاب‎ ‎الرئيس‎ ‎محمود عباس‎ ‎في‎ ‎الأمم‎ ‎‎المتحده‎ ‎ليطالب‎ ‎العالم الاعتراف‎ ‎بدولة‎ ‎فلسطين‎ ‎وحقها‎ ‎في‎ ‎مقعدها بين‎ ‎شعوب‎ ‎الأرض‎ ‎ØŒ يستقبل‎ ‎الأسير‎ ‎علي‎ ‎‎محمد غازي‎ ‎سلهب‎ ‎من‎ ‎الخليل‎ ‎عامه‎ ‎العاشر‎ ‎في‎ ‎الأسر، مصمما‎ ‎على‎ ‎مواصلة‎ ‎المسيرة‎ ‎وتحدي‎ ‎كل‎ ‎ظروف ‏الاعتقال‎ ‎الماسأوية‎ ‎دون أن‎ ‎يتخلى‎ ‎على‎ ‎الحلم الذي‎ ‎يعتبر‎ ‎خطاب‎ ‎الرئيس‎ ‎عباس‎ ‎تجسيد له‎ ‎وتاكيد‎ ‎على‎ ‎الاصرار‎ ‎على‎ ‎انتزاع‎ ‎الحق الفلسطيني‎ ‎الذي‎ ‎لا‎ ‎تنازل‎ ‎عنه.‎
    الأسير‎ ‎سلهب الذي‎ ‎يعتبر‎ ‎من‎ ‎قادة‎ ‎حركة‎ ‎فتح‎ ‎ومؤسسي‎ ‎‎وقاده ذراعها‎ ‎العسكري‎ ‎كتائب‎ ‎شهداء‎ ‎الاقصى، تعرض عقب‎ ‎اندلاع‎ ‎انتفاضة‎ ‎الاقصى‎ ‎للمطاردة‎ ‎ونجا من‎ ‎عدة‎ ‎‎محأولات‎ ‎اغتيال‎‎ØŒ ‎ ‎ولكن‎ ‎ما‎ ‎زالت‎ ‎أثار الرصاص‎ ‎الصهيوني‎ ‎الذي‎ ‎أصيب‎ ‎به‎ ‎اكثر‎ ‎من ‏36‏‎ ‎مرة‎ ‎ما‎ ‎بين‎ ‎خطيرة‎ ‎‎ومتوسطة‎ ‎تقدم‎ ‎شهادة حياة‎ ‎عن‎ ‎تجربته‎ ‎النضالية‎ ‎وصموده‎ ‎رغم‎ ‎أنه يقضي‎ ‎حكما‎ ‎بالسجن‎ ‎‏18‏‎ ‎عاما.‎

    البوسطة.. ‎‎رحلة‎ ‎من‎ ‎العذاب
    وبين‎ ‎اعتقالاته‎ ‎العديدة‎ ‎خلال‎ ‎الانتفاضة الأولى‎‎ØŒ ‎ ‎والأخير‎ ‎المستمر‎ ‎فإنه‎ ‎من‎ ‎سجنه‎ ‎الحالي ريمون‎ ‎اختار‎ ‎أن‎ ‎يسلط‎ ‎الضوء‎ ‎على‎ ‎أحد أهم‎ ‎محطات‎ ‎العذاب‎ ‎في‎ ‎حياة‎ ‎كل‎ ‎أسير‎ ‎عبر البوسطة‎ ‎لعل‎ ‎المدافعين‎ ‎‎عن‎ ‎حقوق‎ ‎الإنسان كما‎ ‎يقول‎ ‎تتحرك‎ ‎ضمائرهم‎ ‎أمام‎ ‎هذا‎ ‎الموت الحقيقي، ويقول: "قبل‎ ‎أن‎ ‎يضع‎ ‎الموت‎ ‎نقابه ‏الأبيض‎ ‎على‎ ‎وجوهنا، ‎ ‎قررنا‎ ‎فضح‎ ‎ممارسات السجان‎ ‎التي‎ ‎لا‎ ‎تمت‎ ‎للإنسانية‎ ‎بصلة‎ ‎لرسم الصورة‎ ‎الحقيقية‎ ‎‎لزيف‎ ‎ادعاءات‎ ‎المحتل باختبائه‎ ‎وراء‎ ‎قناع‎ ‎الديمقراطية، ‎ ‎سنكشف الحقيقة‎ ‎ولو‎ ‎حتى‎ ‎بقولها‎ ‎سيصبح‎ ‎مصيرنا ‏العزل‎ ‎الانفرادي، سنقولها‎ ‎ولو‎ ‎حتى‎ ‎علقت مشانق‎ ‎عكا‎ ‎من‎ ‎جديد‎ ‎ونحن‎ ‎لسنا‎ ‎أفضل من شهداء‎ ‎فلسطين‎ ‎محمد‎ ‎‎جمجوم‎ ‎وعطا الزير وفؤاد‎ ‎حجازي، ولن‎ ‎يهزنا‎ ‎تهديد‎ ‎ووعيد، لأننا‎ ‎أبناء‎ ‎هذا‎ ‎الشعب‎ ‎وأرض‎ ‎فلسطين‎ ‎التي خرجنا‎ ‎‎من‎ ‎رحمها‎ ‎وأقدامنا‎ ‎مغروسة‎ ‎بثراها كزيتونة‎ ‎جذورها‎ ‎ضاربة‎ ‎بعمق‎ ‎الأرض، كتلك‎ ‎الشجرة‎ ‎‎المقدسة‎ ‎الثابتة‎ ‎أمام‎ ‎هيكل عشتروت‎ ‎اله‎ ‎الحب‎ ‎عند الفينقيين، سنبقى شامخين‎ ‎كشجرة الكرمل‎ ‎فلن‎ ‎يهمنا حريق ‏أوغريقويضيففماذا‎ ‎عساه‎ ‎يفعل‎ ‎من يفقد‎ ‎أغلى‎ ‎مايملك‎ ‎هويته‎ ‎وأهله‎ ‎وأرضه؟، أقل مايمكن‎ ‎ان‎ ‎يقدمه‎ ‎فضح‎ ‎‎الاحتلال‎ ‎ورسم الصورة‎ ‎الحقيقية‎ ‎لكل‎ ‎العالم، ولو‎ ‎أني‎ ‎كنت أعلم‎ ‎بأن‎ ‎الشاعرة‎ ‎البريطانية‎ ‎الايزابيث برأونغ‎ ‎‎انتظرت‎ ‎سنة‎ ‎كاملة وهي‏‏‎ ‎تبحث‎ ‎عن موضوعا‎ ‎لم‎ ‎يكتب‎ ‎به‎ ‎الشعر‎ ‎البريطاني‎ ‎من قبل‎ ‎حتى‎ ‎تتقنه‎ ‎وتكتبه‎ ‎‎لكنت‎ ‎بعثت‎ ‎بحكاية من‎ ‎سطروا‎ ‎بصمودهم‎ ‎أروع‎ ‎آيات‎ ‎التضحية والفداء حكاية‎ ‎رحلة‎ ‎العذاب‎ ‎لتكون‎ ‎ملحمة ‏شعرية‎ ‎كملحمة‎ ‎ايليانا‎ ‎اليونانية‎ ‎أو‎ ‎أعظم.‎

    صور‎ ‎مؤلمة
    وبخبرة‎ ‎وألم‎ ‎من‎ ‎عايش‎ ‎التجربة‎ ‎المريرة‎ ‎التي لا‎ ‎يستثنى‎ ‎‎منها‎ ‎كل‎ ‎أسير‎‎ØŒ ‎ ‎يتابع‎ ‎الأسير‎ ‎سلهب حديثه‎‎ØŒ ‎ ‎ويقولحديثنا‎ ‎عن‎ ‎رحلة‎ ‎البوسطة، ليس‎ ‎عن‎ ‎رحلة إلى‎ ‎شواطئ‎ ‎‎لوس‎ ‎انجلوس‎ ‎وشلالات‎ ‎نياغرا، ‎ ‎فنحن‎ ‎لا نتحدث‎ ‎عن‎ ‎رحلة‎ ‎عذاب يدور‎ ‎رحى‎ ‎تمثيلها‎ ‎باحدى‎ ‎المدن‎ ‎السينمائية ‏ليتم‎ ‎عرضها‎ ‎على‎ ‎أنها‎ ‎ممثلة، عند‎ ‎سماع كلمة‎ ‎بوسطة‎ ‎أول‎ ‎شيئ‎ ‎يخطر‎ ‎في‎ ‎بال‎ ‎الأسير "العذاب"‎ ‎الذي‎ ‎‎يعايشه‎ ‎خلال‎ ‎نقله‎ ‎من‎ ‎سجن لاخر‎ ‎أو‎ ‎يمثل‎ ‎بها‎ ‎أمام‎ ‎المحاكم‎ ‎الصهيونية، فهي تستهدفه‎ ‎بصحته‎ ‎ونفسيته‎ ‎واستقراراه‎ ‎‎وكل خليه‎ ‎في‎ ‎جسده، وتبدا‎ ‎رحلة‎ ‎العذاب‎ ‎عندما يبلغك‎ ‎السجان‎ ‎بأن‎ ‎تجهز‎ ‎نفسك‎ ‎للسفرية‎ ‎في الليل‎ ‎لتصبح‎ ‎جاهزا‎ ‎‎صباحا‎ ‎بالمعدات‎ ‎التي سترافقك‎ ‎وهي‎ ‎أشياء‎ ‎بسيطة‎ ‎لا‎ ‎تزيد‎ ‎عن‎ ‎حمولة شنطة‎ ‎واحدة‎ ‎فقط‎ ‎تضع‎ ‎فيها‎ ‎حرام‎ ‎ومنشفة ‏ووجه‎ ‎فرشة‎ ‎وبيجامة‎ ‎وبعض‎ ‎أدوات‎ ‎التنظيف الشخصية‎ ‎ولايسمح‎ ‎لك‎ ‎باخراج‎ ‎أي‎ ‎نوع‎ ‎من الكانتينا‎ ‎لأن‎ ‎طبيعة‎ ‎‎الأكل‎ ‎الموجودة‎ ‎بالمعبار سيئ‎ ‎جدا‎ ‎ولايصلح‎ ‎الأكل‎ ‎لسوء‎ ‎طبخه.‎

    محطات‎ ‎المعاناة
    ويوثق‎ ‎الأسير‎ ‎سلهب‎ ‎إن‎ ‎أقسى‎ ‎‎أيام‎ ‎النقل‎ ‎في البوسطة‎ ‎خلال‎ ‎فصل‎ ‎الشتاء‎‎ØŒ ‎‎ويقول: "تبدأ المعاناة‎ ‎عندما‎ ‎تدق‎ ‎أجراس‎ ‎الساعة‎ ‎الثانية فجرا‎ ‎لتعلن‎ ‎‎عن‎ ‎ولادة‎ ‎رحلة‎ ‎العذاب‎ ‎التي‎ ‎تنكل بكينونة‎ ‎الأسير‎ ‎واستقراره‎ ‎وراحته‎ ‎الجسدية والنفسية‎ ‎خاصة‎ ‎في‎ ‎فصل‎ ‎الشتاء‎ ‎‎فيفرض السجان‎ ‎على‎ ‎الأسير‎ ‎الخروج‎ ‎للبوسطة‎ ‎بأبسط مايملك‎ ‎من‎ ‎الملابس‎‎ØŒ ثم‎ ‎يقاد‎ ‎للتفتيش‎ ‎ليمر‎ ‎يسراديب‎ ‎‎لايرى خلالها‎ ‎سوى‎ ‎الاسلاك‎ ‎والاشباك‎ ‎المغطاه بالصاج‎ ‎والزينكو‎ ‎حتى‎ ‎لايتمكن‎ ‎من‎ ‎رؤية الشمس‎ ‎‎أو‎ ‎حتى‎ ‎الفضاء"ØŒ ويضيف: "يتم ذلك‎ ‎بعد‎ ‎تجميع‎ ‎الاسرى‎ ‎في‎ ‎زنزانة‎ ‎لمدة‎ ‎نصف ساعة، ويحتجز‎ ‎‏12‏‎ ‎أسيرا‎ ‎في‎ ‎‎زنزانةحجمها‎ ‎‏4‏ أمتار‎ ‎مربع‎ ‎ليبدأ‎ ‎التفتيش‎ ‎الرسمي‎ ‎على‎ ‎عدة مراحل‎ ‎عبر‎ ‎أجهزة‎ ‎مراقبة‎ ‎متطورة‎ ‎جدا، ثم فحص‎ ‎‎الأسير‎ ‎بطريقة‎ ‎أولية‎ ‎لم‎ ‎يسبق‎ ‎لها مثيل‎ ‎بتاريخ‎ ‎العالم‎ ‎المعاصر، فيقتاد‎ ‎لزنزانة خاصة‎ ‎بالتفتيش‎ ‎ليتم‎ ‎تعريته‎ ‎من‎ ‎‎جميع ملابسه‎ ‎قطعة‎ ‎قطعة، ‎‎ثم‎ ‎يقتاد‎ ‎لزنزانة‎ ‎أخرى الأولى‎ ‎ليمكث‎ ‎فيها‎ ‎ساعات‎ ‎بانتظار‎ ‎وصول الباص‎ ‎لنقله. لم‎ ‎ينتهي‎ ‎المشهد‎ ‎الذي‎ ‎يرصده الأسير‎ ‎سلهب‎ ‎بلحظاته‎ ‎المريرة‎‎ØŒ ويتابع‏‏"تتعمد‎ ‎الادارة‎ ‎تكديس‎ ‎الاسرى‎ ‎بشكل‎ ‎غير مقبول‎ ‎نهائيا‎ ‎لمدة‎ ‎ثلاث‎ ‎ساعات‎ ‎في‎ ‎نزانة سقفها‎ ‎وجدرانها‎ ‎عبارة‎ ‎عن‎ ‎حلبة‎ ‎سباق ‏للحشرات‎ ‎التي‎ ‎يغلب‎ ‎على‎ ‎تعدادها‎ ‎الصراصير، أما‎ ‎أرضها‎ ‎فمليئة‎ ‎بالمياه‎ ‎ومعها‎ ‎رائحة‎ ‎الرطوبة والعفن‎ ‎المنبعثة‎ ‎‎من‎ ‎الجدران، ‎‎ونستمر‎ ‎على‎ ‎هذه الحال‎ ‎حتى‎ ‎وصول‎ ‎الباص.

    طريق‎ ‎الآلام
    في‎ ‎المرحلة‎ ‎الثانية‎‎ØŒ تتعدد‎ ‎صور‎ ‎‎الألم‎ ‎التي يرويها‎ ‎الأسير‎ ‎سلهب‎ ‎لطريق‎ ‎الآلام‎‎ØŒ ‎‎ويقول:"قبل‎ ‎أن‎ ‎يتنفس‎ ‎الأسرى‎ ‎الصعداء‎ ‎مع‎ ‎مشاهدة الباص‎ ‎‎الذي‎ ‎يبدو‎ ‎مظهره‎ ‎الخارجي‎ ‎يشرح‎ ‎له الصدر‎ ‎للوهلة‎ ‎الأولى، ‎ ‎فمن‎ ‎لا‎ ‎يعرفه‎ ‎يجهله فمن‎ ‎يراه‎ ‎من‎ ‎الخارج‎ ‎يشعر‎ ‎‎بأنه‎ ‎باص‎ ‎خمس نجوم‎‎ØŒ ولكن‎ ‎هول‎ ‎الكارثة‎ ‎والمصيبة‎ ‎تكمن‎ ‎في داخله‎ ‎فعند‎ ‎دخولك‎ ‎في‎ ‎كثير‎ ‎من‎ ‎الأحيان يتم‎ ‎‎تشغيل‎ ‎المكيف‎ ‎البارد‎ ‎مع‎ ‎أن‎ ‎درجات الحرارة‎ ‎بالأصل‎ ‎تكون‎ ‎متدنية"،ويضيف‎ ‎في داخل‎ ‎هذا‎ ‎الباص‎ ‎‎شيئ‎ ‎لايوصف‎ ‎كراسي‎ ‎فقط من‎ ‎الحديد، ‎ ‎والباص‎ ‎قسمين‎ ‎نصف‎ ‎مخصص لمجموعة‎ ‎تبلغ‎ ‎‏25‏‎ ‎أسيرا‎ ‎مقيدي‏ ‏الأيدي والأارجل، ‎‎والنصف‎ ‎الثاني‎ ‎زنازين‎ ‎ضيقة‎ ‎لاسرى العزل‎ ‎الانفرادي‎ ‎والأسرى‎ ‎الذين‎ ‎‎يحملون "الساكاف"‎ ‎حتى‎ ‎انه‎ ‎ممنوع‎ ‎عليك‎ ‎ان‎ ‎تاخذ معك‎ ‎سجادة‎ ‎صلاة‎ ‎لتضعها‎ ‎على‎ ‎ذلك‎ ‎الكرسي الحديدي‎ ‎‎لتجلس‎ ‎عليه‎ ‎من‎ ‎كثرة‎ ‎الصفيح‎ ‎مما يضطرك‎ ‎في‎ ‎كثير‎ ‎من‎ ‎الاحيان‎ ‎للجلوس‎ ‎على قدميك‎ ‎اغلب‎ ‎الوقت، ولو‎ ‎كان‎ ‎من‎ ‎المسموح‎ ‎لك بان‎ ‎ترتدي‎ ‎اكثر‎ ‎من‎ ‎‎بنطلون‎ ‎لحل‎ ‎جزء‎ ‎بسيط من‎ ‎المشكلة‎ ‎لكن‎ ‎ذلك‎ ‎ممنوع‎ ‎بحجج‎ ‎أمنية واهية، ‎ ‎أما‎ ‎شبابيك‎ ‎الباص‎ ‎جميعها‎ ‎عليها‎ ‎‎شبك ليبقى‎ ‎بداخلك‎ ‎شعور‎ ‎نفسه‎ ‎بانك‎ ‎انت‎ ‎بسجن ومازلت‎ ‎بالاسر، وفي‎ ‎اعلى‎ ‎سقف‎ ‎الباص‎ ‎فتحه للهواء‎ ‎ومادون‎ ‎‎ذلك‎ ‎كله‎ ‎يكون‎ ‎مغطى‎ ‎بجلاتين اسود‎ ‎لاترى‎ ‎جنس‎ ‎البشر‎ ‎من‎ ‎خلاله، وهذه سياسة‎ ‎تعتمدها‎ ‎إدارة‎ ‎الشاباك‎ ‎‎لعزل‎ ‎الأسير عن‎ ‎العالم‎ ‎الخارجي‎ ‎ليبقى‎ ‎أسيرالأوهام‎ ‎وان‎ ‎كل مايحيط‎ ‎به‎ ‎جدران‎ ‎اكلتها‎ ‎الرطوبة‎ ‎والعفونة واسالك‎ ‎‎واشياك‎ ‎وقضبان‎ ‎يريدون‎ ‎من‎ ‎ذلك كله‎ ‎كسر‎ ‎ارادة‎ ‎الأسير‎ ‎الفلسطيني‎ ‎بجعل‎ ‎حياته باردة كالثلج‎ ‎وقاتمة‎ ‎كالرماد‎ ‎‎وصامته‎‎ØŒ لكن‎ ‎انى لهم‎ ‎ذلك‎ ‎فارادة‎ ‎الأسير‎ ‎تنبع‎ ‎من‎ ‎داخله‎ ‎كما ينبع‎ ‎الغدير‎ ‎المترنم‎ ‎في‎ ‎وادي‎ ‎قاديشا‎ ‎هناك كما‎ ‎‎الباذان‎ ‎والليطاني‎ ‎ودجلة‎ ‎والفرات.‎

    محطات‎ ‎مؤلمة
    وبعد‎ ‎رحلة‎ ‎انتظار‎ ‎اخرى‎ ‎لاكثر‎ ‎من‎ ‎ساعة تنطلق‎ ‎البوسطة‎‎ØŒ ويقول‎ ‎الأسير‎ ‎سلهب: "تبدا محطات‎ ‎جديدة‎ ‎من‎ ‎العذاب‎ ‎عبر‎ ‎صراع‎ ‎طويل من‎ ‎السفر‎ ‎اقله‎ ‎يستغرق‎ ‎‏8‏‎ ‎ساعات‎ ‎‎واكثره‎ ‎‏18‏ ساعة، فتنطلق‎ ‎السفرية‎ ‎من‎ ‎اقصى‎ ‎الشمال‎ ‎من جبال‎ ‎جلبوع‎ ‎الى‎ ‎معبار‎ ‎سجن‎ ‎الرملة‎ ‎كمحطةأولى، ثم‎ ‎‎زنازين‎ ‎عوفر‎ ‎كمحطة‎ ‎ثانية، وخلالها‎ ‎يتم التوجه‎ ‎لعدة‎ ‎سجون‎ ‎اغلبها جنائية‎ ‎لاستقبال وتسليم‎ ‎المساجين، فيقف‎ ‎‎الباص‎ ‎على‎ ‎كل‎ ‎باب سجن‎ ‎لمدة‎ ‎لاتقل‎ ‎عن‎ ‎النصف‎ ‎ساعة‎ ‎لتحمل المساجين‎ ‎وانزالهم"ØŒ ويضيفطوال‎ ‎‎الساعات الطويلة‎ ‎تبقى‎ ‎مقيد‎ ‎اليدين‎ ‎والقدمين‎ ‎بقيود حديدية‎ ‎مؤلمة‎ ‎بشكل‎ ‎كبير،  ‎كما‎ ‎يمنع‎ ‎عليك الوقوف‎ ‎بمكانك‎ ‎‎حيث‎ ‎تجبر‎ ‎على‎ ‎الجلوس طوال‎ ‎الوقت‎ ‎مما‎ ‎يتسبب‎ ‎بشكل‎ ‎بالام‎ ‎حادة بالظهرو‎ ‎بعد‎ ‎هذا‎ ‎الوقت‎ ‎الطويل‎ ‎‎والسجون تصل"للمعبار"وهناك‎ ‎لا‎ ‎تكاد‎ ‎تجد‎ ‎فيه‎ ‎شيئ انساني‎ ‎الا‎ ‎ماء‎ ‎الشرب، Ùˆ‎ ‎يوضع‎ ‎‏15‏‎ ‎أسيرا‎ ‎بغرفة بها‎ ‎‎‏5‏‎ ‎ابراش‎ ‎أي‎ ‎اسرة‎ ‎من‎ ‎طبقتين‎ ‎كل‎ ‎برش‎ ‎فوق البرش‎ ‎الاخر، ‎ ‎مما‎ ‎يضطرك‎ ‎للفرش‎ ‎على‎ ‎الأرض بخمس‎ ‎فرشات‎ ‎‎يمكن‎ ‎وصفهم‎ ‎بانهم‎ ‎يشبهون‎ ‎كل شيئ‎ ‎باستثناء‎ ‎الفرشات"ØŒ ويتابع‎ ‎وصف‎ ‎ساعات الالم‎ ‎لأسير‎ ‎البوسطة‎‎ØŒ ويقول‎ ‎‎الأسير‎ ‎سلهب: "لدى‎ ‎الوصول‎ ‎للمعبار‎ ‎تكون‎ ‎الشمس‎ ‎قد اغربت والقى‎ ‎السواد‎ ‎بوشاحه‎ ‎على‎ ‎ساعات‎ ‎الغروب ‏فيكون‎ ‎تعب‎ ‎السفر‎ ‎افقدك‎ ‎جميع‎ ‎قواك‎ ‎ØŒ فمنذ ساعات‎ ‎الصباح‎ ‎وانت‎ ‎بلا‎ ‎اكل‎ ‎ولا‎ ‎شرب‎ ‎ولاصلاة ولا‎ ‎حتى‎ ‎ذهاب‎ ‎‎لقضاء‎ ‎الحاجة،  ‎وقبل‎ ‎دخول المعبار‎ ‎يتم‎ ‎تفتيشك‎ ‎بشكل‎ ‎دقيق‎ ‎ويتم‎ ‎حجزك بالزنزانة‎ ‎لمدة‎ ‎ساعة‎ ‎لانتهاء‎ ‎‎تفتيش‎ ‎جميع الاسرى‎ ‎حينها‎ ‎فقط‎ ‎يدخل‎ ‎المعبار‎ ‎لتنتظر ساعة‎ ‎اخرى‎ ‎حتى‎ ‎يتم‎ ‎احضار‎ ‎الطعام‎ ‎لك‎ ‎وفي اغلب‎ ‎‎الأوقات‎ ‎الاكل‎ ‎ناقص‎ ‎لايكفي‎ ‎لخمسة، لكننا نهاية‎ ‎المطاف‎ ‎نقبل‎ ‎ماكتب‎ ‎الله‎ ‎لنا‎ ‎ويرضون بنصيبهم"،ويضيف: " بعدها‎ ‎يبادر‎ ‎الاسرى لحملة‎ ‎تنظيف‎ ‎جديدة‎ ‎متجددة‎ ‎لوضع‎ ‎الفرشات على‎ ‎الأرض‎ ‎للنوم، ‎‎وكان‎ ‎يفترض‎ ‎بنا‎ ‎عندما‎ ‎‎نضع راسنا‎ ‎على‎ ‎الوسادة‎ ‎لننام‎ ‎ان‎ ‎نستمع‎ ‎في‎ ‎هذا‎ ‎الليل الهادئ‎ ‎لايقاع‎ ‎بتهوفن‎ ‎أوفنكر‎ ‎أوفردي‎ ‎ولوروسييأو‎ ‎‎كلود، ‎ ‎لكننا‎ ‎نستيقظ‎ ‎الف‎ ‎مرة‎ ‎على‎ ‎اصوات الجرذان‎ ‎وهي‎ ‎تطارد‎ ‎بعضها‎ ‎البعض.

    صور‎ ‎لا‎ ‎مثيل‎ ‎لها
    في‎ ‎ظلال‎ ‎‎ذلك‎‎ØŒ ‎‎يقول‎ ‎الأسير‎ ‎سلهب: "وقبل ان‎ ‎تحظى‎ ‎اجسادنا‎ ‎بقسط‎ ‎من‎ ‎الراحة‎ ‎وبعد ساعات‎ ‎قليلة‎ ‎ينادي‎ ‎السجان‎ ‎عدد‎ ‎‎ياشباب، وتكون‎ ‎الساعة‎ ‎اعلنت‎ ‎بداية‎ ‎جديدة‎ ‎من المعاناة‎ ‎في‎ ‎الساعة‎ ‎السابعة‎ ‎تنقلنا‎ ‎على‎ ‎متن نفس‎ ‎الخردة‎ ‎التي‎ ‎‎تسمى‎ ‎باص‎ ‎لتعود‎ ‎من‎ ‎جديد لنفس‎ ‎المعاناة‎ ‎التي‎ ‎بحاجة‎ ‎الى‎ ‎من‎ ‎يصفها‎ ‎حق الوصف‎ ‎ومن‎ ‎يرسمها‎ ‎حق‎ ‎الرسم‎‎‎ØŒ فليتنا‎ ‎نمر في‎ ‎رحلتنا‎ ‎هذه‎ ‎على‎ ‎باريس‎ ‎لنقف‎ ‎هنيهة‎ ‎على قبر‎ ‎فكتور‎ ‎هوغو‎ ‎وروسو‎ ‎وواجني‎ ‎وشتوبريان ورنان‎ ‎‎لنعيد‎ ‎لهم‎ ‎الحياة‎ ‎من‎ ‎جديد‎ ‎لانهم‎ ‎خير من‎ ‎سيرسم‎ ‎لون‎ ‎معاناتنا‎ ‎على‎ ‎جدران‎ ‎متحف اللوفر‎ ‎كما‎ ‎تفنن‎ ‎الرسامون‎ ‎من‎ ‎‎قبل‎ ‎روفائيك وميكيل‎ ‎وانجلو‎ ‎وبارصينو‎ ‎وكما‎ ‎تفنن‎ ‎ليوناردو دافنشي‎ ‎في‎ ‎رسم‎ ‎لوحة‎ ‎الموناليزا‎ ‎ليتناغموا‎ ‎من هناك‎ ‎‎لنرسم‎ ‎من‎ ‎دماءنا‎ ‎ماسيشهد‎ ‎عليه‎ ‎العالم اجمع‎ ‎لنملئ‎ ‎اروقة‎ ‎Ø


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد 13 فلسطينيا في اجتياح قوات الاحتلال الصهيوني لحي الشجاعية شرق غزة؛ ثلاثة منهم من عائلة واحدة

01 مايو 2003

الأمم المتحدة تنشئ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ الذين هجروا من قراهم ومدنهم في العام 1948م

01 مايو 1950

اضطرابات في يافا استمرت 15 يوماً أسفرت عن مقتل 47 يهودياً 146 جريحاً، واستشهاد 48 عربياً وإصابة 219 جريحاً، وسلطات الانتداب تؤلف لجنة تحقيق في ذلك

01 مايو 1921

السلطات البريطانية تعلن بشكل رسمي عن وعد بلفور والذي تتعهد من خلاله بريطانيا لليهود بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين

01 مايو 1919

الأرشيف
القائمة البريدية