السبت 27 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أول عملية استشهادية في فلسطين

    آخر تحديث: الخميس، 01 يناير 1970 ، 02:00 ص

    سيدي أيها القائد العظيم.. الموكب طويل جداً كيف لا وقد سبقك رفاق دربك نحو جنان عرضها السموات والأرض، فقافلة الشهداء ينضم إليها كل يوم علَم جديد.. آلاف من الشهداء .. يرفعون الرايات المعطرة بدمائهم الزكية الطاهرة.. يرسمون معالم الطريق، عبروا إلى جوار ربهم وقد أدّوا الأمانة دفاعاً عن أمة تستباح أرضها ومقدساتها ومساجدها وأعراضها وأرواح أبنائها ونبيها وقرآنها.
     
    "أنور" .. امضِ إلى جناتك وحورك، حلق في حواصل طير خضر، ثم لتأوِ إلى قناديل تحت العرش لتستريح ساعة ثم تعود لتحلق من جديد، لتعلم أن ميراث محمدٍ صلى الله عليه وسلم مفدى بالأرواح والمهج، وأنا على الدرب ماضون .
    "أنور".. هنيئاً لك لذّة الأنس ومجاورة الأنبياء العظام والأولياء الكرام وشهداء صدر الإسلام فسلامٌ عليك في الأحياء أبداً، وأنت الذي سطرت هذا الإباء بدم الشهادة وحبر الدم القاني، وارتقيت منبر الشهادة ليستضيء التائهون بنور دربك، فعذراً إن غصت أقلامنا عند هذا الحد.
     
    عملية بطولية تشفي الصدور
    في صبيحة يوم 13/12/1993م في مثل هذا اليوم المبارك، صلى شهيدنا ونادى على زوجته وقال لها إنني خارج اليوم في عملية عسكرية ادعي لي بالتوفيق، وقام بتوديعها وخرج في سيارة إسعاف من منطقة مشروع بيت لاهيا وذلك في الساعة السادسة تقريباً.
    كان هدفه نفس العلمية التي لم يحالفه فيها قدره في المرة السابقة حيث قام برصد القافلة العسكرية وذلك على الخط الشرقي من مدينة عزة.. فهو مسار يومي لرجال المخابرات الصهيونية.
    ولم يرجع شهيدنا البطل مثل كل مرة وأصر أن يكون هذا اليوم هو الشاهد على صرخته وتقديم دمه الطاهر قرباناً لله.. وبالفعل.. اقتحم شهيدنا وبإقرار شهود العيان نقطة عسكرية بالقرب من حاجز «Ù†Ø§Ø­Ø§Ù„ عوز» وفجر نفسه هناك واعترف الجيش زوراً بإصابة ثلاثة جنود صهاينة في حين أفاد الأهالي أنه اقتحم أربع سيارات عسكرية تقف بجانب الموقع وقتل العديد من الجنود حيث تم نقلهم بطائرات الهيلوكبتر إلى المستشفيات. وسُجلت هذه أول عملية استشهادية تنفذ في تاريخ المقاومة الفلسطينية.  
    اعتلى شهيدنا إلى الرفيق الأعلى بعد أن اختاره، نعم الشاهد على زيف هذه المرحلة.. ذهب وغادر هذه الدنيا ليؤكد لنا في كل ذكرى للشهداء أنه لا مجال غلا لهذا الطريق. تقول والدته: «Ù„قد رأيت في المنام أن هناك «Ø¨Ø±Ø²Ø©» في وسط المسجد الذي بناه الشهيد الرائع أنور عزيز ولمدة ثلاث مرات حيث تيقنت يوم وقوع هذه العملية أن أحد أبنائي في هذه الحادثة وتيقنت أكثر أن أنور هو الشهيد حين رأيت أخاه حياً يرزق..».
    فما أجمل أن ترتسم النشوة على صدور إخوانه وأهله الذين عبروا عن فرحهم وصبرهم في نفس الوقت. فما أجمل الشهداء حين يرحلون وسط جو مليء بالتفاؤل وما أجمل أن يحافظ الإنسان في رحلته بمثل رائعة أنور وكل أنور قرر أن يذهب نحو وعد الله الآتي.
     
    الاستشهادي المجاهد أنور عزيز في سطور
    ولد الشهيد البطل أنور عبد الله عبد الكريم عزيز في مخيم الثورة والبطولة مخيم جباليا وذلك في 5-1-1965م. ذلك العام الذي شهد انطلاقة فريدة للغة الرصاص، خرج شهيدنا إلى دنيا مليئة بالمتناقضات الوقتية لينحاز بعدها لما هو أبدي في عرف الكفاح.
    نشأ شهيدنا في بيت متدين ومحافظ حيث توفي والده وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره والذي تولى تربيته هو وإخوته أخوه الأكبر أبو عبد الله. والذي حرص على تربيتهم تربية سليمة وخالصة فكان من رواد المساجد منذ الصغر وذلك بعد أن تأثر بأخيه الأكبر.
     
    أنهى شهيدنا البطل فترته الدراسية كاملة وبعد الثانوية حصل على دبلوم تربية وبعدها دبلوم صناعة.. وفي سنة 1989م تزوج وأنجب ثلاثة أطفال كانت أكبرهم (إسراء) طيلة هذه الفترة كان شهيدنا متميزاً بالذكاء الشديد وكما يصفه أحد إخوانه أنه سمي بالصبور لشدة صبره وعدم اهتمامه بالدنيا وهمومها اللحظية.
    كان الحس الإسلامي لدى الشهيد أنور، يتكدس منذ الصغر وذلك بفضل تردده على (مسجد أبو خوصة) في جباليا، ومع معركة (حركة الشجاعية البطولية) وأحداثها الرائعة كانت البداية الحقيقية لظهور الخيار الوحيد خيار الطلقة.. تأثر شهيدنا كثيراً وأحب أن يسلك طريقهم حيث قاد مظاهرات عنيفة في مخيم جباليا الثورة والبطولة بعد حادثة استشهادهم.
     
    ومع بداية الانتفاضة المباركة وبالتحديد مع حادثة المقطورة ذهب شهيدنا مع جموع غفيرة إلى المقبرة لدفن الشهداء وبعد الدفن تلثم شهيدنا البطل وخطب خطبة رائعة أذهلت الجماهير كلها حيث كان أول ملثم في الانتفاضة في هذا الوقت بحيث سمى بعدها (بأول ملثم) وكان لخطبته دور هام في تأجيج مشاعر المتظاهرين والذين دعاهم للهجوم على معسكر الجيش القابع وسط المخيم المحاصر بالبارود والأسلاك الشائكة.. وبالفعل توجه الأهالي هناك وذلك بفضل القائد أبو أحمد الذي كان سابقة غير مألوفة على الإطلاق.. ودارت مواجهات عنيفة استمرت لساعات الليل الطويل.
    ونحب أن نذكر هنا قصة (شيخ معمم) نادى بالناس أن يعودوا إلى بيوتهم وعدم التوجه إلى المركز ولكن سرعان ما تدارك شهيدنا الأمر وخطب مرة أخرى ليحرض على الجهاد والاستشهاد.
    ولقد أخذ اسم البطل يتردد على كل لسان في المخيم والذين أعجبوا حقاً بشجاعته وكما يقول أحد أصدقائه لم أكن أتصور أن (أنور) يمكن أن يفعل ذلك رغم إدراكي أنه يمتلك الشجاعة الفائقة عن الحد.
     
    التحق شهيدنا بـ (حركة الجهاد الإسلامي) في فلسطين مع بداية الانتفاضة حيث كلف رسمياً ـ وكما جاء في لائحة الاتهام ـ أن يكون النواة الأولى لمجموعات الجهاد الإسلامي هو وصديق له في لمنطقة سكناه, وبالفعل باشر هذا العمل الجهادي حيث كان له الشرف في توزيع أول بيان صادر في الانتفاضة عن (حركة الجهاد الإسلامي) وكان من أهم العناصر المعتمد عليها في تأجيج المظاهرات والفعاليات الشعبية.
    وبعد ضربة وجهتها أجهزة الأمن (الشين بيت) للجهاد الإسلامي توقف العمل كثيراً ولمدة ستة أشهر ولكن لم يتوان عن تقديم الواجب رغم الحصار الشديد الذي واجهه هو وبقية إخوانه بسبب هذه الضربات.
    وفي سنة 1989م أكمل شهيدنا دوره ضمن اللجان الشعبية التابعة للحركة وكذلك الجهاز الأمني.
    أحب شهيدنا أن يطور من عمله وبالفعل انضم إلى الجهاز العسكري التابع للحركة حيث حاول أن يقتحم السجن المركزي في غزة ولكن تم اكتشافه وهرب بأعجوبة بعد أن تم إطلاق النار عليه، وحاول في إحدى المرات أن يقلد الشهيد عبد الهادي غنيم وأبلغ أهله أنه ذاهب إلى قلب تل أبيب لكي يقلب باصاً ولكن شك فيه أحد الجنود وظل يحاصره أثناء ركوبه الباص.
     
    سجن الشهيد أنور لمدة سنتين ونصف عاشها في معتقل النقب الصحراوي بين إخوانه المجاهدين الذين عرّفوه بالرائع على الدوام كما أحبه كل من عرفه.. متواضع خلوق يحب إخوانه ويحرص على خدمتهم على الدوام وفي نفس الوقت كان حلم الشهادة يراوده أينما كان وأينما حل فخطط شهيدنا لقتل مدير النقب المدعو (شالتئيل) حيث أعد له سكيناً خاصاً كما يقول زملاؤه في المعتقل ولكن لم يحالفه الحظ لصعوبة تنفيذ هذا المهمة، وبعد إتمامه لمدة السجن خرج أكثر تمرداً وثورة وأكثر عنفواناً من ذي قبل، فأصر أن يكمل الدور حتى يصل إلى ما يحلم به، وبالفعل انضم الشهيد البطل إلى مجموعات لواء أسد الله الغالب (قَسَم) الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وذلك في شهر 4-1993م، ليقتحم هذا الجدار الذي لا يدخله إلا من وصل إلى درجة كبيرة من الإيمان فسلك درب سيده الحسين وهو يضع أمامه خياراً واحداً وهو خيار الدم والشهادة وكأنه يؤكد لنا مثله مثل كل شهيد أن (لغة الانتصار) هي اللغة الوحيدة والجميلة والسريعة للوصول إلى الله.
    وبالفعل كانت أول عملية للشهيد الخالد (أنور عزيز) عملية الباص بالقرب من الشيخ عجلين والتي قتل من جرائها مدير الضرائب الصهيوني في غزة والسكرتير الخاص به.. وأصيب 7 جنود آخرين.
     
    نعم اقتحم بالسيارة الباص بإمكانيات بسيطة ولكنه نجح بأن يقتل وينتقم.. نعم اقتحم بإمكانيات قليلة بعد أن هزأ من لغة المعادلة لأنه على يقين بنصر الله، واستمر الشهيد البطل في مشواره وعملياته العسكرية واستطاع بفضل الله.. أن يشارك في عملية نوعية مع إخوانه المجاهدين بالقرب من «Ø¹Ù…ارة أبو خضرة» أي الإدارة المدنية سابقاً والتي قتل خلالها جنديان صهيونيان.
    بدا على ملامح شهيدنا إصرارها اللامحدود على المزيد من العمليات الرائعة.. ففي أحد الأيام خطط شهيدنا لعملية استشهادية في سيارته المفخخة وذلك على الخط الشرقي حيث كان ينوي تفجير نفسه.. اصطحب معه سيارة من نوع «ÙÙˆÙ„س واجن» معدة للانفجار وبالفعل دخل وسط قافلة كبيرة للجيش والمخابرات وبقضاء الله لم تنفجر السيارة وعاد شهيدنا إلى منزله وهو كاظم لغيظه.
    أي جرأة هذه التي سكنت روحه وأي شجاعة وصل إليها هذا البطل الرائع.. لقد رأى زخرفة الموت بعينيه ولكن قدر الله لم يكن حان موعده بعد.. ولكن هل زعزع هذا من عزيمته؟ بل العكس تماماً.

    (المصدر: موقع سرايا القدس، 31/7/2011)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

اغتيال المجاهد وائل إبراهيم نصار "قرعان" من سرايا القدس بقصف صهيوني وسط قطاع غزة

27 إبريل 2006

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجزرة في قرية خربة المنصورة قضاء مدينة حيفا

27 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية