الخميس 09 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    ما أغلى الحياة يا هناء!‏

    آخر تحديث: الإثنين، 19 مارس 2012 ، 00:00 ص

    بقلم: د. فايز أبو شمالة

    ما أغلى الحياة يا هناء! حتى أصغر الكائنات على وجه الأرض تدافع عن كيانها، وتحرص على بقائها، فكيف ‏اخترت أنت الأسيرة الفلسطينية بملء إرادتك الامتناع عن الطعام، والتضور شوقاً للحرية، بينما الجوع يقرض ‏أنسجة بنيانك، ويقوّض حياتك!‏
    من الذي يغذي لديك إرادة الصبر، واحتمال وجع الجوع يا هناء شلبي؟ وما الذي يفجر لديك طاقة التحدي، ‏ويشجعك على القفز من مربع السكينة إلى فسحة التمرد؟ لماذا قررت أن تلقي بنفسك طائعة في أتون الجوع الذي ‏يسكن تحت الجلد، ولا يفارق المفاصل على مدار اللحظة؟ كيف تصمدين ودمك يعتصر الوجع مع كل نبضة ‏قلب؟ وكيف جفاك النوم وقطع اللحم الآدمي تذوب أمام ناظريك؟ ويئن عظمك بالإضراب عن الطعام مع كل ‏حركة؟.‏
    عندما يصوم المسلم نهاراً واحداً عن الطعام في شهر رمضان، تظل خلايا جسمه تنادي الطعام! فكيف تمتنع ‏امرأة عربية أسيرة من تلقاء نفسها عن الطعام لأكثر من اثنين وثلاثين يوماً، يتصل ليلها بنهارها؟ ألا يعني ذلك ‏أن المرأة المسلمة قد ضاقت من وجع معنوي أشد من وجع الجوع؟ ألا يعني ذلك أن للإنسان طاقة هائلة، وقوة ‏تتفجر من الضعف طالما اعتمر قلبه بالإيمان، وآمن بعدالة قضيته؟ ألا يعني ذلك أن ذرائع البعض عن ضرورة ‏التسليم بالأمر الواقع، والاعتراف بالكيان المغتصب هي ادعاءات كاذبة، تعيش في رأس مطلقها؟ وقد تمكنت الأسيرة ‏الفلسطينية هناء شلبي من نسفها!‏
    وعندما تقف فتاة فلسطينية وحيدة، أسيرة ومعزولة، وتتحدى الموت اليهودي الزاحف على كل بلاد العرب، ‏وترمي من خلف قضبان السجن حياة يحرص الآخرون عليها بكل ما يمتلكون، ألا يعني ذلك أن كثيراً من رجال ‏العرب ماتت نخوتهم، وانطفأت كرامتهم، وغابت شهامتهم، وخمدت في نفوسهم شهوة البقاء أحراراً على وجه ‏الأرض؟
    وعندما تصرخ فتاة عربية في السجون الصهيونية: لا للتفتيش اليهودي المهين للمرأة العربية، ونعم للجوع حتى ‏الموت دون أن تذل المرأة العربية، ألا يعنى ذلك أن حكام العرب أغمضوا آذانهم، وشطبوا اسم المعتصم من ‏تاريخهم، وغابوا مع قيادة السلطة الفلسطينية في حاضر مقيت لا يحفظ لهم ذكراً، ولا يضمن لهم بقاءً، حتى لو ‏ادخر لهم ثروة مالية؟
    وعندما تتجاوز هناء شلبي خط العجز الفاصل بين طاقة المرأة وقدرة الرجل، وتمشي واثقة على خطى السجين ‏خضر عدنان، ألا يعني ذلك أن الأسرى يتمردون على الصمت الذي لف قضيتهم، وتلفلف مع مصالح كثير من ‏قيادات منظمة التحرير الفلسطينية الذين عادوا، ونسوا أن هنالك آلاف الأسرى ما زالوا في السجون الصهيونية ‏حتى يومنا هذا؟
    لقد دوت مع الإضراب المفتوح عن الطعام لهناء شلبي صرخة شعب في أذن القيادة السياسية الفلسطينية، تقول: لا ‏تقفوا عاجزين أمام مغتصب أرض فلسطين، ومغتصب كرامة شعب، ولا تقصروا القضية السياسية على وزارة ‏المالية، واستجداء رواتب الموظفين!‏
    وجع الجوع ومضة فجر في عتم الليل، وهو دفق المقاومة الذي يسبق الإعصار، وهو أحزمة ناسفة معبأة ‏بالانفجار، وجع الجوع نقرٌ في أذن الساسة، وإصرار على أن فلسطين قضية شعبٍ خذلته الحدود، وأرضٌ مقدسةٌ ‏اغتصبها اليهود، ووطنٌ عزيزٌ لا بد أن يعود.‏

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 18/3/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد محمد الشاعر من سرايا القدس أثناء تصديه لقوات الاحتلال المتوغلة فى منطقة التفاح بخانيونس

08 مايو 2003

الجماهير الفلسطينية تنتفض تضامناً مع الأسرى في السجون الصهيونية وتقدم 8 شهداء في أيام متقاربة

08 مايو 2000

استشهاد الأسيرين المحررين أنور أحمد أبو لبن وبسام محمد شريتح الكرد في اشتباك مسلح على الحدود المصرية

08 مايو 1993

الأرشيف
القائمة البريدية