26 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    وصية الشهيد المجاهد: زياد صبحي محمد ملايشة

    آخر تحديث: الأربعاء، 28 يونيه 2017 ، 11:14 ص

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ناصر عباده المؤمنين المخلصين، وهازم الكفرة والمشركين، أعدائه أعداء الدين. والصلاة والسلام على خير هادٍ وخير أمين، المصطفى قائد سرايا المجاهدين الغر المحجلين، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه بإحسان إلى يوم الدين وجاهد حتى أتاه اليقين. وبعد:

    يقول الله تعالى وهو خير القائلين في محكم التنزيل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ صدق الله العظيم. [الحج: 40]، ويقول جل علاه أيضًا: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ صدق الله العظيم. [العنكبوت: 69]، ويقول تبارك في علاه أيضًا: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ صدق الله العظيم. [التوبة: 111]

    إخواني: قد يألم الناس لانقطاع أواصرهم بالدنيا، وقد يفجع البعض بفقد شيء من هذه الدنيا الزائلة، ولكن الكيس الفطن من لا يرجو لهذه الدنيا وقارًا وليس لها في قلبه اعتبار. فالساعون لهذه الدنيا اللاهثون وراءها يفنون أعمارهم وللأسف كدًا وتعبًا ونصبًا وهمًا، أما من جعل الدنيا وراءه والآخرة أمامه فأقبل على الآخرة وأدبر عن الدنيا فقد حاز عظيم الشأن، فجميع أوقاته فرح حتى مصائبه وابتلاءاته سعادة وفرح. كيف لا وهي من عند حبيبه ومنتهى أمره وأمله، من الله الرحمن الرحيم العلي العظيم القادر الوهاب ذو الجلال والإكرام، وصدق الرسول الكريم حيث قال: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ). [صحيح مسلم]، أو كما قال عليه السلام فشتان بين هذا وذاك.

    أحبتي في الله، إخواني، أهلي الأعزاء: أخط لكم وصيتي هذه وأنا أتوجها بالدماء، لعلها تكون شرارة تلامس وقود غيرتكم على الإسلام والمسلمين، ودفعة لجهودكم للوصول إلى أحب الأعمال عند الله عز وجل، ولتطهروا أنفسكم من غبار هذه الدنيا الفانية الغرورة، ولتكون شمعة، بل نبراسًا ومشعلًا ينير لكم طريق الحق وسبيل الرشاد.

    بداية: أقوم وأقدم على هذا العمل الجهادي الشريف (الجهاد في سبيل الله) وأنا راغب بما عند الله من أجر وثواب، وراجٍ رحمة الله وقبوله، وشكرًا لله على ما أنعم عليَّ من صحة وعافية في النفس والجسد والأهل، ووفاءً لنعمة الإسلام ونصرة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم للمستضعفين والمظلومين في الأرض، وأملاً مني بأن أشفي صدور قوم مؤمنين وبأن أنال الشهادة.

    أحبتي في الله: إلى كل شباب المسلمين، إلى كل الأحرار الذين لا ينامون على الجراح، إلى الأسود الرابضة على الثغور، إلى القلوب التي تؤمن بحقيقة الإيمان، إلى المؤمنين بعدالة القضية، إلى من يبحث عن الأجر والثواب فليس هناك عمل يوازي الجهاد في سبيل الله بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى). [صحيح مسلم]، ولا يوازي أجر المجاهد إلا من يصوم النهار ولا يفطر، ويقوم الليل ولا يفتر، ولا أحد يستطيع ذلك. فتارك الجهاد يضيع أجورًا عظيمة وكرامات كثيرة ومغفرة واسعة وجنات عرضها السموات والأرض، فكل من يدعي أنه حريص على الأجر والثواب ويبتعد عن الجهاد فهو غير صادق، والله أعلم؛ لأن الجهاد في سبيل الله مطهر للنفوس ومزكيها.

    وأما الذين يقولون أن الزمان ليس بزمان جهاد أو أن ميزان القوى غير متكافئ، فمتى كان إخوة (أبو بكر) و(عمر) و(عثمان) و(علي).. إخوة (حمزة) و(سعد) و(خالد) و(زيد بن حارثة).. إخوة (الشقاقي) و(الحردان) و(الطوالبة).. إخوة (الصوالحة) و(خالد زكارنة).. إخوة (الياسين) و(الرنتيسي) ينظرون إلى موازين القوى، فالقوة هي قوة الإيمان والعقيدة والعزة بالله والإسلام والثبات عند اللقاء. أقول لهم حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يَزَالُ الْجِهَادُ حُلْوًا خَضِرًا مَا قَطَرَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُولُ فِيهِ قُرَّاءٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِ جِهَادٍ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَنِعْمَ زَمَانُ الْجِهَادِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَحَدٌ يَقُولُ ذَلِكَ؟. قَالَ: نَعَمْ مَنْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). [قدوة الغازي]، أو كما قال عليه السلام. فهذه دعوة لكل مسلم أن يذوق طعم وحلاوة الجهاد، وأن ينال أجر المجاهد العظيم. وإلى أولئك الذين يدعون أنهم حريصون على أعراض المسلمين، ويظهرون غيرتهم على الأعراض المنتهكة، ويظهرون غضبهم للجثث المترامية، ثم لا ينتصرون لهم بالجهاد والسيف فإن مشاعرهم كاذبة مصطنعة ورياءً ظاهرًا. ونقول لهم اقرؤوا سورة الأنفال وسورة التوبة وانظروا كيف أنها لم تترك لكم ما تحتجون به، فحججكم واهية أوهن من بيت العنكبوت، نسأل الله عز وجل أن يفتح أبواب الجهاد، وأن يلحقهم بنا عما قريب. وأقول لكم أيضًا: "عندما يرتقي الشهداء ويرتقون فلتنخفض كل الرؤوس. هي الشهادة تأتي لمن يختاره الله وينتقيه، هي الإجابة والفوز في الامتحان الصعب في زمن الحياة، هي الرد على كل السفهاء والجهلة، هي طريقة أبناء الجهاد الذي عنه لا يحيدون وإليه هم سائرون بدمهم الشهيد تلو الشهيد، بدمائهم يغسلون عار المرحلة، بدمائهم يصنعون كل الوجود، بدمائهم يعلنون أن هذا هو الطريق، ويؤكدون أن لا خطاب مع العدو غير لغة الدم والشهادة"(*)، وأن الحقوق لا تسترد بالكلمات والابتسامات، بل بزخات الرصاص والعبوات بأجساد الاستشهاديين وبالتفخيخ، لا تفاوض على شيء ليس ملكك وحدك بل للأمة جمعاء، لا تكن من عبيد الكراسي وأحباء السلطة والمال.

    أهلي الأحبة: لم أقدم على هذا العمل إلا بعد أن سألت الله عز وجل أن يوفقني إلى أحب الأعمال، فوقفني إلى هذا العمل، فعلمت أنه مهما ارتفعت منزلتك ومكانتك وعلمك في هذه الدنيا دون جهاد لا تساوي شيئًا، فالمال والجاه والصحة والعلم يذهب والله ورسوله أبقى. لذلك أرجو منكم ومن (أبي) و(أمي) و(عمتي) الغالية و(إخواني) و(أخواتي) و(عماتي) و(خالاتي) و(أخوالي) و(أعمامي) أن تسامحوني، ولا تبكوا عليَّ؛ بل تجعلون زغاريد الفرح لزفافي وعرسي، فلتوزعوا الحلوى في زفافي.

    أمي، أبي: اصبرا فإن موعدكما الجنة إن شاء الله، فلتدعوا الله أن يتقبلني، فالموت حق وكلنا سنموت، ولكن يجب علينا أن نختار كيف نموت، وأنا اخترت أن أكون شهيدًا بإذن الله، فنحن وديعة الله في الأرض متى شاء اصطفاها. كما أشكركم كل الشكر على صون هذه الوديعة، وهذه الأمانة فإن شاء الله سوف يتقبلها فلتدعوا لي بالقبول، ولا تحزنوا سنجتمع إن شاء الله في الجنة، وعلى الحوض نشرب من يد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم دون فراق، فيقيني بالله أنه لن يضيعني.

    إخواني الأعزاء: أوصيكم بـ(أبي) و(أمي) وعمتي (فاطمة) وباقي عماتي (روحية) و(خيرية) و(أم أحمد) و(أم قاسم) وأزواجكم خيرًا. كما أوصيكم بـ(جدي) و(جدتي) و(خالاتي)، وأوصيكم بصلة الرحم وتقوى الله، ونصرة هذا الدين والمجاهدين والمحافظة على الصلاة، والإكثار من الأذكار، وأن تربوا أبناءكم وبناتكم على حب الله والرسول وطاعتهما والامتثال لأوامرهما، كما أوصيكم بكتاب الله القرآن الكريم بقراءته وحفظه، وأوصيكم بالعلم والتعلم فهو سلاحنا القادم إن شاء الله، وعليكم بحسن الخلق وحسن الجوار.

    أخيرًا: إلى كل من أخطأت في حقه يومًا من الأيام أو قصرت في حقه، فرجائي إليه أن يسامحني، وأن يدعو لي بالخير، ومن له دين في عنقي أن يراجع أهلي. فهذا سبيلي إن صدقت محبتي فاحمل سلاحي.

    ملاحظة هامة: أرجو أن تتبعوا السنة المحمدية في الجنازة والقبر وبيت الأجر(*) "العرس"، فأنا بريء من كل بدعة ومن كل ما لا يرضي الله عز وجل. كما أرجو أن ينزلني في قبري الشيخ (زياد النجيب) صديقي وأخي من صانور، وخالي الشيخ (حسن أبو العبد) إن لم يكن خارج فلسطين الحبيبة. وبارك الله فيكم. أما بالنسبة لطباعة الملصقات والبوسترات فبدون إفراط ولا تفريط.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

    أخوكم الشهيد بإذن الله

    زياد صبحي ملايشة

     


    (*) هذه العبارات وردت في مرثية الشهيد (محمد رجب السعافين) من محافظة الوسطى بقطاع غزة والذي استشهد بتاريخ 17/3/2003م.

    (*) بيت الأجر: أي بيت العزاء.

     


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر رائد نزال من قلقيلية في اشتباك مسلح خلال تصديه لقوات الاحتلال وكان قد أمضى 14 عاما في سجون الاحتلال

26 إبريل 2002

اغتيال الأسيران المحرران رمضان عزام وسمير زعرب والمناضلين سعدي الدباس وياسر الدباس نتيجة لتفجير جسم مشبوه في رفح

26 إبريل 2001

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجازر في خربة الدامون وعرة السريس قضاء حيفا، وخربة سعسع قضاء صفد

26 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية